كنت شبه نائم امام التلفزيون في غرفة فندق في واشنطن الاسبوع الماضي عندما ايقظني خبر يقول ان شركة اميركية طورت جهازاً لاكتشاف الكذب، مبرمجاً على العشاق، فيعرف او تعرف اذا كان "حبيب العمر" يخونه او يخونها. لماذا يريد ان يعرف؟ عند الاميركيين الجواب، فالخبر لم يدخل في الحيثيات، وكنت اعتقد ان اساس الحب هو الثقة او التغفيل، وجاء الاميركيون الآن ليحرمونا من ساعة الغفلة هذه. كنت اشاهد الاخبار المحلية، وقد طويت رجلي تحتي فخدرت ونحن نقول في لبنان "نمّلت" ويقولون في الخليج "نامت" وهي الكلمة نفسها المستعملة بالانكليزية، وتذكرت في غربتي الموقتة شعراً لأخينا جميل بن معمر هو: اذا خدرت رجلي وقيل: شفاؤها دعاء حبيب كنت انت دعائيا ألم تعلمي يا عذبة الريق انني اظل اذا لم ألقَ وجهك صاديا هكذا الغزل. قل لها كلاماً جميلاً وسنصدقه، ولا تكن اميركياً يأتيها بآلة، ويثبت شرائط الى اصابع يدها، والى صدغيها، ويحقق معها كضابط نازي في معتقل. قالت: هل تحبني بقلبك وروحك؟ وقال: أه. أه. إم. إم. وقالت: هل تعتقد انني اجمل امرأة في العالم؟ وقال: أه. أه. إم. إم. وقالت: هل ترى شفتي كزهرة متفتحة؟ وقال: أه. أه. إم. إم. وقالت: يا سلام. انت تقول أجمل كلام. الغرام نقيض التكنولوجيا، وجميل الوارد ذكره آنفاً يقول: مضى لي زمان لو أُخيّر بينه وبين حياتي خالداً ابد الدهر لقلت ذروني مع بثينة ساعة على غفلة الواشين ثم اقطعوا عمري طبعاً، لن يخيّر الشاعر ولن يُقطع عمره، ولكنه كلام جميل هو ما تحب ان تسمع بثينة في صحراء العرب، وبيغي في بيوريا من اعمال ولاية الينوي. ونلاحظ هنا ان جميلاً كان يقول اعذب الشعر، وهو لا يطلب من حبيبته شيئاً، فهواه عذري. اما اليوم فالعاشق يريد كل شيء، ولا يعرف كيف يمهّد الطريق بكلمة حلوة. القبلة هي مفتاح كل شيء، وبما انني نذرت نفسي لخدمة القارئ فإنني اعرض عليه ما جمعت من معلومات على طريق غرام معبّدة بالفشل. هناك واحدة اذا قبّلتها تصرخ، واخرى تبكي، وثالثة تقاوم، ورابعة تطلب الشرطة. ولكن اسوأ واحدة تلك التي تضحك. وطبعاً فالرجل يطلب قبلة واحدة، لانه اذا حصل عليها فبقية القبل ستأتي من دون طلب. والمرأة في المقابل بحاجة الى خبرة كبيرة لتقبّل كمبتدئة. وأريد قبل ان اطوي موضوع القبل ان اشير الى شاب سأل شابة ماذا تفعل اذا حاول شاب بشع ان يقبّلها؟ وردّت: جرّب وسَتَرَ. مرة اخرى، اجمل ما في الغرام انه يلغي العقل، والمرأة تجد حبيبها واصابعه تعبث بشعرها، وتعتقد انه يداعبها مع انه ربما كان الامر انه لم يجد منشفة قرب المغسلة. وعندي من قصص الغرام او هوامشه: - الزوج لا تتحسن اخلاقه، وانما قدرته على الاحتيال على زوجته. - كانت كارثة. تزوجته عن حب، ثم اكتشفت ان ليس عنده اي فلوس. - اذا أردتِ الا يرى زوجك الغضون في وجهك، اكسري نظاراته. - أفضل طريقة لمنع الحمل ابقاء النور مفتوحاً في غرفة النوم. - سئلت امرأة: اي نوع من الرجال تفضّلين؟ وردّت باستغراب: هل هناك انواع؟ - شكت امرأة من انها على خلاف دائم مع زوجها الى درجة ان وزنها هبط 20 كيلوغراماً. وسئلت لماذا لا تتركه، فقالت انها بحاجة الى خسارة عشرة كيلوغرامات اخرى. وما سبق هو لتحذير القارئ فيدخل جنة الغرام على نور. فاذا فعل فأنا انصحه الا يحقق مع محبوبته، والا يضعها امام جهاز اكتشاف الكذب وانما يقول لها كلاماً جميلاً، وتبادله مثله، ويسعدان الى ان ترتفع الغشاوة عن عيونهما. واعود الى الشعر، فقيس بن الملوح جنّ كما نعرف، وهو جنّ الى درجة ان لم يعد يعرف كيف يصلّي فقال: أراني اذا صلّيت يممت نحوها بوجهي وان كان المصلى ورائيا قضاها لغيري وابتلاني بحبها فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا ما الفرق ان يبتلى بليلى او سلمى، طالما ان الموضوع بلوى؟ لا نحاسب مجنون ليلى على كلامه لان الاخ قيس تيس، او مجنون. اليوم لم يعد هناك غرام عذري الا بين زوج وزوجته، غير انني اترك القارئ مع قصة تجمع بين القديم والحديث، فقيس يقول نثراً: احبك يا ليلى، احبك كثيراً يا ليلى. وتقول: انت لا تحبني، ثم اسمي بثينة