تعاملت دولة الامارات في الفترة الاخيرة مع عدد من الاستحقاقات السياسية، الاقليمية والغربية والدولية، من موقع مسؤوليتها تجاه قضايا تدخل في نطاق مصالحها الوطنية او في نطاق مسؤوليتها كرئيسة للدورة الحالية لمجلس التعاون الخليجي او على مستوى كونها عضواً في منظمة المؤتمر الاسلامي والاسرة الدولية ككل. ويمكن في اطار استعراض هذه القضايا التوقف بداية عند الزيارة القصيرة التي قام بها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان لمدينة العين بامارة ابو ظبي والتي وصلها بطريق البر عبر المنفذ الحدودي بين سلطنة عمان وأبو ظبي. وتركزت المحادثات بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات والسلطان قابوس على تطورات الموقف في منطقة الخليج والسبل الكفيلة بتعزيز الامن والاستقرار في المنطقة ودعم العلاقات الاخوية بين دول مجلس التعاون الخليجي. وتقول مصادر ديبلوماسية ان زيارة السلطان قابوس القصيرة لمدينة العين تحمل اكثر من هدف ولها اكثر من دلالة، خصوصاً اذا وضعت في اطار العلاقات المتميزة التي بدأت بين البلدين اثر زيارة قام بها الشيخ زايد لسلطنة عمان في ايار مايو 1991 بعد انتهاء حرب تحرير الكويت مباشرة. وتم في ختام هذه الزيارة الاعلان في مسقط عن تشكيل لجنة عليا مشتركة بين الامارات وسلطنة عمان لاعطاء العلاقات بينهما طابعاً متميزاً على الصعيدين السياسي والاقتصادي ورسم وتنفيذ سياسات التعاون والتنسيق الدائم بين الامارات وسلطنة عمان في جميع الامارات الشيخ خليفة بن زايد ولي عهد ابو ظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة، ويرأسها من الجانب العماني السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء للشؤون القانونية، في مطلع نيسان ابريل الماضي في مدينة العين، وتوصلت الى "نتائج ايجابية" حسب بيان مشترك سيكون لها "انعكاسات مهمة على تطور العلاقات بين البلدين ومسيرة مجلس التعاون". وتقول مصادر ديبلوماسية ان الشيخ زايد والسلطان قابوس اجريا في اجتماع مدينة العين مراجعة لاتفاقات اللجنة المشتركة وتقديماً لمسيرة التعاون بينهما منذ ايار مايو 1991 في مسقط. ويعتبر من اهم هذه النتائج فتح الحدود امام مواطني البلدين للتنقل بالبطاقة الشخصية وتشكيل لجنة استثمارية مشتركة يكون من مهامها تنفيذ مشاريع اقتصادية في سلطنة عمان. وأشارت المصادر الى ان زيارة قابوس تحمل دلالات اكبر من النتائج المباشرة لها، وقالت انها ربما تكون اصبحت تقليداً سنوياً بعد ان زارها العام الماضي ايضاً ووصل اليها بطريق البر عبر المنفذ الحدودي بين البلدين من جهة العين. ويشكل هذا المنفذ الحدودي صلة الوصل الاساسية عن طريق البر بين سلطنة عمان وامارة ابو ظبي، فيما ترتبط السلطنة بمنافذ حدودية مع الامارات الاخرى في دولة الامارات. وأكد وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي عبدالله ان ملف الحدود بين الامارات وسلطنة عمان "أغلق نهائياً"، واستغرب الوزير العماني مجرد طرح اسئلة حول قضية الحدود بين الامارات وسلطنة عمان. وتشير المصادر الى ان من ابرز المواضيع التي بحثها الشيخ زايد والسلطان قابوس مشكلة الجزر الاماراتية مع ايران. وتقول مصادر ديبلوماسية ان سلطنة عمان تقوم بوساطة معلنة بين الاماراتوايران للوصول الى حل سلمي حول جزر ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. وكان البرلمان الايراني اعلن الشهر الماضي فرض السيادة الايرانية على الجزر في جنوب الخليج، بما فيها الجزر الاماراتية الثلاث دون تسميتها بالاسم، مؤكداً ان ايران ستواجه بالقوة اية اختراقات "لحدودها الاقليمية في هذه المنطقة". ولم يصدر عن الامارات اي تعليق حتى الآن على بيان البرلمان الايراني. غير ان مصادر ديبلوماسية في ابو ظبي اعربت عن اعتقادها بأن يكون الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان وزير الدولة للشؤون الخارجية بحث قضية الجزر بما فيها بيان البرلمان الايراني مع الدكتور علي اكبر ولايتي وزير الخارجية الايراني وذلك في اجتماع عقد بينهما في كراتشي على هامش مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية. وتؤكد الامارات تمسكها بسيادتها على الجزر الثلاث والتوصل الى حل سلمي لهذه المشكلة مع ايران بالطرق السلمية ووفقاً للقانون الدولي. ويشكل لقاء حمدان بن زايد والدكتور ولايتي ثاني اجتماع يعقد بين مسؤولين في البلدين على مستوى رفيع بعد زيارة وزير الدفاع الايراني اكبر تركان لأبو ظبي في شباط فبراير الماضي واجتماعه الى الشيخ خليفة بن زايد ولي عهد ابو ظبي وعدد من كبار المسؤولين في الامارات. وتقول مصادر ديبلوماسية الى ان الامارات تتعامل مع قضية الجزر بنفس طويل من دون التفريط بحقوقها في سيادتها على هذه الجزر وانتهاج الحل السلمي للوصول الى هذه الحقوق مع المحافظة على علاقات طبيعية مع الجارة ايران بما يضمن استقرار وأمن المنطقة. وتشير المصادر الى ان لقاء كراتشي "ربما يكون" من ترتيب دول خليجية، خصوصاً من جانب سلطنة عمان، او من ترتيب سورية، اللتين تقومان بوساطة بين الاماراتوايران، فيما ترى بعض الدوائر السياسية في ابو ظبي ان الاجتماع لا يخرج عن كونه "لقاء مناسبة" على هامش اجتماع كراتشي، ولكنه يحمل مؤشرات ايجابية تؤكد استمرار فتح القنوات السياسية والديبلوماسية بين البلدين بما يساعد على حل مشكلة الجزر سياسياً والمحافظة على استقرار وأمن المنطقة. وتشير المصادر الى ان التحرك الايراني جاء نتيجة شعور بجدية تحرك الدول الثماني الموقعة على اعلان دمشق بعد نحو عامين على توقيعه، خصوصاً ان الاعلان عن اجتماع وزراء الخارجية تزامن مع تحديد موعد اجتماع وزراء المال في دول الاعلان في 18 ايار مايو الجاري في الدوحة.