"المجاورة"، من أسمى سمات الجاليات المسلمة، التي استوطنت مكة على مدى عقود مضت. أناس من مختلف الأوطان والألوان والأعراق وجدوا أنفسهم من أهل مكةالمكرمة، من ذاكرة المكان والزمان. عائلات وأفراد، يمارسون حياتهم على طريقتهم، وفق طقوس، معظمها أصبحت مألوفة للإنسان المكي. في هذه المدينة، يمكن أن تحدد تجمعاً سكنياً أو حارة، لكل جالية مسلمة، غير أن"الأفارقة السود"و"البورماويين"و"الجاوه"، كان لهم النصيب الأكبر من كل هذه"المجاورة".في هذا التحقيق نفتح ملف الجاليات المسلمة التي سكنت مكة في سنين مضت خلال الحلقة الأولى. ونتناول في الحلقة الثانية بعض المظاهر التي تحضر في موسم الحج. وفي الحلقة الثالثة نعرج على الإعلام المكي وأبرز أعلامه. التوافد على مكةالمكرمة منذ القدم، غير أن مصادر ترجح بدء توافد هذه الجاليات بشكل جماعي، قبل نحو 50 عاماً. فئة الشبان تشكل النسبة الأعلى بينهم. شبانهم ولدوا في مكة، ومنهم من لم يغادرها. يتحدثون اللغة العربية بطلاقة، ويعرفون تفاصيل الأماكن والشوارع والحارات. مندمجون بشكل واضح في الحياة المكية. بينهم سعوديون، والعدد الأكبر منهم يقيمون نظامياً، ولا يخلو الأمر من وجود المخالفين لنظام الإقامة والعمل بينهم. في شارع المنصور الشهير، تطغى الملامح الأفريقية على المكان، حتى أن هذا الشارع أصبح يعرف ب"دوقن قيدا"وهي مفردة أفريقية، تعني مجازاً"المبنى الطويل"وكان الافارقة يستخدمونها للوصول إلى شارع المنصور. وبين"حوش بكر"، وحي"الطندباوي"، يتنقل شبان سمر يافعون، كانت مكةمسقط رؤوسهم. يشعرون بالانتماء إلى هذا المكان ويعتبرون أنفسهم من أهل البلد، غير أنهم يعانون قلة التعليم والفرص الوظيفية. أحد كبارهم يؤكد أن هؤلاء الصغار"كنز غير مستثمر وطاقة مهدرة يجب الالتفات لها". أكثر من 80 ألف بورماوي يعيشون في مكة، بينهم عائلات استقرت في مكة قبل نحو 50 عاماً. يمارسون حياتهم وطقوسهم، بعيداً عن التصفيات العرقية التي تمارس ضد المسلمين في بلادهم. البروماويون يحملون إقامة دائمة في مكة، غير أن دخول البنغلاديشيين المخالفين في أوساطهم"بحسب قول بعض أهالي مكة"، أوجد مساحة للجريمة في حياتهم. تؤكد المصادر الأمنية أن جرائم السرقة وتمرير المكالمات وترويج المخدرات والعرق المسكر، تنتشر بين البورماويين. هناك بحوث قائمة لدراسة أوضاع البورماويين غير أن نتائجها لم تظهر بعد.