ما زالت فحوص ما قبل الزواج شبه غائبة أو مجهولة لدى كثير من الشباب اليمني وقلّة قليلة تعي أهميتها، ومع ذلك فمن النادر أن تعمل بها. ويبدو ان كثيرين ممن يسمعون بهذا النوع من الفحوص، يجهلون طبيعتها وبعضهم يعتقد انها مطلوبة فقط في حال الزواج بين الأقارب. ويعتبر البعض أن الفحص مطلوب في حال وُجدت صلة قرابة بين الزوجين، وما عدا ذلك فمن غير الضروري القيام بذلك. ومن المرجّح عدم تكريس هذا الإجراء في وعي مختلف الفئات. وهو لا يزال غائباً عن رزنامة البرامج التوعوية، وكان لافتاً ان كثيراً من الشبان الذين حضروا الأربعاء الماضي حفلة زفاف فتحي 26 سنة، ابدوا اندهاشهم عند طرح سؤال عن مدى أهمية إجراء الفحص، مع أن جلّهم من المتعلمين والمثقفين. وبدا العريس نفسه مندهشاً من دون أن يعطي إجابة واضحة تؤكد أو تنفي اجراء مثل هذه الفحوص. وحتى أولئك الذين درسوا خارج البلاد أو عرفوا بهذا النوع من الفحص لا يولونه أهمية كبيرة. ويذكر محمد عبد الله 27 سنة تزوج أخيراً، أن فكرة إجراء فحوص أتته قبل الزواج، ويستدرك:"لكن لا أعلم كيف غاب عن بالي القيام بها". ويشير الى انه لهذا السبب بات يشعر بعض الخوف والقلق، مؤكداً عزمه التشاور مع شريكته لإجراء الفحص. ويبدو أن الفتيات آخر من يولي أهمية لهذه الفحوص حتى وان علمن بها. وتقول نهلة 23 سنة:"المرأة في اليمن لا حول لها ولا قوة في اختيار شريك حياتها فكيف تشترط إجراء مثل هذه الفحوص". وتؤكد أهمية أن يوجد تشريع يلزم بإجراء فحوص قبل الزواج، وأن يكون هناك سجل طبي لكل فرد. ومن الواضح أن التقاليد والأعراف السائدة ومنها ثقافة العيب ما تنفك تفعل فعلها وهي باتت تطاول مستقبل الصحة الجسدية والعقلية للأبناء. وتتساءل نهلة عمّا يمكن أن تفعله الأنثى في حال اتضح لها أن عدم وجود توافق جيني بين الزوجين يتهدد صحة الأبناء..."هل ستلجأ إلى خلع الزوج؟"، تتهكم بتحسر. في المقابل يرى محمد 27 سنة في إجراء فحوص ما قبل الزواج"فكرة ممتازة حفاظاً على صحة النسل، لكنها على صعيد الواقع اليمني صعبة التحقق". ويوضح أن التقاليد لا تسمح للمرء، وبخاصة الذكر، التراجع عن قرار الزواج في حال تكشف عدم وجود توافق جيني بينه وبين شريكته لا سيما إذا كانت قريبته. ومعلوم أن فسخ العقد أو الخطوبة وبخاصة من قبل الرجل لا يزال يعتبر لدى كثير من الأسر عملاً مشيناً، وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى شجار بين الأسرتين قد يتطور إلى اقتتال. ويؤكد الدكتور محمد خالد صاحب عيادة للتحاليل الطبية في صنعاء، عدم وجود إقبال على تحاليل ما قبل الزواج، ويقول:"إن الاهتمام بإجراء التحاليل الطبية ما زال متدنياً لدى غالبية اليمنيين وهو ينعدم تقريباً في ما يخص تحاليل ما قبل الزواج. ويعتبر ضعف الثقافة الصحية سبباً رئيساً في غياب الاهتمام العام بمسألة التوافق البيولوجي بين الزوجين". ويشير إلى انتشار أمراض تقليدية مثل الأميبيا، التي تعتبر دليلاً قاطعاً على ضعف الثقافة الصحية، ويقول إن الأميبيا وحدها تصيب نحو 80 في المئة من اليمنيين، ويتضاعف ذلك مع شيوع الاعتقاد الخاطئ بمفهوم القضاء والقدر. وبحسب خالد فإن من العوائق التي قد يتسبب بها عدم إجراء الفحوصات اللازمة، تشوه الجنين وفي حالات أخرى الإجهاض وإصابته بأمراض وراثية. وفي حين يرجع بعض الشبان عدم لجوئهم لإجراء التحاليل إلى ارتفاع كلفتها، يقول خالد أن كلفة فحص فصيلة الدم وهو الفحص الشائع لا تتعدى المئة ريال أي ما يُعادل نصف دولار أميركي، في حين تتراوح كلفة فحص الكروموزومات ما بين أربعة وخمسة آلاف ريال، حوالي 20 إلى 25 دولاراً أميركياً، لكن ثمة من يرى ان للحب مقدرة على إزاحة مثل هذه الإجراءات جانباً. وتقول أروى أن الشريكين في حال جمعتهما رابطة الحب واتضح أن تباينهما الوراثي قد يؤثر سلباً عند الإنجاب فأنهما معاً، أو أحدهما، قد يضحيان بذلك في سبيل الحب. نشر في العدد: 16656 ت.م: 10-11-2008 ص: 26 ط: الرياض