نجحت نيكول كيدمان في العامين الأخيرين في فرض نفسها على المستوى العالمي كواحدة من أكبر نجمات هوليوود وكفنانة قادرة على ممارسة الدراما والكوميديا والغناء والرقص بموهبة أغدقت عليها جمعيات السينما بالجوائز والمديح والاعجاب، ولم تكف عن التنويع في أدوارها وأفلامها بقبولها العمل مع مخرجين مخضرمين ومع نظرائهم من الجيل الجديد، كما أنها لا تهتم بجنسية الأعمال التي تظهر فيها، على عكس نجمات لا يمثلن إلا في أفلام هوليوودية. وتظهر النجمة الاسترالية الأصل بساطة كبيرة في أدائها لقطات عاطفية حميمة مجردة من ثيابها على رغم شهرتها، وهو أمر ترفضه غالبية الممثلات ممن يصلن إلى حد معين من النجومية. فكل هذه المواصفات تجعل من نيكول بمثابة قنبلة سقطت فوق هوليوود، فانفجرت وطارت شظاياها إلى أركان العالم الأربعة. تزوجت نيكول من النجم توم كروز وتبنت معه طفلين ثم انفصلت عنه منذ ثلاثة أعوام بعدما غادرها ليقع في عشق الاسبانية بنيلوبي كروز، ما جرح قلب كيدمان وجعلها تصرح بأن عواطفها لن تتجه في المستقبل إلا لأولادها وإلى عملها الفني. ويبدو أن الشجن أفادها فهي تسلقت سلم المجد بطريقة سريعة وباهرة اثر انفصالهما بعدما ظلت طوال ما يقرب من عشرة أعوام ممثلة معروفة ولكن عادية جداً لا تلفت الأنظار إلا بجمالها وخفة ظلها. وفازت العام الماضي بجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم "الساعات"، كما أنتجت "في الجرح" الذي أخرجته جين كامبيون وأدت بطولته ميغ رايان. وعلى رغم تصريحاتها حول عزوبيتها الجديدة، إلا أنها وقعت في غرام المغني ليني كرافيتز وتعيش معه حالياً حكاية حب ملتهبة تكتب عنها الجرائد المتخصصة في نميمة المشاهير. زارت كيدمان باريس بشكل غير رسمي من أجل التردد على دار "شانيل" في مهمة شخصية، فالتقتها "الوسط"، وكان هذا الحوار مع بطلة "مولان روج" و"دوغفيل" و"صورة امرأة" و"عينان مغلقتان على اتساع". ما الذي جعلك تكتفين بانتاج فيلم "في الجرح" بدلاً من أن تؤدين بطولته، علماً أن الدور فيه في غاية الجمال والأهمية ويليق بك تماماً؟ - صحيح أن الدور على قياسي، لكنني كنت في أثناء فترة تحضير هذا الفيلم وقعت عقد البطولة في عمل آخر هو "اللطخة الإنسانية" المأخوذ عن رواية فيليب روث مع الممثل البريطاني أنتوني هوبكينز، فهي مسألة حظ وكثيراً ما تأتي الأمور في الحياة كلها في الوقت ذاته أو لا تأتي بالمرة. وأنا لم انتج الفيلم، بل ساهمت به كمنتجة مشاركة، فلم أتمتع بالسيطرة على المشروع إلى درجة أن أغير تاريخ التصوير بحيث يلائم جدول أعمالي كممثلة. وعلى العموم فأنا سعيدة جداً بكون زميلتي وصديقتي ميغ رايان حصلت على الدور، وهو من دون شك من أقوى أدوار حياتها الفنية حتى الآن وسمح لها بكسر الإطار الفكاهي - الرومانسي الذي اشتهرت فيه طوال السنوات الأخيرة. هل حدث أن التقيتها في حديث بشأن هذا الفيلم أم ترغب في أن أحصل لك على موعد معها، علماً أنها في فرنسا حالياً؟ أشكرك لكنني التقيتها قبل أيام قليلة جداً، وهي فعلاً تدعم كلامك في شأن دورها في "في الجرح" وتصفه بأنه من أفضل ما عرض عليها حتى الآن في خلال مسيرتها الفنية. حدثينا عن سبب زيارتك إلى باريس، إذ يبدو أن الغرض لا علاقة له بالسينما؟ - أنا فعلا موجودة هنا لسبب يتعلق بقياس فستان لدى "دار شانيل" صممه كارل لاغرفيلد خصيصاً من أجلي لأرتديه في سهرة خاصة ستجمع العديد من نجمات هوليوود بعد أسابيع قليلة. وكنت في باريس قبل شهر واحد للترويج لفيلم "اللطخة الإنسانية" الذي أؤدي بطولته مثلما ذكرت مع أنتوني هوبكينز. أين ستكون السهرة التي تتحدثين عنها؟ - في لوس أنجليس. هل أنت من المخلصات ل"دار شانيل" بصفة خاصة؟ - نعم، ومنذ مدة طويلة، فلا عجب أن يختارني لاغرفيلد سفيرة للدار ولأبرز عطورها وصورني بالأبيض والأسود من أجل حملة إعلامية دعائية عالمية. هل يتوجب عليك إذن أن ترتدين مبتكرات الدار في كل سهراتك؟ - فقط في الحالات التي تتعلق بترويج عطرها، وإلا فأنا حرة في إختيار ما أرتديه، ويحدث انني ارتديت موديلات من "شانيل" لأنني أحبها وأجدها تليق بي. تحولت خلال عامين من ممثلة شابة إلى نجمة عالمية ذائعة الصيت، تؤدي أصعب الأدوار وتحصد أهم الجوائز، وربما أنها صدفة لكن حياتك الفنية تغيرت اثر انفصالك عن توم كروز، أليس كذلك؟ - الموضوع ليس بمثل هذه السهولة، فالذي حدث هو انني وجدت نفسي في حالة رهيبة من القلق والإضطراب النفسي اثر طلاقي، ولم أعثر على حل للخروج من أزمتي غير الانغماس في العمل أو السقوط في هاوية الإنهيار النفسي والعصبي والعيادات المتخصصة والعلاجات الطويلة الأجل، وشعرت بالخوف أمام مثل هذا الاحتمال، خصوصاً على ولديّ، ومجرد التفكير فيهما منحني الشجاعة الكافية لاختيار حل النسيان عبر ممارسة مهنتي بأفضل طريقة ممكنة ومن دون أن أتوقف لحظة سوى للاهتمام بالصغار. وتكللت جهودي المهنية بالنجاح، إذ تحسن أدائي، ورحت أختار أدواري بدقة أكبر، ووجدت نفسي فنانة يعترف بها العالم ويقدرها وهذه أحلى الجوائز بطبيعة الحال. وللرد على سؤالك أقول إن انفصالي عن كروز لعب دوره بشكل غير مباشر في تطوري الفني. سلسلة من الخدع أنت لا تترددين في أداء لقطات حميمة ومجردة من ثيابك، فهل تؤمنين بضرورة المشاهد الجريئة فوق الشاشة؟ - المشاهد الجريئة ليست ضرورية إلا في حالات قليلة محددة من أجل دعم فكرة معينة في السيناريو، وأنا أدرس أدواري بطريقة دقيقة جداً قبل أن أوافق عليها، والتمعن في أداء اللقطات التي تطلب التجرد من الثياب بشكل خاص، وإذا وافقت على هذا الأمر عن اقتناع، أشترط في العقد ومنذ البداية أن تكون الإضاءة خافتة بحيث يأتي المشهد وكأنه محاط بغلاف من الظلال يلمح إلى المتفرج بالمعاني، وفي الوقت نفسه يسمح له بتخيل كل ما لا يراه على أساس أنه شاهد كل شيء. إن السينما عبارة عن سلسلة من الخدع، خصوصاً في اللقطات الجريئة تضحك، وأنا أعتبر الظهور في لقطات أبكي فيها أو أضحك فيها على الدرجة ذاتها من الإباحية بالمقارنة مع اللقطات التي تشترط مني التخلص من ثيابي، فالبكاء مثلاً في نظري عملية شخصية جداً والظهور فوق الشاشة والدموع تسيل من عينيّ هو أمر مجرد من أبسط قواعد الحياء. هل تشعرين بالحرج إذا بكيت أمام الكاميرا؟ - إلى حد ما، ولكنني اخترت مهنة مجردة من الحياء أصلاً، فعلي قدر المستطاع أن أمتنع عن شغل أفكاري بكل ما تتطلبه مني أدواري من تصرفات جريئة، وإلا فلا يتبقى علي سوى الإتجاه نحو مهنة ثانية، وأنا لا أريد ذلك بالمرة تضحك. ما الذي جعلك توافقين على المشاركة في فيلم "دوغفيل" للمخرج الدنماركي لارس فون تراير، علماً أن السينما الأوروبية نادراً ما تجذب نجمات هوليوود؟ - أنا لست كذلك، فماذا تعني بهذا الكلام؟ كيف أرفض فرصة الظهور في دور جميل لمجرد أن الفيلم أوروبي أو هندي أو مصري، وأين ذكائي في مثل هذه الحالة؟ أنا اشتهرت على المستوى العريض وأجد أن شهرتي من المفروض أن تلغي الحدود بشكل كلي في عملي، فالشهرة تفيد في هذه الأشياء قبل أن تجلب التوقيع فوق صور في مناسبات عامة مثلاً، هل تفهم ما أقصده؟ أنا أقدر على فعل ما لم أستطعه حين كنت مجرد ممثلة مبتدئة أو نصف مشهورة، وهنا يكمن حظي، وأنوي استغلاله كلياً وفي كل مناسبة، لقد رحبت بالعمل في شريط "دوغفيل" لأنني اعتبرته من أقوى النصوص التجريبية على مدى السنوات العشر الأخيرة، وكنت مستعدة لخوض التجربة في جزئه الثاني والذي يصور حالياً، لكنني عدلت عن قراري في اللحظة الاخيرة بعدما تمعنت في السيناريو ووجدته أضعف بمراحل من الأول. لقد مثلت دور البطولة في الفيلم البريطاني "فتاة عيد الميلاد"، وتأكدت في ما بعد انني أخطأت في هذا الخيار، لأن النص المكتوب كان أقوى بكثير من الشريط في شكله النهائي. وهذا الشيء يحدث أيضاً في الأفلام الأميركية وبالتالي لا يتعلق الخطأ الذي ارتكبته بجنسية الفيلم بل بالثقة العمياء التي منحتها للمخرج في الأساس. غنيت ورقصت في فيلم "مولان روج"، وفتح هذا العمل أبواب المسرح الاستعراضي أمامك واسعة في نيويورك، فهل تنوين الاستمرار في هذا اللون؟ - نعم، لأن الاستعراض تكملة طبيعية للتمثيل في نظري، ويتطلب الإلتزام بقواعد صارمة من حيث التحكم في الذات والحفاظ على الصحة واللياقة البدنية عن طريق إتقان بعض التدريبات الرياضية المحددة وتدريب الصوت، وكل ذلك يوسع إمكانات التمثيل. لقد اكتشفت عبر فن الإستعراض متعة جديدة حقيقية لم أكن جربتها من قبل ولا أنوي التفريط فيها. أنت تنكرت كلياً وارتديت أنفاً مزيفاً في شريط "الساعات" لأداء دور الكاتبة فرجينيا وولف وحصدت عنه جائزة الأوسكار، فإلى أي مدى لعب التنكر دوره في بناء تقمصك للشخصية؟ - ساعدني بطريقة ملموسة في الشعور بأنني فعلاً وولف وسهل علي الأداء، لكن التنكر هو الذي ضايقني لأنه تطلب ثلاث ساعات من التحضير على أيدي أخصائيين كل صباح، وحينما صعدت فوق المسرح لأتسلم جائزة الأوسكار شعرت برغبة في التصريح بأنني أشارك جائزتي مع الأنف المزيف الذي ارتديته تضحك ثم امتنعت عن فعل ذلك ربما خوفاً من إنعدام روح الفكاهة لدى الحضور في القاعة