كأن الحاضرين إلى المكان ذاته الذي وقعت عليه خطوات النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في اللحظات الأولى لنشر فجر الإسلام إلى يثرب السابقة التي كانت حتى قبل ذاك أرض التمر، ليأتي بعد 14 قرناً ملك عادل، ليوسّع مسجد النبي الأعظم الذي بدأ أول ما بدأ مسجداً من سبع أذرع، لينقله خادم الحرمين ليتسع إلى أكثر من نحو مليوني مصل في البقعة ذاتها التي تزاحمت فيها الأقدام في العهود الأولى، لتكون بعد سنتين غير ما هي عليه الآن، وليست تلك المرحلة. أقدامك تسير بك في المدينة الآن، فتفقد كثيراً مما ألفته العين المدينية منذ نحو ثلاثة عقود كأحياء الأغوات والقماشة والأحواش التي عنت جزءاً من تآلف أهل المدينة وقتها، تصبح من دون أن تدرك في المسجد النبوي، فأنت دخلت في الوقت ذاته إلى التوسعة الملكية التي أصبحت تغطي الساحة الشرقية في مساحة كبيرة في مقابل البقيع. ومن المشاريع التي نفذت بتوجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في المسجد النبوي في المدينةالمنورة مشروع مظلات الساحات، الذي يعد أبرز مشاريع التوسعة للمسجد النبوي في عهد خادم الحرمين الشريفين، حيث يقي 200 ألف مصل من لهيب الشمس. ويعد مشروع تركيب المظلات الواقية من أبرز المشاريع المعتمدة لتوسعة الحرم النبوي، وذلك بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أثناء زيارته للمدينة المنورة بعد توليه مقاليد الحكم، إذ أمر باعتماد استكمال الأعمال المتبقية من مشروع توسعة المسجد النبوي، وتشمل تركيب 68 مظلة إضافية تضاف إلى 182 مظلة موجودة أصلاً، ليصبح إجمالي عدد المظلات 250 مظلة، تغطي جميع ساحات المسجد لوقاية المصلين والزائرين من حرارة الشمس ومخاطر الأمطار، خصوصاً حوادث الانزلاق. وتمتاز المظلات بأنها تُفتح آلياً عند الحاجة لها، إذ تغطي المظلة الواحدة 576 متراً مربعاً، وهي مجهزة بأنظمة لتصريف السيول، ونظام للإنارة، وتتكون من إطار وهيكل حديد وثماني أذرع متحركة تم صنعها من مقاطع خاصة من الفولاذ عالي المقاومة، أما أغطية المظلة فهي من الألياف الزجاجية المكسوة بزخارف من الزجاج الصخري لحماية نسيجها عند الإغلاق، إضافة إلى دورها العملي لراحة المصلين، إذ أضفت هذه المظلات على الساحات رونقاً وجمالاً. وتم تركيب المظلات على أعمدة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي، لتغطي مساحة 104 آلاف متر مربع من جهاته الثلاث، مع تظليل مسارين في الجهة الجنوبية يسير تحتها الزوار والمصلون، وصممت المظلات بارتفاعين مختلفين، بحيث تعلو الواحدة الأخرى على شكل مجموعات لتكون متداخلة في ما بينها. ويتساوى ارتفاع جميع المظلات في حال الإغلاق ليبلغ أكثر من 21 متراً، ونالت الساحة الشرقية نصيبها من التوسعة الجديدة للحرم النبوي الشريف، الأمر الذي أسهم في تغيير معالم الحركة، لتصبح أكثر انسيابية وراحة، إذ وفرت مساحات شاسعة أمام مرتاديها، وهي مبلطة بنفس أنواع وألوان الرخام والجرانيت للساحة الأساسية، وبالنسق المعماري نفسه، لتستوعب ما يزيد على سبعين ألف مصل. ويتكون نسيج المظلة من التفلون المقاوم للاشتعال، والعوامل الجوية، والأشعة فوق البنفسجية، وتم تثبيت المظلات على أعمدة إنارة تتألف من أنبوب معدني من الحديد عالي المقاومة بارتفاع نحو 650 متراً مثبتاً على قواعد خرسانية، كما أن أعمدة الإنارة وقواعدها مكسوة بالجرانيت، أما الأجزاء العليا منها، فمكسوة بالحجر الاصطناعي، وزوّد عامود الإنارة الواحد من أعلاه بأربع وحدات إنارة بها عواكس متطورة ذات مقرنصات، توزع الضوء بشكل قوي منتظم يمنع حدوث وهج على أعين الناظرين، فضلاً عن أن وحدات الإنارة تم تغليفها بالنحاس. وشمل مشروع التوسعة تنفيذ ثلاثة أنفاق لربط مواقف السيارات بالمسجد النبوي بطريق الملك فيصل (الدائري الأول)، كما تضمن المشروع استكمال طريق الملك فيصل الدائري، وأنفاق المشاة الشمالية والجنوبية وعددها سبعة، واستكمال تنفيذ الشوارع والأرصفة والإنارة الدائمة في المنطقة المركزية.