يأتي موسم الحج، الذي قال الله فيه"ليشهدوا منافع لهم"، ليشكل سوق عمل مفتوحة للجميع. ويعوّل أهل مكة على هذا الموسم الحافل بالمظاهر الروحانية والاجتماعية وكذا الاقتصادية، إعادة ترتيب أمورهم المادية، والمشاركة في اقتطاع نصيبهم من مداخيل الحج الوافرة. فمن التطويف إلى تأجير المساكن إلى النقل وبيع المواد الغذائية، حركة لا تتوقف إلا مع توقف الموسم. وتأتي"الطوافة"من أهم الأعمال التي يقوم بها أهل مكة في الحج. ويتوارث المكاويون هذه المهنة، التي لا توجد في أي مكان آخر غير مكة. والتي اكتسبت مع مرور الزمن أهمية خاصة، وأكسبت ممتهنيها شهد الدنيا وأجر الآخرة. 15 ألف أسرة مكية تفرغت تماماً لخدمة الحجيج من وقت دخولهم إلى مكة حتى خروجهم منها. بدأت هذه المهنة منذ زمن بعيد، غير أنها مرت بفترات تطويرية متعددة، حتى أصبحت عملاً مؤسساتياً رسمياً، اختصر في 6 مؤسسات طوافة، تم اعتمادها بناء على الموقع الجغرافي لكل حاج. وفي شوارع مكة، يتسابق أصحاب السيارات الخاصة، على التقاط الركاب من الأرصفة، عدد كبير من أبناء مكة يشاركهم عدد لا بأس به من الباحثين عن الرزق، ممن جاؤوا من مدن مختلفة، في نقل الحجيج من موقع إلى آخر، عبر سيارات قديمة. يسعفهم في ذلك ندرة سيارات التاكسي والليموزين المتخصصة. وفي نفس الشارع، هناك"الدباب"، أو الدراجة النارية، هذه المركبة الصغيرة تحمل أكثر من سبب لوجودها في شوارع مكة، بشكل لا تسجله أي مدينة سعودية أخرى، الزحام والشوارع الضيقة وربما ضيق اليد لبعض مستخدميها، جعل من الدباب وسيلة نقل فارهة في مكة. هناك من أبناء مكة من استغنى عن السيارة تماماً وأصبح"الدباب"رفيق دربه الدائم.