نار «الأصلية» أم هجير «التشاليح» ؟    492 ألف برميل نفط يومياً وفورات يومية    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    أمير جازان ونائبه يهنئان القيادة بما تحقق من إنجازات ومستهدفات رؤية المملكة 2030    60 مزارعا يتنافسون في مهرجان المانجو    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    "أوبرا زرقاء اليمامة" تبدأ عروضها بحضور عالمي    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    تحول تاريخي    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    العين يكشف النصر والهلال!    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    فلسطين دولة مستقلة    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    الفيحاء يتجاوز الطائي بهدف في دوري روشن    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    مقال «مقري عليه» !    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الرياض    الكشف عن مدة غياب سالم الدوسري    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    ريال مدريد في مواجهة صعبة أمام سوسيداد    مانشستر سيتي يضرب برايتون برباعية نظيفة    النواب اللبناني يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية    الهجوم على رفح يلوح في الأفق    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    «رؤية 2030»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.7%.. و457 مليار ريال إيرادات حكومية غير نفطية في 2023    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي    أدوات الفكر في القرآن    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    النفع الصوري    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصحاب الفضيلة العلماء والفقهاء يتحدثون عن دخول المرأة في عضوية مجلس الشورى:
الأمر الملكي موافق للكتاب والسنَّة ويعكس باعتزاز مكانة المرأة في الإسلام
نشر في الجزيرة يوم 15 - 01 - 2013

ثمَّن عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والفقهاء والدعاة القرار الملكي المتضمن تشكيل مجلس الشورى في دورته الجديدة وإدخال المرأة عضواً في المجلس.. وقالوا: إن الأمر الملكي الكريم حدد الضوابط الشرعية التي يجب الالتزام بها لتحقيق هذه العضوية بكل دقة ومسؤولية ومنها أن تلتزم المرأة العضو بضوابط الشريعة الإسلامية، دون أي إخلال بها البتة, وتتقيد بالحجاب الشرعي, وأن يخصص مكان لجلوس المرأة وكذلك بوابة خاصة بها، للدخول والخروج في قاعة المجلس الرئيسة، وكل ما يتصل بشؤونها بما يضمن الاستقلال التام عن الرجال. وأن يتم تخصيص أماكن للمرأة، تضمن الاستقلال التام عن الأماكن المخصصة للرجال بحيث تشتمل على مكاتب مخصصة لها. وللعاملات معها، وثمنوا التزام مجلس الشورى بتنفيذ هذا التوجيه الملكي بكل دقة ومسؤولية بما يضمن الاستقلال التام للمرأة في المجلس وببعدها عن مجال عمل الرجال.
وأكّد أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ حرص ولاة الأمر على كل ما فيه مصلحة الوطن والمواطن وأن قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - تأتي ملتزمة بالشريعة ونابعة من الكتاب والسنة، ومنها هذا القرار الصائب الذي أكد على هذه الضوابط الشرعية الدقيقة، وقدم أصحاب الفضيلة العلماء نماذج لاستشارة المرأة عبر التاريخ الإسلامي. وما يمكن أن تقدمه من رأي ومشورة يصب في مصلحة الدولة.
فقد أوضح معالي وزير العدل الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى بأن دخول المرأة في عضوية مجلس الشورى، وفق التراتيب والضمانات الشرعية التي قيّد بها الأمر الملكي الكريم أسلوب مشاركتها في المجلس تمثل رافداً مهماً للعمل الشوري في المملكة، وإضافة مُكَمِّلة لتنوع وتعدد خبراته واهتماماته، وذلك وصلاً لعملها السابق كمستشارة في المجلس حيث تم بموجب الأمر الكريم تطوير هذه المشاركة في مرحلتها الانتقالية إلى حق الإدلاء بصوتها ليتكامل مع منظومة الرأي المُسْتَطلع من قبل ولي الأمر - حفظه الله - أو المبادر به من قبل المجلس الموقر وفق أحكام نظامه.
مضيفاً معاليه بأن المرأة كانت حاضرة برأيها في المجتمع الإسلامي من عهد النبوة والخلافة الراشدة وما بعده، فقد أشارت برأيها - بصيانةٍ واستقلالٍ عن الرجال - في العديد من قضايا الأمة ونفع الله بها، وسجلت مشاهد السيرة النبوية العطرة أثر مشاركتها السديدة في جملة من الوقائع والنوازل، كما في مشورة أم سلمة رضي الله عنها التي أدلت بها للنبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، فكان رأيها السديد خيراً وبركة على الإسلام والمسلمين.
مبيناً معاليه بأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير من أكرم المرأة وأصغى لقولها وخيرُ من أنزلها منزلتها اللائقة بها لم يتجاهل رأيها ولا مطالبها المشروعة.
وتابع معالي وزير العدل قائلاً: سيكون للمرأة - بمشيئة الله - في الملتقى الشُّوْرِى بضماناته الشرعية المشار إليها فرصة مواتية لها ولمجتمعها من خلال الإدلاء بمرئياتها وتقديم مقترحاتها ومطالبها، وهو ما يعني إعطاءها حقها في سماع صوتها برعاية وحفاوة مؤسسية ارتقت بحضورها السابق إلى مستوى الإسهام بتصويتها وفق الآلية النظامية والمنظومة العصرية التي ندرك جميعاً مستوى تحديث آلياتها وأدواتها المُعِيْنَةِ لمشاركة المرأة وهي شقيقة الرجل في مجتمعها في الإطار المؤسسي المسموح به وفق الهَدْي الشرعي كما هو مقرر في استقلالها التام عن الرجال عند مباشرة مهامها الوظيفية.
وكما لم يمكن تغييب حقها في التعليم والترقي في درجاته ومستوياته الأكاديمية وتطبيقاته العملية والميدانية فإنه لا يمكن تبعاً لهذا تغييب علمها وخبرتها وحرمان مجتمعها مما أفاء الله عليها من العلم والرأي والعمل.
مكانة المرأة في مفاهيمنا الإسلامية
وأضاف الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى بأن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لم يكن متجاهلاً لحوار المرأة ونقاشها، فضلاً عن رأيها ومطالبها، ليعطي هذا الوطن الكريم بأفق رؤيته وخصوصية هويته صورة مشرقة للجميع تحكي باعتزازٍ مكانة المرأة في مفاهيمنا الإسلامية ورعايتنا الوطنية.
وختم معالي وزير العدل تصريحه بالدعاء للمولى جل وعلا بأن يجزي خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء على ما قدَّم ويقدم لوطنه ومواطنيه وأمته، وأن يجعله ناصيةَ خيرٍ على البلاد والعباد، في عمر مديد وعمل صالح متقبل مبرور.
بناء دولة إسلامية حديثة
فيما أشاد معالي رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ بالأمر الملكي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله-.
وقال معاليه: لقد سعدنا بالأمر الملكي الكريم وبما تضمنه من إشراك المواطنة السعودية في مجلس الشورى، لإبداء رأيها وعرض مشورتها، في الأنظمة والتقارير والمعاهدات والموضوعات التي تعرض على مجلس الشورى وفق اختصاصه.
ونؤمل إن شاء الله أن يكون في رأي عضوات مجلس الشورى - وهن بحمد الله قد جمعن بين الخبرة العملية في القطاعات الحكومية والتعليم الأكاديمي العالي-.. إعانة لولي الأمر ونوابه في اتخاذ القرار المناسب، من خلال الاستئناس بما يرد إلى مجلس الوزراء من توصيات مجلس الشورى والأخذ بما يعين على أداء الواجب والأمانة المناطة بولي الأمر حفظه الله.
ومضى معالي الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ يقول: إن قرار خادم الحرمين الشريفين مشاركة المواطنات السعوديات المعروفات بالعلم والمعرفة في عضوية مجلس الشورى.. يعد متمماً لمسيرة خادم الحرمين الخيِّرة لتأصيل العدل وتحقيقه، وبناء دولة إسلامية حديثة، متمسكة بدستورها الخالد المتمثّل في القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة.
القرار متوافق مع منهج المصطفى وخلفائه الراشدين
وأبان معاليه: أن القرار الملكي يأتي متوافقا مع منهج نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين من بعده باستثمار كل الطاقات والقدرات للرجل والمرأة في بناء مجتمع صالح سوي يحقق لأفراده الأمن والاستقرار والعدل والرحمة والرخاء والتطور في شتَّى المجالات.
وقال معالي الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ: ولا شك أن إشراك المرأة في الشورى للاستئناس برأيها أسوة بالرجل هو منهج يوافق الكتاب والسنَّة، وقد سبقنا في انتهاجه الرسول صلى الله وعليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده.
فأول امرأة في التاريخ الإسلامي حقق الله على يديها السكينة والاطمئنان لمحمد صلى الله وعليه وسلم عندما نزل عليه جبريل عليه السلام أول مرة فأصابه ما أصابه من الخوف والرهبة كان لأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها موقف رائع ورأي سديد موفق حينما أبدت مشورتها ورأيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذهابها معه إلى ورقة بن نوفل في قصته المعروفة للجميع.
وكذلك يستدل بحديث استشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية حينما انتهى من كتابة الصلح قال لأصحابه (قوموا فانحروا ثم احلقوا قال: فما والله قام منهم من رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقيه من الناس فقالت يا نبي الله أتحب ذلك؟ أخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً..) فهذا الحديث يدل دلالة صريحة على جواز استشارة النساء، وكما لا يخفى أنه عليه الصلاة والسلام أخذ برأي أم سلمة في هذه الحادثة رضي الله عنها في أمر ليس من أمور النساء.
وكذلك يستدل في هذا المقام على جواز استشارة النساء بفعل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، ومن ذلك استشارة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنته حفصة رضي الله عنها في شأن المدة التي تصبر فيها المرأة على سفر وفراق زوجها، وكذلك أخذ عمر رضي الله عنه برأي امرأة من قريش حينما اعترضت على اجتهاده رضي الله عنه في وضح حد أعلى لمهور النساء.
وكذلك يستأنس في هذا الصدد بما ذكره ابن سيرين - رحمه الله - حيث قال: كان عمر رضي الله عنه يستشير في الأمر حتى كان ليستشير المرأة فربما أبصر في قولها الشيء يستحسنه فيأخذه، وكذلك ما فعله عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه من استشارة الناس في أمر اختيار الخليفة بعد وفاة عمر رضي الله عنه، قال شيخ الإسلام ابن تيميه: بقي عبدالرحمن يشاور ثلاثة أيام وأنه شاور حتى العذارى في خدورهن.
الاستفادة من الرجال والنساء
وتابع معاليه: فهذه نماذج يسيرة مما سطر ودوِّن من وقائع وحقائق تدل دلالة واضحة صريحة على وجوب الاستفادة من آراء الرجال والنساء على السواء فيما يحقق المصلحة العامة ويعضِّدها ويشد من أزر ولي الأمر لمساعدته في اتخاذ القرارات المناسبة والنافعة، ولاشك أن من يستشار يجب أن يكون مؤتمناً، وظاهره السلامة، ومعروف بالصلاح والخير والتقى، وان يكون من أهل العلم والمعرفة والعقل والصدق والأمانة، وهذا ما يجب أن يكون عليه المستشار من حال حتى تطمئن الأمة إلى رأيه ومشورته.
وتمنى معاليه من الله العلي القدير أن يعين الأخوات المعينات في المجلس على أن يكن وجهاً مشرقاً ونموذجاً حياً للمرأة المسلمة الصالحة التي تؤدي عملها بإخلاص وصدق وأمانة جاعلة الله سبحانه وتعالى نصب عينيها في كل أمورها، وملتزمة بأوامره ونواهيه التي تحقق لها الرفعة والكرامة دنيا وآخرة، كما سأل معاليه الله سبحانه وتعالى أن يديم على بلادنا الغالية الأمن والاستقرار والرخاء وأن يدفع عنها شر الأشرار أعداء الإسلام والمسلمين.
واختتم معالي الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ تصريحه راجياً من الله العلي القدير أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح، وولي عهده الأمين وأن يجزيهما عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، كما سأل معاليه الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيمن تم اختيارهم أعضاء لمجلس الشورى رجالاً ونساءً الخير والصلاح وأن يوفقهم لإبداء الرأي الصائب الذي يصدر بعد رويَّة واستشعار بعظم المسؤولية التي كلفهم بها إمام الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز أيده الله.
رؤية القائد المبصر الحكيم
من جانب آخر أشاد معالي رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري الشيخ عبد العزيز بن محمد النصار بالأمرين الملكيين الكريمين اللذين أصدرهما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وهما تعديل نظام مجلس الشورى وإعادة تشكيل المجلس الذي حدد رئيساً و150 عضواً بما لا يقل عضوية المرأة عن 20 % من مجمل الأعضاء.
وأكد النصار أن رؤية خادم الحرمين الشريفين جاءت خلال افتتاحه لأعمال السنة الثالثة للدورة الخامسة للمجلس والمتضمن موافقته على مشاركة المرأة في عضوية مجلس الشورى وتأكيده -أيده الله- على دور المرأة في المجتمع، مبيناً أن رؤيته لدور المرأة هي رؤية القائد المبصر والحكيم مثمناً دورها العظيم في النهوض بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن من خلال أفكارها البناءة والمشاركة برأيها في مواجهة تحدِّيات العصر وذلك وفق القواعد الشرعية التي كفلها الإسلام لها.
وبيّن الشيخ عبد العزيز أن هذين الأمرين مستمدان من أحكام الشريعة الإسلامية، والتي تأسس عليها - بحمد الله - كيان هذا الوطن الغالي والتي تجيز شرعاً مشاركة المرأة عضواً في مجلس الشورى وفق الضوابط الشرعية.
وثمّن رئيس ديوان المظالم هذين الأمرين مبيناً أنه ينم عن مناصرته - أيده الله - لحقوق المرأة التي تشارك الرجل في شتَّى مجالاته وفق الكتاب والسنَّة المطهرة التي حفظت الحقوق للرجل والمرأة.
واختتم الشيخ عبد العزيز تصريحه مؤكداً أن هذه البلاد في عصر خادم الحرمين الشريفين استطاعت أن تنهض وتصل إلى مصاف الدول المتقدمة في كافة مجالات الحياة، سائلاً الله العلي القدير أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وأن يديم على هذه البلاد دينها وأمنها وسائر بلاد المسلمين.
القرار يحقق مصالح عديدة
وقال فضيلة أ. د. أحمد بن عبدالله السالم وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون الطالبات:
في البداية نتقدم بوافر الشكر لمقام خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على هذه القرارات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن ونتطلع ممن شملتهم هذه الثقة الكريمة إلى استثمارها لتتحقق الغاية التي تتغياها منها حكومتنا الرشيدة - أيدها الله - وعلى رأسها المليك المفدى وولي عهده الأمين. ولاشك أن مشاركة المرأة بما نسبته (20 بالمائة) يحقق مصالح عديدة منها ما يتعلق بالمجلس نفسه، حيث إن من القضايا والشؤون التي يناقشها مجلس الشورى ما يتعلق بالمرأة علميّاً وثقافياً واجتماعياً ما يجعل رأيها محل التقدير والاعتبار لأنه يأتي من صاحبة الشأن، علاوةً على أنّ من تم اختيارهن يستطعن أن يفدن - بحكم تميزهن - حتى فيما لا يتعلق بالمرأة من القضايا، فمنهن نخبة متمكنات في العلم والإدارة والثقافة والأدب، وقد ثبت ذلك بما لا يدع مجالاً للشك على مستوى مختلف الصعد بل زاحمن الرجال وتفوقن في أحيان كثيرة. وعليهنّ في هذه الدورة النوعية من دورات المجلس أن يكنّ عند حسن ظن ولاة الأمر وأن يثبتن أنهن محل الثقة - وهو ما سيظهر بالتأكيد - وأن يسهمن في رفعة الوطن الغالي، فهن نصف المجتمع ولهنّ الدور البارز فيه ومن يدري، فقد يقال: وراء كل رأيٍ حكيم امرأة. وبدوري أهنئ جميع الإخوة والأخوات، أعزّ الله بلادنا وولاة أمرنا وجنب الجميع كل سوءٍ ومكروه.
التزام المملكة بتطبيق الشريعة بوأها مكانة عالية
من جانب آخر أشاد معالي الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأمر الملكي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والمتضمن منح المواطنات السعوديات عضوية مجلس الشورى، وقال معاليه: إن مما منّ الله تعالى به على هذه البلاد المملكة العربية السعودية قيامها على الكتاب والسنَّة منهجاً وتحكيماً وتشريعاً وتنظيماً وتنظيماتها على المستويات كافة تصدر عن هذه المشكاة المباركة مما جعلها تتبوأ مكانة الصدارة في العالم الإسلامي.
ولا شك أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - لا يتوانى عن تحقيق كل ما يخدم المملكة العربية السعودية في أمر دينها ودنياها، ونحن على مشارف الدورة الجديدة لمجلس الشورى بتكوينه الجديد نتطلع إلى مزيد من الإنجاز الذي يوجد الحلول ويعالج كثيرًا من المسائل التنموية، بحيث يلامس هموم المواطن ويحقق تطلعات القيادة.
ضوابط الشريعة الإسلامية دون إخلال
ورأى معاليه أن في تأكيد الأمر الملكي على تمتع المرأة في عضويتها بمجلس الشورى بالحقوق الكاملة للعضوية والتزامها بالواجبات والمسؤوليات ومباشرة المهمات وبضوابط الشريعة الإسلامية دون أي إخلال بها البتة وتتقيد بالحجاب الشرعي... رأى معاليه أن كل ذلك يؤكد ما تتميز به المملكة من تطبيقها واحتفائها بالشريعة الإسلامية.
وفي هذا السياق كان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - بإشراك المرأة السعودية عضواً في مجلس الشورى، حيث نص أمره الملكي - حفظه الله - بأن يتم تنفيذ القرار وفق الضوابط الشرعية، وأن هذا القرار الحكيم كان بعد إجراء مشاورات عديدة مع جملة من علماء الشريعة في هيئة كبار العلماء وخارجها، وهذا نهج حكيم وطريقة مباركة عوَّدنا عليها ولاة أمر هذه البلاد من لدن الملك عبدالعزيز - رحمه الله وطيب الله ثراه - وإلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله -، الذي جعل القرآن الكريم دستوره والإسلام منهجه ونحن متطلعون إلى أن يكون لهذا القرار الكريم آثاره المباركة في رقي هذا الوطن ونمائه وازدهاره ولا غرو في ذلك فقد رفع الإسلام قدر المرأة وجعلها عضواً فاعلاً ومسهماً في المجتمع الإسلامي ونصوص الشريعة وشواهد التاريخ الإسلامي تؤكد ذلك بجلاء.
بناء الوطن والرقي به وفق قواعد الشريعة
وعن الأبعاد المتوقعة بعد انضمام المرأة للعمل في عضوية المجلس يشير فضيلة الشيخ الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ الأستاذ المشارك بالمعهد العالي للقضاء وأمين عام الجمعية الفقهية السعودية السابق والباحث المعروف إلى أن القيادة الحكيمة عودتنا بأننا كالجسد الواحد لا فرق بين الرجل والمرأة في بناء الوطن والرقي به وتنميته.
وأضاف: إنني على ثقة أن من تم تكليفه بعضوية مجلس الشورى من الرجال أو النساء قادرون بحول الله على صناعة وسن أنظمة تعود علينا في مملكتنا الحبيبة بالخير والرخاء.
نحمد الله تعالى أن من علينا بقيادة حكيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز الذي جعل القرآن الكريم منهاجه والسنَّة الشريفة طريقه وسبيله يقود البلاد والعباد لما فيه صلاحهم، ومصداق ذلك عمله حفظه الله بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُم ْشُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} يطبق منهج الشورى في اتخاذ القرار وفق ما أمر الله تعالى، ولم يغفل حفظه الله جانب المرأة في ذلك بل اشركها في صنع القرار، وما دخول المرأة السعودية في مجلس الشورى إلا خير شاهد على ذلك.
تحقيق المصالح ودفع المفاسد
ويقول فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور صالح بن غانم السدلان.. أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بالرياض والفقيه المعروف:
إن دخول المرأة لمجلس الشورى فيه مصلحة ورأي ولي الأمر أنه ينبغي أن تشارك المرأة في مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية وهذا يحقق المصلحة ويدفع المفسدة وهو كما ورد في الأمر مضبوط بضوابط شرعية، ففي هذا إن شاء الله خير ومصلحة.
وعن مشاركة المرأة في المشورة الفعلية عبر التاريخ الإسلامي قال فضيلة الشيخ:
- أولاً: قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}، وهذا خطاب عام يدخل فيه الرجال والنساء، فهو خطاب عام موجّه للرجال والنساء ولدينا من النماذج أم سلمة استشارها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية عندما أمر أصحابه أن يذبحوا الهدي ويحلقوا رؤوسهم فتأخروا عن تنفيذ الأمر لشدة اشتياقهم إلى مكة وأداء العمرة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف ذلك في وجهه، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها ورأت ما بوجهه فسألته عن الأمر فأخبرها صلى الله عليه وسلم فقالت: أرى أن تخرج بنفسك فتحلق وتنحر فسيتابعونك على ذلك فكان هذا هو الرأي الصواب حتى كادوا يقتتلون عند الحلق وامتثلوا أمر الله جلَّ وعلا وانشرح صدر رسول الله لفعلهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم شاور المرأة وأخذ رأيها.
وعن مشاورة النساء في الأمور العامة كالجهاد وما شابهه قال فضيلة الشيخ: يمكن ذلك إذا رأى الحاكم امرأة لديها من الحكمة والعقل والفطنة في المجال فيمكن مشورتها لعموم الآية، وزماننا زمن التخصصات وهناك نساء متخصصات في أمور دقيقة وإذا وجدنا من تتقن تخصصها فيمكن مشورتها ويمكن اتخاذها مستشاراً.
المرأة داخلة في عموم من يُستشار
وحول دخول المرأة عضوية مجلس الشورى قال فضيلة الشيخ: الاستشارة جائزة والمرأة داخلة في عموم من يُستشار، وهذا يعود إلى امر وليّ الأمر وإلى أمر سياسة الدولة وما تحدده، والأمر ما يراه ولي الأمر وقد حدد ذلك بضوابط الشرع في قراره الحكيم، والملك - جزاه الله خيراً - استشار العلماء في ذلك داخل هيئة كبار العلماء وخارجها وأخذ برأي العلماء، والمرأة والأمور النسائية التي تتعلَّق بالحمل والولادة أحياناً تحتاج إلى الرجل أكثر وأحياناً تحتاج إلى المرأة أكثر، والمرأة تُستشار في كل ما يمكن لها فيه معرفة ولا مشكلة في ذلك.
وحول كفاءة المرأة وقدرتها في ذلك الشأن قال فضيلة الشيخ: لدينا من الطالبات اللاتي درسناهن من إذا أوكل إليها العمل جاءت بأكثر مما هو مطلوب منها في العمل، وجاءت بفروع في الموضوع وجوانب عدة لم تخطر بالبال من قبل، فلديهن كفاءة وقدرة وإبداع وعطاء فلماذا لا يُستفاد منهن.
وأضاف الشيخ: الإبداع عند المرأة كالرجل إذا أحسنت المرأة أشياء أبدعت فيها، وهذا حسب المناقشات ووضع البحوث وإكمالها وكذلك الرجل، والنساء شقائق الرجال.
وصية للمرأة داخل المجلس
وعن وصية الشيخ للمرأة التي دخلت مجلس الشورى قال: وصيتي أن يمتثلن الأوامر التي بيِّنها خادم الحرمين الشريفين وأن تكون المرأة تحت ضوابط تنطلق من كتاب ربنا وسنّة نبينا صلى الله عليه وسلم.
وكنت اشتركت في مؤتمر في بنجلاديش قبل 25 سنة وسألونا: كيف نجحت التجربة في المملكة العربية السعودية في تخصيص أماكن للعمل للنساء دون الرجال كالمجال التعليمي؟ وقلت رأيي والمملكة بقيادتها الحكيمة تقدم نموذجاً رائعاً لمشاركة المرأة وعمل المرأة وفق ضوابط الشرع الحنيف، وخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أكد على الضوابط الشرعية في قراره فعندما سألوني في بنجلاديش بينت لهم أن بلدنا لم يخضع للاستعمار ولم تتعاقب عليه حكومات تفرض على الشعوب ما يريدون وما لا يريدون، ولكن لنا حكومتنا قائمة على الكتاب والسنَّة ونصرة الشريعة ولله الحمد والتجربة ليست أمراً صعباً وقد وضعت دراسة نسبة العاملات من النساء في العمل الوظيفي حوالي أكثر من 52% من العمل الوظيفي، فهنا المديرة والوكيلة والمفتشة والفنية كل في مجال عمله في الكليات والمعاهد والثانويات والمتوسطات ونجاحهن لا ينكر والحمد لله المرأة في راحة عظيمة فهي تتمكن وتعمل بعيداً عن الرجال.
وعن المتحفظين دوماً عن مشاركة المرأة قال الشيخ: الأمر الملكي - كما أعلن - حدد ذلك بضوابط الشرع وأكد على أن يتم ذلك وفق ما ورد في صيغة الأمر، وكلنا قرأناه وهذا يزيل أي التباس أو خوف، فالمسألة مضبوطة بضوابط الشرع. وأقول: ما دام الأمر جاء من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - وفقه الله - بعمل المرأة بضوابط شرعية وبوابات خاصة لدخول النساء ويمنع نهائياً دخول الرجال من قسم النساء وكذلك جميع من يعمل معهن من الخدم والمعدين للأشياء كلهن من النساء فلا مانع من عملهن. والأمر جائز وفق هذه الضوابط التي حددها وحرص عليها ولي الأمر.
المرأة كائن كامل الأهلية
وحول استشارة المرأة عبر التاريخ الإسلامي، كيف كان وكيف تتم استشارتها في الأمور العامة قال سماحة رئيس هيئة كبار العلماء في جماعة أنصار السنّة المحمدية بمصر الشيخ الدكتور جمال المراكبي:
أولاً: لابد أن نقرر ضوابط وقواعد عامة في الفقه الإسلامي والشريعة الغراء..
الضابط الأول: أن المرأة كائن كامل الأهلية، فهي مطالبة بحُسن المعتقد وحُسن التعبد. والمرأة شريك في الحياة لها الحق الكامل في الشراكة وقضية توزيع الأدوار لا تعني الانتقاص من حق المرأة، فالمرأة لها أهلية مدنية كاملة، تتصرف في أموالها كيف شاءت تصرفاً كاملاً، وهذا لا يتأتى حتى الآن في بعض دول أوروبا.
والمرأة مكلفة، والمكلف هو إنسان بالغ عاقل وصل سن التكليف سواء كان ذكراً أو أنثى.
والضابط الثاني، هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور النساء؟ وهل عُرِف ذلك في تاريخ المسلمين؟
- نعم حدث ذلك في زمن النبوة، فالرسول صلى الله عليه وسلم استشار النساء في قضية النكاح: البكر تُستأذن، والثيب تُستأمر.
مشاورة المرأة في القضايا العامة
وعن مشاورة المرأة في القضايا العامة، قال سماحته: الرسول صلى الله عليه وسلم شاور النساء وشاور أزواجه ونحن نعلم أنه رجع إلى خديجة وشاورها عندما نزل عليه الوحي وهي التي هدأته وطمأنت قلبه وهي التي اكتشفت قضية الوحي حينما أخذته إلى ابن عمها العالِم ورقة بن نوفل، فعلم أن ذلك الوحي والسيدة خديجة فضلها الله على نساء العالمين مع السيدة مريم ومع آسية امرأة فرعون كما صح في الحديث وبشرها النبي صلى الله عليه وسلم بقصر في الجنة عندما أتاه جبريل وبشره بذلك.
والسيدة خديجة لم تكن مجرد مستشارة للنبي، بل كانت داعمه الأساس.. وهذا يُعد مشورة لامرأة في أول الإسلام، وكان لمشورتها ورأيها دور أساس في انطلاقة الإسلام الأولى.
وكذلك المشهد يوم الحديبية عندما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى مكة مع أصحابه وأحرموا بالعمرة، فلقد اشتاقوا إلى مكة بعد أن غابوا عنها سنين طويلة ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا أنه يعتمر فذهب مع أصحابه وصدتهم قريش عن البيت وبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على الموت حتى وقع الصلح ورأى بعض الصحابة أن بنود الصلح فيها ظلم وجور على المسلمين وشق الأمر على نفوسهم وعلى رأسهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحللوا من إحرامهم بعد ذبح الهدي فتأخر الصحابة في تنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت هذه أول مرة يتأخر فيها الصحابة في تنفيذ الأمر النبوي، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة - رضي الله عنها - مهموماً، قالت: ما بك يا رسول الله؟ قال: أردت من أصحابي أمراً فلم يفعلوه. قالت: يا رسول الله، هون عليك إنهم لم يرفضوا لك أمراً، وكأنها رضي الله عنها عايشت الحالة النفسية التي أصابتهم، ثم قالت: هلا أمرت الحلاق فحلق رأسك ونحرت هديك ولم تكلم أحداً منهم فإنهم سيتبعونك. ففعل صلى الله عليه وسلم بمشورة أم سلمة فتابعه الصحابة رضي الله عنهم حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً وهم يحلقون رؤوسهم امتثالاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. وهو نتاج مشوه أم سلمة - رضي الله عنها - وهي مشورة كان لها دور كبير في هذه المسألة.
وكذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما شاور ابنته حفصة أم المؤمنين كم تصبر المرأة على زوجها؟. وهذا أمر لا تشاور فيه إلا المرأة فهي أدرى بذلك من حمل وولادة ورضاعة، وهذا شأن خاص بالمرأة مشورتها فيه مشورة خاصة.
والحالة الثانية المشورة العامة للمرأة عندما تكون عاقلة رشيدة ونحن لا نعتقد أن النساء ناقصات في التكليف، بل نقص المرأة عندنا ينحصر في غلبة العاطفة، وهذا من أهم مزايا المرأة في حياتها.
حقوق المرأة وفق ضوابط الشرع
وأضاف سماحة الشيخ قائلاً: المجتمعات المسلمة تعرف جيداً حقوق المرأة وفق الضوابط الشرعية، لكن في بعض البلدان يُتاجر بحقوق المرأة وستجد هذا كثيراً في المنظمات الحقوقية التي تتحدث باسم المرأة وحقوقها ومع هذا فالنساء المسلمات واعيات يدركن جيداً أن مثل بعض المنظمات الحقوقية تنفذ أجندة غربية في بلاد المسلمين فلا يتلفون حولها.
وأنا مع حق المرأة، فديننا لم يمنعها حقها وشرعنا قد أنصفها ولهذا عودتنا إلى صحيح الدين فيه إنصاف للنساء وللرجال والمرأة ليست نصف المجتمع، بل هي كل المجتمع لأنها تلد النصف وتربي النصف، فالمرأة أمي والمرأة هي أختي، والمرأة ابنتي والمرأة زوجتي، فالمرأة كُلّ والرجل كُلّ وبهما يتشكل مجتمع صحيح، والنساء شقائق الرجال. هذا هو الإسلام لم يغفل شأن ودور ورسالة المرأة.
وحول عمل المرأة في المجالس النيابية ومجالس الشورى من الناحية الشرعية قال سماحة الشيخ: الخلاف الفقهي في قضية تولي المرأة الإمامة العظمى أو الخلافة العامة، وأما ما دون ذلك لم يناقش في الفقه أصلاً لأنه حق للمكلف كما ذكرت.
والمرأة لها دور فاعل في المجتمع، فالمرأة التي ربت أولادها في بيتها خرَّجت لنا عباقرة وعندنا 40% من النساء اسمها المرأة المعيلة التي تنفق على أبنائها وتربيهم كما يكون وكما ينبغي.
المرأة أهل للمشورة
والمرأة طالما أنها كاملة الأهلية، فهي أهل للمشاورة ولكن ينبغي اختيار من لديه علم وكفاءة في هذا المجال ليكون على قدر المسؤولية والمشورة.. فالمشورة - كما قلت - حق شرعي وقد سقت لك أدلة في ذلك، فوجودها في المجالس الشورية الملتزمة بالضوابط الشرعية وجود صحيح ولا مشكلة في ذلك، وهذا ما أشار إليه الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين عندما حدد وجودها بتوافر الضوابط الشرعية وأكّد على الالتزام بذلك، وكان الأمر واضحاً في ذلك، والملك عبدالله - وفقه الله - لا تصدر أوامره ولا سياساته إلا وهي متوافقة مع الشريعة وهو حريص على ذلك أثابه الله.
تأهيل المرأة للعمل والعطاء
وحول إعداد المرأة المؤهلة تأهيلاً يمكنها من إبداء الرأي الإيجابي في شؤون الدولة قال الشيخ: أنت تعلم حب الرجل العربي لابنته حباً شديداً لدرجة أنه قد يكون في بعض الأحيان حباً مؤذياً، فهو يخاف عليها ويحميها وربما لا يخرجها من البيت وحدها، وكله أمر طيب ولكن علينا أن نتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من ابتلي من هؤلاء البنات بشيء فأدبهن كن ردءاً له من النار». فنريد أن نطبق هذا الحديث ونحسن تربية البنات كما نحسن تربية الأبناء والأمر الخطير أننا عندما ربينا بناتنا ربيناهن بالعادة ولم نربهن بالشرع، هنا تكون المشكلة، هناك من يتمسك بعادات على أنها شريعة ويجب أن ننبه لذلك.
وفي بعض المجتمعات العربية لا يذكرون اسم المرأة، لا يريدون ذلك ويعتبرونه عيباً، في حين أننا نرى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هذه عائشة وهذه صفية إذاً نحن نحتكم الآن إلى عادات ليست من الإسلام في شيء، يجب أن ننبه لذلك ونفرق بين الشرع والعادة. لذلك أقول: ربوا بناتكم على معرفة أحكام الشريعة وعلى الحرية ولا أعني بها الانفلات، بل الحرية المنضبطة شرعاً التي تجعل المرأة قادرة على اتخاذ القرار، فأنا أريد حرائر والعربي كان يربي ابنته على الحرية المنضبطة بالشريعة، والسيدة هند بنت عتبة لما أسلمت وبايعت رسول الله على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يزنين، قالت: أوَتزني الحرة؟ وهذه لم تكن بعد على دين الإسلام، فهي تساءلت: أوَتزني الحرة، فالحرية تمنعها من الزنى والحرية تعني أن الإنسان ليس عبداً لأحد وإنما هو عبد لله وحده، ولذلك فإن لزوم العبودية لله يعني تمام الحرية فيما بينه وبين غيره من الناس. فنحن نريد الحرية الرشيدة المنتجة التي تجعل المرأة محترمة، فالمرأة ضعيفة بطبعها وليس احترام الرجل لها لأنه صاحب دين ولكن يحترمها ويحترم كيانها بعد صلاح دينها.
النماذج السيئة سبب تخوّف البعض
وحول تخوف البعض من دخول المرأة في مجالات عملية ومنها مجالس الشورى والمجالس النيابية، قال سماحة الشيخ: التخوف عند هولاء ربما يكون سببه أننا نرى نماذج سيئة تتكلم باسم المرأة، وهذه النماذج السيئة تربت على موائد الغرب وتريد أن تنقل العادات الغربية السيئة إلى مجتمعاتنا، نحن نريد نموذجاً راشداً إسلاماً يتمشى مع ديننا الإسلامي ومع بيئتنا الإسلامية، ولكن النموذج المفزع المخيف هو ما نراه في وسائل الإعلام من نساء يردن الخروج على كل المألوف وتحاول باسم الحرية فعل أشياء لا تتناسب مع ديننا أو بيئتنا، ولذلك فمن حق المسلم ومن حق العربي أن يخشى من هؤلاء ولكن نقول بأن مجتمعاتنا لا تثق في مثل هؤلاء ولكننا نحتاج المرأة التي نثق في أمانتها ووطنيتها وتدينها وينبغي أن نعطيها الفرصة سواء في الشورى أو في غيرها كي تزلزل الأرض تحت أقدام هؤلاء العابثات، ولذلك وجود النساء في الشورى وفق ضوابط الشرع هو خير رد على هؤلاء. فوجود المرأة في مجلس الشورى وفق الضوابط الشرعية الدقيقة التي حددها الملك في قراره الحكيم هي خير رد على هؤلاء.
قيادتنا الحكيمة ملتزمة بنصوص الكتاب والسنَّة
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن عبدالله المطلق - الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والباحث الشرعي المعروف:
إن ما منَْ الله به على قيادة هذا الوطن العزيز التمسك بكتاب الله تعالى وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم ومن يتمسك بنصوص الكتاب والسنَّة لن يضل أبداً كما أرشد إلى ذلكم النبي صلى الله وسلم ولذلك تميز قادة هذه البلاد بانتهاج الوسطية ببركة الوحيين الشريفين ومن ذلك إعطاء المرأة مكانتها وقيمتها التي أكرمها بها هذا الدين وعناية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله من عبد العزيز - حفظه الله - بشؤون المرأة السعودية وإعطاء الفرصة لها في المشاركة والإسهام في التنمية والرقي والتطور التي تشهده بلادنا العزيزة دليل على ذلك، فصدرت توجيهات مقامه الكريم بتعيين عدد من العنصر النسائي في مناصب قيادية ومهمة من ذلك معالي الأستاذة نورة الفائز نائباً لسمو وزير التربية، تلا ذلك تعيين عدد من النساء السعوديات المميزات واللواتي أفنين أعمارهن في خدمة هذا الوطن في عدد من المجالات ليحظين اليوم بالمشاركة في مجلس الشورى ولا شك أن مثل هذه القرارات المهمة قرارات مسددة وموفقة وتنبئ عن نظرة ثاقبة ورؤية ناضجة فمشاركة المرأة السعودية للرجل في الرأي والقرار والتعليم والصناعة وغيرها من المجالات التي لا تفضي لخلوة محرِّمة ولا اختلاط يؤدي لفاحشة فلا محذور فيها ولا دليل على تحريمها ومنعها، بل دلت السنَّة على عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة واحترام قرارها ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم هانئ عام فتح مكة: لقد أجرنا من أجرت يا أم هانئ وهذا يعني مشاركتها في القرار وإقرار النبي عليه السلام لتشريع وأؤكد مرة أخرى أن ما ينهجه خادم الحرمين - حفظه الله - من تمكين المرأة من العمل في المجالات التي يخدم فيها الرجل دون خلوة محذورة هو عين الحكمة والرأي الرشيد وهو من الوسطية المنشودة، حيث نواجه بعض الأفكار والتيارات المتشددة تجاه معاملة المرأة ممن ينادون بإغلاق باب البيت عليها متخذين الدين عباءة لهم ومستشهدين بنصوص لووا أعناقها لتتوافق مع ميولهم وتوجهاتهم كقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} فيأخذون جزءاً من النص ويتركون ما لا يفيدهم أو ربما يكون حجة عليهم.
أؤكد على ضرورة تمكين المرأة السعودية في كثير من مجالات عمل الرجل مع ضرورة التأكيد على المحافظة على حشمتها وعفتها وكرامتها وشرفها ومنعها من الخلوة المحرَّمة إنما الغاية خدمة الوطن والاستفادة من مهارات ورؤى وجهود وأنشطة الكثيرات وكذلك القضاء على بطالة الكثيرات وأيضاً مواكبة دول العالم أجمع وإخطار العالم أن المرأة السعودية كغيرها من نساء العالم قادرة على صناعة القرار والمشاركة فيه وقادرة على الوصول لأدق التخصصات والإسهام فيها، وقادرة على تقديم أنموذج رائع وكبير في المساهمة في التطوير والنهضة التي تشهدها هذه البلاد وربما فاقت فيه عدداً من الرجال بذكائها ودقتها في الإنجاز وحرصها على النجاح والتميز والله المسئول أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لما فيه خير ونهضة هذا الوطن العزيز وأن يشكر لهما فضائلهما وجهودهما المباركة وينصر بهما دينه ويعز كلمته وأن يحفظ لهذا الوطن أمنه واستقراره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.