وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية    10.6% نمو بقيمة الصفقات السكنية    تراجع الدولار وتباين لسياسات العالم النقدية    مبادرة لتأهيل قطاع التجزئة    النفط يتراجع وسط توقعات بفائض في المعروض    خالد بن سلمان يلتقي كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية    الدكتور علي مرزوق يسلّط الضوء على مفردات العمارة التقليدية بعسير في محايل    موعد نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب    غارات ومساعدات عالقة في غزة رغم الهدنة    الأردن تتغلب على السعودية وتتأهل لنهائي كأس العرب    مجزرة بوندي تشدد قوانين السلاح    مُحافظ الطائف يكرّم الجهات المشاركة في فعاليات سرطان الثدي.    بلدية محافظة الشماسية تنهي معالجة آثار الحالة المطرية التي شهدتها المحافظة    المملكة وقطر والإمارات حققت قفزات كبيرة لبناء أنظمة طيران متقدمة عالمياً    جمعية مشاة الزلفي تنفذ برنامج المشي على الرمال بمشاركة 14 مدينة    تألق ثلاثي دوري روشن في نصف نهائي كأس العرب    القادسية في مفترق طرق.. غونزاليس يغادر ورودجرز قريب من الإشراف الفني    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلّف    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    "إثراء" يحتفي بيوم اللغة العربية على مدار ثلاث أيام    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    "سعود الطبية" تنجح في إجراء قسطرة علاجية نادرة لطفلة بعمر خمسة أشهر    تقييم الحوادث يعلن نتائج تحقيقاته في عدد من الادعاءات المنسوبة لقوات التحالف    الدولار يستقر قرب أدنى مستوى له    شفيعًا تشارك في فعاليات جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة لليوم العالمي لذوي الإعاقة بجامعة الفيصل    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    كايا كالاس: محادثات قرض التعويضات لأوكرانيا "تزداد صعوبة"    مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالحزام الناري، ما الأسباب وطرق الوقاية لمن هم فوق الخمسين عاما    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    ثلاث جولات في مختلف مناطق المملكة ، وبمشاركة أبطال السباقات الصحراوية    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    براك يزور تل أبيب لمنع التصعيد بالمنطقة    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    "أمِّ القُرى" تعقد لقاءً تعريفيًّا مع التَّقويم والاعتماد الأكاديمي    الخريجي: الحوار البناء أداة تفاهم بين الشعوب    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    رابطة العالم الإسلامي تدين الهجوم الإرهابي بمدينة سيدني الأسترالية    أطلقها الأمير فيصل بن مشعل.. مبادرة لتعزيز الأعمال والتقنية بالقصيم    موسم جدة 2025 يستعد لإطلاق «ونتر وندرلاند»    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    مواجهات مع مستوطنين مسلحين.. اقتحامات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    الغرور العدو المتخفي    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأسيسا لثقافة سياسية جديدة . الانتفاضات في مواجهة أزماتها
نشر في الحياة يوم 14 - 04 - 2012

بعد مرور أكثر من عام على الانتفاضات العربية، ها هي تواجه أزمات السلطة والحكم ومشكلات المراحل الانتقالية. فما تشهده مصر وتونس على المستويات الدستورية والتشريعية والسياسية واضح، من إعلان القوى السياسية صراحة عن برامجها الفعلية، خصوصاً منها التيارات الاسلامية التي انتقلت من"التقية والباطنية"الى الجهر في طبيعة مشروعها السياسي والاصرار على احتكار الحكم.
ستظل مصر، بحجمها وموقعها ودورها، مؤشراً أساسياً للمآل الذي تتجه فيه المنطقة وتتأثر بها سائر الانتفاضات. صحيح ان الانتخابات التشريعية أعطت التيارات الاسلامية الموقع المركزي في البرلمان، وهو تأييد له أسبابه البعيدة المتصلة بجملة عوامل داخلية، تبدأ من الانتقام الشعبي ضد النظام الحاكم الذي اضطهد التيارات الاسلامية، وبإباحة المجتمع لثقافة هذه التيارات على امتداد عقود، إضافة الى حسن التنظيم الذي تتمتع به هذه التيارات، وأخيراً ضعف القوى الديموقراطية واليسارية التي جرت إبادتها من قبل السلطات الحاكمة.
تدرّج"الإخوان المسلمون"في مصر في إعلاناتهم السياسية حول طبيعة السلطة وموقعهم فيها، واذا كان الشك في إعلانات الإخوان موجوداً منذ الانتفاضة المصرية، الا ان هذا الشك تحوّل الى يقين في النوايا التي يضمرها الاخوان، خصوصاً بعد ان هيمنوا على البرلمان، ويتطلعون الآن للهيمنة على رئاسة الجمهورية، وعلى احتكار وضع الدستور، وترافق كل ذلك بتوجهات تجاه المجتمع والثقافة، ليس مبالغة القول إنها تتجه وجهة"طالبان الافغان"في المنع والتكفير والتحريم. لا يبدو ان الاخوان في صدد التراجع عن الاهداف النهائية لمشروعهم السياسي، وقد باتت تصريحات قيادتهم واضحة كلياً في هذا المجال. يبقى سؤال: هل يمكن لمشروع الإخوان ان يمر؟ وما احتمالات افشاله او الحد من سيطرته؟
كان مفيداً خروج الاخوان من باطنيتهم الموروثة منذ اكثر من عام. فقد أظهرت وجهة تشكيل الدستور أحد الأدلة على وجود ممانعة ومعارضة ليس سهلاً تجاهلها. فخروج القوى المدنية والديموقراطية من اللجنة، وما تبعه من خروج مؤسسة الأزهر، وبعدها الكنيسة القبطية، إضافة الى التحركات المحدودة على الأرض من القوى الشعبية المعارضة، كل هذا يعني كشف الغطاء عما يضمره الإخوان ومنع اعطاء شرعية للدستور الذي ينوون وضعه. لم تكن الخطوة بلا أثر حتى الآن، فمصر تشهد سجالاً حاداً حول الدستور تحمل رفضاً لتحويل مصر الى دولة دينية، وتوجه الاتهامات الى الإخوان الذين مارسوا كذباً وخداعاً في إعلانهم التزام الدولة المدنية في مصر.
في جانب آخر، وبعد تقديم الإخوان مرشحهم الى رئاسة الجمهورية، يبدو ان الحياة السياسية في مصر سائرة الى مزيد من الاحتقان، خصوصاً بعد ان نكث الاخوان بعهدهم في عدم تقديم مرشح. لقد بدا المجتمع المصري يتلمّس مخاطر هيمنة التيارات الإسلامية على جميع مواقع السلطة، مما يطرح على قوى المعارضة تحديات كبرى في كيفية الإفادة من الوضع المستجد. خيّبت حركات الشباب آمالاً واسعة، بنزقها ورفع شعارات لا تتناسب مع المهمات، وعدم قدرتها على الارتفاع بطروحاتها الى مستوى يستقطب أوسع الفئات الشعبية معهم. ان الوضع المستجد بعد انكشاف المشاريع السياسية، يقدم فرصة جديدة لهذه الحركات الشبابية، تفيد منها في تنظيم صفوفها، واستحضار شعارات الدولة المدنية والحرية والديموقراطية، في وجه المشاريع الأصولية. هذه الاستعادة قد تعيد لهذه الحركات شيئاً من الدور الطليعي الذي اضطلعت به في تجييش الشعب واسقاط حسني مبارك العام الماضي.
في العودة الى تونس، افصحت الحركة الإسلامية مبكراً عن مشروعها الفعلي في الحكم عندما صرح أحد قادتها قائلاً:"يا اخواني، انتم الآن امام لحظة تاريخية، امام لحظة ربانية في دورة حضارية جديدة في الخلافة الراشدة السادسة ان شاء الله، مسؤولية كبيرة امامنا، والشعب قدم لنا ثقته، ليس لنحكم لكن لنخدمه". تبع هذا التوجه سعي لفرض نمط من الحياة والسلوك على المجتمع فيه من التحريم والمنع والتكفير الشيء الكثير. لم تمر محاولات فرض الدولة الدينية في تونس مرور الكرام، تصدت لها القوى الديموقراطية والمدنية، وسيّرت تظاهرات في الشارع، وحذرت من دخول البلاد في حرب أهلية اذا ما جرى الارتداد على المكتسبات المدنية التي كانت موجودة. هذا الحراك الجماهيري المضاد اجبر حزب النهضة على التراجع والإعلان صراحة بعدم النص الدستوري على الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع.
ما حصل في تونس يعني ان مقدرة التيارات الاسلامية على اقتناص فرصة نيلها غالبية برلمانية ليست مطلقة وانما بالإمكان افشالها، اذا ما احسنت القوى المعارضة طرح الشعارات البديلة وتجييش القوى على الارض. قد يكون في قرار حزب النهضة التونسي انكفاء باطني، ريثما تتوافر ظروف أفضل للإنقضاض الكامل على السلطة، وهو أمر من المهم ان يبقى في الحسبان في مصر وتونس وغيرها من البلدان التي تشهد انتفاضات. يبقى ان التحدي الاكبر يظل مقذوفاً في وجه القوى والتيارات المدنية والديموقراطية والليبرالية واليسارية، لبلورة برامجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وجر التيارات الإسلامية الى الصراع على هذه البرامج، اضافة الى ان هذه القوى تملك الآن قدرة استخدام الشارع، والمنابر الإعلامية والفكرية لطرح أفكارها ومقارعة التيارات الاسلامية، بما يؤسس لثقافة سياسية جديدة.
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.