وحدات تأجيرية للأسر المنتجة بمنى وجبل الرحمة    شطب السجلات التجارية المنتهية بعد 30 يوماً من الإخطار    "الجمارك" تبدأ قبول دفتر الإدخال المؤقت للبضائع    القيادة تهنئ صباح خالد الصباح بمناسبة تعيينه ولياً للعهد في دولة الكويت    مواطن يزوّر شيكات لجمعية خيرية ب34 مليوناً    أوبك+ تبحث تمديد التخفيضات في 2024 و2025    الجامعة العربية تطالب المجتمع الدولي بالعمل على إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة    «رونالدو» للنصراويين: سنعود أقوى    أمير الرياض يستقبل زبن المطيري المتنازل عن قاتل ابنه    اليوم.. طرح 1.545 مليار سهم من «أرامكو».. السعر بين26.7 و29 ريالاً للسهم الواحد    الراجحي يبحث عن الصدارة في بلاد «ميسي»    أمير الشرقية يهنئ رئيس المؤسسة العامة للري بمنصبه الجديد    "فعيل"يفتي الحجاج ب 30 لغة في ميقات المدينة    أمير عسير يفتتح مشروع SKY VILLAGE في أبها    3109 قرضا تنمويا قدمته البر بالشرقية وحصلت على أفضل وسيط تمويل بالمملكة    «الداخلية»: القتل تعزيراً لنيجيري هرّب الكوكائين إلى السعودية    الصناعة والثروة المعدنية تعلن تخصيص مجمعين لخام الرمل والحصى في بيشة    "مسبار" صيني يهبط على سطح "القمر"    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    الأهلي يلاقي الأهلي المصري في اعتزال خالد مسعد    تواصل تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة من مطار أبيدجان الدولي    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    كارفخال يشدد على صعوبة تتويج الريال بدوري الأبطال    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    البرلمان العربي يستنكر محاولة كيان الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية"    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    جنون غاغا لا يتوقف.. بعد أزياء من اللحم والمعادن.. فستان ب «صدّام» !    عدا مدارس مكة والمدينة.. اختبارات نهاية الفصل الثالث اليوم    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    فيصل بن فرحان يؤكد لبلينكن دعم المملكة وقف إطلاق النار في غزة    روبوتات تلعب كرة القدم!    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    إحباط تهريب 6,5 ملايين حبة كبتاغون في إرسالية "إطارات كبيرة"    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    آرسنال يقطع الطريق على أندية روشن    الإسباني" هييرو" مديراً رياضياً للنصر    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    التصميم وتجربة المستخدم    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة ل "اللجنة الدولية لصيد الحيتان"، سبب    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    ورشة عن سلامة المختبرات الطبية في الحج    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤول كبير في البيت الأبيض في لقاء مع "الوسط" : قوة دولية للجولان بقيادة اميركية واسرائيل تصر على نظام للانذار المبكر
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 1994

في الخامس والعشرين من كانون الثاني يناير ألقى الرئيس بيل كلينتون أمام الكونغرس خطابه التقليدي الذي عرض فيه أحوال الأمة. لكن خطابه كان مغايراً تماماً للخطابات المألوفة التي اعتاد أسلافه من الرؤساء السابقين على إلقائها. اذ كرس حوالي تسعين في المئة منه للشؤون الداخلية وخصص حوالي ثلث ذلك لمقترحات التأمين الصحي. أما شؤون الدفاع والشؤون الخارجية فلم يزد نصيبها على عشرة في المئة كان معظمها عن العلاقات الأميركية مع جمهورىات الاتحاد السوفياتي السابق. وكانت هناك فقرة واحدة عن النجاح الرئيسي الذي حققه كلينتون في مجال السياسة الخارجية عام 1993 وهو التوقيع على معاهدة نافتا والاتفاقية العامة للتجارة والتعرفة الجمركية، ثم فقرة واحدة اخرى قصيرة عن "عملية السلام في الشرق الأوسط عموماً".
في دراسة للسياسة الاميركية حيال الشرق الأوسط تعكس اتجاه الرئيس كلينتون كرر أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض الموقف الذي اتخذته بريطانيا قبل حوالي أربعة عقود حين قررت تقليص نفوذها الى "الشرق من السويس" وكرر في لقاء خاص مع "الوسط" ما ورد في خطاب هارولد ماكميلان رئيس الوزراء البريطاني عام 1958 عن "رياح التغيير" باشارته الى "الفضل التاريخي" هذه المرة لانهيار الاتحاد السوفياتي.
فكما اسهبت الصحف البريطانية آنذاك في مناقشة خيار "بريطانيا العظمى أم انكلترا الصغرى"، من الواضح ان ادارة كلينتون بدأت تستجيب للمزاج الاميركي العام الذي يشعر بأن من الأفضل للأميركيين ان يتمتعوا بالرفاه والرخاء على ان يحتفظوا بالقوة والجبروت مثلما أراد ريغان وبوش. ومع ان الولايات المتحدة تعتمد الآن على النفط من الخارج مثلما كانت بريطانيا آنذاك، أي فبل اكتشاف حقول بحر الشمال، فإن المسؤول الاميركي الكبير يؤكد ان الدور الاميركي، حتى في "عملية السلام" سيكون "التسهيل لا الوساطة" وأن البيت الأبيض لا يشاطر وزارة الخارجية مشاعر غيرتها من النرويج بسبب اتفاق أوسلو، وأن دور واشنطن في أزمات مثل الصومال سيقتصر على "نقل المواد اللازمة جواً".
وسألت "الوسط" المسؤول الاميركي عن دور بلاده في تأييد عملية السلام في الشرق الأوسط وهل تلتزم تأمين قوة عازلة على الحدود السورية - الاسرائيلية، أجاب: "كان دورنا ولا يزال تسهيل اجراء المحادثات المباشرة ورعاية هذه المحادثات بالاشتراك مع موسكو".
ومن الواضح ان ادارة كلينتون تميل الى تأكيد اهمية المحادثات "المباشرة" اكثر مما فعلت ادارة بوش. ومن الأمثلة على رغبة فريق كلينتون في التركيز على دور "التسهيل" لا "الوساطة" ان هذا الفريق يؤكد اهمية التسهيلات التي يقدمها لا "الحلول الوسط" التي يمكن ان يقترحها. ولهذا السبب استطاع انطوني ليك مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي إقناع الأطراف المختلفة بقصر المحادثات الثنائية التي استؤنفت اخيراً في واشنطن على رؤساء الوفود أو على عدد محدود جداً من المفاوضين. فالاميركيون يعتقدون بأن في وسع الطرفين ان يحققا تقدماً أكبر اذا تجنبا تشكيل اللجان المختلفة.
ويقول المسؤول في البيت الأبيض: "الاسرائيليون كالهنود، مدمنون على البيروقراطية. والآن ها نحن نرى ان الفلسطينيين أخذوا يحاكونهم. ولهذا فنحن لا نريد محاكاة إعلان المبادئ في اوسلو أو تقليده، وإنما اكتفينا بالمساعدة على التنفيذ. ولن نتدخل أو نتوسط إلا إذا طلب منا طرف أو آخر ذلك".
وفي هذا ما يفسر المشاركة الاميركية الكبرى في المسار السوري، اذ ان سورية واسرائيل شجعتا واشنطن على الوساطة. لكن هناك تردداً على أرفع مستويات الادارة في الحديث عن "قوة عازلة" على الحدود بين البلدين. ويقول المسؤول الاميركي ان النية هي اشتراك الولايات المتحدة في قوة دولية، ربما تحت إشراف الأمم المتحدة، ولكن تحت قيادة اميركية على ان يرتدي الجنود شارات اميركية وان يزيد عدد أفراد القوة الاميركية على عدد القوات من الدول الاخرى.
نظام للإنذار المبكر
ويدرك اعضاء فريق كلينتون مدى حساسية اسرائيل ازاء الامم المتحدة. لكنهم يدركون ايضاً ان اسرائيل مضطرة الى استجابة ما تقوله واشنطن في هذه الحالة - ولهذا السبب فإن الادارة تدرك ايضاً ان سورية ستشعر بارتياح أكبر كلما ازدادت الصبغة الاميركية لمثل تلك القوة.
إلا انه لم يتقرر حتى الآن هل تتمركز هذه القوة الدولية التي سيقودها الاميركيون على جانبي الحدود أم لا. وفي هذا الصدد يقول المسؤول الاميركي "ربما كانت المسألة جغرافية أكثر منها سياسية. فقوات الأمم المتحدة في قبرص مثلاً موجودة على جانبي الخط الفاصل. وهو وضع مشابه جداً". لكن المصادر السورية تقول - وهو ما تؤكده مصادر البيت الأبيض - ان اسرائيل ترفض نزع السلاح على جانبها من الحدود بدعوى صغر حجمها. لهذا ليس مستغرباً وجود غموض حتى الآن بالنسبة الى قواعد الانتشار التي ستسير عليها القوة. فالقوات الاميركية عموماً تريد وجود مرونة في تلك القواعد. ولهذا يؤكد المسؤول ان هذه القواعد ستكون جزءاً مهماً من التخطيط لقوة حفظ السلام في الجولان.
ويضيف: "لا أريد أن يؤخذ كلامي أننا نتوقع حدوث مشاكل. فنحن لا نتوقع ذلك". ولكن يبدو ان ما يريده الاسرائيليون هو وجود نظام للإنذار المبكر لمراقبة اي تحركات عسكرية في المنطقة بعد إنسحاب قواتهم ونزع السلاح من الجولان.
واعترف المسؤول بأن هذا هو العنصر الأساسي في مفاوضات واشنطن بين رئيس الوفد السوري موفق العلاف والسفير الاسرائيلي ايتمار رابينوفيتش. ويشتكي الوفد السوري من مماطلة رابينوفيتش وفكرة اجراء استفتاء اسرائيلي على الانسحاب من الجولان. ويعتقد الاميركيون بأن الهدف الاسرائيلي هو التوصل أولاً الى اتفاق على تطبيع العلاقات لأن مثل هذا الاتفاق سيسهل قبول الرأي العام الاسرائيلي الانسحاب من الجولان بعد ذلك.
واذا استخدمت القوات الاميركية للمحافظة على السلام في الجولان فإن هذا سيثير امكان استخدام قوات اميركية على حدود كل من لبنان والاردن مع اسرائيل. لكن المسؤول الاميركي يقول ان هذا مجرد تكهنات في الوقت الحاضر، "ومع ذلك فإن المسائل متروكة برمتها للأطراف المتفاوضة. فإذا طلب منا بعض المساهمة سنفكر فيها. وما يمكنني قوله بكل أمانة هو ان المناقشات الحالية لم تتطرق إطلاقاً الى أي دور للقوات الاميركية باستثناء دورها في الجولان".
اميركا: تنفيذ 242
ويذكر ان اعلان المبادئ الاسرائيلي - الفلسطيني ينص على انسحاب القوات الاسرائيلية في غضون خمس سنوات. وفي هذا ما ينطوي بالطبع على اخلاء المستوطنات التي لا يمكنها ان تظل قائمة الا اذا كانت هناك قوة تفرض وجودها. إذن ألا يرى المسؤول الاميركي ان المشكلة هي ضعف حكومة اسحق رابين وعدم اعترافها للرأي العام بأنه يجب اخلاء هذه المستوطنات؟
يقول المسؤول في البيت الابيض: "اعتقد بأن البيئة برمتها في الشرق الأوسط تغيرت. فالمستوطنات ستنتهي. لكننا نحن، الولايات المتحدة، لا نحاول فرض رأينا. وقد أوضح الرئيس كلينتون بجلاء ان سياسة ادارته ستظل مثلما كانت سياسة الادارة السابقة: اي تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 242 الذي يعني انسحاب اسرائيل الى حدودها التي كانت قائمة قبل الحرب".
ويثير انسحاب القوات الاسرائيلية قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين. ويقول المسؤول الاميركي ان الفلسطينيين يطالبون باعادة توطين حوالي ستين ألف نسمة لكن اسرائيل عرضت قبول إعادة خمسة آلاف. والمسألة في رأيه بالنسبة الى الاسرائيليين "ليست سياسية بقدر ما هي مسألة تسهيلات وامكانات. إذ لا بد من التحضير لعودة العائلات المشردة ما يعني توافر الأموال اللازمة والبنية الأساسية الضرورية. ومن الاسباب التي دفعت الرئيس ياسر عرفات الى زيارة المملكة العربية السعودية البحث في استئناف المساعدات من أجل اعادة توطين الفلسطينيين ومن أجل التنمية".
وعن مدى القلق الاميركي من استمرار السلطات الاسرائيلية في اعتقال قادة المقاومة في الأراضي المحتلة، حتى في قطاع غزة، قال المسؤول: "أظن انه يمكننا القول إنه كلما زاد الاسرائيليون من مشاعر كراهية الفلسطينيين لهم زادوا من شعبية حكومة المستقبل الفلسطينية". ولاحظ ان الاسرائيليين يتصرفون بقسوة لئلا يشجعوا الفلسطينيين على مهاجمة قواتهم لأنهم سينسحبون، مما يجعل اسرائيل تبدو ضعيفة. وهذه مسألة ترى واشنطن ان على الرئيس عرفات وشمعون بيريز وزير الخارجية الاسرائيلي تسويتها من دون اي تدخل اميركي.
وأشار الى زيارة وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى الاخيرة لاسرائيل وقال انها مثال على دور مصر كوسيط "لكننا نحن لسنا وسطاء عادة".
وأعرب عن تفاؤله بما ستحققه المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية وقال: "ان الفلسطينيين يطالبون بموقع سياحي على البحر الميت. ولا اعتقد بأنهم سيبحثون في مثل هذا الموضوع الثانوي لو كانوا يشعرون بأن المحادثات تواجه صعوبات لا يمكن التغلب عليها".
العنصر الصعب
ورأى ان أصعب عنصر في المعادلة هو اصرار الاسرائيليين على تفتيش كل شخص يعبر الحدود من الأردن، وهو ما يشعر عرفات ومساعدوه بأنه يمثل تحدياً لسيادتهم على منطقتهم.
وأشار الى ان الرئيس الاميركي يعتقد بأن الرئيس حافظ الأسد اتخذ مبادرته لأن عرفات كان سبقة الى ذلك، أو لأن بيريز استجاب في صورة ايجابية لمبادرات الرئيس الفلسطيني بفضل الوساطة النرويجية. اذ شعر الأسد والملك حسين بالانزعاج في البداية مما فعله عرفات لكنهما سرعان ما قررا الافادة من الجو العام الجديد لتحقيق أهداف تخدم بلديهما. فكل شيء مرتبط ومتداخل - كما يقول المسؤول الأميركي، - "ذلك ان ما يهم الاردن هو أمن حدوده من دون أي تهديد اسرائيلي، وضمان حقوقه في المياه من دون انتهاك اسرائيلي، ونوع من السوق المشتركة تفتح أبواب اسرائيل أمام المنتجات الزراعية الأردنية، وعودة منتظمة للاجئين الى الضفة الغربية. وكل هذه مسائل منطقية. فنحن نحبذ اتفاقاً شاملاً، وهذا ما يريده الملك حسين والأسد وعرفات. كما ان التسوية مع لبنان تعتمد على التسوية مع سورية".
ويشير الى الاتفاق على اعادة افتتاح فروع المصارف الأردنية في الضفة الغربية، وحق الخطوط الجوية الملكية الأردنية عاليه في التحليق فوق اسرائيل في رحلاتها الى أوروبا كمثالين على امكان تحقيق تقدم من دون انتظار التوصل الى اتفاق شامل. وسيكون في وسع السفن الأردنية الآن، أو خلال فترة قصيرة، ان تستخدم ميناء اشدود أو ميناء يافا. وفي المقابل سيكون في مقدور السفن التجارية الاسرائيلية استخدام العقبة. ومن الناحية النظرية يمكن طائرات شركة العال الآن التحليق الأجواء الأردنية... ولكن الى اين تذهب"؟
وهل تشعر ادارة كلينتون بقلق من انتخاب رئيس يهودي متطرف لبلدية القدس وبناء الضواحي اليهودية الجديدة حول المدينة؟ أجاب المسؤول في البيت الأبيض "ان تشكيل مجلس القدس الوطني يعني وجود قدر من الحكم الذاتي الفلسطيني في المدينة يخضع في نهاية المطاف لاشراف عرفات. اذ ان هذا المجلس سيصدر وثائق الهوية للمسلمين والمسيحيين في المدينة كما انه سيكون الوحدة المتقدمة، لأي شكل من أشكال الحكم الذاتي الفلسطيني الذي سيولد في الأراضي المحتلة الآن".
ضد العنف
وفي اشارة الى ما طرح من ارتباط فيديرالي او كونفيديرالي بين الكيان الفلسطيني والأردن وتلميح البيانات الاسرائيلية الرسمية الى تحفظات غربية عن هذا الارتباط، وكيف تفسر واشنطن ذلك، اصر المسؤول بنوع من الغموض على ان الولايات المتحدة تريد "ما تريده جميع الأطراف". وعندما سئل هل يعني هذا ان اسرائيل لها رأيها في هذا الموضوع؟ اجاب: "أعتقد بأن الاسرائيليين يفضلون قيام اتحاد فيديرالي بدلاً من كونفيديرالي". وشرح ذلك بقوله انه لا يعني ان اسرائيل "تريد عودة محافظين نيابة عن الملك حسين الى جنين او نابلس او غيرهما، لكن طبيعة الارتباط بين الجارين تؤثر في اسرائيل". ورفض المقارنة مع دول البينلوس بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ ضاحكاً: "في الشرق الأوسط ليس هناك شيء معقول!".
وعن التطرف الاسلامي، قال: "لدينا سياستنا في هذا المجال. بادئ ذي بدء نحن لا نعتبر الاسلام خطرا. فنحن نكنّ للاسلام احتراماً عظيماً ولا نعتبر تطبيق الشريعة خطراً على الغرب المسيحي. لكننا ضد العنف الاسلامي تماماً مثلما نحن ضد العنف اليهودي او عنف بعض الاسرائيليين أو بعض المستوطنين الاسرائيليين في الضفة الغربية.
نحن نطلب من الناس ان يحترموا القانون. فهناك أنواع كثيرة من التطرف، وما لا نقبله هو العنف". وتناول الأخطار التي تهدد استقرار الشرق الأوسط وامدادات النفط الى أميركا الشمالية وأوروبا واليابان، فحذّر من "التعنّت العراقي" أولاً وهو أمر لم يكن متوقعاً منه لأنه كان بين معارضي عاصفة الصحراء قبل عامين - وشرح ذلك بقوله: "ان النظام العراقي قادر على ان يصبح خطرا يثير عدم الاستقرار، كما أنه أظهر قدرته على تنفيذ التهديدات الارهابية في الخارج والقضاء على خصومه السياسيين". وتابع ان الرئيس كلينتون يعتبر معارضة العراق وايران لعملية السلام في حد ذاتها عاملاً على اثارة الاضطراب وعدم الاستقرار. ولاحظ ان العراق يؤيد "حزب الله" وقال: "انني أعرف ان الاوروبيين واليابانيين يميلون الى الاعتقاد بأننا نجعل الشعب العراقي يعاني معاناة شديدة. لكن سياستنا هي ببساطة مواصلة الضغط مثلما فعلنا مع موسكو في الثمانينات لأننا نعتبر هذه الأنظمة خطرا على السلام".
حيوان العائلة
وقيل للمسؤول الاميركي المقرب من كلينتون ان بلاده تعتبر اسرائيل تابعة لمنظمة حلف شمال الاطلسي في صورة تقليدية، فهل لا يزال لها دور في السياسة الأميركية، فأجاب ان الرئيس يرى ان العلاقة مع اسرائيل لم تتغير، "ولأن اسرائيل ستصبح جاراً جيداً في المنطقة فإن الولايات المتحدة تتوقع في الحقيقة علاقات أوثق معها في مجال التعاون العلمي والتكنولوجي".
وهل لا تزال أميركا تعتبرها حجر الزاوية للأمن في المنطقة، ومستودعا لتخزين الأسلحة الأميركية؟ أجاب: "لا أظن ان وصف حجر الزاوية صحيح. فهي أقل من ذلك لكنها دولة صديقة لا تستطيع المجازفة بفقدان صداقتنا. وهي ليست كلب حراستنا في المنطقة وانما حيوان العائلة الأليف".
وأضاف ان الدور الأميركي في الصومال سينحسر ليصبح "قيادة عملية النقل الجوي" للأمم المتحدة. أما البوسنة والهرسك فقد رفض الخوض فيها وقال: "اننا نضع سياستنا مع حلفائنا وأصدقائنا".
واعتبر ان الانتشار النووي في الشرق الأوسط وغيره من مناطق العالم خطرا "تنظر اليه الادارة بمنتهى الجدية". لكن دور كل من الصين وكوريا الشمالية في توفير التكنولوجيا ومواقع الاختبار لا يمثل مشكلة ملحة "مع أننا نراقب هذا الأمر عن كثب وبعناية شديدة".
إذن متى سيكون الوقت مناسباً للاصرار على نزع السلاح النووي بالنسبة الى الصين وفرنسا وبريطانيا والهند واسرائيل وباكستان؟ أجاب: "لا أعرف متى. لكنني اعتقد بأن هذا سيأتي في صورة طبيعية نتيجة الأحداث. فما نتحدث عنه في الشرق الأوسط جاء نتيجة احداث أخرى - انهاير الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة مما قلّل من أهمية دور كل من سورية واسرائيل، وانهيار نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا - تماما مثلما أثرت مبادرة عرفات في تفكير قيادة منظمة الجيش الجمهورية الأيرلندي. ثم هل من المستحيل ان نتخيل مطالبة شعوب تلك الدول نفسها بنزع السلاح؟".
خدعة رابين
وحين سألت "الوسط" مصدراً مقرباً من وزير الخارجية وارن كريستوفر عن رأيه في ما صرح به المسؤول الكبير في البيت الأبيض قال ان وزارة الخارجية تعتقد بأن تهديد رابين باجراء استفتاء على الانسحاب من الجولان مجرد خدعة. إذ تعتقد وزارة الخارجية ان رابين يدرك تلهف الرئيس السوري على التوصل الى اتفاق، ولهذا فهو يظن ان في وسعه الضغط على الرئيس الأسد من خلال التهديد باجراء استفتاء على الانسحاب.
وتذكر مصادر الخارجية الأميركية ان شلومو غازيت رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية السابق نصح رابين بأن الانسحاب من الجولان لا يمثل أي مشكلات أمنية يصعب حلّها بالنسبة الى اسرائيل. "لكن المشكلة الكبرى هي الكونغرس" كما يقول المصدر في وزارة الخارجية "لأن اللوبي الاسرائيلي أكثر معاداة لسورية من الاسرائيليين. والحقيقة هي ان الولايات المتحدة واسرائيل بدأتا تضيقان ذرعا باللوبي".
اما بالنسبة الى لبنان فيقول المصدر "نحن نعتقد بأن سورية واسرائيل ستنسحبان في الوقت نفسه. وعلينا ان نتذكر ان سورية تعتبر لبنان من ناحية تاريخية جزءاً منها ولهذا من غير المرجح ان تنسحب من جانبها وحدها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.