في مكان ما من المناطق الجبلية الافغانية الوعرة ستنطلق في ثنايا العام 2005 عنكبوت ضخمة يصل وزنها الى 900 كيلوغرام وطولها الى حوالى 4 امتار تدب تارة وتتوقف اخرى وتستأنف السير حيناً وتقف مجدداً وتحتوي في أسفل ارجلها المنفصلة على اجهزة رادار لرصد الألغام وتفكيكها خلال لحظات ومعاودة السير لصيد ألغام اخرى، وذلك طبقا لبرمجة مسبقة. وتحمل هذه العنكبوت الروبوت توقيع البروفسور Nonami في كلية الهندسة في جامعة شيبا اليابانية. لقد اكتمل هذا الروبوت الذي يحمل اسم Comet ثلاثة في بداية خريف هذا العام. ومن المقرر ان يدخل المعترك العملي خلال الاشهر القليلة المقبلة في افغانستان فور تلقي حكومة طوكيو الضوء الاخضر من نظيرتها في كابول. تتمثل مهمة Comet ثلاثة في مساعدة الانسان في العملية الخطيرة والحلول مكانه كرصد الألغام وتفكيكها والتغلغل بين الانقاض التي تخلفها الهزات الارضية والزلازل لانتشال الأحياء والجثث التي يتعذر على رجال الاسعاف الوصول اليهم بسبب خطورة الموقع. Comet ثلاثة ذاتي التشغيل، قادر على تحليل الميدان الذي يتواجد فيه والتنقل على هواه وتفكيك الألغام بوتيرة خاصة به، وهو يعمل بالوقود. ويكمن تميزه الأساسي، مقارنة بأجهزة الروبوت الأخرى في احتوائه على هوائيين أنتين يتيح له الاول بفضل الرادار واشارات الربط رصد المعادن المطمورة، في حين يمكنه الهوائي الثاني من تحديد موقع اللغم في دائرة ضيقة. ويتميز هذا الروبوت بالسرعة في تنفيذ المهمات فهو قادر على تطهير حقل ألغام تزيد مساحته عن 1500 متر مربع خلال ساعة واحدة من الزمن. واليابان تحاول تبوؤ مكانة مرموقة على المسرح الدولي من خلال اجهزة الروبوت القادرة على رصد الألغام وتفكيكها، وطور الباحثون في معهد طوكيو للتكنولوجيا جهازاً آخر يتألف من عربتين صغيرتين يتم التحكم بهما عن بعد سعر الواحدة منهما لا يتعدى 7500 يورو، كما صمموا نموذجا من Comet ثلاثة مصنوعاً من المعدن المقاوم للصدأ والتخريش بدأ تشغيله في كل من نيكاراغوا وكمبوديا لرصد الألغام وتفكيكها. وإذا ما استمرت وتيرة التطوير في اليابان على هذا النحو فإن عمليات نزع الألغام الخطيرة ستصبح حكراً على اجهزة الروبوت دون تدخل الأيدي البشرية. ويعكف الخبراء حالياً في مختبرات طوكيو على تطوير اجهزة روبوت على شكل الكائن البشري، يتوقع ان تصبح بمثابة القبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة قبل العام 2010 لانقاذ ضحايا الحروب من الجرحى وانتشال جثث القتلى من تحت الردم. ولا غرابة في ذلك اذا علمنا ان اليابان تمتلك 50 في المئة من مجموع اجهزة الروبوت الصناعية قيد التشغيل في جميع أركان المعمورة البالغ عددها 756 ألفاً، ويعود ازدهار صناعة الروبوت في اليابان الى الموازنة الضخمة التي تضخها وزارة الصناعة في المعاهد التكنولوجية والجامعات لتشجيع الشركات الخاصة على الاستثمار في هذا الميدان، وقد مولت الحكومة اليابانية أخيراً مشروعاً لتطوير روبوت رجل بقيمة 40 مليون دولار، شاركت فيه عشر جامعات يابانية وعشر مجموعات صناعية ضخت بدورها مبالغ فاقت المساهمة الحكومية، وتمخض المشروع عن تطوير روبوت يسمى HRP2 على هيئة رجل بطول 160 سنتيمتراً يستطيع التنقل بشكل آلي سيكون العامل الاجتماعي المستقبلي بامتياز بسبب قدرته على التنقل الذاتي وتحليل ميدان الحادث وانتشال الجرحى. وتندرج هذه الأجهزة في اطار بزوغ ثقافة جديدة في اليابان تسعى الى اقامة الروابط بين الانسان والآلة الروبوت بعد النجاح التجاري الهائل الذي لاقته هذه الأجهزة في الأسواق الوطنية والعالمية. لقد بات الروبوت يقوم بدور تفاعلي مهم في اليابان نتيجة للتقدم السريع في هذا القطاع كالاضطلاع بمهمة الممرض ومساعد المعوقين في حياتهم اليومية، وقد طور معهد الأبحاث في طوكيو أخيراً كرسياً متحركاً ذكياً يشكل صلة الوصل بين المريض والبيئة المحيطة به، كما أدخل المستشفى الجامعي في طوكيو ذراعاً مزودة بالكاميرات الدقيقة واللواقط الالكترونية تقوم بمساعدة المرضى المصابين بالشلل 24 ساعة على 24 ساعة، فتقدم لهم الشراب والطعام وتشغل جهاز التلفزة وتغير القناة وما الى ذلك من المهمات السهلة على الانسان المعافى والمستحيلة على الشخص المعوق جسدياً أو المقعد