شارك مليونا زائر شيعي في احياء مراسم ذكرى عاشوراء في مدينة كربلاء بواسطة مجالس العزاء واللطم على الصدور وضرب الرؤوس بالسيوف والأبدان بالجنازير. وجابت حشود كبيرة من النساء والرجال والأطفال يرتدي معظمهم اللون الأسود، الشوارع المحيطة بمرقد الامام الحسين طوال الليل والنهار حتى بعد الظهر موعد انتهاء مراسم"الزيارة"وعودة جميع الزوار الى مناطقهم. واحتشد الآلاف حول مرقدي الحسين وأخيه غير الشقيق العباس وسط كربلاء، فيما بدأت طبول تقرع ومكبرات صوت تروي مأساة الامام عبر مناسك خاصة بهذه الذكرى. ويمثل"التطبير"، أي ضرب الرؤوس بالسيف، ذروة ما يمارسه المشاركون في المواكب الحسينية التي تستمر طوال الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، تاريخ مقتل الإمام الحسين. ومع بزوغ الفجر، انطلقت حشود ومواكب تمارس طقوس"التطبير"التي تقضي بأن يضرب الرجال أعلى جبهاتهم بالسيوف أو سكاكين كبيرة، وذلك للتماهي مع الألم الذي أصاب الامام في مثل هذا اليوم. وعلى وقع الطبول وأصوات حزينة تروي كيف قُتل الإمام، يواصل هؤلاء التطبير وتتدفق الدماء تعبيراً عما أصاب الحسين وعائلته في موقعة الطف، في حين يراقب آخرون يذرفون الدموع هذا المشهد. ويقول حسن، أحد المشاركين في هذه الطقوس،"أطبر نفسي وفاء لإمامي الحسين". ويضيف هذا الشاب الذي تغطي الدماء ثوبه:"أريد أن أبكي بدمي بدل الدموع لمصاب الامام". وتستمر طوال الأيام العشر الأول من شهر محرم طقوس حزينة تبلغ ذروتها اليوم الأخير احياء لذكرى مقتل الحسين حفيد النبي محمد وإبن الامام علي بن أبي طالب أول الائمة المعصومين لدى الشيعة. ومعلوم أن الامام الحسين قُتل قرب مدينة كربلاء عام 680 ميلادية. ومنذ موقعة الطف، أصبح الحسين الذي قُتل في معركة غير متكافئة رمزاً للشجاعة والتضحية لدى الشيعة من أجل تحقيق العدالة والتصدي للظلم والطغيان. ويؤكد علي صادق أحد المشاركين في التطبير، وهو مهندس من كربلاء، أن"الدماء التي تغطينا، أوسمة على طريق الجنة". ويضيف وهو يبتسم على رغم الجرح على جبهته والدماء التي تسيل منه، أن"روحي فداء للحسين". وغصت ساحة الحرمين التي تفصل بين مرقد الامام الحسين والعباس وسط كربلاء بآلاف المشاركين الذي رددوا"حيدر ... حيدر"، في طقوس استمرت ساعات طوال النهار. والامام علي بن أبي طالب الذي يطلق عليه الشيعة اسم"حيدر الكرار"أيضاً، من أهم الرموز عند الطائفة الشيعية. ويوضح محمد حسين أحد القائمين على المواكب الحسينية أن"الناس يمارسون هذه الطقوس لأنهم يشعرون بأنها تمنحهم السعادة والراحة، هذا ليس من الممنوعات". وكان محمد حسين فضل الله أحد مراجع الشيعة أعلن أن"التطبير يسيء إلى الاسلام باعتباره يجعل من ذكرى عاشوراء مناسبة لتعذيب النفس وجلد الذات". لكن هذا الأمر يعتبر اختلافاً في وجهات النظر بين المراجع الشيعية على رغم أن غالبيتهم لم تتطرق الى تحريم هذه الطقوس. في الوقت ذاته، انتشرت مئات من سيارات الاسعاف في الطرق الرئيسية في كربلاء، خصوصاً قرب ساحة الحرمين. وكان محافظ كربلاء عقيل الخزعلي قال:"دخل الى المدينة السبت مليونا زائر بالفعل لاحياء ذكرى عاشوراء". وأكد"عدم حدوث أي خرق أمني والمراسم تسير في شكل جيد وممتاز ... نهيئ الآن اسطول الحافلات الذي أعدته وزارة النقل لنباشر نقل الزائرين الى محافظاتهم فور انتهاء المراسم بعد ظهر اليوم". وتابع أن"الطقوس اتسمت بالتنظيم الجيد والالتزام الواضح بالتعليمات والاوامر التي صدرت عن ادارة المدينة في المحافظة". ويصل كثير من زوار العتبات مشياً على الاقدام، ولا سيما من المحافظات الوسطى والجنوبية. ولكربلاء ثلاثة مداخل تشهد ازدحاماً هي مدخل بغداد شمالاً وبابل شرقاً والنجف جنوباً. ومن أبرز الطقوس التي تؤديها المواكب، التطبير الضرب بالسيف على الرأس ويرتدي الأشخاص الذين يمارسونه لباساً أبيض ويسيرون في شكل منتظم ضمن حلقات مكونة من حوالي عشرة أشخاص تقريباً، فيما يسير قربهم آخرون يقرعون الطبول لتوحيد عملية الضرب. وتنتشر كذلك مواكب"الزنجيل"التي يرتدي المشاركون فيها اللباس الأسود ويسيرون في صورة منتظمة ويدورون حول ضريح الامام الحسين على وقع الطبول.