زادت في الآونة الأخيرة أعداد محال التموينات في وسط الرياض، التي يعلق كل منها"شهادة"من خطيب جامع الحي، يبارك فيها توقفه عن بيع السجائر. ويؤكد مدير أحد هذه المحال وهو بنغالي الجنسية يدعى شهاب الدين، أن هذه الخطوة لا تهدف إلى"اكتساب سمعة حسنة"فقط، بل"استعادة الزبائن"الذين امتنعوا عن الشراء من متجره، احتجاجاً على بيعه السجائر في السابق. حملة مقاطعة المحال التي تبيع"التبغ"انضم إليها كثيرون في العامين الماضيين، خصوصاً في بعض أحياء الرياض التي يعتبر سكانها من"المحافظين"، ويلاحظ أنها تشمل، إضافة إلى المتدينين، شباناً يمكن وصفهم بأنهم غير ملتزمين. بعض المحال التي قاطعها غير المدخنين، عمدت إلى وضع السجائر في مكان غير ظاهر، بعدما كانت تصفه سابقاً على رفوف بارزة يوزعها وكلاء شركات التبغ مجاناً. غير أن طريقة"الدس"لا تنفع في أحيان كثيرة، فهناك"زبائن"يطلبون صنفاً معيناً من السجائر، ويسارع العامل إلى جلبه، ليفاجأ بهم يغادرون من حيث أتوا من دون أخذ طلبهم، كما يقول شهاب الدين. ويتابع:"هذا الفريق من الزبائن يعلم أن بعض القيمين على المتاجر يخفون التبغ، رغبة في عدم خسارتهم، لذا فهم يحرصون على التأكد من أن المحل الذي يشترون منه لا يبيع السجائر، وذلك بطلبها فور دخولهم، فإذا كانت موجودة يغادرون مباشرة من دون أن يشتروا شيئاً، ويضيفونه إلى قائمة المقاطعة". المدخنون أيضاً يقاطعون المحال التي لا يُباع فيها التبغ، بحسب ما يؤكد مدير محل تموينات آخر كنيته أبو أحمد،"فهؤلاء حينما يقصدون بقالة لشراء سلع معينة، يبتاعون إلى جانبها السجائر، لذا فهم يفضلون أن يوفر المحل حاجياتهم كافة". ويضيف أن هذا الأمر جعل هؤلاء يحرصون على التسوق من متاجر تُباع فيها السجائر، إلى جانب السلع التموينية التي يرغبون في شرائها، حتى لا يضطروا إلى البحث عن محل آخر يوفر التبغ. ويلفت أبو أحمد إلى أن هذا دفعه إلى المغامرة ببيع السجائر في بقالته،"على رغم أن الربح من بيعها قليل جداً، لئلا نخسر زبائنها الذين يشترون إلى جانبها سلعاً أخرى". ويستطرد:"كثير من المحال تحرص على توافر الصحف فيها، مع أنه من المعلوم أن لا فائدة مادية من بيعها، إلا أن الزبائن يرتادون فقط الأماكن التي تتوافر فيها حاجاتهم كافة، أو على الأقل معظمها". ويقول محمد القحطاني 28 عاماً إن مقاطعته المحال التي تبيع السجائر جاءت بالصدفة، بعد إقلاعه عن التدخين قبل عامين:"التقيت بعض رفاقي حينها، وكانوا عمدوا إلى مقاطعة المحال التي تبيع السجائر خصوصاً، والتبغ عموماً، فأعجبني تصرفهم". ويضيف:"هذا الأمر سيجعل الحصول على السجائر صعباً، خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال والمراهقين، وسيقلل عدد المدخنين، لاسيّما أن معظم المدخنين بدأوا ممارسة هذه العادة المضرة في عمر باكر، وكانوا حينها جاهلين بخطورة هذا السلوك على صحتهم". ويشير إلى أن النظام يحظر على أصحاب المحال بيع السجائر لمن هم دون 18 عاماً،"إلا أنه غير مطبق، فالقيمون عليها لا يمانعون في بيعها للأطفال، بل يغرونهم بتوفيرها بطريقة التفريد، وهي بيع كل ثلاث سجائر بريال واحد". يلفت إلى أن طريقة التفريد يفضلها بعض القيمين على المحال، لأن فيها مكاسب أكبر، إذ يتراوح هامش الربح من بيع العلبة الواحدة ما بين 1.8 ريال وثلاثة ريالات.