يمكن تسميته ب"البطل"، فهو الذي يعتبره السعوديون أداة ترفيه وعبث في آن وفي غير موسم، ويأتي الحج ليجعل منه وسيلة نقل ذات خصوصية عالية ومكانة مميزة وفاعلية غير مسبوقة. الدراجة النارية التي اصطلح أهالي المنطقة الغربية على تسميتها"دباب"تمثل شرياناً حيوياً لحركة النقل داخل المشاعر، تشق طريقها بين أفواج الحجيج بانسيابية عالية من دون مضايقة أو ضجيج، ولا تلتزم كثيراً بقوانين السير ويحدث أن تعكس الطريق من دون أي تحرك يذكر من قبل رجال المرور، حتى الإشارات المرورية التي تصطف عليها السيارات يجد"الدباب"له مخرجاً للتملص منها والتسلل عبرها بكل أدب. شبان مكة يحترفون قيادة"الدباب"ويتفننون في الاستعراض به وتقديم العروض عليه، أثر البعض منهم استخدامه أكثر من السيارة ولا يبدو ذلك أمراً مستغرباً، ويمكن القول إنها بالنسبة لهم مركبة بمرتبة"رولزرويس"، لأن وظيفة"الدباب"الاستثنائية في الحج كرست لديهم هذا العشق حتى بات سمة واضحة يلمسها أي زائر إلى مكةالمكرمة في أي وقت، ويصل الأمر إلى أن بعض المكاويين يطلقون على"الدباب"أسماء تعبيرية ك"الحبيب"و"زهرة البيت"وغيرهما. وفي الحج تزيد نسبة أعداد"الدبابات"في شوارع مكة بشكل ملحوظ خصوصاً في منطقة المشاعر المقدسة والطرق إلى الحرم، وترتفع هذه النسبة مع إخراج مؤسسات الحج والطوافة لهذه النوعية من المركبات إلى العمل بعد فترة بيات طويلة تبقى خلالها رهن المخازن من الموسم إلى الموسم. وفي الحج يشتعل سوق"الدبابات"وتصل أسعارها إلى مبالغ خيالية تتناسب مع قيمتها في الشارع أكثر من قيمتها في السوق، وتمثل للبعض مصدر رزق رسمي خلال هذه الفترة بحيث يتم نقل الحجاج بواسطة"الدباب"بين المشاعر مقابل مبلغ من المال. في الآونة الأخيرة عمد بعض أصحاب مؤسسات الطوافة إلى إدخال نوعية جديدة من"الدبابات"ذات ثلاثة إطارات تقل ثلاثة ركاب وربما أكثر, وتستخدم في نقل الأغراض. وعلى رغم هذه الأهمية التي تحظى بها هذه المركبة العجيبة في موسم الحج إلا أن خطرها محدق بركابها وحوادثها ربما تكون قاتلة، خصوصاً أنها تقارع طريق الحافلات وتتسرب بشكل حلزوني بين السيارات الكبيرة، وربما لا تؤخذ في الاعتبار من قبل سائقي تلك المركبات. ويؤكد عدد من العاملين في مستشفيات المشاعر المقدسة أن أقسام الطوارئ تستقبل يومياً الكثير من حوادث"الدبابات"التي ينتج منها إصابات خطرة وكسور وربما حالات وفاة.