لخص الشيخ عبد الحليم الزهيري، مستشار رئيس الحكومة العراقية للشؤون السياسية والمفاوض الأساسي في تطبيع العلاقات بين بغداد ودمشق بعد مرحلة طويلة من التأزم، موقف بغداد من سورية فقال: «إن العراق لن يربط مصيره بمصير الأسد وسيتعامل مع كل الاحتمالات، ومنها سقوط النظام على رغم مخاوفه من تداعيات هذا الاحتمال». وكشف الزهيري الذي كان لقاؤه الأسد نهاية عام 2010 مفتاحاً أساسياً لتشكيل نوري المالكي حكومته في حديث إلى «الحياة» أن النظام السوري كان الطرف الأكثر تشدداً في رفض التجديد للمالكي، مقارنة بمواقف إقليمية وعربية، إذ أنه كان يفضل إياد علاوي، وأن «الأسد كان الطرف العصي أمام تشكيل الحكومة». ويتسم الموقف الرسمي العراقي من الأحداث في سورية بالكثير من «التأويل»، على ما يقول الزهيري «فالعامل الإعلامي والضغط السياسي يحاول تكريس صورة مفادها أن العراق يعمل من داخل المنظومة الإيرانية الإقليمية. وهذا غير صحيح بدليل أن العلاقات بين الحكومة ذاتها ودمشق كانت سيئة جداً لسنوات، على رغم ارتباط الأخيرة بعلاقات استراتيجية مع طهران». ويأخذ المالكي في الاعتبار احتمال سقوط النظام السوري، عبر توجيه دعوة إلى المعارضة لزيارة بغداد، معترفاً ضمناً بدورها، وهذا موقف مختلف عن الموقف الإيراني. لكن المعارضة، على ما يقول الزهيري، «رفضت إعلامياً الدعوة، حتى قبل أن تتلقاها رسمياً، ما يشير إلى تعرضها لضغوط كي لا تلب الدعوة أو قد تكون معبأة بمواقف مسبقة». ولا يتردد الزهيري بالقول إن «العراق لا يهمل كل الخيارات المتعلقة بمستقبل سورية، ومنها سقوط النظام، على رغم المخاوف من تبعات هذا السقوط، وبعضها يتعلق بمستقبل المنطقة ودور إسرائيل، بالإضافة إلى الحرب الأهلية».ويضيف: «إذا كان البعض يعتبر العراق منحازاً (إلى النظام) فإننا نعتبره متوازناً بدليل أن المعسكر الغربي ذاته متردد في ما يتعلق بمستقبل سورية، في ضوء المخاطر الحقيقية التي تحيق بالخيارات المتاحة». ويستعرض بعض المواقف الغربية، وبينها عودة السفيرين الأميركي والفرنسي إلى دمشق، كأدلة على عدم وجود رؤية واضحة. ويقول إن «العراق لا يمكن أن يربط مصيره بمصير الرئيس بشار الأسد، مع أنه يقر بوجود تداعيات سلبية لسقوط النظام، لكنه لا يتردد في تأكيد الحقوق المشروعة التي تطالب بها المعارضة. نحن في العراق نقف داخل بؤرة توتر حساسة، من الطبيعي أن نتلقى ضغوطاً ممن يدعو إلى إسقاط النظام بسرعة، وآخر يدعو إلى منع سقوطه. لكن لكل دولة حساباتها. نحن على حدود سورية ومستقبل دمشق مهم بالنسبة إلى بغداد، كما أن مستقبل بغداد مهم إلى دمشق وأي تغيير سيؤثر في الجانبين على كل المستويات». وكان العراق امتنع عن التصويت على قرارات الجامعة العربية لمعاقبة سورية، فيما اعتبر قول المالكي إن «إسرائيل هي الطرف المستفيد من الأحداث» ذروة الدعم للحكومة السورية، فضلاً عن تقارير مفصلة عن الدعم لمنع انهيار الاقتصاد السوري في ظل العقوبات الدولية المتصاعدة.