يعشقها الغير أكثر من السعوديين أنفسهم على رغم أنها جريدتهم الرسمية، ويعود السبب إلى أنها الصحيفة التي تزف بشرى الحصول على الجنسية السعودية للباحثين عنها ومقدمي طلباتها بعد الموافقة عليها. يتسلل إليها مساء كل جمعة بعض الصحافيين ليلتقطوا منها الأخبار والتعاميم المهمة لنشرها في صحفهم كانفراد غير مسبوق، لا سيما وأن من يقرأها عدد قليل بل إن الغالبية لم تقرأها يوماً ولا تعرف ألوانها الخضر ولا تعرف رئيس تحريرها أيضاً. كانت بداية النشاط الصحافي في الحكم السعودي الجديد تلك هي صحيفة"أم القرى"الصادرة في جمادى الأولى 1343 في كانون الأول ديسمبر 1924م في مدينة مكةالمكرمة، وهي صحيفة رسمية تصدرها الحكومة لنشر بياناتها ومراسيمها الرسمية وتصدر بشكل أسبوعي إلى الآن. وتعد الصحيفة مرجعاً مهماً لدرس تطور السياسة والنظم الحكومية منذ قيام الدولة السعودية الثالثة. في افتتاحية العدد الأول أوضحت صحيفة"أم القرى"، الأهداف التي صدرت من أجلها في أسلوب أدبي "لنكون واسطة للتفاهم بين العالم الإسلامي وهذه الفئة من العرب والمسلمين، فنظهر ما عند القوم ليعرف الناس حقيقة الأمر لنشر ما من شأنه أن يبصر الناس في ما يصلح أمرهم في الدنيا والآخرة، وإنا ندعو جميع من أحب خطتنا لمناصرتنا ونطلب من جميع من يرى في أمرنا ما يأخذه علينا، أن يكتب لنا بما يرى، فإن أقنعنا بالحجة وأبان لنا خطأنا، رجعنا عنه وإن أقنعناه بما عندنا رجع إليه، والخير نريد ونتمنى من الله الهداية". ويقول الدكتور الشامخ في أحد كتبه وهو أحد مؤلفي الكتب المهتمة بتاريخ الإعلام السعودي"إن النشأة الحقيقية للصحافة في هذه البلاد قد بدأت في أواخر سنة 1924م حين أنشئت صحيفة"أم القرى"ذلك لأن ميلاد هذه الصحيفة أذن ببدء عهد صحافي جديد اتسم بالاستمرار والاستقرار قدم فيه أبناء البلاد الدور الأكبر في ميدان العمل الصحافي". وربما يكون ما قاله الشامخ وغيره من المهتمين بالشأن الإعلامي السعودي على مدى الأعوام الثمانين الماضية ما حفز وزارة الثقافة والإعلام بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز خلال الفترة الواقعة من 11 إلى 13 ذي القعدة المقبل إلى عقد ندوة بعنوان"صحيفة أم القرى بمناسبة مرور 80 عاماً على إنشائها"، ضمن فعاليات مناسبة اختيار مكةالمكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية. كما تعد الدارة ضمن الفعاليات معرضاً تعريفياً عن الصحيفة وتاريخها إضافة إلى طباعة عدد من الإصدارات بهذه المناسبة. وقال الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد بن عبدالله السماري"إن الندوة تتضمن عدداً من المحاور منها نشأة صحيفة أم القرى، ومصادرها التاريخية، وإسهام الصحيفة الإعلامي والإداري والأدبي والثقافي، إضافة إلى إسهامها في مجالات السياسة والاجتماع والاقتصاد، وجانب استعراض مستقبل الصحيفة واستشراف دورها المستقبلي". وشدد الأمين العام للدارة على أن أهمية الندوة تنبع من كونها الصحيفة الرسمية الصادرة منذ عهد الملك عبدالعزيزعام 1343ه، وهي من مصادر تاريخ المملكة العربية السعودية المهمة ونشرت الكثير من المعلومات والإيضاحات لعدد من الأحداث المهمة. إضافة إلى نشر الأخبار والبلاغات الرسمية التى تناولت جوانب عدة أرّخت للأحداث الحضارية والسياسية والاقتصادية والانسانية في عهد الملك عبدالعزيز. وأشار الدكتور السماري إلى أن الندوة تهدف إلى توضيح الأهمية العلمية والتوثيقية لصحيفة أم القرى في رصد وتوثيق كل ما يتعلق بشؤون البلاد من الأنظمة والمراسيم والمعاهدات والقرارات، وإبراز أهمية هذه الصحيفة الرسمية بصفتها من أبرز أوعية المعلومات منذ فترة الملك عبدالعزيز حتى الوقت الحاضر. إلى جانب التعريف بإسهامات الصحيفة في المجالات الأدبية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إضافة إلى تناول جهود وزارة الثقافة والإعلام في ما يتعلق بتطوير الصحيفة واستشراف مستقبلها.