غطى الضباب المنطقة الشرقية بعد منتصف ليل أمس، واستمر حتى ساعات الصباح الأولى، وحذر مرور المنطقة الشرقية السائقين من مخاطر الطريق، وتفادي السرعة في مثل هذه الأجواء التي تكثر فيها الحوادث، فيما أوضح الباحث الفلكي الدكتور خالد الزعاق، أن اليوم، هو آخر نجوم فصل الصيف لتودع المملكة أجواء الحرارة، وتستعد لاستقبال فصل الربيع، حيث يصادف الثلثاء أول موسم سهيل، وهو النجم الأخير من نجمي موسم مرخيات القلايد، وهما الكليبان والنجم الأول من سهيل، وهذان النجمان هما آخر نجوم الصيف اللاهب». وأوضح الزعاق، أنه في أول دخول موسم سهيل يبدأ الصيف يحتضر فتتذبذب فيه درجات الحرارة بين الشدة والارتخاء وتكون أشعة الشمس لاسعة ومدوخة بما يسمى بوغرات سهيل، ويستمر موسم سهيل لمدة 53 يوماً، وهو أول مواسم السنة السهيلية، وهي سنة شمسية عدد أيامها 365 يوماً موزعة على فصول ومواسم السنة، وأول ما يشاهد في جنوب المملكة واليمن، أما شمال المملكة والشام فلا يشاهد إلا في أواخر شهر شوال الجاري في الجهة الجنوبية قبيل شروق الشمس في الليالي التي يخبو فيها ضوء القمر، وتستمر رؤيته حتى أواخر شهر أبريل، حيث يختفي ويعود مرة أخرى في أغسطس، وظهور النجم هو بداية التغير الفصلي، وانتهاء ريح السموم، ودليل على اعتدال الجو وكسر حدة الحرارة ، حيث تتحسن الأجواء ويبرد الماء مساءً، ويطول الليل والظل، ويقصر النهار، وأحياناً تهب فيه الرياح الشمالية الباردة التي تخفف من رياح السموم على صحاري نجد، والسبب الرئيس لتغير الطقس للأفضل هو زيادة ميل أشعة الشمس كثيراً في موسمه، وليس لذات النجم، فسهيل يبعد عنا مسافة 300 سنة ضوئية، وشعاعه أقوى من الشمس 15 ألف مرة، وحجمه أكبر من الشمس 65 مرة، وهو لا يظهر في أوروبا بأكملها وشمال الولاياتالمتحدة وتركيا وأقصى شمال العراق، بل أنه ابتداء من خط عرض 38 درجة شمالاً، لا يشاهد بتاتاً لحجب تحدب سطح الأرض لرؤيته، وكلما اتجهنا جنوباً كلما ازدادت فرصة مشاهدته لوقوعه في الجزء الجنوبي من خط الاستواء. وأضاف الزعاق، أن نجم «سهيل» من النجوم المهمة التي تستخدم في الملاحة قديماً، حيث يعتبره بعض الملاحين كنجم القطب الجنوبي، وما زالت مركبات الفضاء الأميركية التي تتجه إلى الفضاء الخارجي داخل المجموعة الشمسية تستخدمه لغرض الملاحة واستدلال الطريق وتسلط عليه كاميرا لمراقبته. ويقول العامة (إذا طلع سهيل لا تأمن السيل وتلمس التمر بالليل ويبرد آخر الليل)، ويعني ذلك بداية سقوط الأمطار، ولكنها بشكل نادر جداً، وبداية لكثرة الرطب وبداية لتلطف الجو. وظهور سهيل يستدل به الصقارون على بدء موسم الصيد، ويهتم به عرب البادية لأنهم سكان صحراء قاحلة وجافة فبطلوعه بداية للانفتاح الفصلي بعد معاناتهم الشديدة من أشعة الشمس ولفح الهواء الساخن، حيث تبدأ عملية التحول التدريجي في المناخ، وتأخذ درجة الحرارة في الانخفاض تدريجياً، ويصاحب ذلك تغييرات طبيعية حيث يلاحظ اخضرار النباتات الصحراوية وانخفاض درجة حرارة المياه الجوفية. وظهور سهيل يقترن بالحوادث الفصلية التالية، وهي: يفيء الظل بعد أن كان معدوماً خلال فصل الصيف، ويبدأ طول الليل وقصر النهار فيبرد آخر الليل، وتهب ريح الجنوب الرطبة فتخفف من لهيب الهواء الساخن، وتميل الشمس ناحية الجنوب بعد أن كانت عمودية في فصل الصيف، وبداية موسم الرطب الجديد وانتهاء ادخار التمر الحويل، وتحس المواشي بالراحة فتدر اللبن، وتختلط فيه جميع الطيور المهاجرة. ومن مقاييس كبار السن قولهم: إذا قمت تصلي الفجر ولمست الماء ووجدت درجة برودته تختلف عن درجة برودته يوم أمس، فاعرف أن سهيلاً ظهر. ومن مقاييسهم كذلك على دخوله أن الأشجار الكبيرة والصغيرة تخضر من ناحية الجنوب. لكن موسم سهيل مخيف للمزارعين وبخاصة أصحاب النخيل، لأنه من المحتمل أن تسقط فيه الأمطار، والأمطار في هذا الوقت من الزمان مؤثرة جداً على التمر فتفسده، لذا يقولون (إذا دخل سهيل لا تأمن السيل). وبداية مشاهدة نجم سهيل بالأبصار بكل جلاء ووضوح تبدأ في الثلث الأخير من شهر شوال، علماً أن هناك نجماً يظهر قبل سهيل ويشبهه فيظن بعض الناس أنه سهيل، وهذا النجم يسمى المحلف لذلك يقول العامة (سهيل مكذب الحُسَّاب) لأن بعض الناس يظن أن المحلف سهيل، فيحلف بذلك فإذا ظهر تبين سهيل الأصلي من المزيف.