الذهب ينخفض مع تراجع الطلب واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة    تشافي يكشف دور لاعبي برشلونة في تغيير قراره بالرحيل عن الفريق    أمير المدينة يستقبل قنصلي قطر والأردن    المملكة وقبرص توقعان اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرة    نائب وزير الموارد البشرية للعمل يلتقي سفير أثيوبيا لدى المملكة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    الحوثي يقر باستهداف سفن أمريكية وإسرائيلية.. هيئة بريطانية: انفجار قرب سفينة قبالة عدن    النصر يفقد ثنائي الفريق أمام الخليج    وزير الدولة للبيئة والمناخ والاتصالات والنقل الإيرلندي يستقبل القائم بالأعمال بالنيابة في سفارة المملكة    «رؤية 2030»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.7%.. و457 مليار ريال إيرادات حكومية غير نفطية في 2023    بعد مقتل اثنين من موظفيها .. بلجيكا تستدعي السفيرة الإسرائيلية    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر السادس للبرلمان العربي    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    الأمير محمد بن ناصر يرعى حفل تخريج الدفعة 19 من طلبة جامعة جازان    مواقع التواصل تحتفي بمغادرة خادم الحرمين الشريفين المستشفى    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    "أدوبي" ترقي الفيديو بالذكاء الاصطناعي    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    هل تشتعل جبهة جنوب لبنان ؟    روسيا: زيارة بلينكن للصين تهدف لتمزيق العلاقات بين موسكو وبكين    الأخضر السعودي 18 عاماً يخسر من مالي    الإبراهيم: تشجيع الابتكار وتطوير رأس المال البشري يسرعان النمو الاقتصادي    الإبراهيم: إستراتيجياتنا تحدث نقلة اقتصادية هيكلية    فهد بن سلطان يتسلّم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحيّة    ميندي وهندي والنابت مهددون بالغياب عن الأهلي    أدوات الفكر في القرآن    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    الملك يغادر المستشفى بعد استكمال فحوصات روتينية    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    الأوبرا قنطرة إبداع    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    النفع الصوري    حياكة الذهب    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    زراعة 2130 شجرةً في طريق الملك فهد بالخبراء    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    جامعة جازان تحتفي بتخريج 9,597 خريجاً وخريجة    أمير حائل يرفع الشكر والامتنان للقيادة على منح متضرري «طابة» تعويضات السكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس مجلس الشورى السعودي ل "الوسط" : خيارنا ينبثق من تمسكنا بعقيدتنا ولا مجال للمزايدات الحزبية او المراوغات الانتخابية
نشر في الحياة يوم 16 - 01 - 1995

انقضت السنة الاولى من تجربة مجلس الشورى السعودي. وعبر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز عن ارتياحه لحصيلة اعمال المجلس داعياً الى المزيد من الانجازات. وفي هذا الحوار تسلط "الوسط" الضوء على عمل المجلس وتطلعاته.
أكد رئيس مجلس الشورى السعودي الشيخ محمد ابراهيم بن جبير اختلاف صيغ المشاركة الشعبية في السلطة من نظام الى نظام ومن فكر الى فكر. وذكر ان نظام الشورى وفقهها يختلفان عن الانظمة السياسية الاخرى المعاصرة التي اخذت بالنموذج الغربي كأحد النماذج التي تبدو اكثر ترشيحاً واستقطاباً لدى الدول المتأثرة بالنمط الغربي في "الحاكمية".
وقال الشيخ ابن جبير في حديث الى "الوسط" ان المملكة العربية السعودية عرفت الشورى منذ تأسيسها "ابتداء من سياسة الابواب المفتوحة وانتهاء بالنموذج الذي عرفناه في مجلس الشورى القديم"، وأكد ان قيام مجلس الشورى ومجالس المناطق بمنهجيتها وتنظيماتها الراهنة "وضع البلاد امام مستقبل جديد"، وأضاف ان نظام الشوري لا مجال فيه للمزايدات الحزبية او المراهنات السياسية المختلفة او المراوغات الانتخابية في وسائلها المكشوفة وغير المكشوفة. وقال ان ولي الامر في "فقه الشورى" وهو الذي يختار الاعضاء الذين تتحقق فيهم الصفات اللازمة. وهنا نص الحوار:
ما هي مهمات مجلس الشورى السعودي وواجباته؟
- المملكة العربية السعودية مرت بثلاث مراحل مهمة في تطورها هي: مرحلة التأسيس، ومرحلة البناء والانجاز، ثم اخيراً مرحلة التقعيد المؤسسي ولكن في اكمل صوره وأشكاله.
وهذه المرحلة الاخيرة هي المرحلة التي نعيشها اليوم. وقد عرفت المملكة الشورى منذ تأسيسها في انماط مختلفة، ابتداء من سياسة الابواب المفتوحة، وانتهاء بالنموذج الذي عرفناه في مجلس الشورى القديم وايجاد المجالس الاستشارية العليا لكل مرفق حكومي والمجالس البلدية والادارية ولكن ما حد مؤخراً، اي قيام مجلس الشورى الحالي بمنهجه وتنظيماته الراهنة وقيام مجالس المناطق وضعا البلاد، لا شك، امام مستقبل جديد وكان هذا الوقت هو الوقت الملائم لبدء تنفيذه.
ان مجلس الشورى من حيث الهدف العام، لا يختلف عن اي تنظيم آخر يرمي الى خدمة الصالح العام الحفاظ على وحدة الجماعة وكيان الدولة ومصالح الامة. واذا كان هناك اختلاف فهو انما يجيء في المنهج الآليات. تتميز تجربة الشورى عن غيرها في كونها مستمدة من عقيدة هذه الامة ومن تراثها، فالاسلام الذي هو دين هذه البلاد وضع للأمة مشروعها الخاص في ممارسة الشورى، وحدد اهدافه واقترح آلياته. فلم نزد نحن في المملكة على ان وضعنا التنظيمات الاجرائية المنفذة لأحكام الشريعة الاسلامية والتي من شأنها ان تقضي بهذا المشروع الى ما يحقق غاياته. يقول الله تعالى في محكم كتابه "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين" ويقول سبحانه "والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلوات وأمرهم شورهم بينهم ومما رزقناهم ينفقون" وطبق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا التوجيه الرباني فشاور اصحابه وحث الأمة على التشاور.
لقد عكف خادم الحرمين الشريفين شخصياً على مراحل تطور الفكرة وأشرف على تنفيذها فجمع حوله هذه النخبة من ذوي العلم والخبرة والاختصاص ليمدوه بالمشورة، وليساعدوه بالرأى، وهذه هي عادة قادتنا منذ ان توحدت بلادنا. وما الفرق الا في ان مجلس الشورى في شكله الجديد اخذ بالمنهج المؤسسي المعروف اكثر مما كان في الماضي. ولقد نص نظامه على ان له ان يبدي الرأي في ما يحليه اليه الملك مما له علاقة بالسياسات العامة للدولة ومناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وابداء الرأي حولها. وله كذلك دراسة الانظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات واقتراح ما يراه بشأنها. ان للمجلس ايضاً مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والاجهزة الحكومية الاخرى.
وهكذا ترى ان مجلس الشورى يساهم في كل النشاطات التي تمس مصالح الناس ومستقبل البلاد، وهذه مهام جسيمة نسأل الله تعالى ان يمدنا - انا وزملائي في المجلس - بالعون والتوفيق لنؤدي ما يتوجب علينا حيالها.
يتساءل البعض عن الضوابط او المعايير التي يتم بناء عليها تشكيل اللجان الرئيسية المتخصصة التابعة للمجلس؟ وما هي اسماء هذه اللجان؟
- تتكون اللجان المتخصصة في المجلس وفوق رغبة كل عضو، ووفق تخصصه، سواء كان هذا التخصص اكاديمياً او خبرة عملية في المجال نفسه. والمجلس هو الذي يشكل هذا اللجان، وهو الذي يختار رئيسها ونائبه. وله ان يعيد تشكيل هذه اللجان متى ما رأى ذلك، وله ايضاً ان يشكل لجاناً تناقش موضوعاً محدداً اذا تطلب الامر.
اما اللجان المتخصصة القائمة حالياً فهي: لجنة الشؤون الاسلامية، لجنة الشؤون الخارجية، لجنة الشؤون التعليمية والثقافية والاعلامية، لجنة الانظمة والادارة، لجنة الخدمات والمرافق الخاصة، لجنة الشوون الاقتصادية والمالية، لجنة الشؤون الصحية والاجتماعية، لجنة الشؤون الامنية.
ولعلمكم فانه في اثناء الدرة الحالية للمجلس تكونت لجان موقتة اخرى انتهت بمجرد فراغها من دراسة الموضوعات المحالة اليها.
واليوم نحن على ابواب الدورة الحالية للمجلس تكونت لجان موقتة اخرى انتهت بمجرد فراغها من دراسة الموضوعات المحالة اليها.
واليوم نحن على ابواب السنة الثانية للمجلس من دروته الأولى فمن المؤكد انه سيعاد تشكيل تلك اللجان المتخصصة، فالمجلس سينظر في امرها، فقد تبقى كما هي، وقد يطرأ عليها بعض التعديل، والامر متروك للمجلس ولا شك اننا افدنا فائدة كبيرة من تجربتنا في السنة الاولى من عمر المجلس، ونحن الآن بصدد تقويم ما اتخذه المجلس من اجراءات داخلية للابقاء على ما هو صالح ولتحسين ما هو اقل صلاحية. وهذا امر لا يقتصر على موضوع اللجان فقط بل سينعكس على التنظيمات والاجراءات والاداءات المختلفة الاخرى مما هو داخل ضمن صلاحيات المجلس نفسه او الهيئة العامة للمجلس.
تجربة العام الماضي
ما هي اهم المهمات التي كلف بها المجلس عند افتتاحه العام الماضي؟
- كان أول ما واجهنا عند افتتاح المجلس في العام الماضي بناء الهيكل التنظيمي والاداري للمجلس. فأنت تعلم ان انشاء مؤسسة بهذه المسؤوليات الضخمة كان يحتاج الى جهد والى وقت كبيرين كي نستكمل كل اللوازم وكل الاحتياجات سواء على المستوى النظري "اللوائح والتنظيمات والاجراءات" او على المستوى التطبيقي وأبرز ما يتبادر الى الذهن في هذا المجال تكوين الكوادر المؤهلة الواعية التي لا بد ان ترقى الى مستوى من الأداء المتميز الذي له ذلك الحجم من المسؤوليات. وقد استطاع المجلس، بفضل الله وتوفيقه، ان يضم اليه نخبة متميزة من الشباب السعودي في الادارة الوسطى والفنية وهذه النخبة هي التي تقوم الآن بالاعداد والتهيئة لجلسات المجلس، ولاجتماعات اللجان، ولتوفير كل ما يحتاجه الاعضاء، مما يساعدهم على تسيير اعمالهم وما يوكل اليهم من مسؤوليات.
اما بعد ان اتممنا هذه المرحلة الضرورية من عمر المجلس فقد فرغنا لدراسة ومناقشة كثير من الامور التي احيلت الينا من ولي الأمر الملك وهي كثيرة. وليس هنا مجال ذكرها وربما تأتي المناسبة المواتية للحديث عنها فيما بعد. هذا مع العالم ان قد اذيع على الناس في وسائل الاعلام المختلفة بعض ما استكملت اجراءاته ونال موافقة ولي الأمر.
ما هي أبرز توجيهات خادم الحرمين الشريفين في ما يتعلق بتفعيل ودعم دور المجلس لتحقيق أهدافه؟
- لقد هيأ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز كل ما نحتاجه من دعم مادي او معنوي كي يؤدي مجلسنا رسالته المنوطة به، وهو دائم التطلع الى سماع رأي المجلس في ما يحيله اليه من موضوعات. وهذا واحده كفيل بأن يحيله اليه من موضوعات. وهذا وحده كفيل بأن يجعل كل واحد من اعضاء المجلس يحس، بعمق شديد، عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ومن شأنه ايضاً ان يمدنا بالكثير من القوة والقدرة على تصور الأمور.
ان كل عضو في المجلس يشعر بهذا الاحساس من خلال توالي الموضوعات التي يحيلها ولي الامر الى المجلس، ومن خلال التجاوب الشديد الذي تجده مقترحات المجلس وآراؤه وأتذكر الآن كلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح الدورة الأولى للمجلس، وأتذكر كذلك حديثه الى اعضاء المجلس حين التقاهم في الديوان الملكي في قصر اليمامة بعد افتتاح المجلس. لقد ردد بأنه يعول على هذا المجلس في كثير من الامور التي تدخل ضمن اختصاصاته، هو يريد الرأي المنصف الموضوعي، ويريد المشورة الصادقة المخلصة، لأنه انما اختار هؤلاء الاعضاء لثقته في ما سيقدمونه له من رأي طيب، ومشورة نقية تراعي المصلحة، وحقوق الوطن، وتراقب الله عز وجل في ما تقول وفي ما تفعل. وقد دعا خادم الحرمين الشريفين اكثر من مرة الى الاسراع في انجاز ما يوكل الى المجلس من اعمال وهذا دليل حرصه على متابعة مصالح الأمة.
ماذا عن أبرز انجازات مجلس الشورى خلال الفترة الماضية التي اعقبت تسمية اعضائه؟
- قلت في اجابة على سؤال سابق بأن المجلس قد انجز العديد من الموضوعات الحيوية التي احيلت اليه. وقلت ان بعضها قد أذيع على الناس في وسائل الاعلام المختلفة وان البعض الآخر ينتظر ان تستكمل اجراءاته فهي لا بد ان يطلع عليها ولي الامر الحاكم، وان يوجه حيالها بما يراه قبل اذاعتها او اعلانها على الناس.
صيغة المشاركة
الى اي مدى يحقق مجلس الشورى صيغة المشاركة الشعبية في ادارة شؤون الدولة باعتبار ذلك احد اهم اهداف المجلس؟
- للمشاركة الشعبية صيغ تختلف من نظام الى نظام ومن فكر الى فكر. ونظام الشورى وفقهها يختلفان حتماً عن غيرهما مما هو متداول ومعروف في الساحات السياسية المعاصرة التي اخذت في الغالب نموذج التجربة الغربية كأحد النماذج التي تبدو اكثر ترشيحاً وأكثر استقطاباً لدى الدول المتأثرة بالنمط الغربي في "الحاكمية". واختلاف نظام الشورى وفقهها عما هو متداول يتحدد في كون الشوري محصورة في اهل الحل والعقد، وولي الأمر في فقه الشورى هو الموكل اليه اختيار من تتحقق فيهم هذه الصفات ويرى انهم أهل الابداء الرأي واسداء المشورة، فهو يختارهم من اهل العلم والخبرة والاختصاص، ولا مجال للمزايدات الحزبية او المراهنات السياسية المختلفة، او المخادعات والمراوغات الانتخابية في وسائلها المكشوفة وغير المكشوفة. ان ولي الأمر الذي أوكل اليه الشعب امره بموجب عقد البيعة الاسلامي هو المسؤول امام الله سبحانه وتعالى عن اختياراته وعن كل ما يفعله، وكل ما يتخذه من قرارات او اجراءات، وطاعته واجبة بقوة النص وعقد البيعة، يقول الله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا". وعليه فان اختياراته لمساعديه ورجال دولته المنظمين او التنفيذيين هي امانة في عنقه، وهو وحده المسؤول عنها امام الله عز وجل الذي جعل مقدرات الأمة امانة في عنقه.
نحن لا نعترض على تجارب الأمم الاخرى، فكل امة ادرى بمصالحها، وبما يحقق لها رخاءها وازدهارها، ولكننا في المملكة العربية السعودية أمة مؤمنمة لنا عقيدتنا التي لا نحيد عنها، ولنا ديننا الذي تعمر به قلوبنا، نحن ملتزمون بكل ما يمليه علينا، وما الذي نطمع فيه اكثر من مرضاة ربنا بتطبيق اوامره واجتناب نواهيه.
ولأننا امتثلنا لما أنزل من عند الله عز وجل جاء مجلسنا على النحو الذي تراه، تكاملاً وقوة، وما الذي يدرينا لو اننا فعلنا غير ذلك كيف سيكون المجلس الذي يشارك في ادارة مصالح الناس وشؤونهم؟ هل انت راض تمام الرضى عن كثير مما يحدث في دول اخرى او لدى شعوب اخرى؟
في رأيكم ما الذي يميز نظام الشورى في السعودية عن غيره من الدول التي تأخذ بمثل هذا النظام؟
- ألمحت في اجابات سابقة الى بعض ما تريد الوصول اليه في سؤالك هذا، ولكن لا مانع من التأكيد هنا على اننا في المملكة العربية السعودية قد اخذنا بنموذج المشروع الذي يطرحه الاسلام. وأظن اننا بهذا نطرح تجربة فريدة خاصة بنا وبإذن الله سوف تؤتي أكلها امناً ورخاء واستقراراً وحين تتأكد الشعوب الاخرى من فعالياتها وتميزها تكون قدوة تحتذي فيلحق بنا غيرنا والعبرة دائماً بالنتائج.
ماذا عن الضوابط والمواصفات المطلوبة التي يتم بناء عليها اختيار اعضاء المجلس؟
- هناك شروط عامة وأخرى خاصة تحكم اختيار العضو. فأما الشروط العامة فمنها ما نص عليها نظام المجلس وهي "العلم والخبرة والاختصاص" كي يكون الرأي او المشورة نابعة من مخزون فكري وعلمي قادر على التمييز بين ما هو صالح وما هو غير صالح. ويمكن ان نضيف شروطاً هامة أخرى، ابرزها الصدق والاخلاص ومخافة الله عز وجل، وهكذا يكون الرأي او المشورة متوفرة على ضرورا النقاء والنزاهة ومراعاة المصلحة العامة. اما في ما هو متعلق بالشروط الخاصة في اختيار اعضاء المجلس فهذه تعود الى تقديرات ولي الأمر الحاكم نفسه في من يرى انه مناسب الآن، ومن يرى انه مناسب بعد الآن ... اي في مرحلة مقبلة. وخادم الحرمين الشريفين قالها في اكثر من مناسبة: "لقد اخترت ولكنني في الواقع احترت"، اذ كان يجد، وفقه الله، بين ابناء شعبه المؤهلين المخلصين من ذوي العلم والخبرة والاختصاص الكثيرين ممن هم جديرون بأن يكونوا اعضاء في المجلس لكفاءتهم وصدقهم ولكنه اختار هؤلاء الموجودين الآن لهذه المرحلة، وسيختار غيرهم لمرحلة مقبلة ان شاء الله. وهذا امر يعود لتقديراته كولي للأمر وراع لشؤون المسلمين.
هموم أمنية واقتصادية واجتماعية
ما هي أبرز المواضيع المدرجة على جدول اعمال المجلس والتي سوف ينظر فيها خلال الايام والأسابيع المقبلة؟
- هناك موضوعات متعددة مطروحة للدراسة والنقاش في المجلس، وهي تتعلق بأمور مختلفة وذات صلة بحياة الناس في المملكة العربية السعودية فمنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو امني او اجتماعي او ثقافي او تعليمي، ولا معنى للحديث عنها الآن ما دامت في طور الدراسة والنقاش، وما دامت لم تستكمل الاجرادات النظامية اللازمة قبل مرحلة اذاعتها او اعلانها على الناس.
نود لو تفضلتم باعطاء خلفية تاريخية وافية عن أول مجلس شورى في السعودية؟ وكيف كان يعمل؟ وتاريخ تأسيسه؟ ونبذة عن المراحل والتطورات التي طرأت على مسيرة الشورى في المملكة العربية السعودية؟
- صدر امر ملكي بتشكيل أول مجلس للشورى في 9/1/1346ه في في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله مؤسس هذا الكيان وباني وحدته، ونظراً لبساطة الظروف المحيطة بحياة الناس وضعف الامكانيات المادية والعلمية في تلك الايام فقد كان عدد اعضاء المجلس في تلك المرحلة لا يتعدى ثمانية اشخاص. ثم زيد العدد في ما بعد الى ثلاثة عشر شخصاً وكان لهذا المجلس لجنتان فقط ثم اصبحت ثلاثاً بعد ذلك، ثم صدر مرسوم باعادة تشكيل المجلس عام 1382 ه وأصبح عدد اعضائه عشرين وكان من اهم المسؤوليات الموكلة اليه: المشاركة في وضع الانظمة، ومراجعة العقود ودراسة المشاريع والاميتازات. وقد قام المجلس المشار اليه بوضع عدد من الانظمة واللوائح للكثير من مرافق الدولة وباختصار فالتنمية الادارية والتنظيمية في ذلك الوقت قد انجزها مجلس الشورى القديم ولا تزال بعض الانظمة التي وضعها ذلك المجلس معمولاً به في المملكة حتى الآن ما يؤكد ان المملكة لم تشهد اي فراغ دستوري. اما بعد ان اصبحت المملكة على ما هي عليه اليوم من تطور مشهود ونهضة كبيرة، فقد تعددت النشاطات، وتعددت المصالح، وتعددت هموم التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فأصبح من الضرووي التجاوب مع كل هذه الامور، بإنشاء المجلس الحالي بصلاحياته الاكثر اتساعاً، وبرؤيته الأبعد مدى وبعدد اعضائه.
الى اي مدى يجسد مجلس الشوري عمق العلاقة بين الدين والدولة؟
- ليس للسعوديين من خيار اخر غير الاسلام، فهذه هي عقيدتهم، وهدا هو دينهم، وعليه تأسست دولتهم، وبه قامت وتمت وحدتهم. وعلى ارضهم أنزل الله الوحي، وفوق ترابهم أودع سبحانه مقدساته، ومن اروماتهم اختار عز وجل اخر رسله وخاتمهم، وعلى سواعد اجدادهم القدماء تمت الفتوحات الأولى حيث نشروا مشاعل الدين، وحيث ادوا الأمانة، وبلغوا الرسالة بتوفيق من الله.
ان هؤلاء السعوديين لا يقبلون بديلاً، مهما كان، لهذه المسؤولية الدينية والحضارية الضخمة التي شرفهم بها رب العزة والجلال. وهم يؤمنون تمام الايمان بأن فيها كل الخير، وان فيها صلاح الانسان دنيا واخرة. ولهذا فقد ظل قادة هذه البلاد اوفياء لهذا الواقع، مخلصين له، فلقد قامت سياساتهم دائماً على المجاهدة في سبيل اعلاء كلمة الله، والدفاع عن الحق، ودحض الباطل ورموزه وأدواته. وهم حين يريدون تطويراً او اصلاحاً لا بد ان يضعوه على محك الدين الذي هو شرع الله، فان لم يتعارض معه اخذوا به، وان عارضه او ناقضه او ناهضه نبذوه وبحثوا عن غيره، والشورى فكرة ونظاماَ هي مشروع أصيل في الاسلام فكيف يمكن لشعب على ذلك القدر من الايمان ان يثق في ما سواه؟ وكيف يمكن لدولة على ذلك المستوى من الالتزام ان تدعه من اجل اي شيء آخر غيره؟ ان المملكة العربية السعودية بناء على كل ما تقدم، تشعر ان مسؤوليتها التاريخية والحضارية، التي هي مسؤوليتها امام الله عز وجل هي ان تحمي شعائر الله، ولعل اخذها بالشورى الاسلامية واصرارها عليها يجسد، قولاً وعملاً، التزامها بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اي يجسد علاقتها كدولة بدين الله الحنيف كما اشير في سؤالكم.
اللقاءات الخليجية
ما هي اهم المواضيع التي تمخض عنها مؤتمر مجالس الشورى الخليجية؟
- لا شك اللقاءات بين المؤسسات والتنظيمات الخليجية المختلفة امر مهم وحيوي لا سيما في المرحلة الراهنة من مراحل تطور التعاون والتفاهم بين دول الخليج. وهي دون ادنى ريب، ستصب في النهاية في كل ما فيه مصلحة شعوب المنطقة اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً وأمنياً. ونحن نعتقد ان هذا الملتقى قد افضى الى ما كنا نتوخاه من اهدافه الخيرة اذ اكد على تعزيز وتوثيق واوصر التعاون والتنسيق بين المجالس في اطار الشريعة الاسلامية، كما اكد في الوقت ذاته على دعم ومؤازرة القرارات والجهود المخلصة لقادة دول المجلس والتي تهدف الى تحقيق مزيد من الانجازات والآمال والطموحات الهادفة الي خير واسعاد دول المجلس ومواطنيها على كل الاصعدة.
هل تتوقعون ان يكون لمجالس الشورى والبرلمانات العربية دور مستقبلي فعال في خدمة القضايا الاسلامية والعربية المشتركة؟
- من المفترض ان هذه المجالس والبرلمانات تمثل نخبة المجتمعات العربية، وهي بالتالي، او نتيجة لذلك تحمل همومها، وتعبر عن تطلعاتها، وتبلور طموحاتها. وهي انطلاقاً من هذا التصور لمسؤولياتها مكلفة بأن تعمل دائماً على كل ما من شأنه تحقيق مستقبل افضل، وكل ما من شأنه ان يخدم القضايا الاسلامية والعربية.
ما هو رأيكم في اتحاد البرلمانات العربية بصيغته الحالية؟
- أي تجمع او تنظيم يقوم على المحبة والاخلاص والاحترام المتبادل ويهدف الى الخير والصالح العام، هو تجمع او تنظيم مفيد، فمن خلاله يتم تلاحم الافكار، وصقل الآراء، وتبادل وجهات النظر فيما فيه المنفعة والاصلاح، ومن خلاله ايضاً يتم التفاهم والتنسيق والتعاون على البر والتقوى، وما يحقق المزيد من الرفاه والتقدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.