الجزائر - رويترز - كانت فاطمة الزهراء بنحمد تراقب تخرج ابنتها التي تبلغ من العمر 26 سنة من أكاديمية الشرطة في العاصمة الجزائرية أول من أمس، وتذكرت كيف كانت قلقة في البداية من اختيارها لهذه المهنة. وحتى في الجزائر المتحررة نسبياً، لا يزال البعض يعتقد بأن الشرطة ليست مهنة مناسبة للمرأة المسلمة، وأنها مهنة خطرة مهما كان جنس الشخص لأن المتمردين الإسلاميين قتلوا مئات من ضباط الشرطة. وقالت بنحمد، بينما ابنتها ونحو 500 من زميلاتها طالبات الشرطة يعرضن مهارتهن، ومن بينها اطلاق الذخيرة غير الحية من رشاشات وتفكيك وإعادة تركيب أسلحة نارية في أقل من 30 ثانية، إنها في البداية لم تكن تريدها أن تنضم إلى الشرطة. وأضافت: «ثابرت كثيراً وكنت سعيدة، وانا أحترمها، فقد أرادت أن تفعل ذلك، وينبغي أن يكون المرء شجاعاً وأن يشجع اولاده. وبجانب ذلك، فهو من أجل الوطن». وزغردت قريبات الطالبات وصفقن عندما دفعت مجموعة من الشابات اللاتي يرتدين الزي الأزرق الداكن والأحذية الثقيلة بعضهن البعض على الأرض في عرض لمهارتهن القتالية بالأيدي. وتفخر الجزائر بأن مساواة المرأة منصوص عليها في القوانين. ويقول مسؤولون إن هذا يرجع إلى تراث النضال من أجل الاستقلال عندما حاربت النساء مع الرجال جنباً إلى جنب ضد المستعمر الفرنسي، وعندما تم تبادل أفكار المساواة مع حركات التحرير اليسارية الأخرى في كوبا وأماكن مختلفة. ومن الناحية العملية، فإن التقاليد الاجتماعية تحول دون تمتع نساء الجزائر بحرية كاملة. وكثير من الشرطيات اللاتي تخرجن سيعملن في المكاتب أو يكلفن بتنظيم المرور. وقليلات منهن ستقمن بأعمال في المواجهة أو على خط النار. وأكد المدير العام للأمن الوطني علي تونسي أنه على رغم ذلك، فإن الشرطة تعمل على تطبيق المساواة الكاملة. وقال بعد الحفل إن «النساء حصلن على مكانهن في المجتمع، والجزائر تعترف بدور المرأة في بناء البلاد. ففي حرب الاستقلال، تمت تعبئة الرجال والنساء على قدم المساواة». وفي داخل مبنى الاكاديمية، تحمل لوحة الشرف أسماء وصور 25 ضابطة قتلن اثناء تأدية الخدمة، معظمهن قتلن في التسعينات عندما كان الصراع بين الحكومة والمتشددين الإسلاميين على أشده. ومع تراجع العنف حالياً بات من النادر استهداف الشرطيات، لكن هذا لا يعني أن الطالبات اللاتي تخرجن سيكن خارج خط النار. وبعد انتهاء حفل التخرج، أصدر القادة أمراً بالانصراف، وأسرعت الضابطات الجديدات إلى معانقة عائلاتهن. وقالت كريمة (23 سنة)، وهي ترتدي زي الشرطة الأزرق الداكن، إن احتمال التعرض للخطر ليس مشكلة، «كلنا مستعدات لعمل أي شيء من أجل الجزائر».