نفت القاصة والكاتبة والصحافية في صحيفة الرياض هيام المفلح أن تكون مغيّبة عن المشهد الثقافي وفي الساحة الإعلامية، وأكدت أنها موجودة، مشيرة إلى أنها تفضل أن تتحدث عنها أعمالها. وقالت الصحافية في حوار مع «الحياة» إنها كتاباتها مثيرة للجدل وتناقش وتطرح المختلف، مضيفة أن الجوائز التي حصلت عليها إضافة تدعم اسمها. وتعجبت المفلح من اختلاف سقف الحرية من مطبوعة إلى أخرى في المملكة، مع أن جميع الصحف تخضع لقوانين وزارة الثقافة والإعلام. إلى تفاصيل الحوار. بدأت هيام المفلح العمل الصحافي منذ عام 1416ه، إذ عملت محررة صحافية في صحيفة الرياض، وقدمت استقالتها منذ شهرين ثم عادت عنها.. لماذا قدمتها ولماذا التراجع؟ - حين ذهبت مطلع العام إلى البحرين لتسلّم جائزتي الخليجية السادسة في حياتي المهنية أعلنت أنني قررت طي صفحة الصحافة بعد أن خضت فيها تحديات كثيرة طوال 18 عاماً حصدت خلالها 6 جوائز. كنت اكتفيت من الصحافة ورأيت أنه حان الوقت لمحطة جديدة في حياتي، فما عاد هناك ما أريد إثباته في مهنة الصحافة بعد أن وفقني ربي وحصلت على إقرار بالتميز المهني من لجان تحكيم محلية وعربية وعالمية. ولماذا لم تتقلدي أي منصب تحريري حتى الآن ؟ - لا تعليق! نالت المفلح 6 جوائز صحافية محلية وعربية وعالمية خلال أربعة أعوام فقط. لم هي مغيّبة إلى حد كبير عن الساحة السعودية لو أخذنا في عين الاعتبار طول خبرتها الصحافية؟ - لا أعتقد أنني مغيّبة عن الساحة السعودية، أنا موجودة برأيي وكتاباتي، وإن كنت مقلة في الظهور بشخصي. أحب أن تتحدث عني أعمالي. وتصلني دعوات لحضور بعض الملتقيات المهمة، كإعلامية وكأديبة، وأذهب إليها إن سنحت ظروفي. والجوائز التي أعانني الله على الحصول عليها هي إضافة لي وتدعيم لاسمي وحضوري في الساحة الإعلامية، وكذلك في الساحة الأدبية، إذ حصلت على ثلاث جوائز محلية وعربية في القصة القصيرة عبر مشواري الأدبي، كل هذه الجوائز تثبت أن البقاء للأعمال الجيدة والمميزة بغض النظر عن مدى الظهور العلني لأصحابها. لندع أعمالنا تحضر بدلاً منا في الساحة فهي المحك الحقيقي وهي الفيصل. ما رأيك في الوسط الصحافي في السعودية، وهل سقف الحرية بدأ يرتفع، وماذا عن دور المرأة السعودية فيه؟ - العجيب أن سقف الحرية يختلف من مطبوعة لأخرى في بلادنا على رغم أنها جميعاً تخضع لقوانين الوزارة ذاتها! وعموماً ما زال دون المأمول. أما عن الوسط الصحافي حالياً فإن تشعب أنواع الإعلام في المملكة، مابين مكتوب ومقروء ومرئي وإلكتروني، بدأ يفرز كفاءات جيدة – رجالية ونسائية - أثبتت حضورها في كل مجال، ولو تم تدعيم التوجه للتدريب والتأهيل على رأس العمل من المؤسسات الإعلامية أو حتى من الإعلاميين في شكل فردي، وبكفاءات مدربين مشهود لهم عربياً وعالمياً، لشهدنا المزيد من التميز الإعلامي في المضمون والأسلوب، لكن الوسط الصحافي – للأسف - ما زال يشكو من الظلم في ناحية الحقوق المهنية، وبقي أمرها وفقاً «لمزاج» رئيس تحرير المطبوعة في كل مكان، إن رضي أعطى، وإن كان الذي أعطي له لا يستحق، وإن غضب منع وإن كان الذي مُنع عنه يستحق! نقاد يرون أن من المفترض ألا يكون هناك وزارة ثقافة وإعلام، ما رأيك، كما ذهبوا إلى وجوب الفصل بينهما؟ - أنا مع الفصل بينهما، وزارة للإعلام ووزارة للثقافة هو الأفضل في هذا الوقت والأكثر ضرورة. أما مسألة عدم وجود وزارة أصلاً فهذا توجه مازال الوقت باكراً عليه. سبق وأن كتبت هيام المفلح سيناريو فيلم روائي لإحدى قصصها، هل من توجه لهذا المجال؟ - هي تجربة جديدة أحببت أن أخوضها في قصتي القصيرة التي نشرت ضمن مجموعتي القصصية الثانية، والقصة بعنوان: «فكرة». الكتابة للسينما ليست بعيدة عن أسلوبي الأدبي، وكل من يقرأ قصصي يقول إني أكتب القصة بلغة السينما. وبعض النقاد قال إن قصصي «سيناريو جاهز للتمثيل». الحركة والتفاصيل والصور المختلفة الأبعاد والتشويق كلها موجودة في قصصي. إضافة إلى أن لغة القص عندي ذات جمل قصيرة ومتعاقبة والفقرات ذات تقطيع يجذب القارئ ولا يشعره بالملل مما يسهل نقلها إلى الشاشة. السينما بالنسبة لي تشكل عالماً مدهشاً، والأفلام القصيرة تحديداً تجذبني، على مختلف أنواعها، كما جذبتني من القصة القصيرة جداً. لذا حرصت على تطوير مهاراتي «الأدبية الفنية». قرأت كثيراً في هذا المجال، ليس في كتابة السيناريو فقط، وإنما حتى في مجال الإخراج والديكور والأزياء والصوت والتصوير كي تتكامل نظرتي الفنية حين أكتب. وأتمنى أن أحصل على مهارات أخرى في مجال المونتاج. تملك المفلح فكراً تنويرياً، ولم تظهره في مقالاتها بشكل واضح، لماذا تخفيه برأيك؟ - مقالاتي تحمل الكثير من الجرأة في الموضوع، والموضوعية في الطرح، أعيدي قراءتها في شكل مركّز ستجدين أن ما يميزها هو أنها تثير الجدل وتناقش وتطرح المختلف بأسلوب بعيد عن الاستفزاز والتحدي، لأن رسالة كلماتي إحداث التغيير وتصحيح السائد «بالحجة والمنطق» للمساعدة على البناء وتسيير العجلة في مسارها الصحيح، وليس «بالإثارة». هل الصحفيات السعوديات وصلن إلى جرأة الطرح في قضايا المجتمع، وهناك من يقول بأن ليس لدينا في السعودية صحفيات حقيقيات ما رأيك؟ - الصحافيات مثل الصحافيين، محكومون فيما يكتبون بما يجاز نشره أو لا يجاز وفقاً لقوانين مطبوعاتهم. هناك قضايا تُجهض قبل أن ترى النور لعدم إجازتها، وهناك في المقابل الكثير من القضايا الشائكة تم طرحها بنجاح في الإعلام بقلم صحافيات في مواقع مختلفة وكان لها حضور مميز. وعن نفسي أستشهد بتحقيقاتي التي نالت الجوائز في ملتقيات إعلامية مشهودة، كما أستشهد بعملين جريئين مما نشرت مثل تحقيقي حول المرأة المتطرفة الذي نشرته على جزأين، وتحقيقي حول كيف نبدأ تطبيق قيادة المرأة السيارة، وكانت قضايا شائكة تم طرحها للمرة الأول في شكل موسع ومركز وبهدوء واتزان، فتقبلها المجتمع في وقتها لحرصها على البعد عن الإثارة والإساءة . القيادات النسائية في السعودية بالقطاعات كافة، كيف تنظر لها هيام المفلح؟ - قيادات بلا صلاحيات واسعة هي قيادات «معوقة»، وللأسف هذا حال معظم إن لم يكن كل قياداتنا النسائية. من جهة أخرى، كم نحزن حين نهلل لقيادة نسائية تتبوأ منصباً غير مسبوق ونفاجأ بعد ممارستها لعملها أنها تتحيز لتنفيذ توجهات رؤسائها أكثر من تحيزها لتحقيق متطلبات العاملات في ميدان العمل وتوصيل معاناتهم وحاجاتهم لما يخدم المصلحة العامة، على رغم أنها أساساً امرأة عاملة أتت من الميدان ذاته وتعرف سلفاً حاجاته التي بدونها لن تحقق توجهات القيادة العليا، وهذا يجعلنا نتساءل عن مدى تأثير «الطاعة العمياء» على مدة البقاء فوق الكرسي.. ومدى تأثير الكرسي على قوة الذاكرة! ما هي أهم الملفات برأيك التي تنتظر المرأة السعودية من مجلس الشورى مناقشتها؟ - كُتب كثيراً عن هذه الملفات في الفترة الأخيرة. المشكلة التي دارت حولها هو ترتيبها وفق الأولويات، أيّها في صدر القائمة، فهذا شيء يبدو أنه متنازع عليه وفق تصريحات بعض عضوات المجلس أنفسهن! وما نقوله لهم: اجتهدن واعملن فكل القضايا لها فئات تعتبرها ملحة وضرورية، ليس أولها قضايا الأحوال الشخصية وحقوق المرأة وحمايتها من الإيذاء وزواج القاصرات، وليس آخرها قيادة السيارة وقوانين الاستقدام والتعليم والتوظيف والاستثمار والتأمين الصحي.. ملفات المرأة برأيي ليست منفصلة عن ملفات الأسرة والطفل فكل ما يخصها يخصهم والعكس صحيح. لم نشاهد صحافية اهتمت بالشأن السياسي وتغطية أحداثه على مستوى عالمي، لماذا برأيك؟ هل هي قلة وعي أم ماذا؟ - هناك صحفيات اهتممن بهذا الشأن، وإن كان عددهن قليل نسبياً حتى الآن، وأنا لا أعتبر أن المسألة مسألة نقص في الوعي أو نقصاً في القدرة المهنية، وإنما قد تكون عدم رغبة، أو قلة اهتمام من الغالبية منهن بالدخول والتعامل مع معطيات هذا المجال - وأنا منهن - إضافة إلى أن الأمر قد يتعلق بسياسة بعض المطبوعات، أو بالقيود التي يفرضها بعض مسؤولي الصفحات السياسية على من يتعاملون معه من المحررين وربما يرون في استبعاد العنصر النسائي عن المجال السياسي أمراً يتفق مع توجهاتهم و «يريح عقولهم».