مهرجان لخيرات وادي فاطمة    السعودية تحث أوبك+ على زيادة الإنتاج مع اقتراب الأسعار من 60 دولارا    ريادة الأعمال الاجتماعية النسائية    المملكة تشارك في منتدى أمبروزيتي    عثمان ديمبيلي يغيب 8 أسابيع    أخضر الشاطئية يستعد للعالمية    تهنئة مملكة إسواتيني بذكرى الاستقلال    النصر يتعاقد مع المهاجم "هارون كمارا" لمدة 3 مواسم    مران مغلق للصقور    رونالدو يتخطى ميسي ويقترب من الألفية    القبض على (12) يمنياً في جازان لتهريبهم (206) كجم "قات"    إحباط تهريب 2350 صنفا من التبغ ومشتقاته    أوغندا تُعلن حالة التأهب عقب تفشي فيروس «إيبولا» في الكونغو    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بإقامة صلاة الخسوف عند مشاهدة خسوف القمر    حفظ النعمة بنجران تطلق مبادرة نحفظها    المزارع الوقفية حلقة نقاش لتعزيز التنمية المستدامة    الأم العظيمة    المعتذرون والمغفرة    إصابة مدرب سان جيرمان بكسر في عظمة الترقوة    المتهم بقتل محمد القاسم يمثل أمام المحكمة الاثنين القادم    عودة العواصف الرعدية بالمملكة على نطاق أوسع    زراعة مليون شجرة موثقة رقميًا في منطقة عسير    مكتبة الملك عبدالعزيز ببكين ترحّب بطلاب اللغة العربية    الغرف التجارية السعودية.. من التشغيل إلى التمكين    مؤسسة جائزة المدينة تعلن عن انطلاق جائزة المعلم في دورتها الثانية 2025 م    أمانة حائل تنظم مبادرة "روّق ووثّق"    المركزي الروسي يرفع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الروبل    أمطار رعدية وبرد ورياح مثيرة للغبار على جازان وعسير    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف على غزة    الإعلان عن علاج جديد لارتفاع ضغط الدم خلال مؤتمر طبي بالخبر    أسماء لمنور وعبادي الجوهر يحييان ليلة طربية في موسم جدة    إدراج منهج الإسعافات الأولية للمرحلة الثانوية لتعزيز مهارات السلامة    إلا إذا.. إلا إذا    من العيادة الاجتماعية    أمانة القصيم توفر 290 منفذ بيع عبر 15 حاضنة بلدية لتمكين الباعة الجائلين    شمعة تنفذ لقاء تعريفي عن طيف التوحد الأسباب والدعم    جمعية التنمية الأهلية بأبها تختتم مشروع "رفد للفتيات" بدعم المجلس التخصصي للجمعيات وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق برنامجي عناية وقناديل    الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    مجلس الجامعة العربية يُحذر من مخاطر الانتشار النووي في الشرق الأوسط    كأس السوبر السعودي للسيدات : الأهلي يضرب موعداً مع النصر في النهائي    «سمكة الصحراء» في العُلا... طولها يعادل طول ملعبَي كرة قدم    ترمب: أميركا ستستضيف قمة مجموعة العشرين 2026 في ميامي    حين تتحول المواساة إلى مأساة    خطيب المسجد النبوي: الظلم يُذهب الأجر ويقود للهلاك    خطيب المسجد الحرام: الحسد من أعظم ما يُنغص على العبد طمأنينته    كل عام وأنت بخير    التربية بين الأنْسَنة والرقْمَنة    اضطراب المساء عند كبار السن (متلازمة الغروب)    محافظ الخبر يدشن المؤتمر الدولي الخامس لمستجدات أمراض السكري والسمنة    غرفة الرس تستعرض منجزاتها في الدورتين الثالثة والرابعة    أوروبا تعتبر لقاء بوتين وشي وكيم تحدياً للنظام الدولي.. لافروف يتمسك ب«الأراضي» وكيم يتعهد بدعم روسيا    لا أمل بالعثور على ناجين بعد زلزال أفغانستان    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    اليوم الوطني السعودي.. عزنا بطبعنا    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    ميلاد ولي العهد.. رؤية تتجدد مع كل عام    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراصنة الصومال يصلون الشاشات العالمية
نشر في الحياة يوم 28 - 06 - 2013

انطلقت منذ أيام، في صالات بضع دول أوروبية، عروض فيلم «اختطاف» للمخرج الدنماركي توبياس ليندهولم. يأتي عرض الفيلم الروائي هذا، بعد أسابيع على بدء العروض التجارية للفيلم التسجيلي «بِحار مَسروقة»، للمخرج الأميركي الشاب باين ثامايا في الولايات المتحدة، وبعد أن عرض الأخير في عدة مهرجانات سينمائية أوروبية نهاية العام الماضي. هناك الكثير الذي يجمع بين الفيلمين، ليس فقط من جهة موضوعهما المشترك المتحدث عن القراصنة الصوماليين والذي يقدمه العملان، ولكن أيضاً من جهة تقديمها واستلهامها للأحداث الواقعية ذاتها، فالفيلم الروائي يُعيد –بتصرف- تقديم حادثة اختطاف سفينة دنماركية من قبل قراصنة صوماليين وقعت في عام 2008، وهي الحادثة التي يركز عليها الفيلم التسجيلي، الذي حصل على تسجيلات صوتية أصلية للمفاوضات الطويلة، التي جرت وقتها بين الخاطفين من عرض البحر، ومدير الشركة الدنماركية التي تملك السفينة. كما إن كثير من الانتباه سيتجه في الفيلمين لشخصية المفاوض الصومالي (اسمه الحقيقي علي، وقُدِمَ في الفيلم الروائي تحت اسم عُمر)، والذي سيحمل مسؤولية تقديم خلفية اجتماعية ما، للمجتمع الصومالي المنهار والغارق في الفوضى، والذي انطلقت منه عمليات الخطف قبل بضعة سنوات، واستاثرت لأعوام على اهتمام دولي كبير.
من أجل تحقيق فيلمه، قضى المخرج الأميركي باين ثامايا ثلاث سنوات وهو يتعقب قراصنة صوماليين، في واحدة من أشد مناطق العالم خطورة. هو نجح أيضاً بإقناع بعض من هؤلاء القراصنة بتصوير تفاصيل حياتهم اليومية، عن طريق كاميرات صغيرة وفرها لهم، كما رافق الفيلم «علي»، الأب الصومالي الأرمل، الذي يتحدث الإنكليزية بطلاقة، والذي قاد عدة مفاوضات من البحر بين قراصنة وشركات ملاحة غربية، من أجل ترتيب دفع مبالغ الفديات. كما قابل الفيلم التسجيلي، بحارة غربيون أو من الذين كانوا يعملون في سفن غربية، والذين عادوا أمام الكاميرا إلى تجارب خطفهم القاسيّة، والعنف الذي تعرضوا له، والخوف الذي عاشوه لأيام وأحياناً لأسابيع. كما أفرد الفيلم مساحة للذين قادوا المفاوضات في الدول الغربية، والذين كشفوا عن المهمات العسيرة التي ألقيت عليهم، «بمفاوضة مجموعة من المجرمين» بحسب تعبير أحدهم، والضغط النفسي الذي تعرضوا له وقتها، من قبل عوائل البحارة المختطفين والإعلام الأوروبي الذي اهتم كثيراً بعمليات القرصنة تلك.
كابوس طويل
التفاصيل التي ميزت الفيلم التسجيلي «بحار مسروقة»، ستغيب عن الفيلم الروائي «اختطاف»، إذ أخذ الأخير مقاربة مختلفة شديدة العتمة لتقديم محنة ملاحي السفينة وشركتهم. فبعد المشاهد الافتتاحية التي قدمت «بيتر»، مدير الشركة في الدنمارك، وطباخ السفينة «ميكيل»، في مواقع عملهما، سيبدأ كابوس السفينة الطويل، عندما أجبرتها زوارق مسلحة لقراصنة صوماليين على تغيير وجهتها، ثم تسليم مقاديرها لمجموعة الخاطفين. سريعاً سنتكشف إن المخرج الدنماركي الشاب توبياس ليندهولم، غير مهتم كثيراً بالمشاهد «الكبيرة» المتوقعة من هذه الفئة من الأفلام، فهو لم يصور تسلل الخاطفين للسفينة واصدامهم الأول مع ملاحيها السبعة. بل إنه عوضاً عن ذلك، سيقدم مشاهد عدة طويلة من الحياة اليومية للبحارة مع خاطفيهم. عادية المشاهد تلك، والتي بدت مقتطعة بعشوائية من يوميات الخطف، ولا تشكل جزءاً من النسيج الدرامي التصاعدي الشائع، ستتحول تدريجياً إلى ما يمنح هذا الفيلم الكثير من قوته، فاللامعقولية التي يشكلها فعل القرصنة ذلك، والقرب الجسدي بين الخاطفين وضحاياهم، سيحمل بخوائه وغرابته قسوة غير متوقعة، كما إن الوقت الذي سيمر بطيئاً جداً على المخطوفين، سينهش بقسوة أرواحهم، ويترك بعضهم على شفير النهايات.
يمكن اعتبار فيلم «اختطاف» فيلماً ذكورياً بامتياز، ليس فقط لغياب الشخصيات النسائية الفعالة عنه، لكن بسبب هيمنة الهواجس والإرادات الذكورية على الفيلم، حيث ستكون السفينة وغرفة اجتماعات شركة الملاحة الدنماركية، ساحة لصراع سيصوره الفيلم بين تلك «الإرادات». فمدير الشركة يرفض أن يتولى شخص متخصص مفاوضات الفدية مع الخاطفين، هو يريد أن يوصل بنفسه بحاريه إلى بر الأمان، لكن عليه أن يفاوض بحزم لأشهر على المبلغ الذي يجب أن تدفعه الشركة للقراصنة الصوماليين، لتكون المفاوضات تلك، امتحاناً عسيراً شاقاً لقدرة «بيتر» على مواجهة الضغط النفسي المحاصر به، لتحرير بحاريه بأي ثمن، وأيضاً عن مسؤوليته بعدم تبذير أموال الشركة على مجموعة من المجرمين. في المقابل هناك «عمر»، الصومالي، من السفينة المختطفة في عرض البحر، الشخصية الغامضة، الذي يشعر بالمهانة عندما يطلق عليه الآخرين صفة «قرصان»، هو يصر إنه مُترجم فقط، يعيش حياة طبيعية، وإن الذي يقوم به، هو عمل مرغم عليه، على رغم أنه سيقود المفاوضات الطويلة بإخلاص كبير لجماعته، كما إن الفيلم يقدم إشارات على مأزق «عمر» النفسي، فهو من جهة، يشعر بالخجل مما يقوم به، لكنه لا يرفضه بالكامل، بل يحرص أن لا يغلب شخصياً في مفاوضات الفدية الطويلة مع «بيتر».
على رغم أن «اختطاف» هو الفيلم الثاني للمخرج الدنماركي الشاب توبياس ليندهولم، إلا إن الثقة التي أنجز بها فيلمه هذا لافتة حقاً، هو يَستلهم روح حركة الدوغما السينمائية التي انطلقت من بلده، ولا يكاد يخلو الحامض النووي لأي مخرج دنماركي شاب من تأثيراتها، من جهة تنفيذ المشاهد، التي صورت بإضاءة طبيعة، وأيضاً بقرب مناخات الفيلم من الواقع الفعلي للحكاية التي يقدمها (جرت الاستعانة ببعض البحارة الذين مروا فعلاً بتجربة خطف في البحر وصور الفيلم في سفينة كانت مختطفة من قبل قراصنة صوماليين)، لكنه في المقابل يقدم فيلماً درامياً يتضمن الكثير من الغوص النفسي، ويتحدث عن تصادم شخصيات ذكورية، مركزاً على التعقيد الذي يلف تلك الشخصيات، وهلعها من الفشل أو الهزيمة أو الموت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.