نجاح عملية دقيقة "بمستشفى المانع بالخبر" تُنهي معاناة سيدة من كسر وعدوى مزمنة في عظمة الفخذ    أمير الشرقية يهنئ أبناء الوطن بتحقيق 23 جائزة في "آيسف 2025"    برنامج التحول الوطني يطلق تقرير إنجازاته حتى نهاية عام 2024    صحة جازان تنفذ معرضًا توعويًا شاملًا في صامطة دعمًا لمبادرة "حج بصحة" والأيام الصحية العالمية    كوكب أورانوس يصل إلى الاقتران الشمسي اليوم    تشكيل لجنة للابتكار والإبداع وإدارة المعرفة بديوان المظالم    أمير تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38 الأربعاء القادم    مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"من كوت ديفوار    اعتدال: أكثر من 1.2 مليون رابطٍ للتحايل على آليات رصد المحتوى المتطرّف    جائزة الشارقة للاتصال الحكومي تحول القوة الناعمة إلى ميدان ابتكار وتنافس عالمي    منتدى حائل للاستثمار 2025.. انطلاقة تنموية يقودها حزمة مبادرات لتغيير المشهد الاقتصادي للمنطقة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 125 شهيدًا    الأهلي يُعلن بقاء يايسله لنهاية عقده    الهيئة السعودية للمياه تُعفي بعض المخالفين من الغرامات المالية    الإحصاء تنشر إحصاءات النقل الجوي 2024    من أعلام جازان.. الشيخ علي بن ناشب بن يحيى شراحيلي    "الأرصاد" تحذر من تدنٍ في مدى الرؤية بمعظم مناطق المملكة    صحفيو مكة المكرمة يبحثون الدراسات الإعلامية بالحج    "سدايا":11 مطاراً ضمن مبادرة "طريق مكة    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "الداخلية" تحذر من حملات الحج الوهمية    تستهدف طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة .. التعليم: اختبارات «نافس» في 8 مدارس سعودية بالخارج    ترحيل 11.7 ألف مخالف وإحالة 17 ألفًا لبعثاتهم الدبلوماسية    سمو ولي العهد يعزي رئيس جمهورية الأوروغواي الشرقية في وفاة رئيس الجمهورية الأسبق    ترمب.. الأمريكي المختلف!    ترمب يؤكد التواصل مع الرئيسين لوقف الحرب.. الكرملين يربط لقاء بوتين وزيلينسكي بالتوصل لاتفاقيات    حراك شعبي متصاعد واحتجاجات في عدة مدن.. سحب الثقة من حكومة الوحدة يضع ليبيا في مفترق طرق    "قمة بغداد" ترفض تهجير سكان غزة.. الجبير: رفع العقوبات عن سوريا فرصة للتعافي والتنمية    "تقنيات الجيوماتكس" تعزز السياحة في السعودية    25 موهوبًا سعوديًا يتدربون في فنون المسرح بلندن    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    في ختام الجولة 32 من دوري روشن.. الأهلي يقسو على الخلود.. والأخدود على شفا الهبوط    تدشين خدمة الزائرين وضيوف الرحمن بالذكاء الاصطناعي    إطلاق النسخة التجريبية الأكبر لمشروع الذكاء الاصطناعي بالمسجد النبوي    الألماني يايسله يعلن رحيله عن الأهلي    حصر الحراسات الأمنية في 8 أنشطة على وقت العمل    وصول التوأم الملتصق الفلبيني إلى الرياض    لأول مرة.. تشخيص الزهايمر بفحص عينة من الدم    «تنمية شقراء» تُكرّم داعمي البرامج والمشروعات    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الخلود    الذهب يسجل أسوأ أسبوع في ستة أشهر مع انحسار التوترات التجارية    المملكة تجدد رفض تهجير الفلسطينيين والاعتداءات الإسرائيلية على سورية    انفجار قنبلة بالقرب من مركز للصحة الإنجابية في كاليفورنيا ومقتل شخص    أباتشي الهلال تحتفل باللقب أمام الاتحاد    أخضر الصالات يتجاوز الكويت ودياً    بالاس يقهر السيتي ويتوج بلقبه الأول    تأكيد ضرورة توحيد الجهود للتغلب على التحديات في المنطقة العربية وإرساء السلام    تضارب في النصر بشأن مصير رونالدو    "شؤون المسجد النبوي" تدشّن "المساعد الذكي الإثرائي"    فرع الشؤون الإسلامية بالشرقية يعلن جاهزيته لتنفيذ خطة الحج    مستشفى الملك فهد الجامعي يطلق أربع خدمات صيدلية    440 مليار ريال استثمارات مدن    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    قمة بغداد: تنديد بالحرب والحصار في غزة وعباس يدعو لنزع سلاح حماس    إغلاق وضم مدارس بالمجاردة    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل مالك ... في البدء كانت المفاوضات وهي تستمر . من رودوس إلى جنيف : فلسطين من الضياع إلى الربيع العربي
نشر في الحياة يوم 15 - 08 - 2013

لم يتضمن كتاب عادل مالك"من رودوس إلى جنيف - فلسطين من الضياع إلى الربيع العربي"، والصادر حديثاً عن"دار النهضة العربية"- بيروت، أي جديد مختلف عن طبعته الأولى الصادرة عام 1974 عن دار النهار للنشر، باستثناء مصطلح الربيع العربي، أما ضياع فلسطين فما زال قائماً، ومستداماً منذ النكبة... تعالجه تصريحات الاستنكار والشجب وكل أفعال المبالغة في اللغة العربية، ويعالجه المحتل الإسرائيلي بالبناء والعلم والمستوطنات. وما مخاوف مالك لما نقله عن لسان مفكر عربي بارز يرجو الله ألا يكون صحيحاً ومفاده"أن الربيع العربي وضع القضية الفلسطينية في ثلاجة الموتى"، سوى استكمال للمشهد العاري منذ بدايات القرن الفائت.
فلو أحصينا الأحداث التي تراكمت طيلة الأعوام السبعة والثلاثين، الفاصلة بين الطبقتين، والتي على صلة بفلسطين مباشرة ومداورة، لكانت أطنان الورق قد أعادت حكاية تغير لون مياه الفرات وغزو التتار بغداد. يذكر المؤلف أن بريطانيا شحنت عند رحيلها عن فلسطين 59 طناً من الخرائط، و25 طناً من الملفات.
حكايات الضياع الأولى وثّقها مالك في أوراق الكتاب، وربط بينها وبين جهد"رسمي"كي لا تضيع المناصب والكراسي، وكشف بدايات التلعثم العربي الرسمي، وما أفضت إليه نكبة 1948، وقد رصفها عادل مالك في 596 صفحة، موثقاً لتخبط هنا، وتخاذل هناك، وتأتأة في إتقان لعبة التفاوض، وفنون الديبلوماسية، وأمية رسم الخطط وتهجئة ما هو مخطط، وما بينهما من مكر العارف ? الساكت - المتواطئ ? المتاجر والسمسار. يذكر طلب الملك فاروق عبر وسيط يهودي مصري من إلياهو ساسون أن يتوسط لدى الحكومة الإسرائيلية أن تضغط على وسائل الإعلام الأميركية لوقف الحملات ضد الملك! وكذلك الأمر من الإذاعة والصحف الإسرائيلية، مقابل التمهيد لتفاهم مع إسرائيل، في حين يستحلف مندوب الوفد المصري إلى لوزان عام 1949 عبدالمنعم مصطفى ساسون نفسه بأولاده أن يحافظ على سرية الحديث بينهما... مصطفى عينه هو من أبدى نقمته على رؤساء الوفود العرب في لوزان 1949"لانشغالهم بالنساء الشقراوات والملاهي".
نبوءة شارل مالك
في 7 أيار مايو 1948 أبرق وزير لبنان المفوض في واشنطن شارل مالك إلى وزارة الخارجية اللبنانية تحت عنوان"تقدير موقف"، قائلاً إن"دولة يهودية ستعلن بعد أسبوع، وإن أمام العرب فرصة أربعين يوماً لمنع قيامها، وإذا بقيت فستوطد دولياً ومادياً، وستثبت لعشر سنين، وإذا ثبتت لعشر سنين، فستبقى لخمس وسبعين سنة على الأقل، أو لقرن". وفي 14 أيار أعلنت إسرائيل قيام دولتها، فهل تكمل 75 عاماً أم قرناً من الزمن؟
وفي 17 كانون الثاني يناير 1974 استقرأ عادل مالك مواقف شارل مالك السياسية فكانت من الدقة، عدا اعتقاده بأن صداقة لبنان مع أميركا ستردع إسرائيل من الاعتداء عليه، إذ إنها لم تمنع فقط احتلاله لثلاثين عاما أخرجتها المقاومة عام 2000، بل إنها أدخلته في متاهة اتفاقية 17 أيار 1983 مع إسرائيل، ومددت لها أيام عدوانها على لبنان صيف عام 2006 لاستكمال ضرب المقاومة، وهو ما ورد في مذكرات نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس. في تلك القراءة شدّد شارل مالك على تصميم أميركا على إبقاء موازين القوى في الشرق لمصلحة إسرائيل، وتجنب الاتحاد السوفياتي تحول الشرق الأوسط قاعدة هجوم عليه، وتفوق التقانة الإسرائيلية ذكرت آخر التقارير أن صادرات إسرائيل من بيع أدوات تكنولوجية حوالى 45 بليون دولار في السنة، وإن مقولة استرداد ما خسرته بالحرب من طريق السلم فهو خاطئ، فلا تكسب خسارة الحرب إلا بالحرب ص 46... ومثله في قراءة للرئيس الراحل شارل الحلو"أن إسرائيل لن يكتب لها البقاء كدولة عنصرية دينية"، واصفاً إياها"بالتكوين المناقض لسير التاريخ ومشيئة الله".ص 430.
يبدأ الفصل الأول من الكتاب بنص وعد بلفور، وأسرار مؤتمر لوزان عام 1949 ورسائل ساسون - شاريت، ووثائق اتفاقيات الهدنة بين مصر والأردن وسورية ولبنان من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، ونسخ مصورة عن بعضها، وصور حفلات التوقيع، اللافت تلك المتعلقة بالتوقيع بين لبنان وإسرائيل حيث ورد توقيع المقدم توفيق سالم باسم الحكومة اللبنانية تحت اسم الحكومة الإسرائيلية في النص الإنكليزي. نذكر أن اسم المقدم توفيق سالم ورد في كتاب"بريطانيا والوحدة العربية"الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية بتسليمه محاضر الاجتماعات العسكرية العربية السرية في القاهرة إلى الملحق العسكري البريطاني كلايتون عام 1953، مروراً بحرب السويس، فحرب 1967 وخطورة ما كشفه قائد الطيران المصري اللواء طيار عبدالحميد الدغيدي عن غياب قادة الفرق ورؤساء الأركان عن أماكن قيادة عملياتهم صبيحة العدوان، والترقيات التي حصل عليها بعضهم بعد الهزيمة؟ إلى حرب 1973 يذكر مالك أن السادات وحافظ الأسد ووزير الحربية المصري كانوا يعرفون سر هذه الحرب، ولكن نشير إلى ما ورد عن معرفة الملك فيصل بالتحضيرات الكاملة لهذه الحرب ودوره فيها في قطع النفط - كتاب ألكسي فاسيليف عن الملك فيصل الصادر عن دار الساقي في بيروت، وقبول السادات منفرداً وقف إطلاق النار، إلى تقرير لجنة شمعون أغرانات للتحقيق في إخفاق إسرائيل في حرب 1973 مماثلة للجنة فينوغراد للتحقيق في إخفاق إسرائيل في حربها على لبنان عام 2006، إلى محضر"اللقاء العاصف بين الملك فيصل وكيسينجر"ص 356، فمحادثات مؤتمر جنيف واتفاقية فصل القوات المصرية والإسرائيلية في سيناء، ونص بيان انطلاقة العمل الفدائي في 31/ 12/ 1964. من طرائف ما ذكر مالك أن القمة العربية عام 1973 في الجزائر صنفت لبنان دولة مساندة لا مواجهة! فكان لبنان البلد العربي الوحيد الذي لم يوقع اتفاقية سلام مع إسرائيل على غرار كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقية أوسلو.
يشكل الكتاب بمواده التوثيقية، مادة أساساً في البنيان السياسي العربي الهش، وفي كيفية إدارته الصراع العربي - الإسرائيلي على الطريقة العشائرية البدائية، والسلوك الرسمي المتكرر، والأقرب إلى صورة البدايات، تسند المقابلات المنشورة مع زعماء عرب وأجانب مضمون الكتاب، ويستوقفنا تكرار ما قيل عام 1948 وما يقال اليوم، والنتيجة رفض إسرائيل أي حلّ، ولهاث عربي خلف أي حل، لم يأت، وهو غير الذي اختتم به مروان عبدالعال الروائي والفنان التشكيلي والمناضل السياسي الفلسطيني روايته"إيفان الفلسطيني"بقوله:"أنا إيفان الفلسطيني، سأبقى لاهثاً وراء لحظة تصنع الزمن مضرجاً بدمي المزركش في رقصة الموت، طالما أن الشمس دليلي فأنا لست رهيباً بل ضحية الزمن الرهيب".
* صحافية لبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.