عودتنا "الوسط" نشر تحقيقات ومواضيع عن الأكراد وكردستان بين الفينة والأخرى، ولا شك في أن التحقيق المنشور في العدد 405 في 1/11/1999 "الأكراد ونفط كركوك: الفيتو الاقليمي" هو تحقيق آخر وليس الأخير، بذلك تؤدي "الوسط" رسالتها الصحافية على أفضل وجه. ونحن نقرأ التحقيق تراودنا أفكار واثقون ان صفحات "الوسط" تتسع لها كما حدث في السابق. فهناك نقاط لا بد من الوقوف عندها، أولاها من دون شك مسألة كركوك. كركوك مدينة كردية بأرضها وناسها، كما تدل على ذلك كل الشواهد التاريخية، والأكراد ضحوا من أجل كركوك بالغالي والنفيس ليس بسبب نفط كركوك، كما يعتقد البعض، وهنا لا ننكر أو نقلل من أهمية النفط في الاقتصاد الوطني لأي بلد، بل لأن لكركوك مكانة خاصة لدى الأكراد، فأي كردي لا يمكن ان يتصور كردستان من دون كركوك، وكما قال القائد التاريخي مصطفى بارزاني: "كركوك قلب كردستان"، ولذلك اندفع البشمركة الكرد أثناء انتفاضة 1991 نحو كركوك وحرروها ... حيث ظلت كركوك محررة لمدة 10 أيام، وإلى أن سمح الأميركان للعراق باستخدام طائراته ضد الأكراد. وكما هو معروف، فإن بارزاني رفض المساومة على كركوك اثناء مفاوضات الحكم الذاتي في سنة 1970، إلا أن الحكومة العراقية مارست ولا تزال حملة تعريب واسعة وذلك بترحيل آلاف العوائل الكردية من كركوك وأطرافها وإسكان العرب الذين استقدمتهم من جنوب البلاد بعد اغرائهم بامتيازات كثيرة، وبذلك اقترفت الحكومة العراقية خطأ قاتلاً آخر بحق الشعب العراقي وليس الكردي فقط، وأية حكومة عراقية قادمة لا تتجرأ على منع عودة مئات الألوف من الأكراد المهجرين إلى ديارهم وأراضيهم في كركوك. يبدو ان الكيل بمكيالين أصبح سمة العصر ويمارسه الكل وليس أميركا أو إسرائيل فقط، وإلا كيف نفسر تدخل الدول الاقليمية في موضوع كركوك، وهو شأن عراقي داخلي وهي لم تحرك ساكناً عندما ضُرب الأكراد بالأسلحة الكيماوية .... يأسف الكردي ويشعر بالأسى عندما يطلع على آراء أكراد قضوا معظم سني حياتهم في خدمة القضية الكردية ولكنهم اليوم وكأنهم يحاولون ان يهدموا ما ناضلوا من أجله كل هذه السنوات وحققوا جزءاً مهماً منه، فهل حقاً يقول السيد جبار فرمان إنه "كان بوسعه طرد الحزب الديموقراطي إلى ما وراء جبل وليس نهر قنديل لولا مساعدة تركيا"! من يطرد من؟ فالحزب الديموقراطي هو حزب الأكراد وحصل على الأقل على أصوات نصف الناخبين في كردستان العراق، هل بإمكان السيد جبار فرمان ان يطرد نصف الأكراد؟ ولمصلحة من هكذا تصريحات في هذا الوقت بالذات حيث المحاولات جارية على قدم وساق لإصلاح ذات البين وإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي في كردستان؟ كيف يمكن إعادة بناء الثقة ونحن بأشد الحاجة إليها بين الطرفين. لا يمكن لوم كريس كوتشيرا كاتب التحقيق، على ذهوله من تصريح السيد نوشيران مصطفى الذي يقول "لن تجرى الانتخابات أبداً ما لم يكن جلال طالباني قد ضمن الفوز فيها". شكراً للسيد نوشيران على المعلومات المفيدة، وبناء على ذلك فلا داعي لصرف الطاقات والجهود والأموال للاستعداد للانتخابات قبل أن نضمن فوز السيد جلال طالباني. لا شك أبداً في أن السيد طالباني يستحق الفوز في الانتخابات الكردية ولا بد من منحه الفرصة لتوظيف خبرته الطويلة في السياسة من أجل خدمة الشعب الكردي بشكل أفضل، إلا أنه علينا ان نذكّر البعض بأن التصريح للصحافة العالمية ليس كالحديث في مقاهي السليمانية. الدكتور جمال زه نكنة لندن