سدايا: المملكة ملتزمة بتعزيز ابتكارات الذكاء الاصطناعي مع ضمان استخدامه الأخلاقي    أمير تبوك يكرم الطلاب والطالبات الحاصلين على المراكز الأولى في المسابقات المحلية والعالمية    الخريجي يستقبل سفير الاتحاد الأوروبي لدى المملكة    تعليم "طبرجل "يقيم حفل ختام الأنشطة الطلابية للعام 1445    "رابطة العالم الإسلامي" ترحّب بقرار النرويج وإسبانيا وإيرلندا باعترافها بدولة فلسطين    المياه الوطنية تبدأ استقبال طلبات توصيلات المياه في 6 أحياء بجدة    القيادة تهنئ الرئيس اليمني بيوم الوحدة    نقل مباراة الهلال والطائي إلى ملعب الشباب    محافظ القطيف يلتقي مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة الشرقية    3 وزارات و5 مختصين ب"أمناء مكتبة الملك فهد"    قصاص مواطن تسبب بانقلاب مركبة آخر ووفاته    "السعودية نحو الفضاء" .. عام على إنجاز تاريخي    فرص تمويل واستثمار ب"كان" من الصندوق الثقافي    ضيوف الرحمن: المملكة بقلوبنا وشكراً للملك    أمير المدينة يرعى تخريج الدفعة الثالثة من طلاب كليات الريان    آل هادي يزف ياسر وأحمد لعش الزوجية    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب «المركزي الأمريكي»    خامنئي يؤم صلاة الجنازة على الرئيس الإيراني ومرافقيه    أمير القصيم يدشن مبنى الكلية التقنية ببريدة    اختتام النسخة السادسة من منتدى المشاريع المستقبلية 2024    بطاقة معان لخدمة كبار السن والأشخاص ذوي الاعاقة والجنود المرابطين    تخريج الدورة التأهيلية للفرد الأساسي لمجندات الدفعة السادسة في معهد التدريب النسوي    مناطيد العُلا تتزين ب"النمر العربي والحِجر وخيبر"    75 ملياراً حصاد اليوم الثاني ل"مستقبل الطيران"    وصول البعثة الاولى الى المدينة المنورة لأداء فريضة الحج    700 ألف صك صدرت عبر البورصة العقارية    تعديل في تنظيم هيئة تنفيذ اتفاقيات حظر الأسلحة الكيميائية    تسعيني ينال الثانوية قبل وفاته بأيام    الجدعان: نبحث فرص خصخصة ب«البنية التحتية»    «السعودية للطاقة» الأقل تكلفة لإنتاج الكهرباء من «المتجددة»    منى زكي تجسّد دور «أم كلثوم».. وحفيدها يعترض !    مجلس الطيران العالمي    مصادر «عكاظ»: يايسله يقود الأهلي الموسم القادم    بتوجيه خالد الفيصل.. نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    أنواع من الشاي الأشهر حول العالم    احذر.. قد يأتيك السرطان من داخل سيارتك !    تلوث الهواء يزيد خطر الإصابة بالخرف !    الأخضر تحت 17 لرفع الأثقال يشارك في بطولة العالم بالبيرو    «تجربة جنونية» لفرنسي يسافر إلى الفضاء لبضع دقائق    اطلع على برامج التدريب التقني.. أمير القصيم ينوه بدور«الشورى»    أمير المدينة يستقبل المشايخ ومديري الإدارات الحكومية المدنية والعسكرية    ترجمة الهوية    أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-2    اطلاق برامج دعوية لخدمة ضيوف الرحمن    نائب أمير الرياض يرعى حفل التخرج بمدارس الملك فيصل    دبابات الاحتلال تحاصر مستشفيات شمال غزة    تويتر ينتقل نهائياً إلى«إكس دوت كوم»    الدولة واهتمامها بخدمة ضيوف الرحمن    مذكرة تفاهم لتوفير مياه زمزم لحجاج الداخل    سيدات الشباب يتوجن بلقب بطولة الصالات في نسختها الثانية    فرضية في طريق الهجرة استعداداً لموسم الحج    "تاليسكا" يتصدّر قائمة أكثر اللاعبين البرازيليين تسجيلاً للأهداف خلال هذا الموسم    هديتي تفاحة    لمرضى الروماتيزم في الحج .. مختص: تناولوا الأدوية في مواعيدها    نائب أمير المنطقة الشرقية يشهد حفل تخريج طلاب كليات الأصالة    أشيعوا بهجة الأمكنة    غرور الهلاليين وتواضع الأهلاويين    نيابةً عن وزير الخارجية.. الخريجي يقدّم واجب العزاء في وفاة رئيس إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين الحسيني يتذكر . الهراوي مصاب بعقدة رينيه معوض والحريري زارع الخلافات بين الرئاسات الأخيرة
نشر في الحياة يوم 12 - 12 - 1994

سألت الرئيس حسين الحسيني، وهو مصمم ازياء الجمهورية الثانية، عن قصة هذه الجمهورية التي بكّرت في نشر غسيلها وكأنها تعترف بإفلاسها فأجاب: "من نكد الدنيا على لبنان ان يغيب رينيه معوض". والتفسير لا يستلزم جهداً فالحسيني يشير الى ان لولا اغتيال معوض لما كان الرئيس الياس الهراوي رئيساً ولما كان السيد رفيق الحريري رئيساً للحكومة.
ويضيف الحسيني: "الهراوي مصاب بعقدة رينيه معوض. اصبح معوض تحت التراب منذ خمسة أعوام ولم يصدق الهراوي بعد. هذا ما يجعله يتصرف وكأنه ليس رئيساً للجمهورية وكأن رينيه معوض هو الرئيس الفعلي".
وينقل الحسيني عن معوض انه فوتح باعطاء دور للحريري فعارض اعطاءه دوراً سياسياً ووافق على تعيينه وزير دولة لشؤون الانماء والاعمار. ويصف الحسيني الحريري بأنه "زارع الخلافات بين الرئاسات" ويقول: "زرع الخلاف بين الرئيس الهراوي ورئيس الحكومة الدكتور سليم الحص بعدما رفض الأخير تعيين السيد الفضل شلق رئيساً لمجلس الانماء والاعمار. وزرع الخلاف بين الهراوي وبيني وبين الهراوي والرئيس عمر كرامي الذي أطيح بأزمة اقتصادية مفتعلة كان الحريري وراءها. لقد امتهن زرع الخلافات لجعل الهراوي أسيراً لديه".
في حلقة اليوم يتحدث الرئيس الحسيني عن انتخاب معوض رئيساً للجمهورية ثم اغتياله وعن الحريري ودوره وحكومة "اضرب واهرب" وإغراق لبنان في الديون وتكبيله لعقود مقبلة. وهنا نص الحلقة الثالثة والأخيرة.
خلال لقاء الطائف من كنتم تطلعون على سير المناقشات سورية ام اميركا أم من؟
- لا سورية ولا اميركا ولكن كل شخص من المشاركين كان لديه هاتف خارجي. كان هناك 62 نائباً يقيم كل واحد منهم في جناح مزود بهاتف دولي ويستطيع ان يتصل بفريقه أو من يرى ضرورة التشاور معه. اما من موضوع النقاش الفعلي فكل شخص كان يجتزئ ما يحلو له. عندما بدأنا بحث العلاقات اللبنانية - السورية استدعى ذلك ذهاب اللجنة الثلاثية على المستوى الوزاري الى دمشق.
ثمة من يقول ان اسم رينيه معوض طرح خلال زيارة احد وزراء اللجنة لدمشق ومحادثاته مع الرئيس حافظ الأسد؟
- أشك في أن يكون قد طرح. اعتقد انه قبل الانتهاء من الطائف لم يبحث احد مع احد في اسم محدد.
ومسألة محاولة اشراك العماد عون في لقاء جدة؟
- بمعزل عنا حصلت مطالبة من قبل عدد من النواب المسيحيين للجنة العربية بوجوب دعوة العماد عون خصوصاً وان اللجنة التي كان البطريرك صفير قد اعتمدها اعتمدتها انا في صلب مجموعة الپ17. وقد توجه هؤلاء الى روما والتقوا البطريرك قبل الموافقة وأجروا اتصالات مع العماد عون والدكتور سمير جعجع والمرحوم داني شمعون وغيرهم. والواقع ان السفير الأخضر الابراهيمي مبعوث اللجنة الثلاثية بذل محاولة لدى عون وكانت النتيجة التي تعرفونها.
انتهت الاجتماعات وذهبتم الى باريس. لدى من كان اسم رينيه معوض قد تبلور فعلاً كرئيس؟
- لديّ ولدى عدد من الزملاء.
هل كان هناك تشاور مع البطريرك صفير حول اسم معوض؟
- كان التشاور مع البطريرك صفير أصلاً حول عدد من الأسماء.
سورية كانت مؤيدة لرينيه معوض؟
- طبعاً، مواصفات الوفاق الوطني كانت تتطلب شخصاً بمواصفات رينيه معوض. ثم ان علاقة معوض مع سورية لم تنقطع في اي وقت. من هنا استبعادي لوجود ما يستدعي الاجتماع الرحلة السرية للاتفاق على رينيه معوض فقد كان متفقاً عليه والعمل جار على تذليل العقبات وعلى قدم وساق. والواقع ان الوزير سليمان فرنجية لعب دوراً ايجابياً جداً في اقناع جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية بتأييد معوض.
ماذا حدث أيضاً في تلك الأيام؟
- بعد عودتنا الى بيروت واجهتنا عاصفة اسلامية وليس من الجانب المسيحي حيث كان العماد عون هو المعترض.
انتخاب معوض
هل كان سمير جعجع مؤيداً للطائف؟
- نعم الجميع أيّدوا. بعد خروجنا من الطائف اصبحت آمال وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة ضئيلة أولاً بسبب ميل النواب الى انتخاب واحد منهم رئيساً. ثانياً بادرنا "حزب الله" وحركة "أمل" والحزب التقدمي الاشتراكي وهيئات اسلامية بانتقادات. وحتى الذين جاملونا كالمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى قالوا انه اتفاق الضرورة بمعنى ان الاتفاق لم يكن بقدر ما نطمح اليه لكن اذا كان يوقف الحرب فنعتبره ضرورة.
عندما عدت الى بيروت وعملاً بقرار قمة الدار البيضاء جاء الاخضر الابراهيمي الى بيروت لنتفق انا وإياه على مكان اجراء الانتخابات اما في قصر منصور أو في مكان آخر لتأمين هذا الشيء. هنا برزت معارضة العماد عون. قبل في البداية بقصر منصور لكن لم ينفذ شيء على الأرض. انا اخذت في الاعتبار احتمالات عدة. طبعاً كان لا بد من نقل النواب الذين بقوا في باريس الى المطار وتقريباً حددنا المواعيد ومن المطار اما الى قصر منصور وإما الى مقر مجلس الخدمة المدنية او الى قاعة في المصرف المركزي. أبلغنا الأخضر الابراهيمي بفشل الترتيبات الامنية التي دعا اليها بعدما احجم ممثلو العماد عون عن الحضور ثم جاءتنا معلومات ان العماد عون سيأمر اعتباراً من الخامسة صباحاً بقصف مطار بيروت لمنع هبوط اي طائرة كما سيقصف الطرق المؤدية الى مجلس الخدمة المدنية والمصرف المركزي. وكان في ذهني مطار القليعات كبديل ولم أبلغ احداً. فهذا المطار بعيد عن مدى المدفعية. وكنت قبل ذلك فكرت في احتمال اجراء الانتخابات في مقر البطريركية المارونية في الديمان ولكن تبين ان المقر والطرق المؤدية اليه لا تزال في مرمى المدفعية التابعة لعون. عندها جمعت النواب الموجودين في لبنان في مكتبي وطلبت منهم الانطلاق الى خارج بيروت ولم أبلغهم بالجهة المقصودة. اتفقت مع الضابط في مقدمة الموكب بأن الهدف هو الوصول الى القليعات ولم يعرف الصحافيون أيضاً. انطلق الموكب في الثالثة فجراً وتوجهت انا الى دمشق وأخذت طائرة الى باريس.
وكان السيد رفيق الحريري قد كلف من قبل الأخضر الابراهيمي بتأمين 3 طائرات لأننا أخذنا في الاعتبار امكانية قصف الطائرات. قررنا المجيء عن طريق تركيا ثم سورية. وفي اعتقادي ان سورية اتخذت اجراءات لحماية الطائرات في اجوائها من أي جهة متضررة. في باريس أبلغت النواب اننا سنجري الانتخابات في مطار القليعات. النواب المقيمون في بيروت توجهوا الى القليعات في 4 تشرين الثاني نوفمبر وناموا على المقاعد وأجريت الانتخابات في اليوم التالي.
بيار حلو يرفض الرئاسة
في تلك الجلسة ترشح الرئيس الياس الهراوي مرشح من كان؟
- لا أعرف. فوجئت خلال الجلسة بإعلانه ترشيحه.
من رشح الرئيس الهراوي بعد اغتيال معوض؟
- بعد اغتيال الرئيس معوض أعيد الموضوع الى الصفر. انتخب الرئيس معوض وتم احياء رئاسة الجمهورية وكان المطلوب تشكيل حكومة لتحل محل الرئيس في حال تعرضه لخطر. عندما اغتيل الرئيس معوض لم تكن الحكومة قد شكلت وعاد الفراغ من جديد. هنا اتخذت قراراً ولا أنسى تجاوب السيدة نايلة معوض معه فخلافاً لعاداتنا وتقاليدنا قررنا ان ننتخب الرئيس الجديد قبل دفن الرئيس معوض. والواقع انه نتيجة قرب النائب الاستاذ بيار حلو من الرئيس معوض ونتيجة مشاركته القريبة في مشاورات الطائف وقبله ولأن الحكومة التي اتفقنا عليها قبل اغتيال الرئيس معوض بدقائق كان في عدادها بيار حلو اتجهت الانظار الى بيار حلو. وتجاوب الجميع بمن فيهم المرحوم جوزيف سكاف الذي لم يستطع الحضور لسبب صحي، بعد الاجهاد في الطائف وبسبب تأثير المناخ على من يعانون ارتفاعاً في الضغط. رفض الزميل بيار حلو منذ اللحظة الأولى قبول الرئاسة وأعتقد ان عوامل عائلية تدخلت.
هل كان نجاحه مضموناً؟
- نعم.
هل كانت سورية موافقة؟
- بالرغم من ان المسؤولين السوريين لا يعرفونه وبالرغم مما هو شائع بأن "القوات اللبنانية" كانت تدعم ترشيحه وورود اسمه في لائحة البطريرك صفير أيده المسؤولون السوريون.
ويقال ان الرئاسة عرضت أيضاً على جان عبيد؟
- لست على علم. لم يوافق بيار حلو وكانت هناك عوامل أخرى فقد استطاع الرئيس الهراوي ان يحصل على تأييد تجمع النواب الموارنة المستقلين وبعض من كانت اسماؤهم موضع بحث. هناك عوامل لا بد من اخذها في الاعتبار ومنها ما سبق من اتفاق مع مورفي على ترشيح مخايل الضاهر ثم ما سبق من ترشيح للرئيس سليمان فرنجية ثم اغتيال الرئيس معوض جعل من غير المنطقي طرح الرئيس فرنجية او الضاهر لأن تفسيرات ستقول انه تم اغتيال معوض لفرض الاسماء التي طرحت سابقاً. طبعاً الرئيس فرنجية صاحب مكانة كبيرة والأمر أيضاً بالنسبة لمخايل الضاهر. كان الهم الكبير هو الخلاص من فترة الفراغ الذي تحوّل فراغاً قاتلاً. لنتذكر كيف بقي مقعد لبنان شاغراً في الجامعة العربية وفقد اهلية الحضور وتمثيل نفسه والأمر نفسه في الدار البيضاء. اصبحنا بلا اهلية تمثيل لهذا كان الهمّ اعادة احياء المؤسسات الدستورية بأي ثمن. وأنا قلت انه لو تكررت الظروف لفعلت ما فعلته.
هل الحكومة التي اتفقتم عليها مع الرئيس معوض قبيل اغتياله هي نفسها الحكومة الأولى لعهد الهراوي؟
- طبعاً مع بعض التغييرات. مثلاً بيار حلو رفض الاشتراك بعد اغتيال معوض. جرى تبديل في بعض الأسماء.
قيل ان معوض فكر في اشراك سمير جعجع مقدمة لمصالحة شمالية؟
- فكر لكن جعجع اعتذر عن المشاركة والامر نفسه بالنسبة الى جورج سعادة الذي رفض بعد اغتيال معوض ولهذا تقرر انزال عدد اعضاء الحكومة الى 14 أي الحد الادنى بموجب اتفاق الطائف. لهذا رأينا لاحقاً ان نضع اسم جورج سعادة وميشال ساسين وان لا يبت في استقالتهما حتى ولو استقالا.
معوض وفرنجية
هل خرج رينيه معوض من الطائف رئيساً؟
- منذ البداية كان واضحاً ان شخصية رينيه معوض شخصية وفاقية لم تسلك منحى التطرف في أي من فترات الصراع حتى عندما لم نكن نحن نجاري الشهابية في عدد من توجهاتها السياسية او من حيث اعتمادها جهات سياسية لسنا على وفاق معها كان رينيه معوض على علاقة طيبة بمختلف الفرقاء.
أستطيع ان اجزم انه لم يكن هناك في الطائف بحث باسم الرئيس.
اما عن علاقتي بمعوض، عندما أصبحت نائباً اخترت لجنة المال والموازنة ولجنة الاشغال العامة والنقل. كان المرحوم جوزيف شادر رئيساً للجنة المال والموازنة ثم تولاها المرحوم رينيه معوض. خلال رئاسة معوض لهذه اللجنة وتعاوني معه ظهر على حقيقته ففي هذه اللجنة لا يمكن الاستمرار في الكلام العام ولا بد من التعامل مع الارقام. والتعامل مع الأرقام في موضوع المناطق وانصافها والانماء المتوازن يكشف حقيقة الشخص وهنا برزت شخصية معوض كرجل دولة يغلّب المصلحة العامة على أي مصلحة خاصة. لقد اكتسب معوض ما يمكّن النواب من الاطمئنان الى شخصه. وبقيت مسألة اساسية تشكل العائق الأساسي امام طريقه الى الرئاسة وهي وجود الرئيس سليمان فرنجية كركن اساسي من اركان السياسة اللبنانية وهما ينتميان الى المدينة نفسها. هذا العائق حال دون وصول رينيه معوض الى الرئاسة لسنوات. ثم ان التفكير في رينيه معوض ورد قبل انتخاب سركيس في 1970 ولكن الهامش كان ضيقاً فاما سركيس واما ريمون اده وهذه مسألة يجب الا تغفل فاسم رينيه معوض لم يطرح فجأة.
وفي عهد الرئيس سركيس كان رينيه معوض من اركان مطبخ السياسة اللبنانية وهو كان مقرباً جداً من الرئيس وبقي معه على صداقة حميمة جداً حتى وفاته. انا لم انتخب سركيس وقد سمينا آنذاك "المقاطعين" ولكن لاحقاً اظهر الرئيس سركيس لي وداً لم أكن انتظره، وقامت بيننا علاقة حميمة على رغم وجودي في صف المعارضة.
الاحداث فرضت رينيه معوض لأنه الشخصية التي اجتازت كل الحواجز خلال الاحداث. كثير من اللبنانيين ومن الشخصيات المارونية اقتصر تنقلهم على منطقة معينة. بقي معوض يذهب الى كل المناطق ومن الواضح انه اصبح من الشخصيات المؤهلة اكثر من غيره.
أنا سألت عن محطات ملموسة. ألم يبحث في الرئاسة على هامش الاجتماعات الرسمية في الطائف؟
- لقد حلت دون اي نشاط من هذا النوع حرصاً على اتمام موضوع الوفاق الوطني ذلك انه حتى بالنسبة الى رينيه معوض، الذي كان بالنسبة لي المرشح الأول وقبل الطائف بكثير، كانت القناعة واضحة بأن التفاهم مع شخص ليصبح رئيساً ثم تحقيق الوفاق الوطني امر غير صحيح وتجربة الرئيس سركيس خير دليل. كان من رأي الاكثرية وفي مقدمها رينيه معوض انه يجب ان يتحقق الوفاق أولاً وبناء على هذا الوفاق ينتخب الرئيس الجديد للجمهورية وعند ذلك سيكون الرئيس قوياً في تطبيق الوفاق الوطني بينما اذا أتى قبل الوفاق فإن فرقاء كثيرين سيعرقلون عمله. من هنا كان الاصرار دائماً. وأكشف لك شيئاً انه بحث مع رينيه معوض ما اذا كان قادراً على تحقيق الوفاق في حال انتخابه رئيساً فكان جوابه انه اذا لم يلتزم الجميع الوفاق الوطني فان اي رئيس سواء كان رينيه معوض أو الياس سركيس أو فؤاد شهاب لن يستطيع ان يفعل شيئاً. من هنا كانت فكرة التزامن التي تبناها مؤتمر الدار البيضاء اي تحقيق الوفاق بواسطة المؤسسة التشريعية ثم انتخاب رئيس جديد على أساس هذا الوفاق.
لا حاجة لرحلة سرية
تحدث مقربون من الرئيس معوض عن زيارة سرية قام بها لسورية قبل أيام قليلة من انتخابه؟
- لا أدري ولكن الامانة تلزمني بالقول ان العلاقة بين الرئيس معوض والرئيس حافظ الأسد لم تنقطع يوماً وكذلك اللقاءات مع المسؤولين السوريين وباعتقادي انه لم تكن هناك اي حاجة على الاطلاق لمجيء رينيه معوض الى دمشق ذلك ان دمشق كانت تضع اسم رينيه معوض بين الأسماء المقبولة منها قبل الذهاب الى الطائف وبعد العودة منها. الظن ان هناك رحلة سرية حصلت ثم انه على هذا الأساس جرى ترجيح انتخابه امر انصحك بعدم تصديقه. الامانة تقتضي مني القول ان القبول برينيه معوض رئيساً للجمهورية والعمل على تذليل العقبات لما للرئيس الأسد من رصيد في المسألة ككل أو لدى الرئيس فرنجية لا يحتاج الى زيارة سرية.
هل يقول الرئيس الحسيني ان الرحلة لم تحصل؟
- أقول ان الصلات لم تنقطع وان الاجتماعات لم تنقطع ولكن هذه الرحلة لا علم لي بها على الاطلاق. انا من الذين عملوا لانتخاب رينيه معوض وأشك في حدوث هذه الرحلة لأنها لم تكن ضرورية ولم تكن ثمة حاجة اليها.
هل كان رينيه معوض مرشح رفيق الحريري أيضاً؟
- لا، على الاطلاق. لم أبحث هذا الموضوع مع الحريري ولم يبحثه معي. انا بحثت مع كثر، طبعاً عدد كبير من النواب فاتحتهم في موضوع الانتخاب في الطائرة عندما ذهبت الى باريس. قبل ذلك كانوا يقولون ان هناك مساعي لانتخاب معوض لكنني فاتحتهم في الطائرة المتجهة من باريس الى القليعات.
هل يعقل ان يتفق على انتخاب الرئيس في الطائرة؟
- كان هناك عدد من الطامحين والدليل انه لدى وصولنا الى القليعات رشح الرئيس الياس الهراوي نفسه ونال خمسة أصوات والدكتور جورج سعادة رئيس حزب الكتائب رشح نفسه ونال 16 صوتاً.
هل كان عدم الوضوح من المناورات الهادفة الى ضمان اكتمال النصاب؟
- غير صحيح، الفترة التي انتهى فيها الطائف وذهبنا خلالها الى الجزائر والمغرب ثم الى بيروت ومنها الى باريس للعودة بالنواب كانت فترة قصيرة وبذل عدد كبير من المرشحين جهوداً سابقة. نحن ولئن كنا على اتصال مع عدد من النواب وعلى اتفاق معهم على اسم رينيه معوض...
قبل الطائف؟
- قبل الطائف وخلاله ومنهم المرحوم النائب جوزيف سكاف أي النواب الذين تربطني بهم رابطة تحالفية لكننا لم نفصح عن ذلك حتى لا يؤثر موضوع انتخابات الرئاسة على الوفاق. كان المطلوب توفير اجماع حول الوفاق وأي ترشيح كان من شأنه ان يفتح باب الحسابات والطموحات الشخصية وان يبلبل الوضع وهذا ما رفضناه.
ألم يكن للحريري دور في وصول معوض؟
- ليس في علمي ان الحريري آنذاك كان يستطيع ان يشتغل لرينيه معوض او غيره.
ألم يكن الياس الهراوي مرشح رفيق الحريري؟
- قد، وهذا دليل على انه لم يكن في موقع من يرجح أو من يستطيع ان يشتغل ويغير مجرى الأمور والا لاستطاع تأمين وصول الهراوي سلفاً ومن المرة الأولى.
معوض ودور الحريري
ماذا كان يمكن ان يكون دور رفيق الحريري في عهد رينيه معوض؟
- في الواقع ولكي أكون دقيقاً في جوابي أقول انه لم يكن لدى احد منا أي اعتراض على افساح المجال امام رفيق الحريري وامكاناته في ان يلعب دوراً اعماراً وانمائياً في لبنان لكن لم يكن في ذهني او في ذهن احد ممن أعمل معهم وبينهم الرئيس معوض الذي لم يكن في ذهنه اي دور سياسي لرفيق الحريري. قال لي الرئيس معوض انه رفض اي دور سياسي لرفيق الحريري حين فوتح بهذا الأمر وانه لم يكن لديه اي مانع في ان يكون الحريري وزير دولة لشؤون الانماء والاعمار خصوصاً وان قناعة الرئيس معوض وقناعتي وقناعة كل رفاقنا في التخطيط لمراحل اقامة الدولة كانت ان السيد الحريري لا يملك الامكانات التي تؤهله لأن يلعب دوراً سياسياً خصوصاً وان التجارب السابقة سواء مع بداية الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 وانتخاب بشير الجميل رئيساً للجمهورية ثم تجربته مع الرئيس أمين الجميل ثم المشاكل التي حصلت من حيث الاعتراض على المنحى الذي لم يأخذ في الاعتبار تكوين لبنان في مشاريعه بدءاً من ردم البحر من انطلياس حتى بيروت فضلاً عن مشاريع الضاحية التي كانت موضع اعتراض شديد من قبل كثيرين وبالتالي هذا ما أدى في فترة من الفترات الى اعلان السيد الحريري عن احجامه او توقفه عن السعي الى أي عمل تجاري أو عائد للمقاولات في لبنان.
ولكن ما علاقة الحريري بانتخاب بشير الجميل وما هو دوره؟
- باعتقادي انه كان على صلة باحدى رحلاته الى الخارج.
وهل لعب دوراً في وصول أمين الجميل؟
- لكنه كان على معرفة بما يجري عبر بعض النافذين وهذا واضح من سياق بعض الكتب التي صدرت. كل ذلك لا يجعلني اتخذ موقفاً مخاصماً للسيد الحريري لكنني لا أستطيع أن أقر ان أشخاصاً من أمثال رفيق الحريري يستطيعون لعب دور سياسي في لبنان. فلبنان يخرج من حرب عمرها سنوات طويلة ورتبت خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات ودفع لبنان مئات آلاف الشهداء عبر تاريخه وكانت الدفعة الأخيرة 220 الف شهيد. لا يمكن جعل لبنان حقل تجارب لمن ليست لهم خبرة في شؤون الحكم. من هنا عندما تسألني عن سبب اختيارنا لرينيه معوض فان الجواب نفسه يفسر تبريرات استبعاد اي دور سياسي لأمثال السيد رفيق الحريري.
هل بحث في اشراك الحريري في الحكومة التي كانت موضع تشاور قبل اغتيال معوض؟
- على ما علمت من الرئيس معوض فان شخصاً ما فاتحه بدور لرفيق الحريري فأجابه ان بالامكان الاستعانة بامكاناته وقدراته المالية في منصب وزير دولة لشؤون الانماء والاعمار. هذا ما أبلغني به الرئيس معوض في الأيام الأولى لانتخابه ثم استبعد هذا الامر ولم اعرف اذا كان الرئيس معوض صرف النظر ام ان السيد الحريري لم يقبل بتلك الصيغة. لكن التشكيلة الحكومية التي اتفقنا عليها قبل دقائق من اغتيال معوض لم تكن تتضمن اسمه.
جنيف ولوزان
أريد أن أسأل كيف ترى دور رفيق الحريري في الطائف والى أي حد سهل التوصل الى الوفاق الوطني؟
- كان للسيد رفيق الحريري دور في عدد من المحطات على ما نذكر مؤتمر جنيف والذي كان لنا موقف واضح لجهة عدم الالتزام بما سيصدر عنه كون هذا المؤتمر لا يضم كل اللبنانيين بل يضم الميليشيات وبعض الشخصيات اللبنانية في حين يهمل كل الممثلين لكل الطوائف اللبنانية. هذا اضافة الى ان طوائف كاملة لم تكن ممثلة كالارثوذكس والكاثوليك والأرمن، والذين ذهبوا من طوائف اخرى لا يمثلون طوائفهم بالكامل. الوجه البارز في ذلك الاجتماع هو وجود رغبة في انهاء الحرب عبر اشراك الميليشيات فكان الرئيس الجميل يمثل "القوات اللبنانية" اكثر مما كان يمثل الدولة اللبنانية وخصوصاً بعد 17 أيار ومآسيه ثم مؤتمر لوزان وهو صورة طبق الأصل عن مؤتمر جنيف طبعاً مع تطور الاحداث على الأرض وزيادة النكبات. وأطلقت يوماً على ما يجري تعبير الصفقة المريبة اي بدلاً من انهاء الالتباس في وضع الرئيس الجميل الذي كان ذا سيطرة على "القوات" التي كانت تسيطر على ما كان يسمى المنطقة الشرقية في حين كان يحاول السيطرة بالقوى الشرعية على المنطقة الاخرى. وفي اعتقادي ان حزب الكتائب برئاسة والده المرحوم الشيخ بيار الجميل لم يسهل له العمل من حيث تسليمه كرئيس شرعي للجمهورية.
هل كنت مع المطالبين باستقالة الجميل؟
- في لوزان، نعم كنت مع انهاء الوضع الشاذ اما ان يصبح رئيساً للجمهورية دون ميليشيا المتن و"القوات اللبنانية" واما يترك رئاسة الجمهورية ليأتي الرئيس الذي يستطيع ان يعيد للشرعية مفهومها. كان دور الحريري آنذاك كمعاون وبالتالي برز اسمه كمبعوث ووسيط.
وكان للحريري دور في الاتفاق الثلاثي من حيث المشاركة في صنع ملف موضوعي بين الميليشيات الرئيسية ابتداء من لوزان.
ولكن كان لرفيق الحريري دور في لقاء النواب اللبنانيين في الطائف؟
- لا أخفيك ان بعض النواب اعترض على وجود رفيق الحريري في قصر المؤتمرات بالطائف. كنت اتفقت مع موفد اللجنة الثلاثية العربية على ابعاد الاعلاميين عن مقر الاجتماع تفادياً للاثارة وطرح الامور قبل اوانها وكي لا يعاني النواب من ضغوط خارجية. وهكذا طلب من الصحافيين وبينهم نقيب الصحافة ونقيب المحررين ورؤساء تحرير الصحف وكبار الاعلاميين ان يقيموا في فندق يبعد عشرات الكيلومترات عن قصر المؤتمرات. ليلة وصلنا فوجئنا بالاعتراضات على وجود الحريري وثمة من قال ان مجرد وجوده في قصر المؤتمرات سيكون مصدراً لوضع غير مريح خصوصاً بعد الادوار التي لعبها في جنيف ولوزان والاتفاق الثلاثي. الامر الثاني هو كيف يمكن ابعاد نقيبي الصحافة والمحررين وكبار الاعلاميين عن مقر النواب وان يسمح لشخص لا صفة له بالوجود في المقر وبدا ان هذه النقطة ستكون موضع انتقاد من الاعلاميين.
نقلنا هذا الاعتراض الى احد وزراء اللجنة الثلاثية وجاء الجواب سريعاً ان المقارنة مع وضع نقيبي الصحافة والمحررين خاطئة لأن الحريري لا يحضر بصفة لبنانية وهو يقيم في الطابق المخصص للجنة العربية والوزراء والسفراء والمعاونين الملحقين بها.
وكانت اللجنة رفضت التدخل ما دام النقاش يدور حول امور لبنانية - لبنانية الى درجة ان وزراءها ومعاونيهم كانوا يجلسون في ركن خاص حتى في قاعة الطعام. وعندما حاول بعض النواب خصوصاً من المسيحيين الذهاب الى ممثلي اللجنة للاعتراض على بعض الطروحات كان الجواب: نحن لا نتدخل في الامور اللبنانية وعندما تنتهون من مناقشة الشق اللبناني سنكون في خدمتكم.
"أتهمه بافتعال الازمة"
أردت السؤال عن سبب التغيير في رئاسة المجلس؟
- انه امر طبيعي في فترة الوقت الضائع واستعمال هذه الفترة لاستحداث ازمة اقتصادية واجتماعية وافتعالها من قبل بعض الذين جاءتهم فترة المراوحة كفرصة للارتداد على الاصلاحات السياسية.
تتحدث عن افتعال ازمة اقتصادية من تتهم بافتعالها؟
- هل تعتقد ان احداً في لبنان يجهل ما حدث في 6 أيار مايو 1992 وهل هناك احد يجهل كيف حصلت الحملة الاعلامية المدفوعة الاجر بهدف ايجاد حالة ذعر لدى اللبنانيين الذين يمتلكون ليرات لبنانية ودفعهم الى الهروب الى حيازة الدولار من اجل حدوث الانهيار. هذا اضافة الى اشتراك مصرفيين، كان لهم قدر وقيمة قبل ذلك، في الترويج لارتفاع سعر الدولار وكل ذلك من اجل اسقاط حكومة الرئيس عمر كرامي والتمهيد لمجيء السيد رفيق الحريري.
هل تقصد القول ان الحريري ضالع في تلك الحملة؟
- طبعاً، وهذه المسألة نقطة سوداء في تاريخ كل من شارك في هذه الحملة وبالتالي فانها اعاقت قيام الدولة فترة زمنية معينة وإذا كان اصحابها قد استفادوا مالياً وحصّلوا بعض الاموال من اموال الشعب اللبناني فباعتقادي ان النهاية ستكون سيئة جداً لكل من شارك في تلك الحملة.
وأعود الى السؤال السابق فأقول انه بعد اجراء الانتخابات كان من الطبيعي ان لا اكون في التشكيلة وأنا واثق ان اللبنانيين لا يرونني عضواً في تشكيلة من هذا النوع وبالتالي لم أترشح لرئاسة المجلس.
يلاحظ انك لا تلتقي الرئيس الحريري. هل القطيعة شخصية؟
- لا لكن ليس هناك ما يبرر مثل هذا اللقاء الذي في حال حصوله سيظهر وكأنني وافقت على مجيئه ولهذا السبب انا لم أشارك في استشارات التكليف او التأليف وأي لقاء سيظهرني وكأنني موافق على هذا النهج علماً ان اعتراضي هو ان تكوين السيد الحريري مناقض لصيغتنا ولطبيعة التكوين اللبناني السياسي والاجتماعي. المرحلة تذكّر بما قبل القرن السابع عشر وبداية الثورة الصناعية أي حين كانت هناك مجموعة من المقاولين اطلق عليها لاحقاً البورجوازية ولدى المجموعة فكرة بدائية عن رأس المال الغاشم أي الاستيلاء على السلطة السياسية لتأمين الاستثمارات المالية. هذا حصل ما قبل مرحلة دسترة الدول. انها عقلية اجتياح الدساتير والقوانين وفرض حكم بدائي اي ان تمتلك شركة البشر والحجر وتحولهم كلهم الى أُجراء. ان بلداً مثل لبنان خرج من حرب دفع فيها 220 الف شهيد لا يصلح لمثل هذا النهج. لذلك أقول انه من الجريمة ان نحوّل بلدنا حقلاً للتجارب لمن ليس عندهم خبرة في الحكم ولم يسبق لهم ان تعاطوا الشأن العام فكيف بعد تجربة سنتين مع السيد الحريري، يكفي التوقف عند اقالة الوزير بشارة مرهج خلافاً للدستور والقوانين وقبل ذلك الوزير جورج افرام. ويكفي استرجاع الحوار الذي دار بين صحافي والسيد الحريري. الصحافي يسأل لماذا أقيل الوزير وكيف وبناء على أي نص أي ان الصحافي ينطلق من أن الشأن شأن عام وان الرأي العام معني بالمسألة ويأتيك جواب الحريري: "الوزير مرهج زلمي آدمي وصاحبنا وعبكرة ببعت وراه بس أنا ورئيس الجمهورية ارتأينا ذلك وهذا ما حدث". بمعنى آخر اعتبر الحريري المسألة شأناً خاصاً وكأن الوزير هو عامل في جنينة أو بستان الحريري وارتأى ان يقيله برغم كونه "آدمي". هذا النوع من العقل في دولة دستورية ذات قوانين وأنظمة دفع ثمنها باهظاً هو ظاهرة خطيرة. ليس بيني وبين الحريري أي شأن شخصي ولا يعنيني شأنه الشخصي.
في منزل صائب سلام
متى تعرفت على الرئيس الحريري؟
- أعتقد في منزل الرئيس صائب سلام بعد الاجتياح الاسرائيلي.
ألم تكن بينكما أي علاقة قبل ذلك؟
- لم أسمع به. في ذلك اليوم عرفني عليه الرئيس سلام وكنا أنا والرئيس المرحوم تقي الدين الصلح في صدد كتابة بيان فدخل الرئيس سلام وقال: "هل هناك امكانية ان نضيف فقرة تتضمن اشادة بأعمال رفيق الحريري الذي يزيل الانقاض من كورنيش المزرعة". اعترضت على هذا الطلب وقلت نحن معنيون بمواجهة الاجتياح الاسرائيلي ولا مجال لاشادة من هذا النوع، ولكن هناك امكانية اخرى وهي انك بوصفك الرئيس سلام الزعيم اللبناني ونائب بيروت باستطاعتك بعد اعلان بيان اللقاء الوطني والاسلامي ان تدلي بتصريح تشيد فيه بدور الحريري وهو من باب الاعاجيب.
الزعيم الاوحد مرفوض
لم تتفاهم مع الوزير وليد جنبلاط؟
- الوزير وليد جنبلاط له موقع تمثيلي ومهم وبالتالي فان اموراً كثيرة أحاول ان اتفهمها خصوصاً وان المطلوب تطمين الجميع وإزالة المخاوف من اذهان الجميع. التعامل مع الفرقاء في الوطن هو غير التعامل مع الاشخاص. شخص وليد جنبلاط شيء آخر والمهم من يمثله وليد جنبلاط. ليس عندنا أي هدف في انهاء مخاوف عند البعض وخلق مخاوف عند البعض الآخر. المطلوب تطمين الجميع لأن التكافل والتضامن يجب ان يكونا في اطار منطق المشاركة من ضمن المؤسسات والخروج من منطق الميليشيات والاستعانة بالقوى الطائفية والميليشيوية. بعض الامور نختلف في شأنها مع الوزير جنبلاط وفي بعض الامور نتفق معه طبعاً مع رفضنا لمنطق الميليشيات ورفضنا لمنطق الزعيم الأوحد لدى أي جهة. لا امكانية في لبنان لقيام زعيم أوحد في أي مكان من الامكنة. والوفاق الوطني أخذ في الاعتبار احداث الأمان والاطمئنان لدى جميع اللبنانيين عبر الانتقال الى منطق الاحزاب ذات الشمولية الوطنية. الآن كل الاحزاب المحلية ذات سمة طائفية مهما البست من ملابس وجميع الاحزاب القومية لم تستوف الشمولية الوطنية وكذلك الاحزاب الاممية وهذا ليس عيباً فيها بل هو عيب في صيغة الحكم التي كانت قائمة والتي لم تفسح المجال لقيام مؤسسات حزبية وطنية. الآن بعد ازالة الثغرات من تكويننا الوطني، بما نصت عليه مقدمة الدستور، في اعتقادي ان المجال واسع امام اقامة الاحزاب الوطنية وانني أدعو الجميع سواء الاحزاب القائمة او تلك التي يحتمل ان تقوم الى الافادة من هذه الفرصة وان تأخذ دورها من اجل ان تكون لكل الطوائف والمناطق. لدينا احزاب بعضها قاصر عن كل الشعب اللبناني وعن كل المناطق اللبنانية وبعضها يتخطى الشعب اللبناني والجغرافية اللبنانية. المطلوب احزاب على صورة الوطن اللبناني ومثاله.
هناك حملة على الحريري لكن هناك شعوراً بأن البديل غير موجود؟
- جوابي وعن قناعة حقيقية هو ان ليس عندي أسوأ من رفيق الحريري، اما الأفضل فأي شخص آخر هو الأفضل.
يبدو انك تتفاهم مع الدكتور سليم الحص؟
- طبعاً الرئيس سليم الحص والرئيس عمر كرامي وحتى الرئيس رشيد الصلح رغم التباعد الكبير فهو على الأقل يستطيع ان يكون كفوءاً في الاستدانة اكثر من رفيق الحريري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.