أدت الوفاة المفاجئة لباركيس مانكسانا المتحدث الرسمي باسم رئيس جنوب افريقيا السابق نيلسون مانديلا والحالي تابو مبيكي، عن عمر يناهز 36 عاماً، الى تجديد الجدل الذي اثارته آراء الرئيس مبيكي في شأن مرض نقص المناعة المكتسب الايدز، وهي الآراء التي اقامت الدنيا ولم تقعدها عشية انعقاد المؤتمر الدولي الثالث عشر للايدز الذي استضافته جنوب افريقيا باعتبارها الدولة الاشد معاناة من هذا المرض وما يتصل به من اعراض وأمراض. برز مانكسانا قيادياً في التنظيم الشبابي التابع لحزب المؤتمر الوطني الافريقي الذي قاد الحرب الشرسة ضد الفصل العنصري. وتولى رئاسة تنظيم الشباب قبل ان يختاره مانديلا متحدثاً باسمه طوال سنوات فترته الرئاسية. وبقي مهموماً على مدى سنوات بمحاولة بناء مؤسسات اقتصادية تقي شباب البلاد العوز والبطالة. ولهذا حرص على السعي الى استقطاب الاستثمارات العربية الى جنوب افريقيا. وكان يحلم بعد انتهاء رئاسة مانديلا بالتفرغ لأحلامه الاقتصادية الشبابية، وبدأ يفكر بتأسيس "مركز نيلسون مانديلا للسلام" في جامعة فورت هير التي تخرج فيها مانديلا، وكان مانكسانا نفسه احد طلبتها، وإن لم تتح له ظروف النضال ضد السلطة العنصرية آنذاك إكمال دراسته هناك. غير ان حزب المؤتمر الوطني الافريقي كلفه بالبقاء في منصبه ليكون متحدثاً رسمياً باسم الرئيس الجديد مبيكي. ونعاه مانديلا الذي أبلغ بوفاته اثناء زيارة كان يقوم بها ليوغندا، وأعرب عن أسفه لأنه لن يكون بمستطاعه رؤية المتحدث باسمه مرة اخرى. وقال الرئيس مبيكي ان وفاة المتحدث الرئاسي تعتبر خسارة كبيرة. وعلى رغم عمله في المجمع الرئاسي، واتصاله المباشر برئيسي البلاد السابق والحالي، فإن مانكسانا لم ينتقل الى المجمعات السكنية الحكومية المخصصة لكبار موظفي الدولة. وآثر البقاء في مسكنه الشعبي المتواضع في بريتوريا. وكثيراً ما كان مانديلا يتصل به خارج ساعات الدوام. وكان مانكسانا شديد الاعتزاز بالزيارة التي قام بها ولي عهد السعودية الأمير عبد الله بن عبد العزيز لجنوب افريقيا قبل نهاية رئاسة مانديلاً، معلقاً أملاً كبيراً على الاستثمارات العربية التي يمكن ان تعين البلاد على تحسين اوضاعها الاقتصادية بعدما آلت الامور الى الافارقة. وتعرض مانكسانا لحملة صحافية قبل وفاته في شأن طفلة غير شرعية نسبت اليه. وكان المرض قد احكم الخناق عليه، فانزوى في مسقط رأسه مدينة لندن ولاية شرق الكاب عسى ان يستعيد عافيته. واختار الرئيس مبيكي نظيم معاطي نائب مانكسانا متحدثاً باسم الرئاسة مكلفاً كتابة خطابات الرئيس. وشارك عشرات الآلاف في تشييع مانكسانا وحولوا التشييع تظاهرة صاخبة في شأن سياسات الحكومة تجاه الايدز، فيما اعتبر انتقاداً شعبياً قاسياً لموقف الرئيس مبيكي الذي يرى ان الايدز ليس سبب الوفيات المطردة بين السكان.