موقع «مختار» الالكتروني اللبناني يمارس تجربة «الإعلامي المتكامل»

www.mo5tar.com أو موقع «مختار» الإلكتروني هو آخر صيحات المواقع الإخبارية اللبنانية. موقع شاب بفريق شاب معدّل الأعمار فيه 22 عاماً، مقرّه بيروت، وله مراسلون في المناطق اللبنانية كافة، جميعهم تحت سنّ ال25. شبّان وشابات يقولون إنّهم يمثّلون ما يُعرَف ب new media في لبنان والعالم العربي.
يصف رئيس تحرير الموقع محمد بركات فريقه ب «الإعلامي المتكامل» القادر على الكتابة والرصد والتحرير والتصوير والمونتاج والتعامل مع الشبكات الإجتماعية في لحظة واحدة.
لماذا أُسّس الموقع على رغم زحمة المواقع المشابهة على شبكة الإنترنت؟ يجيب بركات أنّ «مختار» هو فكرة جديدة في عالم الصحافة اللبنانية والعربية ولدت بعد الإنقسامات الكبيرة التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، بين طرفين حادّين، وبدأت تعيشها الدول العربية كلّها؛ من رحم الانقسامات ولد «مختار» المحايد، وليس الحياد هنا بالمعنى السلبي، بل بالمعنى الإيجابي».
ويشرح بركات أنّ «مختار» أنشئ بناء على دراسة ميدانية «شملت المتفاعلين اللبنانيين من المناطق والطوائف كافة لسؤالهم عن البرامج أو التلفزيونات أو الجرائد التي يتابعونها، وكانت النتيجة أنّ اللبنانيين سئموا من الإعلام الحزبي والتابع والمنقاد انقياداً أعمى. ويضيف: «الدراسة أكّدت أنّ اللبنانيين يريدون أن يسمعوا لغة جديدة، وأن يعرفوا الأخبار من دون مقدّمات، ومن دون فلسفة وتشريب الموقف السياسي بالملعقة».
وهل يوجد حقاً إعلام محايد؟ يعترف بركات: «في لبنان لا يوجد»، ثمّ يضيف: «لكن أدّعي أنّ «مختار» هو مشروع يحاول السير بين القنابل العنقودية الإعلامية الكثيرة ليكون وسيلة إعلامية محايدة، أي ليست تابعة سياسياً لواحد من الطرفين في البلد: 8 و14 آذار (مارس). والأهمّ أنّه لا يملك أجندة سياسية».
ويشير بركات إلى أنّ في لبنان وسائل إعلامية لا تملكها الأحزاب، «لكنّها تكون مموّلة من سفارات أو دول أو رجال أعمال منحازين»، مؤكّداً أنّ موقع «مختار» له تمويل غير سياسي، والمموّل لا يتدخل إطلاقاً في السياسة التحريرية... ولا مصالح له مع هؤلاء أو أولئك، بل هي تجربة عرضت عليه وتحمّس لها وقرّر تمويلها لأنّها تتلاقى مع أفكاره عن التغيير والشباب والإعلام الجديد خارج القيود المذهبية والطائفية». وحين نسأل عن هوية المموِّل، يخبرنا بركات بأنّه الناشط السياسي ورجل الأعمال اللبناني المهندس رياض الأسعد «غير التابع لأحد، بل هو شخص يؤمن بالشباب والتغيير ورأى في «مختار» وسيلة للجمع بين التغييريين في لبنان».
ويشدّد بركات على أنّ لبنان «يضمّ شريحة عريضة جداً من اللاطائفيين والعلمانيين، حتى من المؤمنين والمتديّنين لكن الذين لا يؤمنون بالمشاريع الحزبية الطائفية والمذهبية، وهذه الشريحة لا تجد من يعبّر عنها. في الإعلام اللبناني كلّه، يمكن أيّ طفل أن يقول لك هذا التلفزيون لمن وهذه الجريدة لمن وهذا الموقع لمن، لذلك نحاول نحن في «مختار» أن نكون، فعلاً، صوت الذين لا صوت لهم، صوت الذين يبرزون في مجتمعاتهم ولا يوليهم الإعلام العادي اهتماماً إذا لم يكن موصّى بهم أو لهم «واسطة»، ونرفض أن نكون صوت الذين يملأون الشاشات والتلفزيونات، زعماء وسياسيين ونواباً وقيادات».
هل يستطيع موقعٌ مثل هذا أن يموّل نفسه؟ يقول بركات إنّ هذا الموقع «يجب أن يكون قادراً خلال سنتين على تسديد تكاليفه والإستغناء عن التمويل، خصوصاً أنّ الإعلانات على الإنترنت في تزايد مستمر وهي مرشّحة لتأخذ نحو 90 في المئة من السوق الإعلاني بعد 10 سنوات. لسنا مستعجلين على بيع الإعلانات لأنّ المشروع ليس ربحياً، بل هو تغييريّ». ويضيف: «همّنا التغيير، أمّا الإعلانات فهي لتساعدنا على توسيع العمل وتكبيره وزيادة أعضاء الفريق وقدراتهم وتحسين أدوات عملهم وشروطه ليس أكثر».
هل صار جمهور «مختار» كبيراً؟ يجيب بركات أنّ الناس لم يعرفوا بهم بعد، واتخذ المسؤولون في الموقع قراراً بعدم شراء الإعلانات. «نريد أن نبني علاقتنا مع الجمهور بلا مال»، يقول محمد، ويضيف: «لن نشتري إعلاناً من أحد بل سنسعى إلى أن نعلن عن أنفسنا على «فايسبوك» و «تويتر» وسنتواصل مع وسائل الإعلام التقليدية من أجل أن يعرف بنا الناس». ويؤكّد بركات أن عدد القرّاء « في تصاعد مستمرّ وكبير منذ الإنطلاقة الرسمية في 4 أيار (مايو) الماضي، وهدفنا أن نكون من المواقع الأولى في لبنان خلال أقلّ من سنة».
ما الخطّة التي ينوي الموقع اتّباعها للوصول إلى هذا الهدف؟ «الخطة تقضي بالتركيز على تقديم نمط جديد وعلى التميّز»، يسارع محمد إلى القول قبل أن يشرح أنّ «مختار»، إلى جانب الحياد الإيجابي يقدّم خلطة «الإعلامي المتكامل» التي أشار إليها سابقاً: «بلا ادّعاء، «مختار» هو الوسيلة الإعلامية اللبنانية، وربما العربية، الوحيدة التي يتألّف فريق عملها من صحافيين شاملين متكاملين. والمقصود بذلك أنّ فريقنا يتألّف من نحو عشرين صحافياً درّبناهم ليكونوا كتّاب رأي وكتّاب تحقيقات وراصدي أخبار من مختلف المصادر المفتوحة، وأيضاً محرّرين اجتماعيين على شبكات التواصل الإجتماعي، أي يفهمون «نفسية» هذه الشبكات وكيفية التعامل معها، ومصوّرين بكاميرات محترفة وخاصّة، وقادرين على القيام بالمونتاج في أرض الحدث وإرسال الفيديو تقريراً تلفزيونياً جاهزاً للنشر فوراً». ويعتبر بركات أنّ المواضيع التي بنشرها الموقع والفيديوات التي يبثها وطريقة العمل على «فايسبوك» و «تويتر» تؤكّد «احتراف فريق العمل وقدراته»، ويرى أنّ اعضاء الفريق «يقومون بثورة في عالم الإعلام، حتّى لو أنّ البعض سيعتبرون أنّني أبالغ».
يفتخر بركات بأنّ النموذج الذي قدّم فريق الموقع «جديد»، ويقول: «أعرف من مصادر خاصّة أن مواقع عريقة بدأت تستنسخ هذه التجربة وستقلّدها خلال فترة قصيرة، فصحافي المستقبل هو الصحافي الشامل المتكامل القادر على القيام بكلّ شيء في لحظة واحدة».