ثلاثة ادوية صينية مصنوعة من الاعشاب استطاعت ان تضع حداً لتكاثر ونمو فيروس الالتهاب النموي الحاد سارز الذي هزّ العالم في العام الماضي، وعندما حاول الباحثون اليابانيون معرفة السر وجدوا ضالتهم في الزنجبيل الذي يعتبر القاسم المشترك الوحيد الذي يجمع ما بين الادوية الثلاثة. عرف الزنجبيل في آسيا الهند، الصين، منذ اكثر من ستة آلاف سنة، ويعود الفضل للتجار العرب في نقله وتعريف العالم به، واضافة الى استعمالاته في الاطباق الشهية فقد كان يوصف لعلاج الاسهالات والتقيؤات، اما اطباء الرومان في العصور الغابرة فكان الزنجبيل دوماً في حوزتهم خلال الغزوات العسكرية. الفيلسوف الاغريقي بيتاغور كان ينصح بالزنجبيل للحفاظ على سلامة الجهاز الهضمي، والملك البريطاني هنري الثامن كان مقتنعاً بأن الزنجبيل يحمي من الطاعون! لقد بيّنت الدراسات العديدة ان جذر الزنجبيل يملك صفات علاجية مفيدة في الكثير من الازمات الصحية بدءاً بدوخة السفر ومروراً بالاضطرابات الهضمية والتهابات المفاصل وارتفاع الكوليسترول والخثرات الدموية وانتهاء بالصداع النصفي ولهذا فليس مستغرباً ان نرى الملايين من الناس في العالم يتهافتون عليه لاعتقادهم بقدراته الشفائية العالية. واذا كنت، عزيزي القارئ، تعاني من دوخة السفر، التي قد تجعلك احياناً تفكر الف مرة قبل ركوب الحافلات والقاطرات والسيارات والطائرات والقطارات فما عليك الا بالزنجبيل فقد اشارت التحريات بأنه الافضل في هذا المجال، ففي دراسة شملت 36 طالباً يعانون من تقيؤ السفر قام العلماء باعطاء نصفهم 100 ملغ من عقار درامامين المستعمل لعلاج تقيؤ السفر ثم وضعوهم على كراسي مدورة لإثارة التقيؤ عندهم، وبعد تدوير الكراسي بهؤلاء فإن الاكثر تحملاً ورباطة جأش طلبوا ايقاف الكراسي في مدة اقل من اربع دقائق. ونفس الشيء تم مع النصف الآخر من المشاركين ولكن تم اعطاؤهم الزنجبيل بدل عقار الدرامامين فكانت النتيحة ان استطاع هؤلاء البقاء في الكراسي مدة 6 دقائق من دون ان يعانوا من الدوخة والتقيؤ اللذين شوهدا عند افراد المجموعة الاولى التي اخذت عقار درامامين. ما هو الشيء الذي يجعل الزنجبيل مفيداً في التلطيف من عوارض دوخة السفر الغثيان والتقيؤ...؟ الواقع ان لا احد يعرف الجواب اليقين، لكن عدداً من الباحثين يقول ان الفضل يعود الى مركّب "جنجيرول" الذي يشكل احد العناصر المهمة في الزنجبيل بحسب رأيهم فإن هذا المركب يلعب دوراً غير مباشر في لجم المنعكس العصبي الذي يشعل فتيل التقيؤات. على اية حال فعلى من يرغب في الاستفادة من الزنجبيل في علاج عوارض دوخة السفر ان يأخذ ربع ملعقة من بودرة الزنجبيل الطازج قبل عشرين دقيقة من بدء الرحلة ويمكن تكرار الجرعة كل اربع ساعات حسب الطلب. ويساعد الزنجبيل على الهضم، ويفيد في تهدئة اوجاع المعدة، وفي طرد الغازات البطنية. وقد دلت الدراسات المخبرية على ان الزنجبيل يعمل في آن معاً على تحريض الحركات المعوية وفي الحيلولة دون حدوث التشنجات المغص ايضاً فهو الزنجبيل يسهل من عملية اندلاق المفرزات الصفراوية الكبدية. عدا هذا وذاك فقد اشارت دراسات اخرى ان الزنجبيل يثبط من تكاثر بعض انواع الجراثيم والطفيليات المعروفة بضلوعها في اثارة بعض المشاكل المعدية المعوية. على صعيد الجهاز العصبي فقد كشفت الابحاث اهمية الزنجبيل في التخفيف من وطأة الصداع النصفي الذي يضرب رؤوس الملايين من البشر، ففي دراسة على اناس يعانون من الصداع النصفي، وجد العلماء ان الزنجبيل ادى الى اجهاض نوبة الصداع من دون ان يؤدي الى عوارض جانبية مزعجة غالباً ما تشاهد بعد اخذ الادوية الكيماوية، أما عن سر تأثر الزنجبيل على الصداع النصفي فيبدو انه يعمل على إبطال مفعول مركبات البروستاغلاندين التي تسهم في إثارة الألم والالتهاب في الاوعية الدموية الدماغية. ويفيد الزنجبيل في الوقاية من الازمات الوعائية القلبية والدماغية اذ انه يمنع حصول الخثرات الدموية من خلال عرقلته لتكوّن مادة "الترومبوكسان" التي تشكل مفتاحاً رئيسياً في آلية تخثر الدم. هل هذا يعني ان الزنجبيل يمكن ان يحل محل الاسبرين؟ هناك من الباحثين من يقول بنعم؟ اذ انهم لاحظوا ان مادة "جينجيرول" الموجودة في الزنجبيل تشبه كيماوياً الى حد كبير بنية الاسبرين وبناء على ذلك ينصح بعض العلماء باضافة الزنجبيل الى الغذاء كوسيلة وقائية لمنع التجلطات الدموية وما قد تؤدي اليه هذه الاخيرة من اضطرابات آنية ومستقبلية. ويملك الزنجبيل قدرة على بعث الدفء في الجسم وزيادة التعرق وتقوية الطاقة الجنسية، وفي بلادنا العربية كثيراً ما يستعمل الزنجبيل في صنع خلائط لإيقاظ الشهوة الجنسية، وفي السنغال تلجأ النساء الى صنع حزام مؤلف من جذور الزنجبيل يضعنه حول خصرهن بهدف رفع الحرارة الجنسية عند أزواجهن. مسك الختام، بقي علينا ان نعلم ان هناك حالتين لا يجوز فيهما استعمال الزنجبيل: الأولى هي الإصابة بالحصيات الصفراوية، أما الثانية فهي الحمل، اذ اشارت النتائج الأولية لبعض الدراسات التي تمت في العام 1980 الى ان بعض عناصر الزنجبيل قد يكون لها دور في اثارة الإجهاض أو التشوهات الولادية، إلا ان دراسات اخرى تمت بعد هذا التاريخ ذكرت ان الزنجبيل يحتوي على مركبات اخرى تناهض فعل العناصر المثيرة للاجهاض والتشوهات