أخضر السيدات يخسر أمام الفلبين بثلاثية في تصفيات كأس آسيا    الاتحاد يُحافظ على شراحيلي    تدفقات الاستثمار الأجنبي تقفز 44 % في الربع الأول    صيف حائل يرسم خيارات سياحية مميزة    المملكة تنافس لرفع إسهام الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي ل 130 مليار دولار    رئيس الشورى يبدأ زيارة رسمية إلى كمبوديا    "الملك سلمان للإغاثة".. جهود إنسانية متواصلة    الاحتلال يستولي على أموال المقاصة الفلسطينية    استعراض أعمال الشؤون الإسلامية أمام أمير تبوك    سعود بن بندر يستقبل مديري "صحة الشرقية" و"وقاية"    فاطمة العنزي ممثلة الحدود الشمالية في لجنة المسؤولية الاجتماعية بالاتحاد السعودي للدراجات    خالد بن سلمان يبحث مع موسوي جهود الحفاظ على الاستقرار    تنسيق سعودي - جيبوتي تجاه أبرز القضايا الإقليمية والدولية    المملكة تواصل ضرباتها الاستباقية ضد المخدرات    الأحوال المدنية المتنقلة تقدم خدماتها في خمسة مواقع    خمس شراكات لدعم مستفيدي «إنجاب الشرقية»    أمير الشرقية يكرم الداعمين والمشاركين في «ربيع النعيرية»    أمير جازان يكرّم الفائزين بجائزتي المواطنة المسؤولة و"صيتاثون"    انطلاق أعمال «المؤتمر الدولي للصيدلة السريرية» بحائل    «الشؤون النسائية بالمسجد النبوي» تُطلق فرصًا تطوعية    رابطةُ العالم الإسلامي تُعزّي جمهورية السودان في ضحايا انهيار منجم للذهب    أرقام صادمة بعد هزيمة «الأخضر» أمام المكسيك    كأس العالم للأندية 2025 .. سان جيرمان يتغلب على إنتر ميامي برباعية ويبلغ ربع نهائي مونديال الأندية    إنطلاق برنامج "موهبة الإثرائي الأكاديمي" بجامعة الإمام عبدالرحمن    وزارة الرياضة وهيئة الطيران المدني توقّعان مذكرة تفاهم للتنسيق والإشراف على الرياضات الجوية    أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لاعمال فرع وزارة الشؤون الاسلامية بالمنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصلَ العام لجمهورية العراق    جمعية "وقاية" تنظّم معرضاً توعوياً وندوة علمية بمستشفى وادي الدواسر    بيئة نجران تعقد ورشة عمل عن الفرص الاستثمارية بمنتدى نجران للاستثمار 2025    قطاع ومستشفى النماص يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للأنيميا المنجلية"    اتفاقية استراتيجية" بين مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة ومصرف الإنماء    أمير جازان يكرّم الفائزين بجائزتي المواطنة المسؤولة و"صيتاثون" في دورتها الرابعة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ جولات ميدانية لصيانة جوامع ومساجد المنطقة    من أعلام جازان.. الشاعر والأديب محمد بن علي النعمي    صنع في مصر بالكامل.. جامعة القاهرة تعلن حصول أول جهاز تنفس صناعي على الترخيص التجاري    المملكة تستعرض تجربتها في بناء منظومة الذكاء الاصطناعي    رحلات جوية مباشرة تربط هايكو جنوبي الصين بجدة السعودية    بتخريج 63 متدربًا من برامج الدبلوم العالي بأكاديمية الأمير نايف بن عبدالعزيز    الإصابات تعقد مهمة الهلال أمام مانشستر سيتي    انطلاقة عام 1447    مشيداً بجهود الحكومة وتسارع النمو..صندوق النقد: الاقتصاد السعودي واجه الصدمات العالمية بمرونة عالية وتنوع الاستثمارات    ضغوط أمريكية ومطالب مصرية بخطة واضحة.. تحركات دبلوماسية مكثفة لوقف حرب في غزة    السعودية ترحب وتثمن مساعي واشنطن والدوحة.. اتفاق سلام تاريخي بين رواندا والكونغو    بوتين: مستعدون لجولة مفاوضات جديدة مع كييف    «درجة الغليان» بين منة شلبي وعمرو سعد    القبض على شخص لترويجه 260 كلجم من الحشيش المخدر    أكدت أهمية التحقق من صلاحية السيارة.. المرور: ضبط"2027″ مركبة لوقوفها في أماكن ذوي الإعاقة    استمرار المسار الإثرائي الذكي لتعزيز التجربة .. السديس: الخطة التشغيلية لموسم العمرة تستغرق 8 أشهر    1587 حالة ضبط في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    الترويج للطلاق.. جريمة أمنية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينهي معاناة «ثلاثينية» مع نوبات صرع يومية بجراحة نادرة ودقيقة    تجديد اعتماد «سباهي» لمركزي المربع وشبرا    إطلاق مبادرة «توازن وعطاء» في بيئة العمل    وكالة الشؤون النسائية بالمسجد النبوي تُطلق فرصًا تطوعية لتعزيز تجربة الزائرات    تكليف الدكتور مشعل الجريبي مديرًا لمستشفى الملك فهد المركزي بجازان    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القياس على الأصل والقياس على الفرع

الأصل في وصف الأبنية الصرفية وأمثلته وصف الصحيح منها، وأما المعتل فهو ما يعدل فيه عن الصحيح لعلل يقتضيها هذا العدول، ومن ذلك الفعل على بناء اسْتَفْعَلَ يأتي مصدره على بناء اِسْتِفْعال، فالفعل استخرج مصدره استخراج، والقياس على هذا يقتضي أن يكون المعتل مثله، فالأفعال (استقام واستعان واستبان) أصلها قبل العدول بها عن الأصل (استقوم واستعون واستبين)، وعليه تكون مصادرها (استقوام واستعوان واستبيان)، ولكن الذي جرى به الاستعمال أنهم أعلوا عين المصدر كما أعلت عين فعله، وهو من قبيل التدريج والاستمرار في الاستعمال(1).
صرح ابن الشجري بأن تصحيح العين هو القياس، قال «والمصدر الثالث: مصدر استفعل، المعتلّ العين، نحو استقام واستعان واستبان، كان قياسه: استقوام واستعوان واستبيان»(2)، ثم شرح العدول عن هذا الأصل المقيس، فقال «فأتبعوه فعله في الإعلال، فألقوا فتحة العين على الفاء، ثم قلبوا العين ألفًا لتحرّكها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن، فاجتمع ألفان، المنقلبة عن العين وألف استفعال، فحذفوا الزائدة وعوّضوه منها التاء، فقالوا: استقامة واستعانة واستبانة»(3).
وأرى أن القياس الذي أشار إليه ابن الشجري هو قياس على الأصل (الصحيح)، ولكن ثمة قياس آخر كان أشار إليه ابن جني وهو قياس على الفرع (المعتل)، قال في (باب في تعارض السماع والقياس): «إذا تعارضا نطقت بالمسموع على ما جاء عليه، ولم تقسه في غيره، وذلك نحو قول الله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ}، فهذا ليس بقياس لكنه لا بد من قبوله؛ لأنك إنما تنطق بلغتهم وتحتذي في جميع ذلك أمثلتهم. ثم إنك من بعد لا تقيس عليه غيره، ألا تراك لا تقول في استقام: استقوم ولا في استباع: استبيع»(4). وقول ابن جني عن (استحوذ) صحيح في مستوى القياس على الفرع؛ وأما القياس على الأصل فقد جاء على القياس.
وتنبه ابن جني إلى الفعل صحّت عينه، وهو ما أخذ من الأعيان أي ليس له فعل ثلاثي مجرد، فلم يعامله معاملة (استحوذ)، قال «فأما قولهم (استنوق الجمل) و(استتيست الشاة) و(استفيل الجمل) فكأنه أسهل من استحوذ؛ وذلك أن استحوذ قد تقدمه الثلاثي معتلًّا»(5). وهذه الأفعال جاءت على قياس الأصل لا الفرع، ومع ذلك نرى ابن جني يذهب إلى أن القياس فيها الإعلال، وأن التصحيح مع كونه أسهل، كما قال، هو من قبيل المسموع المخالف للقياس، وهو ينطلق من القول بأن المصدر أصل الاشتقاق، فراح يفترض أن هذه الأفعال يجب أن تكون من مصادر، قال «فإذا كان كذلك [أي الاشتقاق من المصدر] وجب أن يكون استنوق مشتقًا من المصدر. وكان قياس مصدره أن يكون معتلًّا فيقال: استناقة كاستعانة واستشارة. وذلك أنه وإن لم يكن تحته ثلاثي معتل كقام وباع فيلزم إجراؤه في الإعلال عليه، فإن باب الفعل إذا كانت عينه أحد الحرفين أن يجيء معتلًّا... فلما كان الباب في الفعل ما ذكرناه من وجوب إعلاله وجب أيضًا أن يجيء استنوق ونحوه بالإعلال لاطّراد ذلك في الفعل»(6). ولعلّ ابن جني بالغ في تعميم هذه القاعدة الفرعية أي قاعدة ما عينه علّة.
لم يتابع ابن مالك ابن جني في مذهبه، بل اقتصر على قياس إعلال ما له فعل ثلاثي، ولم يجعل استنوق ونحوها أي الأفعال التي لا ثلاثي لها شاذة بل مقيسة، أي مقيسة قياس أصل، قال الشاطبي «والثاني: أنه [ابن مالك] اختار في (التسهيل) القياس فيما لم يكن له ثلاثي معلّ، والسماع فيما كان له ثلاثي، فنحو: استنوق الجمل، واستفيل الجمل، واستتيست الشاة، قياس عنده، فيجوز أن تقول: استطود فلان، صار كالطود، واستحوت الضفدع، صار حوتًا، وما أشبه ذلك، بخلاف استحوذ ونحوه فإنه سماع، لأن له ثلاثيًّا، وهو حاذ يحوذ. ووجه هذا الاختيار أن إعلال الزائد من الأفعال إنما بالحمل على الثلاثيّ؛ إذ هو الأصل، فوافقته فروعه وجرت المصادر بعد في الإعلال على أفعالها، فإذا أهمل الثلاثيّ لم يكن للزائد في الإعلال أصل تحمل عليه، فبقي على الأصل»(7). ومذهب ابن مالك يمكن أن يوحي لنا أننا أمام قياسين قياس أصل في مثل (استنوق) وقياس فرع في مثل (استقام).
وينقل لنا الجوهري قولًا يجيز القياسين أي قياس الأصل وقياس الفرع، قال عن الفعل (استحوذ) «وهذا جاء بالواو على أصله كما جاء استروح واستصوب. وقال أبو زيد [الأنصاري]: هذا الباب كله يجوز أن يُتكلَّم به على الأصل. تقول العرب: استصاب واستصوب، واستجاب واستجوب، وهو قياس مطّرد عندهم»(8). وهكذا قال ابن مالك «لَمَّا كان الباعث على إعلال ما أُعِلَّ طَلَبُ التخفيف وكان الثقل الحاصل بترك هذا الإعلال أهون من غيره لسكون ما قبل حرف العلة تُرِك في كثير مِمَّا يستحقه تنبيهًا على ذلك، وأكثر ما تُرِك في الإفعال مصدرًا، والاستفعال وفروعهما كالإغيال والاستحواذ حتى رآه أبو زيد الأنصاري مقيسًا»(9).
ولذلك صحح مجمع اللغة العربية في القاهرة ترك الإعلال، قالوا «ولهذا ترى اللجنة قو ل القائل: استعوض اسعواضًا، واستبين استبيانًا؛ لشيوع استعمالها»(10). وأراهم أصابوا في القرار وأما العلة فمتوقف فيها، فالعلة أنه قياس على الأصل.
وقبل أن أنهي القول في هذا ألفت الانتباه إلى أمر مهمّ، وهو الفرق بين الإعلال والبقاء على الأصل، وهو أمر يدل على ذكاء مستعمل اللغة؛ إذ ربط بين الدلالة والبنية، فدلالة الفعل المعتل تختلف عن دلالة الفعل المصحّح، فالفعل (استبان) لازم بمعنى اتضح، أو متعد بمعنى عرَف، وأما (استبْيَن) فهو طلب للبيان، تقول استبينت الأمر: أردت بيانه ومعرفته، وهذا يختلف عن استبنت الأمر أي عرفته، ومثله الفعل (استجاب) فهو فعل لازم بمعنى أجاب، أي جاء بالجواب، وهو يختلف عن (استجْوَب) فهو فعل متعد، يعني طلب الجواب عن أمر.
... ... ...
(1) ينظر: ابن جني، الخصائص، 1: 349.
(2) ابن الشجري، أمالي ابن الشجري، 3: 36.
(3) ابن الشجري، أمالي ابن الشجري، 3: 36.
(4) ابن جني، الخصائص، 1: 119.
(5) ابن جني، الخصائص، 1: 119.استنوق الجمل استنواقًا صار ناقة، واستتيست الشاة استتياسًا صارت تيسًا، واستفيل الجمل استفيالًا صار فيلًا.
(6) ابن جني، الخصائص، 1: 119.
(7) الشاطبي، المقاصد الشافية، 9: 295.
(8) الجوهري، الصحاح، 2: 563.
(9) ابن مالك، إيجاز التعريف في علم التصريف، ص 190.
(10) محمد شوقي أمين، وإبراهيم الترزي، القرارات المجمعية في الألفاظ والأساليب من 1934 إلى 1987م، ص 163.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.