يعد المطرب محمد عمر أحد أهم الأصوات، في ساحة الغناء السعودي والخليجي. مطرب له طريقته الخاصة في الأداء، وكثيرا ما يسجل تميزاً واضحاً في اختيار كلمات أغانيه. غنى مختلف الألوان الغنائية، وبرع فيها كلها، فحقق شهرة واسعة..."الحياة"التقته فكان هذا الحوار: بداية، سجل ألبومك الجديد تفاوتاً كبيراً عما سبق أن قدمته من أعمال غنائية، تجلى التفاوت على مستوى الكلمة وكذلك على مستوى اللحن... ما رأيك؟ - من البديهي أن يكون ألبومي الجديد، متميزاً عن ألبوماتي السابقة، وأتصور أن ذلك مسألة طبيعية، بل هو ما يحرص عليها أي فنان يريد النجاح.إذن لا بد من البحث المستمر، من أجل تقديم ما هو مميز. ولقد اجتهدت كثيرا، حتى يصل ألبومي الجديد"هذا بلا بوك يا عقاب"، إلى صورة متميزة ترضي الجمهور. لكن يتردد في أوساط الفنانين، أنك أكثر نجاحا في الأغاني الوطنية؟ - قد يكون ذلك بسبب الإحساس والانتماء الحقيقي تجاه والوطن، فهذا ما يدفع الفنان، أو أي صاحب انتماء، إلى تقديم ما لديه، وفاء وإخلاصاً إلى وطننا الغالي المملكة العربية السعودية. وهذا الإحساس الصادق لن تجده لدى محمد عمر فقط، بل إنه يسكن عروق كل مطرب وكاتب كلمة، وكل مواطن سعودي. بعض المطربين أخذ يقدم توزيعاً موسيقياً جديداً، لأعماله التي قدمها خلال السنوات الطويلة الماضية... ماذا عن أغانيك القديمة، ألا تفكر أيضاً في إعادة توزيعها؟ - هذه الفكرة راودتني كثيراُ، لذلك أنا منشغل حالياً بإعداد مجموعة من أعمالي القديمة استجابة لإلحاح بعض الزملاء والجمهور، في طرحها مجدداً. فلدي الكثير من الأغاني السامرية والشعبية، التي سبق أن قمت بتقديمها، ولاقت نجاحاً كبيراً لدى الجمهور. لذلك تجدني أعمل الآن، على ترتيب هذه الأعمال، وطرحها في الوقت المناسب. وأعتقد أن إعادة طرح الأعمال القديمة، في شكل موسيقي جديد، مما يمكن اعتباره توثيقاً لتاريخ الطرب الأصيل. فإذا كان من واجبنا احترام ذوق جيل اليوم ومواكبة العصر، فلا بد في المقابل من الوفاء للجمهور الذي عايشنا مراحل النجاح، منذ البدايات. لوحظ في الآونة الأخيرة، ارتباطك بالشاعر الأمير خالد بن سعود الكبير، إلى أي حد فتح هذا الشاعر آفاقا جديدة أمامك كمطرب؟ - كل فنان يبحث عما هو مميز. والكلمة الجيدة التي تحمل الحس الصادق والخيال الواسع، المنطلق من جذور ثابتة، فترحل بخيالنا إلى فضاء الإبداع الفعلي، تلك الكلمة لا تنبثق سوى من قريحة مبدع يتميز بشفافية عالية. ذلك ما وجدته في شعر الأمير خالد بن سعود الكبير. وما يربطني به ليس الشعر فقط، بل هو بمثابة الأخ والصديق المخلص. من الأغاني الناجحة جداً، أغنية"تدلل يا قمر"، التي لحنها لك الفنان محمد عبده، قبل سنوات طويلة... متى تعيدان أنت وهو التجربة مرة أخرى، من خلال لحن جديد؟ - تلك التجربة كانت فريدة من نوعها، وأحدثت صدى كبيراً في ساحة الغناء السعودي. ولا يزال باب التعاون مفتوحاً بيني وبين محمد عبده، ما دام ذلك في صالح الأغنية السعودية. يقال إنك حساس تجاه النقد الذي يطاول أعمالك الغنائية؟ - هذا ليس صحيحا. لا أظن أنه وبعد المشوار الطويل، لا يوجد لدي الوعي الكافي لأتقبل وجهات النظر حول ما أقدم، ما قد تعود عليّ بالفائدة. فالمرء مرآة أخيه. لكن قد تتجاوز وجهات النظر حدود الموضوعية والمنطق، وهذا ما يثير حفيظتي ويجعلني لا أهتم كثيرا، بما يطرح من وجهات نظر. تصر على أن لا تقول"نقد"، وتكتفي بترديد"وجهات نظر"، كأنك لا تعترف أن هناك نقد؟ - للأسف هذه هي الحقيقة. فلا يوجد في هذا الجيل، الصحافي الناقد الذي يوجه نقده من خلال دراسة ووعي. ما هو متوافر الآن، وجهة نظر تقف في دائرة السطحية. لكن حتى لا نظلم الجميع، يمكن القول أن هناك اجتهادات لا بد من أن نحترمها، إضافة إلى أن هناك مجموعة من الصحافيين، لديهم بصمات واضحة وانعكاس جيد على تطور الأغنية في السعودية. كيف تجد التطور الذي يطرأ على الأغنية العربية من حين إلى آخر؟ - أمر طبيعي أن تكون نكهة الأغنية على مستوى العالم العربي قد تغيرت، وذلك لاختلاف الذوق العام وتطور المفاهيم أيضاً. وهذا التغير يحدث من جيل إلى آخر. ولو عدنا إلى تاريخ الأغنية العربية، سنجد أن مقومات نجاحها، هو اللحن التطريبي والكلمة ذات المفردة القوية والصوت العذب والأداء الذي يحمل الإحساس الصادق، ويصل بالمطرب إلى النجومية. وإذا نظرنا إلى حال الأغنية في هذا العصر، لوجدنا أيضا أنها تتوافر على مقوماتها الخاصة، من أجل تحقيق النجومية للمطرب والأغنية، ومن أهمها الفيديو كليب. لكن هل أنت على قناعة بما يقدم حالياً؟ - لا بد من أن نقدم ما يريده الجمهور، حتى وإن لم نكن مقتنعين به. وأتصور أن مواكبة العصر تحت شعار"هذا ما يتطلبه السوق"، مسألة تحتاج إلى الأخذ في الاعتبار. طبعاً الأمر لا يمنع من طرح أغنية، ذات نكهة تطريبية بين حين وآخر. إرباك التجربة... على رغم الإرباك الذي ميز تجربته الطويلة مع الغناء، فهو يحضر لسنوات في شكل قوي بأعمال فنية متميزة لحناً وشعراً وأداء، ويغيب في سنوات أخرى عن الساحة الغنائية، غياباً من خلال الدخول في عزلة قصيرة، أو عبر أغان لا تحقق نجاحاً كبيراً، فلم تنل اهتماماً مكثفاً من المطرب نفسه وفقاً لمتابعي مشواره... على رغم كل ذلك يظل صوت المطرب محمد عمر، يذكر بزمن الغناء الجميل، زمن الصوت الصافي والعميق، يذكر أيضاً بزمن الأغنية التي توافرت على مثلث النجاح الشهير... لزمن طويل ظل الفنان محمد عمر يأخذ مكانته إلى جانب الفنان محمد عبده والراحل طلال مداح. ولم يأت ذلك سوى بالمثابرة والجهد المضني، من أجل الوصول إلى قلوب الناس ووجدانهم... --