حليب الأم غذاء مثالي لا يعلى عليه، لأنه يحمل للطفل كل ما يحتاجه لنموه وتطوره، وكل من يدعي غير هذا فكلامه باطل قلباً وقالباً. وفي ما يتعلق بارضاع الطفل، هناك بعض الاعتقادات التي ما زال البعض يتناقلها، مع أنها اعتقادات لا مبرر لها ولا صحة لوجودها اطلاقاً، وفي ما يلي سنحاول أن نعرج على بعض من هذه الخرافات التي تجب ازالتها من عقول الأمهات: دكتور، أنا أملك ثديين صغيرين لذا فلا أفرز كفاية من الحليب لارضاع طفلي! هذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلاً. فالثدي مهما كان كبيراً أو صغيراً، فإنه يملك العدد نفسه من الغدد المفرزة للحليب وما تبقى منه ما هو إلا أنسجة شحمية هي التي تجعل الثدي كبيراً أو صغيراً، وهذه الشحوم لا علاقة لها بإفراز الحليب لا من قريب ولا من بعيد. إذاً كل النساء، مهما كانت أثداؤهن كبيرة أم صغيرة، يملكن القدرة نفسها على انتاج الحليب. ارضع طفلي من ثدي واحد فقط كي أعطيه الآخر في وقت لاحق! ليكن في علمك يا سيدتي أن هذا التصرف لا معنى له، فالثدي ليس مخزناً للحليب، وهذا الأخير يتم إدراره عفوياً أثناء الرضاعة بتأثير عملية المص من قبل الطفل. من هنا يجب دفع الصغير على تناول الحليب من الثديين معاً من أجل حث عملية افرازه. إن اعطاء الطفل رضعات متتالية ومتكررة من الثديين معاً إنما هو اجراء سليم، لأنه يحرض على تشكل أكبر عدد من المستقبلات على سطوح خلايا غدة الثدي، الأمر الذي يوسع من عمل هرمون البرولاكتين هرمون مدر للحليب لانتاج المزيد والمزيد من الحليب. عملية الرضاعة تهلكني يا دكتور! ليس الارضاع هو المهلك، وإنما الولادة وما حولها وقلة النوم. طبعاً ان اعطاء "البيبرونة" أقل تعباً من اعطاء الثدي في ساعات الصباح الأولى، ولكن الدراسات بينت بشكل يقين أن الأمهات اللاتي يرضعن أطفالهن ينمن بشكل أفضل من الأمهات اللاتي يعطين الرضاعة. أما السبب فيعود إلى أن الارضاع من الثدي يسهم في اطلاق هرمونين هما أندورفين واوسيتوسين اللذان يساعدان على زيادة مدة النوم عند الأم المرضع. عندما لا يرضع الطفل جيداً أحاول أن أساعده بالضغط على مقدمة الثدي! هذا التصرف يؤخر ولا يقدم شيئاً سوى أنه يزيد الطين بلة، إذ أنه يعرقل در الحليب ولا يساعد بتاتاً على تسييره، لذا فعلى الأم أن تتحاشى هذا السلوك لجعل الحليب ينزل هنيئاً ويسري مريئاً. يجب غسل الطفل قبل أخذه لإرضاعه! هذه الخطوة ليست سليمة، إذ يكفي مسح الطفل ثم وضعه على ثدي أمه في أسرع وقت ممكن. عدا هذا، فإن رائحة الصابون المستعمل في تحميم الطفل قد تكون عقبة أمام حاسة الشم عند الرضيع والتي تكون دليله الذي يهديه نحو ثدي والدته. يجب الباس الطفل قبل وضعه على بطن أمه! لقد آن الأوان لجعل هذه الفكرة قيد النسيان، خصوصاً إذا علمنا أن نجاح الارضاع يعتمد بشكل خاص على التماس المباشر بين جلد الأم وجلدة فلذة كبدها. لقد أشارت التحريات إلى أن الاخفاق في عملية الرضاعة تعود في كثير من الحالات إلى غياب هذا اللقاء الأول المباشر بين الأم وطفلها. هناك من يعتقد بأن وضع الطفل عارياً على بطن أمه يعرضه للبرد ونقص الحرارة، ولكن إذا علمت يا سيدتي أن بطن الأم يعتبر أحسن من أفضل حاضنة اصطناعية، لأدركنا خطأ هذا الاعتقاد أصلاً وفصلاً