أظهرت طهران أمس برغماتية في التعاطي مع ملف أزمتها النووية، مبدية استعدادها لدرس قبول وجود ديبلوماسي للولايات المتحدة في طهران، ودعت الى تسيير رحلات جوية مباشرة بين البلدين بعد مرور ثلاثة عقود على قطع واشنطن الروابط مع إيران. جاء ذلك بعدما اكد الرئيس الاميركي جورج بوش ان الخيار العسكري"مطروح"لحل الأزمتين النوويتين الكورية الشمالية والايرانية، فيما اوضح انه يفضل العمل الديبلوماسي. وفي حديثه الى الصحافيين أول من أمس، اثناء زيارة للامم المتحدة، اتهم وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي واشنطن أيضاً بفرض قيود جائرة على ممثلي أجهزة الإعلام الإيرانية الذين يريدون العمل في الولاياتالمتحدة. وقال:"اقترحت ايران العام الماضي تسيير رحلات جوية مباشرة بين ايرانوالولاياتالمتحدة"، مضيفاً:"وهذا العام أثار الاميركيون فكرة قسم لرعاية المصالح في ايران مماثل للقسم الذي لدينا في واشنطن العاصمة. ويبدو لي انه يمكن للبلدين دراسة الاقتراحين كليهما". جاء ذلك فيما قال السفير الأميركي لدى إسرائيل ريتشارد جونز انه لا يتوقع عملية عسكرية قريبة ضد المنشآت النووية الإيرانية. ونقل موقع صحيفة"يديعوت احرونوت"عن السفير المنتهية ولايته قوله انه، بحسب علمه، لا يتوقع حدوث عمليات عسكرية في المستقبل القريب ضد إيران. وقال:"لا اعتقد انه تم اتخاذ أي قرار بمهاجمة إيران في المستقبل القريب"، وأضاف ان استخدام القوة هو الخيار الأخير، وان الولاياتالمتحدة وإسرائيل تتعاونان لحل هذا الموضوع. وصرح متقي بأن ايران ترى آفاقاً جديدة للتوصل الى حل تفاوضي"متعدد الأوجه"مع الدول الكبرى في شأن نشاطاتها النووية، وقال:"نلحظ امكانات جديدة ونرى امكان التوصل الى حل متعدد الأوجه". واضاف ان حكومته"تدرس"عرض التعاون الذي قدمته الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الصينوالولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا مقابل تعليق طهران تخصيب اليورانيوم. وتابع ان"المقاربة التي اعتمدها الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا مختلفة عما كانت في الماضي وتنم عن احترام". ولم يرد متقي بذلك على سؤال حول ما اذا كان سولانا اقترح صيغة تسمى"تجميد مقابل تجميد"وتقضي بأن تجمد طهران برنامج تخصيب اليورانيوم مقابل امتناع مجلس الأمن عن فرض عقوبات جديدة على ايران، كتسوية للسير قدماً في المفاوضات. ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن متقي قوله لوسائل إعلام اميركية ان الطرفين"يدرسان اذا كان من الممكن تحديد اطار جديد للمفاهيم الواردة في مجموعتي الاقتراحات". وقال ان المطلوب"تحديد النقاط المشتركة للعرضين وبدء محادثات بهذا الصدد". في غضون ذلك، اكد سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني سعيد جليلي في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الياباني كومورا ان"نقاط الاشتراك بين رزمتي الاقتراحات الإيرانية والغربية يمكنها ان تشكل بداية لمرحلة جديدة من التعاون ولأجواء سياسية بناءة". واكد جليلي ان ايران"تنظر بإيجابية الى حزمة اقتراحات شاملة، تحتوي على كل المواضيع الاقتصادية والطاقة والأمن، بهدف نشر السلام والاستقرار في المنطقة والعالم"، وأنها"تنظر أيضاً الى تعاون بناء من خلال الحزمة التي قدمتها مع كل الدول المؤثرة في العالم". وكان اتصال هاتفي آخر لجليلي مع وزير الخارجي الصيني يانغ جيجي، بحثا خلاله آخر التطورات المتعلقة بالملف النووي الإيراني. ودعا جيجي في الاتصال إلى المضي في المشاورات مع إيران لمواصلة المفاوضات البناءة، وفقاً لوكالة أنباء"مهر"، التي لفتت في المقابل إلى أن جليلي أثنى على التعامل الإيجابي الذي تبديه الصين حيال الموضوع النووي الإيراني، وأعرب عن أمله بأن تكون الجولة الجديدة من المفاوضات مصحوبة بحسن النية والمبادرات المبنية على النقاط المشتركة، للبدء بجولة جديدة من المفاوضات البناءة. جاء ذلك فيما دعا رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني الغرب الى قبول لعبة الربح المتبادل في ازمة الملف النووي الايراني، وقال:"الأفضل ان تدخلوا في لعبة ربح - ربح، فأوضاع المنطقة باتت حساسة. نحن نتابعها بدقة فيما انتم تبحثون عن لعبة ربح - خسارة، وهذا طريق خاطئ". وطلب لاريجاني من الدول الغربية الإقرار بالواقع الإيراني النووي الجديد. وقال:"انتم اليوم تواجهون حقيقة جديدة، وعليكم الاعتراف بها". وحذر واشنطن من المضي في سياساتها في المنطقة"لأنكم تواجهون وضعاً معقداً، واذا استمريتم بالاسلوب ذاته، ستصلون الى طريق مسدود". وذكر لاريجاني باستعداد ايران الدائم للحوار والتفاوض حول ملفها النووي، محذراً الغرب:"اذا لم تختاروا التفاوض، ستعرضون انفسكم والمنطقة للألم، ولن تجدوا خلاصا لكم من ذلك". أما رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، فدعا الى"الوحدة"الداخلية في هذه"المرحلة الحساسة". واشار الى التهديدات الداخلية والخارجية التي يتعرض لها النظام وثورته، معرباً عن امله بان تتمكن القوى الإيرانية من"العمل الجاد بهدف تعزيز الوحدة الداخلية والحفاظ عليها". وفيما يواجه الرئيس محمود أحمدي نجاد انتقادات متزايدة من أعضاء البرلمان والرأي العام ووسائل الإعلام بسبب سياساته الاقتصادية ونهجه الديبلوماسي، أشارت وكالة أنباء"مهر"إلى أرقام للبنك المركزي الإيراني تظهر ان معدل التضخم ارتفع الى 26.4 في المئة في حزيران يونيو الماضي اذ واصلت أسعار المستهلكين ارتفاعها. ومن المتوقع أن يكون ارتفاع التضخم موضوعا رئيسا في انتخابات الرئاسة التي ستجرى العام المقبل. وفيما يواجه الرئيس محمود أحمدي نجاد انتقادات متزايدة من أعضاء البرلمان والرأي العام ووسائل الاعلام بسبب سياساته الاقتصادية ونهجه الديبلوماسي، أشارت وكالة أنباء"مهر"إلى أرقام للبنك المركزي الايراني تظهر ان معدل التضخم ارتفع الى 26.4 في المئة في حزيران يونيو الماضي اذ واصلت أسعار المستهلكين ارتفاعها. ومن المتوقع أن يكون ارتفاع التضخم موضوعاً رئيساً في انتخابات الرئاسة المقبلة.