على رغم مضي شهر كامل على انطلاق المفاوضات السعودية - اليمنية على الحدود التي بدأت في الرياض في 22 كانون الثاني يناير الماضي وانتقلت يوم السبت الماضي الى جدة لمواصلة العمل فيها بعد انتقال خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ومعظم الوزراء والمسؤولين الى منطقة مكةالمكرمة، كما تجري العادة في منتصف شهر رمضان من كل عام. على رغم مضي كل هذا الوقت إلا أن المفاوضات حققت كما يرى اعضاء الوفد اليمني تقدماً كبيراً والا "كانت ستنتهي بالفشل منذ أول جلسة وما كانت ستتواصل لولا وجود تقدم" حسب مصدر سياسي رفيع المستوى. إلا أن المفاوضات لا تتركز فقط على المسألة الحدودية، فهناك ملفات سياسية مهمة لا تهدف فقط الى تطبيع العلاقات بين البلدين وانما الى تأسيس علاقات متينة ودائمة وهذا ما يسعى الطرفان الى صياغته في مذكرة تفاهم مشتركة يعتقد المراقبون بأنها ستصدر في نهاية المفاوضات. ولمعرفة آخر التطورات حول مسار الاجتماعات وأثناء استعداد الوفد اليمني المفاوض للانتقال الى جدة التقت "الوسط" السيد عبدالقادر باجمال نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتنمية اليمني وأبرز المفاوضين في الوفد اليمني الذي يرأسه الشيخ عبدالله الأحمر. بعد انقضاء شهر كامل على بدء المفاوضات السعودية - اليمنية ما هي نقاط الاتفاق التي تم التوصل اليها؟ - بصورة عامة فإن أهم نقطة اتفاق ذات اطار أشمل هي الرغبة الصادقة التي أيدها الطرفان في البحث عن حلول لكل القضايا العالقة بين البلدين، اما بالنسبة الى التفاصيل فانني لا أحبذ التحدث عنها وأعتقد بأن طرفي التفاوض سيكونان قادرين على تجاوز كل الصعوبات. وهذا ما نسعى اليه جميعاً، ونحن كلنا متفقون على مواصلة اللقاءات ومناقشة كل المسائل للوصول الى الهدف الأساسي الذي يتمثل في حل هذه القضايا بشكل ودي وسلمي بما يحافظ على الأمن والاستقرار في المنطقة خصوصاً ان أجيالنا الحالية والسابقة عانت من الكثير من المشكلات التي واجهتها في السابق ولذلك نحن نريد الوصول الى ترسيخ نوع من الاستقرار الدائم. سبق ان أعلنتم عن الوصول الى اتفاق في نحو 75 في المئة من مواضيع التفاوض، فهل لنا ان نتعرف على بعض منها؟ - اتفقنا كقاعدة عامة على أن تكون معاهدة الطائف لعام 1934 هي أساس عملية التفاوض وهي قاعدة انطلاق ومحور أساسي لكل حواراتنا ومناقشاتنا، ولكن القضايا التي لا تزال موضع بحث ولا أقول انها موضع خلاف كبير هي تلك التي تتعلق بموضوع التحكيم. وماذا عن المواضيع الأخرى التي لا تزال تخضع للبحث؟ - هناك مواضيع تتعلق بجوانب اجرائية تعتمد في مجملها على تعدد التفسيرات، كأن يكون لدينا تفسير ولدى الاخوة السعوديين تفسير آخر في ما يتعلق ببعض خطوط الامتداد الحدودية، فهناك من يرى أنها خطوط معينة ومحددة من قبل، وهناك من يعتقد بأنها لم تعين بعد وانه عندما بدأ العمل على تعيينها عام 1936 جُمد بسبب الخلاف الذي نشأ في ذلك الوقت، وفي تقارير الطائف وملحقاتها المنشورة في معظم الكتب التي تناولت العلاقات السعودية - اليمنية ما يفيد بأنه تم البدء في تعيين بعض هذه الخطوط على قاعدة ما يسمى "الأسس والمبادئ" التي وضعت لتعيين هذا الخط أو ذاك وما يقوم به طرفا التفاوض الآن هو دراسة وفحص طبيعة تلك المعالجة التي أقرتها معاهدة الطائف أو ملحقاتها. وفي تقديري ان القضية ليست قضية تمسك بحرفية الكلمات بصورة مفرطة في تقديس النص، ولكن المشكل الأهم هو تحديد ما يمكن أن يطبق منها على الواقع خصوصاً انه مضى 60 سنة على هذا الموضوع. بالرجوع الى الرأي الذي يقول بأن هذه الخطوط الحدودية عينت، فمتى وكيف؟ - بعض هذه الخطوط تم فعلاً تعيينه في وقت سابق ولكن بعضها لم يعين وإن وضعت أسسا وقواعد لطريقة تعيينها. وعندما بدأت الأطراف تطبيق الأساس أو القاعدة الأولى منها على بعض الخطوط لتعيينها عام 1936 اختلفت وجهات النظر وتمت احالة الموضوع الى الحكم الشرعي. ما هي بالتحديد المواقع الحدودية المتفق على تعيينها؟ - المواقع التي عينت هي تلك التي حددتها اتفاقية الطائف وهي التي تمتد من البحر الأحمر الى جبل الثار. ماذا عن المواقع التي لم تعين وفقاً للاتفاقية؟ - بالنسبة الى المواقع التي لم تحدد بصورة دقيقة وضعت لها مؤشرات ذات طابع قبلي أو اجتماعي وفي بعض الأحيان لم تكن الأرض هي الأساس بل كانت القبلية هي العامل المهم كما كانت توجد مواقع أخرى خالية من القبائل. ما هي مساحة المواقع التي لم تعيّن بعد؟ - لا استطيع الآن أن أحدد مساحتها لأنها متداخلة تداخلاً عجيباً ولكن خبراء الحدود قد يعرفون مساحة تلك الأراضي. هل كان هناك تدخل من القيادة السياسية في صنعاء لحثكم على مواصلة اللقاءات؟ - القيادة السياسية في اليمن تطالبنا دائماً بانجاز هذا العمل بجدية ومسؤولية كاملة لأن الموضوع أخذ كثيراً من الوقت والجهد وهو فعلاً يستحق ذلك لأنه موضوع كبير وغير عادي ويصل عمره الى 60 سنة، فمن الصعب ان يتصور الانسان الشروع في بحثه والانتهاء من انجازه خلال فترة بسيطة. تطالبون دائماً بالنظر الى الأرض والحدود اليمنية باعتبارها وحدة متكاملة، سواء في الجنوب أم الشمال، فماذا تم في هذا الموضوع؟ - نحن كوفد يمني مفاوض نرى ضرورة عدم عكس أي حالة كانت سابقة للوحدة أو تكريسها عند رسم الحدود مع السعودية، ونحن متمسكون بذلك لما يمثله بالنسبة الينا من أبعاد وطنية وسياسية واجتماعية. والاخوة في السعودية يدركون أبعاد هذه المسألة التي لم تكن غائبة عن أذهانهم، فالجميع يعلم ان الشعب خاض من أجل وحدة أراضيه الكثير من الحروب والمصادمات التي راح ضحيتها آلاف الشهداء، حتى انه أصبح جزءاً من الثقافة الوطنية للشعب اليمني. والحقيقة ان الجانب السعودي من المفاوضات لا ينكر ان هذه المسألة حساسة بالنسبة الينا ولذلك فإن المناقشات حولها لا زالت مستمرة. وعموماً نحن نرى انه طالما ان الحدود سترسم من البحر الأحمر شرقاً وحتى سلطنة عمان غرباً فلا يوجد مبرر للتعاطي مع منطقة من دون أخرى بكيفية معينة.