على رغم هدوء خالد السيف طوال أيام السنة، إلا أنه يتصف بالعصبية طوال مدة عمله في شهر رمضان المبارك، الأمر الذي يسبب له حرجاً كبيراً أمام الكثير من زملائه ورؤسائه الذين يتحاشون الحديث معه أو مناقشته خلال ساعات النهار. يقول السيف:"لا أستطيع التحكم في انفعالاتي خلال نهار رمضان، خصوصاً وأن امتناعي عن التدخين أثناء فترة الصيام يوتر أعصابي". ما يحدث مع السيف لا يعدو كونه انفعالاً فيسيولوجياً ظهر معه لابتعاده عن التدخين لساعات، خصوصاً أن طبيباً مختصاً يؤكد أن نقص مادة النيكوتين في جسم المدخن يؤدي إلى زيادة تهيج الخلايا العصبية، وبالتالي فقدان السيطرة على الأعصاب. ويعود السيف ليحكي عن هذه التجربة قائلاً،"أحاول عدم التحدث مع أحد من الزملاء أو التناقش معهم طوال فترة عملي الصباحية، لاسيما أن أي نقاش ينتهي في الغالب بشجار مع الطرف الآخر، خصوصاً وإنني لا أتقبل من أحد الاعتراض على شيء في عملي". لكنه يعترف أن حاله العصبية تتلاشى بعد الإفطار مباشرة، أي بعد تدخينه للسجائر،"بعد الإفطار أعود إلى طبعي وأصبح أكثر هدوءاً مما أكون عليه في الصباح". وتشاطره الرأي روان المحمد، وهي أيضاً مدخنة، وتعاني في نهار رمضان من العصبية المفرطة، الأمر الذي يسبب لها حدوث عدد من المواقف المحرجة مع صديقاتها وأفراد أسرتها. وتقول:"أشعر بالغضب غير المبرر طوال نهار رمضان، وأفقد السيطرة على انفعالاتي، إذ أتعامل بلهجة عصبية مع الجميع، وهذا يسبب لي حدوث مشكلات مع أفراد أسرتي وحتى صديقاتي المقربات". وفي الوقت الذي يحاول كل من خالد السيف وروان المحمد الانعزال في فترة الصوم، واقتصار الحديث مع المقربين في أشياء بسيطة، يضطر صالح الصالح إلى أخذ إجازة من عمله طوال شهر رمضان. يقول الصالح،"جرت العادة على أن آخذ إجازتي السنوية في شهر رمضان، خصوصاً وأنني لا أستطيع التحكم في انفعالاتي خلال فترة الصوم بسبب امتناعي عن التدخين خلال نهار رمضان"، ويضيف:"كما تسببت تلك العصبية وسرعة الانفعال في حدوث عدد من المشكلات في عملي خلال السنوات الماضية والتي كادت تتسبب في فصلي من العمل". من جانبه، أكد استشاري المخ والأعصاب في مستشفى الملك خالد للحرس الوطني في جدة الدكتور حسام قطب ل"الحياة"أن الدراسات العلمية أثبتت أن إدمان المدخنين على مادة النيكوتين، والتي يتسبب نقصها في تهيج الخلية العصبية، هو السبب الرئيس في ارتفاع معدلات العصبية والتوتر لدى المدخنين في نهار رمضان جراء امتناعهم عن التدخين في فترة الصيام. وقال:"في الغالب يشعر الصائم المدخن بصعوبة في التكيف مع أجواء رمضان، خصوصاً وأن حرمانه لفترات طويلة من تناول مادة النيكوتين الموجودة في السجائر يسبب له توتراً وقلقاً ناجماً عن تهيج الخلية العصبية". وأضاف:"هذا يختلف من مدخن لآخر، ويختلف كذلك بحسب نسبة النيكوتين التي يتعاطاها المدخن في اليوم، إذ يلاحظ ارتفاع معدلات الغضب والعصبية لدى المدخنين لفترات طويلة والذين يتناولون أنواع الدخان التي تحتوي على نسبة كبيرة من النيكوتين، فيما يقل ذلك لدى مدخني الأنواع الخفيفة من الدخان". مشيراً إلى أن أنواع الدخان تؤثر بشكل كبير على الحال العصبية لدى المدخنين في شهر رمضان، وقال:"هناك أنواع من الدخان تحتوي على عناصر منشطة لدخول مادة النيكوتين للخلايا، وتلك الأنواع تسرع في عملية إدمان الشخص على عادة التدخين ويصبح من الصعب عليه فقدان مادة النيكوتين لفترات طويلة"، مؤكداً في الوقت ذاته أن شهر رمضان فرصة مناسبة للمدخن في الإقلاع عن عادة التدخين. وقال:"لابد من وجود عزيمة قوية لدى الفرد في الإقلاع عن عادة التدخين، خصوصاً وان لدية في شهر رمضان فرصة كبيرة للإقلاع عنه، لاسيما وأنه يمتنع عن التدخين لفترات طويلة في النهار".