محمد بن سلمان⁩ يجري اتصالاً هاتفياً بالشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح بمناسبة تعيينه ولياً للعهد بدولة الكويت    الخريف يبحث تعزيز التعاون الاقتصادي بين المملكة والمغرب    وزراء خارجية المملكة والأردن والإمارات وقطر ومصر يؤيدون جهود الوساطة حيال الأزمة في غزة    رسمياً.. مبابي لاعباً لريال مدريد    تطهير المسجد النبوي وجنباته خمس مرات يومياً خلال موسم الحج    مانشيني يستبعد يحيى ويركز على التكتيك    هوية جديدة للقادسية    أمانة الشرقية والحياد الصفري تبرمان مذكرة تفاهم    أمير تبوك يستقبل معالي مدير عام الجوازات    قضايا النظم البيئية الأرضية والأمن الغذائي تسيطر على نقاشات جلسات المنتدى العربي للبيئة    قائد مانشستريونايتد على رادار النصر مقابل 150 مليون يورو    فيصل بن مشعل يكرم الفائزين بجائزة الخضير للأداء المتميز بتعليم القصيم    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تواصل توغلها في مدينة رفح    تعليم الرياض تنهي الاستعداد لاختبارات الفصل الدراسي الثالث    أكثر من 5 آلاف سيارة أجرة لنقل الحجاج    إعلان مخرجات الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي الكويتي    خادم الحرمين يتلقى رسالتين خطيتين من ملك الأردن ورئيس مصر    قدوم 935966 حاجا من خارج المملكة    جونيور أفضل لاعب في ال «UEFA»    أمير عسير يفتتح المقر الجديد لإدارة رعاية أسر الشهداء    «العقار»: تراخيص جديدة للبيع على الخارطة ب 6 مليارات ريال    مواطن يمكّن مقيماً من سجله بمعرض ستائر وديكورات    أمير الرياض يستقبل نائب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للعمل    أمير تبوك يقف على الجهود المبذولة لخدمة ضيوف الرحمن بمنفذ حالة عمار    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للتصلب اللويحي المتعدد"    "الهلال" و"معهد إعداد القادة" يوقعان اتفاقية "مسار واعد"    سعود بن بندر يستقبل الرئيس التنفيذي لجمعية بناء ورئيس وأعضاء نادي القادسية    كلاوديا تصبح أول سيدة تتولى رئاسة المكسيك    السيسي يكلف رئيس الوزراء بتشكيل حكومة جديدة    مفتي عام المملكة ونائبه للشؤون التنفيذية يستقبلان رئيس جمعية إحسان لحفظ النعمة بمنطقة جازان    نتنياهو يناقض بايدن: «الصفقة» لا تشمل وقف الحرب    أسعار النفط تتراجع    طلائع حجاج إيطاليا تصل مكة المكرمة    بدء اكتتاب الأفراد في 154.5 مليون سهم بأرامكو    فرصة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    بناءً على ما رفعه سمو ولي العهد خادم الحرمين يوجه بإطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق الرياض    "أكنان3" إبداع بالفن التشكيلي السعودي    الصمعاني: دعم ولي العهد مسؤولية لتحقيق التطلعات العدلية    جامعة "المؤسس" تعرض أزياء لذوات الإعاقة السمعية    الطائرة ال51 السعودية تصل العريش لإغاثة الشعب الفلسطيني    السفير بن زقر: علاقاتنا مع اليابان استثنائية والسنوات القادمة أكثر أهمية    محمد صالح القرق.. عاشق الخيّام والمترجم الأدق لرباعياته    دموع «رونالدو» و«الهلال» يشغلان صحف العالم    نوبة «سعال» كسرت فخذه.. والسبب «الغازيات»    في بطولة غرب آسيا لألعاب القوى بالبصرة .. 14 ميدالية للمنتخب السعودي    حجب النتائج بين ضرر المدارس وحماس الأهالي    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    مزايا جديدة لواجهة «ثريدز»    ..و يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات الكليات التقنية    توبة حَجاج العجمي !    هذا ما نحن عليه    هنأ رئيس مؤسسة الري.. أمير الشرقية يدشن كلية البترجي الطبية    تقرير يكشف.. ملابس وإكسسوارات «شي إن» سامة ومسرطنة    أمير نجران يشيد بالتطور الصحي    11 مليون مشاهدة و40 جهة شريكة لمبادرة أوزن حياتك    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصارف الإسلامية والتنمية والمسائل الاجتماعية
نشر في الحياة يوم 18 - 04 - 2009

المصرف الإسلامي مؤسسة نقدية هدفها الحصول على الموارد النقدية من أفراد المجتمع واستثمارها في انشطة مختلفة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، ويلحظ فيها مراعاة البعدين الاجتماعي والاقتصادي من خلال توظيف المدخرات، فتنمية المجتمع هي اهم أهداف المصارف الإسلامية من حيث المبدأ والفكرة، إذ نشأت اصلاً لتلافي العجز في النظم الاقتصادية القائمة على نظريات التنمية والتمويل التقليدية، والتي يحجم عنها كثيرون من المسلمين تديناً فضلاً عن الاستغلال الربوي الذي يحكم آلية عملها.
ويرجع اول مصرف إسلامي الى منتصف السبعينات. وكان من اوائل المصارف الإسلامية"بنك التنمية الإسلامي"و"بنك دبي الإسلامي"، ثم توالى إنشاء المصارف الإسلامية لتتجاوز 350 مصرفاً تعمل في خمسين دولة تقريباً، تشمل معظم دول العالم الإسلامي وأوروبا وأميركا الشمالية وبعض المناطق الأخرى. وفرضت المصارف الإسلامية واقعاً جديداً على السوق المصرفية العالمية واقتحمت مصطلحات"المشاركة"و"الصكوك"و"التكافل"قواميس المصارف الغربية والتقليدية، ولجأ اكثر من 300 مصرف تقليدي الى تقديم منتجات مصرفية إسلامية لتلبية الطلب المتزايد لعملائها المسلمين على الخدمات المصرفية التي تتوافق وتعاليم الشريعة الإسلامية. وأسهمت عوامل سياسية واقتصادية عالمية في نمو هذه المصارف وأنماط العمل فيها، وعزز ذلك تمكن المصارف الإسلامية من إثبات قدرتها على تحقيق أرباح مرتفعة، حتى أصبحت من أسرع القطاعات المالية نمواً في العالم، وينظر الى هذه المصارف على أنها منافس قوي في البلدان التي تعمل فيها.
ومن عوامل تعاظم رأسمال المصارف الإسلامية جذبها لعدد كبير من المدخرين الذين كانوا يرفضون التعامل بالفوائد أو التعامل مع المصارف التقليدية، لا سيما المدخرين الصغار وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وفي الفترة الأخيرة لجأ إليها عدد من اصحاب رؤوس الأموال الكبيرة لأسباب اقتصادية سياسية.
وتمثل عقود التمويل السلعي وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أهم وسائل تنمية المجتمع اقتصادياً وبشرياً، وعوامل جذب لعملاء جدد لا يتعاملون مع المصارف التقليدية، فكان للمصارف الإسلامية دور في تفعيل آليات التمويل الصغير الذي بدأت المصارف التقليدية تتجه إليه بحذر.
هذه النجاحات التي حققتها المصارف الإسلامية في بعض البلدان لم تبق الرائد في آلية العمل في المصارف الإسلامية، فهذه الآلية تبدو بطيئة في تنمية الأرباح، ولعل دخول رؤوس الأموال الكبيرة في هذه المصارف تأسيساً أو إيداعاً، وحرصها على تنمية رأس المال، وتعاظم رأس مال هذه المصارف مع ضعف توظيف هذه الموارد في المشروعات التنموية الصغيرة والمتوسطة، أدى الى ظهور تحد جديد امام هذه المصارف، هو كيفية توظيف هذه الأموال. فهدف التنمية لم يعد رسالة أساسية لمعظم المصارف الإسلامية، لا سيما تلك التي نشأت كنمط جديد للاستثمار من قبل رجال الأعمال، وبالتالي تم اللجوء الى الاستثمار والتمويل في المشروعات القليلة المخاطر كالعقارات، والدخول في منافسة مع الأسواق العالمية.
وفي ظل قصور الرؤية والحذر من المغامرة في المشروعات التنموية، كان هناك إلحاح على هيئات الرقابة الشرعية في المصارف لابتكار اساليب جديدة لتحريك هذه الأموال الكبيرة، وإيجاد صيغ للتمويل الكبير من دون الدخول في شراكة فيها من المخاطر ما فيها، فتم إحياء فقه الحيل، وظهرت عقود طالما تحدث عنها الفقهاء باعتبارها نماذج من التحايل على الربا، بل وابتكرت طرق جيدة من العقود الصورية التي تمثل التفافاً غبياً على الربا والفائدة، كما تم تصنيف المشتغلين في الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية الى متشددين ومتساهلين، وأصبح كثيرون منهم كرجال دين يحللون ويحرمون بحسب ما يدفعه المصرف من رواتب لهم، وتم تفعيل مصطلحات مقاصد الشريعة والمصلحة والضرورة وعموم البلوى لتغطية هذه العقود، وأصبحت الرقابة الشرعية على المصارف مهنة جديدة لعلماء الشريعة ودارسي الاقتصاد الإسلامي.
لقد كان من المنتظر ان تسهم المصارف الإسلامية في تطوير الرؤية الفقهية للمعاملات المالية واستحداث عقود جديدة لا تقوم على الحيل، لكن الذي جرى ان الفكر الاقتصادي الإسلامي لم يتحول الى برامج اقتصادية وظل عبارة عن مبادئ وقيم عامة، أثبتت التحولات المالية والاقتصادية العالمية صحتها، لكن المنظرين لها ظلوا في خانة التنظير الاقتصادي المقارن بطريقة استبدال العناوين، ولم يدخلوا الى الواقع إلا عند الطلب والاستفتاء. ولم تظهر مبادرات عملية لتجسيد هذه القيم، ولعل أبرز تجربة اقتصادية إسلامية هي المصارف الإسلامية التي نجحت في جذب رؤوس الأموال المدخرة، وكان لها دور في تنمية المجتمع من خلال تمويل المشاريع الصغيرة.
لكن هذا الخط من الأعمال المصرفية الإسلامية لم يعد هو المعوّل عليه، وتحولت رسالة تنمية المجتمع الى هاجس تنمية رأس المال، فلم يعد الفقير ومتوسط الحال هو خطة عمل المصارف إنما المقتدر والمليء الراغب بالتوسع، وبدل ان تتوسع آليات التمويل وأنماطه بدأت تضيق وتتجه الى البحث عن العائد السريع والمضمون، لكن ذلك لم يمنع تلك المصارف من مداعبة الفقراء ومتوسطي الحال من خلال الدعاية التي لا تجد مصداقاً لها إلا عند المقتدرين والذين تجاوزوا خط الفقر بأشواط، وأصبحت المصارف الإسلامية تبيع الوهم بوعود تعلم انها غير قادرة على تحقيقها، حتى إذا جاء اصحاب الدخل المتوسط بل اصحاب الدخل العالي المحدود لم يجدوا ما كانوا يسمعون به نظراً لطبيعة وآلية التمويل والتقسيط...، بل اصيب هؤلاء بخيبة أمل بعد انتظار افتتاح المصارف الإسلامية في بعض البلدان ففي سورية مثلاً لا يستطيع أستاذ جامعي بدخله شراء عقار متوسط من طريق المرابحة لأن شروط التمويل لا تسمح بتقسيط ثمن العقار على راتبه، وأصبح دور التمويل الإسلامي ليس تلبية حاجة اصحاب الدخل المحدود إنما تحويل اصحاب الدخل المتوسط الى أوضاع اصحاب الدخل العالي، وتنمية رؤوس الأموال الكبيرة اصلاً، إما بالتمويل لمشاريعها، أو باستثمار اسهمها وإيداعاتها في تلك المصارف.
وتؤكد التجربة تحول صفة الإسلامية في معظم المصارف من تعبير عن القيم الإسلامية في الاقتصاد الى"ماركة"جديدة في التعاملات المصرفية العالمية، حتى اصبحت التعاملات المصرفية الإسلامية مقرراً دراسياً في فرنسا معقل العلمانية في الغرب، فرواج الصناعة المصرفية الإسلامية عالمياً ليس دليلاً على نجاحها اقتصادياً بقدر ما هو تحولها الى ماركة جديدة في السوق، فينبغي التفريق بين الصناعة المصرفية الإسلامية كاستثمار رأسمالي ناجح وبينها كوسيلة لحل مشكلات التنمية وأصحاب الدخل المحدود الذين لولا رفضهم التعامل بالفائدة لوجودوا في المصارف الربوية ما يلبي حاجتهم بشروط أسهل.
ان اسئلة كثيرة تواجه ممارسات المصارف الإسلامية، والسؤال الأهم هو تدقيق وصف الإسلامية في جميع شؤون المصرف حتى في معاملاته الجزئية، فالقيم الإسلامية في الاقتصاد والمعاملات، لا تقف عند طبيعة العقود وكيفية إبرامها والتزاماتها، إنما تسري بالدرجة الأولى على أخلاقيات التعامل وقيم كثيرة كالإنصاف والاعتدال في الإنفاق بما يحقق الأمانة في إدارة المدخرات.
فثمة تحد يواجه خبراء الاقتصاد الإسلامي والمصارف، هو اعادة الثقة بهذا الوصف، والعودة الى الرسالة الأساسية لهذه المصارف، وهي التنمية البعيدة الأمد، وألا يتحول هم تنمية رأسمال المصرف والحفاظ عليه - والذي هو شرط لاستمراره ونجاحه - الى غاية بذاته بغض النظر عن الوسائل لذلك، وهذا ما ينبغي ان يدفع المنظرين الى إبداع وسائل وآليات جديدة لا تقوم على المحاكاة لعقود سابقة أو الالتفاف على عقود مرفوضة، فاستحداث العقود ضرورة طبيعية تقتضيها مقاصد الشريعة، لكن ذلك يحتاج الى رؤية بعيدة في التنظير وخبرة في الواقع.
نشر في العدد: 16815 ت.م: 18-04-2009 ص: 26 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.