الرئيس الأميركي ينطلق في جولة آسيوية يلتقي خلالها شي جينبينغ    بسبب الهجوم الروسي.. وزيرة ألمانية تحتمي بملجأ في كييف    المملكة وفرنسا ترسخان التعاون الثقافي    نظامنا الغذائي يقتل الأرض... اللحوم الحمراء أساس أزمة المناخ    الرياض تستضيف الجولة الختامية من بطولة "لونجين العالمية" لقفز الحواجز    القبض على 3 يمنيين في جازان لتهريبهم (80) كجم "قات"    رفع الجاهزية الوطنية لحماية الموائل الطبيعية    تعادل القادسية والأخدود سلبيًا في دوري روشن للمحترفين    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الشباب وضمك في دوري روشن للمحترفين    هيئة البحرين للسياحة والمعارض تعلن تفاصيل موسم "أعياد البحرين 2025"    رصد مذنب «ليمون» في سماء القصيم    1371 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية    تصعيد متجدد على الحدود اللبنانية    العاصفة ميليسا تقترب من التحول إلى إعصار في الكاريبي    من الهلال إلى بنزيما: كم أنت كريم    أمير حائل يرعى حفل افتتاح ملتقى دراية    المسحل يلتقي بعثة الأخضر تحت (16) عامًا قبل المشاركة في بطولة غرب آسيا    رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    "تعليم جازان": تطبيق الدوام الشتوي في جميع المدارس بدءًا من يوم غدٍ الأحد    حرم سفير المملكة لدى فرنسا تقيم ندوة نسائية للتوعية بسرطان الثدي    ضبط 23 شخصا ساعدوا المخالفين    وفد غرفة جازان يزور شركة قوانغتشو يونكو للمعدات الذكية في الصين ويبحث توطين التصنيع الذكي في المملكة    ضبط مزرعة ماريجوانا بأحد المنازل في الكويت    «هيئة العناية بالحرمين» : 116 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الثاني    رئيس وزراء جمهورية الجبل الأسود يصل إلى الرياض    مقتل شخصين وإصابة 11 في إطلاق نار خلال حفلة بأمريكا    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي بن سعود الكبير آل سعود    ضبط 741 من الكدادة خلال أسبوع    تركي الفيصل يرعى مؤتمرًا دوليًا يناقش صحة الإنسان في الفضاء    116 مليار ريال مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي    مشاهير الإعلام الجديد وثقافة التفاهة    دوائر لمكافحة «الهياط الفاسد»    صفرنا الذي اخترعناه أم صفرنا الذي اخترناه    افتتاح النسخة الثالثة من مؤتمر جدة للصيدلة بمشاركة نخبة من الخبراء والممارسين    اتفاقيات وإطلاقات ملياريه في ملتقى "بيبان 2025"    الباحث السعودي د.الفريجي يفوز بالمركز الأول في جائزة الشارقة للأدب المكتبي    تجمع تبوك يصحح خطأً جراحيًا لمريض أجرى عملية تكميم خارج المملكة    احتفالية إعلامية مميزة لفريق "صدى جازان" وتكريم شركاء العطاء    «إرادة الدمام» يدشّن فعاليات اليوم العالمي للصحة النفسية بمشاركة واسعة في الخبر    جامعة الإمام عبدالرحمن توقع مذكرة تفاهم مع جمعية "اعتدال" لحفظ النعمة    دراسة: العمل في فترة النوبات الليلية قد يؤدي إلى الإصابة بالقولون العصبي    ثيو هيرنانديز سعيد بفوز الهلال في «كلاسيكو السعودية»    إيطاليا تحتكر نحو (70%) من إنتاج الاتحاد الأوروبي للمعكرونة    كونسيساو: ما حدث أمام الهلال لا يمكن تحمله    جمعية المانجو بجازان تؤكد دعمها للتنمية الزراعية المستدامة في ملتقى "جازان الخضراء"    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    آل الشيخ: معرفة أسماء الله الحسنى تزيد الإيمان وتملأ القلب طمأنينة    السديس: أمتنا أحوج ما تكون لهدايات القرآن في زمن الفتن    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان أهالي فرسان    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    الأمين العام للأمم المتحدة يأمل أن تلتزم بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    إسرائيل تحدد هوية رهينتين تسلمت جثتيهما    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مقابلة خاصة مع "الوسط" وزير الخارجية اليمني الأرياني يكشف قصة الاتفاق الحدودي مع عمان . " لقاء قمة بين الرئيس اليمني والسلطان قابوس قبل أو بعد توقيع اتفاق الحدود بين البلدين "
نشر في الحياة يوم 22 - 06 - 1992

كشف الدكتور عبد الكريم الأرياني وزير الخارجية اليمني، في مقابلة خاصة مع "الوسط"، ما يمكن اعتباره القصة المفصلة والدقيقة لاتفاق ترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان، وتطرق الى الجوانب المختلفة، الداخلية والإقليمية والدولية والتاريخية، لهذا الاتفاق.
ولم يستبعد الأرياني، في هذه المقابلة عقد لقاء قمة بين الرئيس اليمني علي عبد الله الصالح وسلطان عمان قابوس بن سعيد "قبل وبعد توقيع الاتفاق الحدودي بين البلدين".
ويشغل الأرياني منذ العام 1984، منصب وزير الخارجية في الجمهورية اليمنية، إلى جانب منصبه كنائب أول لرئيس الوزراء، في الشطر الشمالي من الوطن اليمني قبل إعلان الوحدة وهو ينتمي سياسيا إلى حزب "المؤتمر الشعبي العام"، المشارك في السلطة في صنعاء، كما أنه من القيادات السياسية المشاركة في "اللجنة الدائمة" لحزب المؤتمر، أي بمثابة المكتب السياسي في الحزب. واحتفظ الأرياني بمنصبه كوزير لخارجية الجمهورية اليمنية بعد اعلان الوحدة بين شطري البلاد في 22 أيار مايو 1990. ويلاحظ أن وزير الخارجية اليمني، على رغم صراحته، لا يناصبه أي فصيل سياسي يمني العداء. وهو من أبرز مخططي سياسة الجمهورية اليمنية، وقد أقام صلات طيبة مع الاتحاد السوفياتي سابقا والولايات المتحدة، حين تابع دراسته العليا، فنال دكتوراه دولة في البيولوجيا من جامعة "يال" المعروفة في العام 1968. منذ ذلك التاريخ عاد الأرياني إلى صنعاء وتقلب في مناصب رفيعة مختلفة انتهت بتسلمه وزارة الخارجية، التي تعتبر الأكثر دقة واختصاصا بين كل الوزارات اليمنية الأخرى. وفي ما يأتي نص المقابلة الخاصة مع الأرياني التي يكشف فيها الوزير اليمني تفاصيل مهمة عن الاتفاق الحدودي مع سلطنة عمان:
- يلاحظ أن مسؤولين يمنيين ومسؤولين عمانيين يواظبون على الالتقاء لبحث مسألة الحدود بين البلدين، منذ اتفاق المصالحة بينهما عام 1982. ومنذ مطلع تشرين الثاني نوفمبر الماضي لوحظ تكثيف تبادل الرسائل بين البلدين بصورة مغايرة للوتيرة السابقة، ما هي الاعتبارات التي أعطت الأولوية القصوى لملف ترسيم الحدود بين البلدين؟
- مسألة الحدود بالنسبة إلى الجمهورية اليمنية أخذت الأولوية في دولة الوحدة. وأعلن رئيس الوزراء اليمني حيدر أبو بكر العطاس، في أول بيان لحكومة الوحدة، عن استعداد صنعاء لإنهاء قضايا الحدود. وبالتالي لم يكن الاهتمام بمسألة الحدود اليمنية - العمانية حالة خاصة فحسب، إنما جزء من اهتمام شامل أولته دولة الوحدة اليمنية لقضايا الحدود. ولولا اندلاع أزمة الخليج عام 1990، لكانت مسألة الحدود مع عمان سويت في عام 1990، وعلى أكثر تقدير منتصف العام 1991. لم تكن قضية ترسيم الحدود مع سلطنة عمان قضية ذات أولوية على غيرها. والأمر الذي جعل موضوع الحدود مع سلطنة عمان يتخذ مسارا متسارعا، كما أشرت مطلع نوفمبر تشرين الثاني الماضي، هو رغبة الطرفين في تحقيق اتفاق على قضية الحدود، فعندما تتوفر الرغبة لدى الطرفين المعنيين، يصبح من السهل الوصول إلى حل لقضية الحدود.
- في هذا الإطار، تردد أن هناك نوعا من عدم التوافق بين الجانبين حول نقطة مركزية وهي معاهدة 1965 التي وقعتها سلطنة عمان مع سلطات الحماية البريطانية، خلال سيطرة قوات الحماية على محمية عدن الشرقية، أو محافظة المهرة اليمنية المتاخمة لسلطنة عمان. حيث ركزت تصريحات المسؤولين العمانيين في حينه على أن اتفاقية 1965 هي الأساس لأي تفاوض مع الجمهورية اليمنية. في حين امتنعت صنعاء عن اعتبار معاهدة 1965 أساسا للتفاوض، هل تغلب الاتفاق الذي توصلتم إليه مع سلطنة عمان على هذه العقدة؟
- التفاوض بيننا وبين عمان هدف إلى تجاوز هذه المشكلة. ما ذكرته عن الخلفية التاريخية لحدود 1965، ونحن لا نسميها اتفاقية 1965، صحيحة. الحدود التي نصت عليها خطوط 1965 عبارة عن اتفاق ثنائي بين سلطنة عمان وبين سلطات الحماية البريطانية التي كانت ملتزمة أمام سلطان محافظة المهرة، في ذلك الحين، بأن لا تبت مسألة الحدود بينه وبين جيرانه من دون علمه، وهذه الأمور تاريخية الصبغة. وبعد أن تمكنت القوات العمانية من إخماد ثورة ظفار، عام 1974، بقيادة جبهة تحرير عمان، يتحول تخطيط 1965 إلى ما يمكن وصفه بنمط الأمر الواقع بمعنى أن القوات العمانية تمركزت عنده، واعتبرته خط الأمر الواقع. ولكن درجة الاستعداد للتفاهم لدى الطرفين اليمني والعماني ألغت هذا التخطيط المتعرج وحولته إلى خط مستقيم.
- هل يمكن القول أن تكثيف الاتصالات وتبادل الرسائل بين صنعاء ومسقط، منذ مطلع تشرين الثاني نوفمبر الماضي، هدف إلى تجاوز هذه الإشكالية؟
- بالضبط
- بأي معنى تم تجاوز منطوق اتفاقية 1965؟
- تجاوزنا الاتفاقية بان تحولت الحدود المتعرجة إلى خط مستقيم يبدأ من المحيط الهندي عند رأس ضربة علي لينطلق بعدها نحو الصحراء. ويتوج هذا الخط بصورة محدودة جدا عند منطقة حبروت، وبنسبة لا تزيد عن 24 كلم2. وحبروت منطقة عمانية - يمنية، للعمانيين فيها مثلث لا تزيد مساحته عن 24 كلم2. خط 1965 المتعرج عندما يتحول إلى خط مستقيم تعود إلى الجمهورية اليمنية مساحة تزيد على 4 كلم2.
- هذه المساحة هل تعتقد أنها تفند الاتهامات التي وجهت إلى الحكومة اليمنية، عندما فتحت ملف الحدود مع سلطنة عمان الخريف الماضي، والتي ادعت أن اليمن تنازل لصالح عمان، في محافظة المهرة اليمنية، عن مساحة تبلغ 15 كلم2؟
- الطرف الذي انتقد الحكومة اليمنية كانت تدفعه عقدة الحق التاريخي، وهذا مطب يصعب الدفاع عنه، وشيء طبيعي أن يختلف الناس. لكن في النهاية الحكومة هي التي تعد الاتفاقات النهائية وليس الأرفاد. ميزة الاتفاق النهائي بين اليمن وعمان انه خرج من عقدة الأمر الواقع. والتزم الاتفاق النهائي مع مسقط خطا جديدا لم ترسمه بريطانيا. بريطانيا وضعت تخطيط 1965، وقبله تخطيط "هيكم بوثم" حاكم عدن في ذلك الوقت، الذي كان رسم خطا آخرا أواخر الخمسينات ومطلع الستينات، وكانت خطط "هيكم بوثم" الحدودية لصالح المحميات الشرقية سابقا، وعلى حساب سلطنة عمان، اكثر من منطوق اتفاقية 1965. واتفاقنا الخير مع سلطنة عمان تجاوز تخطيط 1965 الذي هو تعديل لخط "هيكم بوثم". وينص الاتفاق الأخير الذي تم التوافق عليه في اعتماد الخط المنطلق بصورة مستقيمة من رأس "خربة علي" على المحيط، إلى "جروت"، ومن جروت إلى الربع الخالي بصورة غير متعرجة.
ماذا قال بوش؟
- قبل الاتفاق الأخير بين اليمن وعمان تردد أن مسقط ربطت بين إحراز تقدم كبير في علاقاتها مع صنعاء وبين تحقيق إنجازات كبيرة على مستوى ترسيم الحدود بين البلدين. ما هي ميزات هذا الاتفاق الحدودي بين البلدين، وهل أبرزها بعث حيوية جديدة في العلاقات اليمنية - العمانية؟
- أبرز ميزات هذا الاتفاق تسليط الضوء على استعداد الطرفين للتفاهم، ثم قبول الطرفين فكرة عدم التمسك بما سمي حدود الأمر الواقع، وعدم الخوض في العقد التاريخية.
- تردد، نقلا عن مصادر ديبلوماسية غربية في صنعاء، ان اليمن قبل توصله إلى الاتفاق الأخير مع سلطنة عمان، تلقى مذكرة من الإدارة الأميركية. فماذا تضمنت هذه المذكرة الأميركية، وهل لعبت أي دور في حمل الجانبين، اليمني والعماني، على الإسراع في بت قضية الحدود؟
- لم تكن الجمهورية اليمنية الطرف الوحيد الذي تلقى نسخة من المذكرة الأميركية. والمذكرة لا علاقة لها بملف الحدود مع سلطنة عمان، وهي تعبر عن وجهة نظر إدارة الرئيس جورج بوش ومفادها: أن مشاكل الحدود لا يمكن حلها إلا بالطرق السلمية، وعبر الأخذ بواحد من الخيارات الأربعة: التحكيم أو التفاوض أو الوساطة أو المحاكمة في محكمة العدل الدولية. كما عبرت المذكرة الأميركية عن قلق الإدارة الأميركية من احتمال نشوب نزاع حول الحدود بما يمس أمن وسلامة مواطني الدول الأخرى.
- هل الخيار الذي أخذت به صنعاء ومسقط كان واحدا من الخيارات الأربعة التي أشارت إليها المذكرة الأميركية؟
- أخذنا بخيار التفاوض لنتجاوز منطوق اتفاقية 1965 ولتجاوز إشكاليات العقد التاريخية.
- من الناحية الموضوعية، إلى جانب الاعتبارات التي ذكرت، هل كان لديكم في اليمن قناعة واضحة بأن التطبيع الكلي للعلاقات بين عمان واليمن لا يمكن استكماله من دون إقفال ملف الحدود المشتركة؟ وما الأسباب الذاتية التي أسهمت في التوصل إلى الاتفاق النهائي مع سلطنة عمان؟
- أبناء محافظة المهرة الممتدة عبر أراضي البلدين يعانون من ظروف إنسانية صعبة للغاية. الأسر مقسمة على طرفي حدود الأمر الواقع. إذا رغب مواطن في محافظة المهرة اليمنية في زيارة أقاربه في الشق العماني من المحافظة، عليه أن يحصل أولا على تأشيرة دخول إلى سلطنة عمان. ثم يتحتم عليه أن يسافر بالطائرة من صنعاء إلى مسقط، ومنها ينطلق بالسيارة عبر البر إلى محافظة المهرة العمانية التي لا تبعد عن منزله في محافظة المهرة اليمينة سوى بضعة كيلومترات... إن عدم حسم مآسي الحدود يتحول إلى مسبب كبير للمآسي البشرية بين الناس. ومن هذا المنطلق فان الاتفاق الأخير مع سلطنة عمان يزيل العائق غير المنطقي الذي يمزق العلاقات الإنسانية بين الأهل والأقارب والأصدقاء. ويحقق الاتفاق الأخير أهداف المواطنين اليمنيين بالتواصل والتبادل الاقتصادي مع اخوتهم في سلطنة عمان. ولدى الأخوة في عمان فهم حضاري لمسألة الحدود، فهم يقولون لنا "لا نريد أن تتحول الحدود إلى أسوار بين الشعوب إنما إلى معابر تواصل". فالاتفاق الأخير يجعل الأمور واضحة، والحقوق ثابتة، ويضفي طابع الاستمرارية على الأمن والاستقرار على جانبي الحدود.
دروس حرب الخليج
- إلى جانب الأسباب الموضوعية والذاتية التي ذكرت، هل استفادت صنعاء من الدروس التي أسفرت عنها حرب الخليج الثانية الناتجة عن غزو واحتلال العراق للكويت؟
- بالطبع، أبرز دروس هذه الحرب هو استحالة تغيير الحدود القائمة بين الدول بالقوة. ونحن عارضنا هذا الأمر منذ البداية. ونحن نؤمن بأن التفاوض هو الأسلوب الأفضل لمعالجة الملفات الحدودية. وخيار التفاوض مع سلطنة عمان أدى إلى تجاوزنا منطوق تخطيط 1965.
- اجتمعت اللجنة الفنية المكلفة بترسيم الحدود بين اليمن وسلطنة عمان مرة واحدة عام 1983 في أبو ظبي. والآن بعد استكمال الاتفاق الجديد مع مسقط، هل سيتم تشكيل لجنة جديدة أم هناك جهة معنية، من الناحية الإجرائية، ستتولى تنفيذ الاتفاق؟
- من الناحية الإجرائية، هناك معالم رئيسية لا بد من تحقيقها. وعلى ضوء هذه المعالم ستتضمن الاتفاقية نقاطا أساسية يتم توقيعها مع ملاحق لها تتضمن حقوق المواطنين من الجانبين، في الانتقال والتنقل وتنظيم الأعمال الجمركية. ثم يلي ذلك الترسيم المفصل للحدود بعد أن يتم التصديق على الاتفاقية بمعالمها الأساسية. المرحلة الثانية الإجرائية التي ستلي التوقيع إلى الاتفاقية بصورتها الأساسية يمكن أن تقوم بها شركة مختصة.
- هل يفهم من كلامك أن المعالم الأساسية للاتفاق بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان صارت واضحة، وتم التوافق عليها؟
- نعم وضعت المواد الأساسية للاتفاقية على الورق ونريد أن نضعها على الطبيعة.
- هل هناك تاريخ تقريبي للتوقيع على الاتفاقية، وهل سيتم التوقيع خلال قمة ثنائية، كما تردد، بين الرئيس علي عبد الله صالح والسلطان قابوس بن سعيد؟ وهل يرتبط انعقاد القمة الثنائية باستكمال هذا الاتفاق؟
- أولا استكمال الاتفاق مرتبط بالانتهاء من مرحلة الصياغة، والتثبت منها من خلال معاينة نقاط محددة على الطبيعة والتأكد منها. المسألة لا تتطلب أكثر من أسابيع معدودة. لكن متى توقع الاتفاقية؟ وهل ستوقع على مستوى قمة ثنائية بين رئيسي البلدين؟ هذه مواضيع ستبحث لاحقا بعد استكمال الأعمال التنفيذية. ويمكن أن تنعقد القمة بين الرئيس علي عبد الله صالح والسلطان قابوس بن سعيد، بعد توقيع الاتفاق الحدودي، أو قبله. المسألة غير مشروطة، ولا علاقة للقمة بالاتفاق.
- هل تعتقد أن اتفاقية ترسيم الحدود بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان ستؤدي إلى إيجاد ظروف موضوعية تفتح صفحة جديدة على المستوى الإقليمي؟
- الاتفاقية بيننا وبين سلطنة عمان هي فاتحة خير وتستطيع الجمهورية اليمنية وأي جار لها الانطلاق، على السوية نفسها، لإقفال ملف حدودهما المشتركة. التفاوض مع سلطنة عمان بدأ العام 1982 ثم توقف عام 1984 وتم استئنافه في 1987. واستغرق إنجاز الاتفاق مع مسقط قرابة عقد من الزمن. لقد بدأت المفاوضات بيننا وبين عمان بادعاءات خيالية. وكموقف تفاوضي منطقي، اتفق الطرفان على أن يقول كل طرف ما عنده، ثم نبدأ البحث عن شرعية وقانونية مطالب كلا الطرفين. واستمر الطرفان يلتقيان ويفترقان, واستمر التفاهم الموضوعي الواقعي، وتحاشي الدخول في إشكالية المحاكمة محكمة العدل الدولية واستعمال العنف.
التغلب على عقد التاريخ
- ما المستجدات التي مكنت صنعاء ومسقط من تجاوز "ادعاءاتهما الخيالية"، كما تقول، وأسهمت في إنضاج الموقف التفاوضي؟
- الوحدة اليمنية ولدت ثقة مشتركة بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان. وهي ثقة كبيرة ومتنامية، وأكبر بكثير من الثقة التي كانت قائمة بين مسقط وما كان يعرف، سابقا قبل الوحدة، بالشطر الجنوبي من الوطن اليمني. الوحدة اليمنية زادت ثقة الجانب العماني وتفاؤله بمستقبل أي اتفاق يعقده مع الجمهورية اليمنية إذ تأكدت مسقط أن الجانب اليمني صار اكثر جدية وإصرارا في سعيه إلى إقامة علاقات متوازنة معها، ومع كل دول الجوار. وتعرفين أن الظروف التاريخية التي رافقت نشأة الشطر الجنوبي، بعد استقلاله، والتوجهات السياسية لأخوتنا في جنوب الوطن، حولت السجل الماضي للعلاقات، بين سلطنة عمان وما كان يعرف بالشطر الجنوبي، إلى صفحات مغمسة بالدماء. واستمر هذا التاريخ الدامي يجر ذيوله على رغم تطبيع العلاقات بين البلدين عام 1982. وظلت عناصر عدم الثقة قائمة باستمرار بين الجانبين. الوحدة اليمنية هيأت الظروف الموضوعية التي أقنعت أخوتنا في مسقط بأن المرحلة الجديدة التي دخلتها الجمهورية اليمنية تمكنها من التعامل بسوية جديدة مع كل جيرانها من دون النظر إلى مخلفات الماضي.
- قلت أخيرا في تصريحات صحافية أن الاتفاق مع سلطنة عمان استكمل، وليقل الآخرون ما يرغبون في قوله عن هذا الاتفاق: تنازل، تهاون... ما هي حيثيات هذه التصريحات، وهل تنازل اليمن، في الاتفاق الأخير مع سلطنة عمان، عن مطالب محددة أشرت إليها آنفا بقولك أنها "خيالية"، على سبيل المثال مطالب يمنية محددة في بعض الأراضي العمانية منها جزيرة كورياموريا وجزء من محافظة المهرة بين البلدين؟
- ما تسأالين عنه من تصريحات قيل أنها منسوبة إلى كانت ردا على سؤال وجه الي في مؤتمر صحافي عقد هنا في صنعاء منذ أشهر. سألني صحافي يمني "متى ستوقعون على الاتفاقية مع عمان والتي تتنازلون بموجبها عن أراض يمنية لصالح عمان؟".
- ما الذي تقصده بالضبط حين قلت منذ قليل، "أن كلا الطرفين كانت له مطالب خيالية". ما حيثيات هذا القول؟
- الطرفان اليمني والعماني، كانت لهم مطالب بعيدة عن الواقع، وخصوصا في إطار الشرعية التاريخية والنواحي الأقرب إلى الحق القانوني. مع هذا استطعنا الخروج من هذه العقد التاريخية. على سبيل المثال، تاريخيا ظفار منطقة يمنية. ولغاية ما قبل 300 سنة، كان حاكم ظفار يعين في صنعاء. تاريخيا قبائل الأزد العمانية يمنية جاءت من منطقة مأرب، وغالبية سكان عمان من الأزد. المطالب التي ساقها الطرفان، اليمني والعماني، كانت مبنية على حيثيات تاريخية قديمة. والشيء الطبيعي أني حين أفاوض لا بد أن أستند إلى بعض الحيثيات حتى ولو كانت تعود إلى فترة زمنية ماضية. ومن الطبيعي أن يكون لدى اليمنيين مطالب كبرى، ولدى العمانيين مطالب كبرى بالمقابل. ثم تأتي مرحلة إبراز الوثائق التاريخية، وتنطلق عملية التفاوض بهدف التغلب على عقد التاريخ وتغليب منطق التعايش والرغبة في تطبيق سياسة حسن الجوار.
- هل تعتقد أن الاتفاق بين الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان سيؤدي إلى خلق ظروف موضوعية تتيح فتح صفحة جديدة بين اليمن والدول الأخرى التي توترت العلاقات معها منذ أزمة غزو الكويت؟
- من المنطقي أن يكون اتفاق الترسيم مع سلطنة عمان مصدر اطمئنان وثقة للجميع. وهذا الاتفاق يثبت أن الجمهورية اليمنية ليست من الدول التي تتبع سبلا غير سوية لحل مشاكلها، كمبدأ. غير أني لا أستطيع التحدث نيابة عن الآخرين. وأدعو الله أن يكون هذا الاتفاق مدعاة طمأنة وثقة بين بلدان والبلدان الأخرى. وهناك وساطة تقوم بها سلطنة عمان بين بلدنا ودول مجلس التعاون. وهذا أمر قائم وجهد متواصل، وبطلب رسمي من صنعاء، وهو جهد مشكور بدأ منذ انتهاء أزمة الخليج الثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.