ادى تحسن الرعاية الصحية في الوطن العربي الى زيادة قيمة فاتورة الدواء اكثر من سبع مرات خلال ربع قرن، من 785 مليون دولار في 1975 الى ستة مليارات في 1999، وفي الوقت ذاته تطورت الصناعة العربية للدواء بشكل كبير مما لفت الشركات العالمية التي دخلت في مشاركة مع مستثمرين عرب في انتاج بعض المصانع، على اعتبار ان هذا القطاع "فرصة استثمارية" نظراً لأرباحه الكبيرة، ولكن المشكلة التي تعاني منها هذه الصناعة تكمن في تحديات "العولمة" ومنافسة الشركات العالمية. وحذر رئيس الاتحاد العربي لمنتجي الادوية والمستلزمات الطبية نزار جردانه من المخاطر التي ستواجهها الصناعات العربية في ظل النظام الاقتصادي العالمي الجديد، واكد "ان الصناعات الدوائية باوضاعها الراهنة لا تستطيع المنافسة والبقاء". ولمواجهة هذه المخاطر وانقاذ الصناعات الدوائية العربية، دعا جردانه الى سلوك طريقين: اتخاذ اجراءات ومواقف من قبل حكومات الدول العربية لإقامة سوق دوائية عربية مشتركة تكفل لهذه الصناعات سوقاً وطنية مجدية، لأن الاسواق القطرية حالياً صغيرة وغير مجدية ولا يمكن تطويرها بالإمكانيات المحلية. وكذلك اتخاذ اجراءات مصيرية وجريئة من قبل الصناعات الدوائية نفسها لمواجهة المخاطر والتحديات، وذلك عن طريق الاندماج الذي يهدف الى خلق صناعة دوائية ذات وزن عالمي قادرة على المنافسة من حيث الجودة والسعر، والتطور والابداع، ومؤهلة للتعاون مع الشركات العالمية والدخول معها في تحالفات استراتيجية مفيدة للطرفين. اما البلدان العربية فقد بلغ متوسط استهلاك الفرد فيها نحو 21 دولار سنوياً. واذا كانت فاتورة الدواء تصل الى ستة مليارات دولار، فإن نسبة 45.8 في المئة منها ما يعادل 2750 مليون دولار هي ادوية منتجة في الوطن العربي، في مقابل 54.2 في المئة ادوية مستوردة من الاسواق العالمية. ويبلغ عدد مصانع الادوية العاملة في البلدان العربية 219 مصنعاً يزيد حجم استثماراتها على ملياري دولار. ولوحظ انه مع تطور فاتورة الاستهلاك تركزت الاستثمارات خلال العقدين الماضيين على انشاء مصانع للادوية لسد متطلبات الحاجة الاستهلاكية، وتصدير كميات متاحة الى الاسواق الخارجية، وقد ساهم في تحقيق هذا الهدف دخول استثمارات اجنبية. وفي السعودية، توجد شركات عدة لصناعة الادوية، منها شركة "غلاكسو العربية السعودية المحدودة" وهي جزء من احدى اكبر شركات تصنيع الادوية في العالم، وقد بدأت اخيراً انتاج الادوية في مصنعها الخاص في مدينة جدة، ويعتبر اول وحدة انتاج دوائية تؤسسها شركة متعددة الجنسيات في السعودية. وتأسست "غلاكسو العربية السعودية" في اطار برنامج التوازن الاقتصادي اليمامة بين السعودية وبريطانيا الذي يهدف الى تطور المشاريع الاقتصادية والتجارية المشتركة بين البلدين. وتنتج الشركة في هذا المصنع الادوية المبتكرة والمأمونة نفسها التي جعلت الشركة الأم احدى اكبر الشركات المصنعة للادوية في العالم. وتقوم قوة عاملة مدربة تدريباً عالياً بتشغيل الاجهزة ذات التقنية العالية. وقد وقعت الشركة اتفاق شراء تحصل بموجبه على 90 في المئة من اسهم "شركة آمون للصناعات الدوائية" قطاع خاص في مصر، في صفقة تصل قيمتها الى نحو 400 مليون جنيه مصري 120 مليون دولار بعد تقدم الشركة بعرض عام لشراء الاسهم المتبقية. ونتيجة لهذا تصبح شركة "غلاكسو ولكام مصر" الرائدة في سوق الدواء المصرية من دون منازع، اذ سيرتفع نصيبها من ستة الى نحو تسعة في المئة من اجمالي سوق الدواء في مصر. وتقدر قيمة سوق الدواء في مصر بنحو 3.5 مليار جنيه مصري سنويا 1.4 مليار دولار وتنمو بمعدل يزيد على 10 في المئة سنوياً، وتعتبر "غلاكسو ولكام مصر" احدى الشركات الرائدة في مجال صناعة المستحضرات الطبية في السوق المصرية. وتبلغ مبيعات الشركة سنوياً نحو 200 مليون جنيه مصري، تعادل ستة في المئة من اجمالي سوق الدواء قبل الاتفاق الجديد. ودخلت "غلاكسو ولكام" السوق المصرية للمرة الاولى تحت اسم "غلاكسو" في ايار مايو 1990 ثم باسم "غلاكسو مصر" في كانون الاول ديسمبر 1992، وتغير الاسم الى "غلاكسو ولكام مصر" في آب اغسطس 1996 عندما اندمجت "غلاكسو" مع شركة "ولكام". وتملك شركة "غلاكسو ولكام" الأم نحو 90 في المئة من اسهم "غلاكسو ولكام مصر"، والمساهمون الآخرون هم "بنك مصر الدولي" وبنك "باري با" و"شركة المهندس للتأمين". تعتبر مجموعة "جلفار" في الامارات من اهم الشركات لصناعة الادوية في منطقة الخليج العربي، وقد بدأت نشاطها بمصنع واحد في دولة الامارات، ثم تطورت اعمالها بامتلاك مصانع عدة منها: - المصنع رقم 1: أُنشئ في 1978 وبدأ الانتاج التجاري عام 1985 وقد تم تحديثه في جوانب عديدة من المباني والمعدات وجرى استكمال تحديثه ليواكب احدث المصانع العالمية، ومساحته الاجمالية حوالي 16 الف متر مربع وتكلفته الاصلية 110 ملايين درهم. - المصنع رقم 2: متخصص في انتاج المضادات الحيوية والحقن وأُنجز بالكامل من تصميم ومبان ومعدات وتجهيزات كهربائية وتكييف، بخبرات ادارة المصنع ووفق احدث النظم العالمية وحسب متطلبات ادارة الاغذية والادوية الاميركية، وتكلفته الاجمالية في حدود 76 مليون درهم، مساحته الاجمالية حوالي 10 آلاف متر مربع. - المصنع رقم 3: متخصص في انتاج المستحضرات الصيدلانية العامة مثل المطهرات وخلافه وهو مساحة اجمالية تبلغ 2.400 متر مربع وتكلفته الاجمالية في حدود خمسة ملايين درهم. وفي اميركا اللاتينية تمتلك "جلفار" مصنعاً على مساحة تبلغ 25 الف متر مربع ومباني على مساحة 6 آلاف متر مربع مع المعدات الجاهزة والذي يقوم بالانتاج والتسويق في دول اميركا الجنوبية وتبلغ تكلفته الاجمالية 34 مليون درهم