وضع المسؤولون السوريون حداً لكل الانباء والاشاعات التي ترددت في الايام الاخيرة عن "تغيير" الحكومة اللبنانية برئاسة عمر كرامي او "تعديلها" و"نصحوا" الرؤساء اللبنانيين الثلاثة بالابقاء على الحكومة الحالية في الوقت الحاضر بحيث تشرف هذه الحكومة على الانتخابات النيابية المتوقع اجراؤها في لبنان بين حزيران يونيو وتموز يوليو المقبلين. قضية حكومة كرامي حسمت في دمشق خلال قمة لبنانية - سورية موسعة عقدت يومي 24 و25 آذار مارس الجاري وشارك فيها عن الجانب السوري الرئيس حافظ الاسد ونائبه عبدالحليم خدام ورئيس الوزراء محمود الزعبي وعن الجانب اللبناني رئيس الجمهورية الياس الهراوي ورئيس الحكومة عمر كرامي ورئيس مجلس النواب حسين الحسيني. وكشف مصدر لبناني رفيع المستوى لپ"الوسط" ان هذه القمة شهدت "17 ساعة من العتاب بين الهراوي وكرامي والحسيني من مجموع 25 ساعة استغرقتها الاجتماعات التي عقدها الجانبان اللبناني والسوري". ومن هذا المنطلق أمضى المسؤولون السوريون معظم الوقت خلال هذه القمة في العمل على "مصالحة" اركان الحكم اللبناني ومعالجة خلافاتهم التي تركزت خصوصاً حول صلاحيات كل منهم وتفسير الدستور اللبناني الجديد المنبثق عن اتفاق الطائف، كما تناولت الخلافات تقييمات مختلفة لاداء حكومة كرامي. وبدا خلال هذه الاجتماعات ان الهراوي يميل الى تغيير الحكومة الحالية أو اجراء تعديلات فيها، في الوقت الذي يرفض عمر كرامي ذلك. وبعدما استمع المسؤولون السوريون الى وجهات نظر الرؤساء الثلاثة وسعوا الى تذليل الخلافات بينهم، طرحوا موقفهم من مسألة التغيير الحكومي. وعلمت "الوسط" من مصادر وثيقة الاطلاع على ما جرى في قمة دمشق ان المسؤولين السوريين ابلغوا الرؤساء الثلاثة الامور الآتية: 1 - المشكلة الحقيقية التي يعاني منها لبنان حالياً ويشكو منها المواطنون اللبنانيون ليست مشكلة حكومة كرامي كحكومة. فهذه الحكومة تضم شخصيات من اتجاهات مختلفة ملتزمة بمسيرة اتفاق الطائف. المشكلة الحقيقية، التي تدفع حكومة كرامي ثمنها - اذا جاز التعبير - ناتجة عن الخلافات بين اركان الحكم اللبناني وأيضاً عن فساد الادارة اللبنانية. 2 - الخلافات بين اركان الحكم اللبناني الثلاثة - وهي علنية ويومية - تزعزع ثقة المواطنين والموظفين بالحكم ككل ولا بد ان ينعكس ذلك على الاداء الحكومي. 3 - الادارة اللبنانية فاسدة وفسادها يحرم الحكومة - اية حكومة - من اداة تنفيذية هي في حاجة ماسة اليها لتسيير امور البلاد والمواطنين. 4 - على هذا الاساس من الافضل في الظروف الراهنة وضع حد لخلافات اركان الحكم اللبناني، واتخاذ الاجراءات اللازمة - سواء عن طريق تشديد الرقابة او اتباع سياسة العقاب والثواب - لمعالجة الفساد في الادارة اللبنانية، والابقاء على حكومة كرامي كما هي. واقتنع الجانب اللبناني بهذه النصائح السورية، وتم التفاهم في دمشق على ابقاء حكومة كرامي كما هي، على الاقل الى حين اجراء الانتخابات النيابية في الصيف، كما تم التفاهم على استبدال اي وزير يقاطع جلسات مجلس الوزراء. واستقر الرأي خلال اجتماعات دمشق على انه "اذا كانت هناك شكاوى من وزراء فتعالج بمساهمة سورية ولبنانية، لكن التضامن الحكومي ضروري". وتم الاتفاق على اعطاء الاولوية لتحسين اداء الادارة بدءاً بتعيين موظفي الفئة الاولى في المراكز الشاغرة واتخاذ مجموعة خطوات لوضع حد لفساد الادارة "القادر على افشال اية حكومة". وعلمت "الوسط" من مصادر لبنانية مطلعة ان خلافاً نشب بين الهراوي وكرامي حول وزيرين هما بطرس حرب وزير التربية ومحمد يوسف بيضون وزير الموارد المائية والكهربائية، اذ بدا ان رئيس الجمهورية يتمنى تغييرهما، لكن رئيس الحكومة أكد تضامنه معهما. وأوضحت مصادر لبنانية انه تم الاتفاق في اجتماعات دمشق على الاجراءات الآتية التي هي بمثابة "خطة عمل" الحكم اللبناني للمرحلة المقبلة: - المفاوضات الثنائية العربية الاسرائيلية، واتفق على مواصلة حضورها وعدم التغيب عن جلساتها. - اعادة تنظيم الاعلام المرئي والمسموع. - الغاء طائفية الوظيفة ما دون الفئة الاولى واجراء التعيينات الادارية في هذه الفئة على اساس المناصفة والمداورة بين المسيحيين والمسلمين. - الاتفاق على التقسيم الاداري للبنان واللامركزية الادارية بمبادئها العامة. - تعديل قانون الانتخابات النيابية لرفع عدد النواب الى 128 وتحديد الدائرة الانتخابية على اساس المحافظة كما نص عليه اتفاق الطائف او على اساس الدائرة. وكانت القمة اللبنانية - السورية التي انعقدت قبل ايام من هذه القمة تناولت مسألة اجراء الانتخابات في مطلع الصيف المقبل. واتفق الرئيسان الهراوي والاسد على تحضير الاجواء لها. - عودة المهجرين الى قراهم ومساكنهم. - انشاء المجلس الاقتصادي - الاجتماعي. - جمع السلاح الخفيف. - مواصلة استيعاب عناصر الميليشيات. - استكمال بناء الجيش وقوى الامن الداخلي لبسط سلطة الدولة على كل الاراضي اللبنانية. وقال احد الرؤساء الثلاثة "ان هناك زخماً سورياً جديداً، امنياً وسياسياً وعسكرياً سيظهر في عملية دعم الجيش". ولوحظ انه بعد عودته الى بيروت اجتمع الهراوي برجل الاعمال رفيق الحريري الذي كانت ترددت اشاعات - بل انباء نشرتها صحف لبنانية وعربية - عن احتمال تكليفه تأليف حكومة جديدة تحل محل حكومة كرامي.