كشف مصدر قضائي أن اسم عماري صايفي المكنى"عبدالرزاق البارا"، القيادي السابق في"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، سُحب من قوائم القضايا المرتقب البت فيها خلال الدورة الجنائية الحالية في مجلس قضاء الجزائر، مثلما سُحب من قبل اسم حسان حطاب "أبو حمزة"، مؤسس"الجماعة السلفية"، من ملفات ينظر فيها القضاء الجزائري. ولفت المصدر إلى حقيقة جديدة في ملف تسليم البارا للجزائر مفادها أن حركة التمرد التشادية التي كانت تحتجزه حصلت على مبلغ مليون يورو لقاء تسليمه إلى ليبيا التي سلّمته بدورها إلى الجزائر، كما كشف للمرة الأولى عن وساطة قام بها زعيم تمرد الطوارق إبراهيم أغ باهنغا مع"البارا"كي يفرج عن السيّاح الأوروبيين الذين كان يحتجزهم في صحراء الجزائر. وأوضح مصدر قضائي ل"الحياة"أن اسم"البارا"كان مقرراً أن يرد مجدداً في قضايا عدة ضمن الدورة الجنائية الحالية في مجلس قضاء الجزائر، لكنه سحب منها. وأضاف أن ثمة معلومات تتردد عن استفادته برفقة حسان حطاب من"المصالحة الوطنية". وكان غياب اسم"البارا"الأربعاء الماضي عن قضية يُتابع فيها أحد رفاقه السابقين، دفع محامين إلى"الانسحاب من الجلسة". وحصل الأمر نفسه في العديد من القضايا التي غاب عنها أيضاً اسم حسان حطاب مؤسس"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"التي صارت اليوم"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي". وتحدث المصدر القضائي عن ملف عبدالرزاق البارا، الشهير بقصة خطفه 32 سائحاً أوروبياً، معظمهم ألمان، عام 2003 في صحراء الجزائر، فقال إن تفاصيل عديدة لم تُكشف بعد بخصوص الطريقة التي وقع بها أسيراً لدى حركة المعارضة التشادية في منطقة تبستي. إلا أنه أفاد للمرة الأولى أن إبراهيم أغ باهنغا، زعيم تمرد الطوارق في شمال مالي، كان الوسيط بين الألمان و"البارا"لتسليم الأخير"فدية"في مقابل إطلاق السياح أحياء. وذكر أن باهنغا نسّق مع محافظ مدينة قاو، إحدى مدن الشمال في مالي، في شأن طريقة تسليم الفدية التي ترددت معلومات غير مؤكدة عن أنها بلغت خمسة ملايين يورو، في مقابل إطلاق الرهائن توفيت رهينة ألمانية واحدة في صحراء الجزائر جراء متاعب صحية، لكنها لم تُقتل على يد خاطفيها. وذكر المصدر أن"البارا"غادر الصحراء الجزائريةجنوباً في اتجاه تشاد بهدف فتح اتصالات مع تحالف المعارضة. وكان شائعاً في السابق أن"البارا"كان تائهاً في عرض الصحراء التشادية عندما وقع أسيراً لدى المعارضين التشاديين. لكن المصدر"يصحح"هذه الرواية بالقول إن"البارا"عرض على زعيم حركة تشادية معارضة إقامة تحالف يسمح بجعل مواقع المعارضة التشادية"حصوناً خلفية"لعناصر تنظيم"الجماعة السلفية للدعوة والقتال". وتابع أن الزعيم التشادي المعارض قبل لاحقاً عرضاً من ليبيا بتسليمه مليون يورو، فقبض على"البارا"وسلّمه لليبيين الذين سلّموه إلى الجزائر في خريف 2004. و"البارا"مظلي سابق غادر صفوف القوات الخاصة والتحق ب"الجماعة الإسلامية المسلحة"قبل أن تنقسم على نفسها في النصف الثاني من التسعينات وتخرج"الجماعة السلفية من رحمها". وكان مقرراً أن تحاكمه الجزائر برفقة أربعة من رفاقه في الأيام القليلة الماضية، إلا أن سحب اسمه من جدول القضايا جعل المحاكمة"تختفي"إلى إشعار آخر. وعُرف الأربعة بمرافقتهم لعماري صايفي "البارا" منذ سنة 1999. ويحوي ملف الموقوفين الأربعة تفاصيل قصة خطف السياح والتي تمّت، بحسب اعترافات منسوبة إليهم، من"دون تخطيط مسبق، ولكن بمحض الدفة". كما يحوي الملف مصدر الفدية التي حصل عليها"البارا"ووجهها لشراء أكثر من 600 قطعة سلاح رشاشات ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة وقاذفات صواريخ. كما يكشف ملف رفاق"البارا"عن تمكن الأخير من ضم عدد كبير من المسلحين الأجانب فاق عددهم مئة وغالبيتهم من النيجرومالي وموريتانيا، إلى تنظيم"الجماعة السلفية". وأول المعتقلين يدعى"صلاح أبو يعقوب"سلّمته أجهزة الأمن في النيجر للجزائر عندما كان يرافق عماري صايفي قبل أسره لدى حركة المعارضة التشادية. أما المتهم الثاني فيدعى"عاصم أبو عقبة"وكان شاهداً على وقوع"البارا"أسيراً في تشاد التي سُلّم منها إلى الجزائر. أما المتهم الثالث المكنى"أبو ياسر"فقد تمكن من النجاة برفقة"البارا"من الهجوم الذي شنّته قوات حكومية تشادية على مجموعة"الجماعة السلفية"خلال بحثها عن مصادر تسلّح في تشاد. وفرّ"ابو عقبة"مع"البارا"في اتجاه قمة جبال تبستي التشادية حيث ألقت جبهة المعارضة التشادية القبض عليهما هناك وجلبت صحافيين أجانب فرنسيين إليهما لإبراز أن لا علاقة بين المعارضة التشادية و"الجماعة السلفية للدعوة والقتال". وسُلّم"أبو ياسر"إلى الجزائر في 2005، بعدما رحّلته الحكومة التشادية إلى ليبيا برفقة خمسة مسلحين آخرين من جماعة"البارا". أما المتهم الرابع في القضية فيكنّى"المجاهد أبو سعيد"وأُسر برفقة"البارا"لدى المعارضة التشادية. على صعيد آخر، أرجأت محكمة بومرداس، شرق العاصمة الجزائرية، أول من أمس، للمرة الرابعة على التوالي، البت في أكبر قضية تهريب أسلحة من المملكة المغربية تُنسب إلى"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي". ووقع سجال في المحكمة بسبب"ثورة محامين"على قضاة المحكمة بعد تكرر مبررات التأجيل التي تتعلق بتخلّف متهمين عن الحضور، علماً أن عدداً منهم مُعتقل في سجون بعيدة ومتفرقة في غرب البلاد. ويُحاكم في القضية التي يُطلق عليها اسم"أنياب الفيل"، 38 شخصاً. وبذل قاضي محكمة الجنايات في بومرداس جهده لتهدئة الأوضاع داخل قاعة المحاكمة، بعد احتجاج محامين على قضية عدم حضور معتقلين في غرب البلاد متهمين بالتورط في القضية. وتوقع محامون أن يستمر مسلسل التأجيلات بحكم تشعّب القضية وبطء الإجراءات، بحكم أن عمليات اعتقال المشتبه فيهم تمت في ولايات عدة وعلى فترات متقطعة خلال التحقيق. وتقول أجهزة الأمن إن الملف يخص"شبكة إرهابية"تخصصت في تهريب السلاح من المغرب إلى معاقل"القاعدة"، فككتها أجهزة الأمن عام 2006 إثر إحباط المحاولة الشهيرة لنقل شحنة كبيرة من السلاح والذخيرة في منطقة بريان بولاية غرداية 600 كلم جنوب العاصمة. وشملت الشحنة نحو 363 قطعة سلاح قُدّرت قيمتها ب1.5 مليون يورو. ووجهت إلى الموقوفين في القضية تهمة"المتاجرة بالأسلحة والذخيرة، والانتماء إلى جماعة إرهابية، وتمويل وتموين جماعات إرهابية، وعدم التبليغ عن أعضائها". ويظهر في ملف القضية"أمراء"سابقون في الجماعات المسلحة قتلوا على يد قوات الجيش، أشهرهم زهير حارك المدعو"سفيان أبو حيدرة"الأمير السابق للمنطقة الثانية في"القاعدة". وأغرب ما يرد في ملف التحقيق الذي أعدته أجهزة الأمن أن مصدر شراء السلاح من خارج الحدود هي"أموال فديات جُمعت من جراء عمليات اختطاف العديد من الأثرياء خلال السنوات الماضية"في مناطق نشاط"القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي". نشر في العدد: 16703 ت.م: 27-12-2008 ص: 11 ط: الرياض