أعلنت وزارة الزراعة العراقية أنها ابرمت مذكرة تفاهم مع شركات أميركية كبرى لاستثمار اراضٍ زراعية عراقية، فيما دعا نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، إلى زيادة التركيز على هذا النوع من الاستثمار لتحقيق الأمن الغذائي. وأعلن وزير الزراعة عز الدين الدولة خلال لقاء جمعه بالهاشمي، ان الشركات الأميركية تعهدت بإعادة هيكلة خارطة الري واستثمار جزء كبير من الأراضي. وكان العراق يمتلك أكثر من 48 مليون دونم صالحة للزراعة، غير ان سياسة الإهمال والحروب والهجرة من الريف الى المدينة وتحول جزء كبير من الفلاحين الى مهن أخرى، تسببا بفقدانه مساحات زراعية شاسعة وتصحرها. وبحسب مصادر وزارة الزراعة، فإن معدل ما يفقده البلد من أراض صالحة في السنة الواحدة يفوق الخمسة في المئة. وتشير بيانات البنك المركزي العراقي الى ان حصة استيراد المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية من دول الجوار، تتجاوز ما يستورده البلد من الخارج، أي ما يعادل عشرة بلايين دولار من أصل 30 بليوناً دولار تحوَّل سنوياً الى الخارج لتامين الواردات للقطاع الخاص. خريطة للاستثمار الزراعي وأعلن وزير الزراعة عن خطط قصيرة ومتوسطة وبعيدة الأمد، لكن تنفيذها يحتاج إلى منح الوزارة مخصصات مالية تتناسب مع حجم المشاريع. وقال: «البلد يعج بالكوادر العلمية المتقدمة، إذ يوجد في الوزارة أكثر من 150 عالما وباحثا استطاعوا أن يستنبطوا أصنافاً متقدمة من البذور، وهذه الأصناف تتحمل الجفاف والملوحة والأمراض وهي ذات فترة نمو قصيرة». وتطرق الى موضوع مكافحة الآفات الزراعية من خلال استيراد أربع طائرات زراعية متطورة من أصل سبع، تعاقدت الوزارة على شرائها لحماية النخيل من الآفات. وأوضح مدير الهيئة العامة للاستثمار الزراعي صباح عبد في تصريح الى «الحياة»، أن وزارته «انتهت اخيراً من إصدار الخريطة الاستثمارية الزراعية التي تضمنت معلومات شاملة عن أراضي العراق، مثل نوع الأرض والمساحات وبعدها عن مصادر المياه وطوبوغرافيتها وصلاحيتها لنوع معين من المحاصيل أو لمشاريع أخرى غير الزراعة». وأضاف: «الشركات الاميركية كانت من أولى الشركات التي تحركت للفوز بعقود طويلة الأمد وفق مبدأ المشاركة مع شركة «سنحاريب» إحدى شركات التصنيع العسكري المنحلة، التي تم إلحاقها بوزارة الزراعة بعد أحداث عام 2003، وتعهدت بنقل التكنولوجيا الحديثة لصناعة تقنيات الري الحديثة إلى العراق والبدء بتصنيعها محلياً عبر نقل معامل كبرى إلى العراق، لتكون أساساً لتغيير هيكلية الري فيه». وتابع: «شركات استثمارية زراعية استرالية وهولندية وايطالية وأردنية وتركية أبدت رغبتها باستثمار أجزاء من الأراضي العراقية، ونحن في صدد دراسة طلباتهم من خلال التنسيق مع الهيئة الوطنية للاستثمار، وهيئات استثمار المحافظات والبدء بتخصيص مساحات الأراضي التي يرغبون في زراعتها ومن ثم إحالتها قانونياً». وقال: إن «هكذا استثمارات يحتاج إليها البلد لتحقيق أهداف مثل تشغيل الأيدي العاملة واستصلاح الأرض واستغلالها في شكل اقتصادي لتحقيق الأمن الغذائي وسد الحاجة المحلية، ناهيك عن إدخال تكنولوجيا غير معمول بها محلياً». وكانت وزارة التخطيط اكدت في آخر احصاءاتها ان عدد العاملين في القطاع الزراعي العراقي يفوق ثمانية ملايين، لكن نسبة كبيرة منهم هاجرت الى المدن بعد تردي اوضاعها المعيشية وتراجع الانتاج الزراعي. وأوضح الناطق باسم الوزارة كريم علي، أن «المشكلة الوحيدة التي نعمل على حلها هي إن الأراضي العائدة للدولة تنقسم إلى أنواع، فهناك أراض جاهزة للاستثمار، وأخرى تعترضها مشاكل قانونية مع أشخاص وهي في طريقها للحسم، ولهذا تقرر استثمار الصنف الأول عن طريق الشركات الأجنبية والعربية وحتى العراقية التي ستكون بالتأكيد مفضلة على غيرها، وستمدها الوزارة بحاجاتها من آلات وأسمدة ومعلومات».