ثمة مخاوف كبيرة لدى دول الخليج العربية من النيات الايرانية، لكن هذه الدول غير مقتنعة بالخيار العسكري ضد طهران، خصوصا بعد اخفاقات الادارة الأميركية الحالية بترجمة انتصاراتها العسكرية في أفغانستان والعراق الى مكاسب سياسية لها ولحلفائها. هذه خلاصة تقدير للوضع قدمه مسؤول خليجي تابع لقاءات الرئيس جورج بوش وتصريحاته خلال جولته الشرق أوسطية. وقال هذا المسؤول:"إذا كانت نية بوش تأمين دعم تحالف عربي لحرب يعدها ضد ايران فان مهمته ستكون صعبة جدا". الا أن دول مجلس التعاون الخليجي تدرك، في حال نشبت حرب أميركية - ايرانية نتيجة حادث عرضي أو هجوم متعمد من أي جانب كان، انها على الأغلب ستُجر الى هذه الحرب نتيجة موقعها الجغرافي ووجود قوات وقواعد أميركية على أراضيها. في موازاة ذلك، تخشى دول المجلس من أن تقدم ادارة أميركية جديدة على تعديل سياسة واشنطن الحالية، بحيث تخفف الضغط على ايران مفسحة في المجال أمام طهران لفرض سيطرتها على المنطقة، خاصة مع احتمال امتلاكها أسلحة نووية. وعليه فإن دول الخليج العربية، وبالتعاون مع الأردن ومصر، عازمة على بناء قوتها العسكرية لتشكل مجتمعة رادعا لإيران بعد زوال حائط الدفاع العراقي. وكشف تقرير صدر أخيرا عن مركز خدمات أبحاث الكونغرس الأميركي أن مصر والسعودية والامارات العربية المتحدةوالكويت كانت في طليعة دول الشرق الأوسط التي وقعت عقودا دفاعية مع الولاياتالمتحدة بين 1999 و2006. وبحسب الدراسة، بلغ حجم العقود المصرية خلال هذه السنوات 10.8 بليون دولار في حين بلغ حجم العقود مع السعودية 8.3 بليون ومع الامارات 8.5 بليون ومع الكويت 3.3 بليون. ولا تشمل هذه الأرقام عقود الدفاع التي وقعتها هذه الدول مع أطراف أخرى، مثل روسيا وأوروبا والصين، الا أن خبراء عسكريين يرجحون أن يصل حجم ما وقعته هذه الدول من صفقات مع دول أخرى على أقل تقدير الى ربع قيمة العقود الموقعة مع أميركا. وشهد العام 2007 استمرار جهود بناء القدرات الدفاعية لدول الخليج العربية. ويتوقع أن تكون هذه السنة حافلة أيضا بعقود التسلح، خصوصا مع استعداد الكونغرس الأميركي للتصديق على صفقات أسلحة مهمة مع دول شرق أوسطية، يعود أهمها وأكبرها لكل من السعودية والاماراتوالكويت. وكانت وكالة التعاون الأمني والدفاعي في واشنطن أعلنت اخيرا أنها أخطرت الكونغرس الأميركي بنية كل من الكويت شراء عتاد بقيمة 1.36 بليون دولار، والامارات بقيمة 9.4 بليون دولار والسعودية بحوالي 20 بليون دولار. وتشير طبيعة الأسلحة التي تنوي هذه الدول شراءها إلى أن التهديد الصاروخي الايراني يشكل عامل خوف كبير لدى قياداتها. وسيشمل عقد الكويت تحديث لمنظومات صواريخ"باتريوت"التي تملكها الامارة مع شراء صواريخ اضافية. في حين تشمل الصفقة الاماراتية شراء نظام متكامل لصواريخ"باتريوت"المطورة وأنظمة رادار وانذار مبكر ترصد الصواريخ الباليستية أو الجوالة منذ لحظة انطلاقها من الأراضي الايرانية وتعقبها من أجل اعتراضها. وستشتري الامارات أيضا طائرات من طراز"هوك آي 2000"للرصد والانذار المبكر والتشويش الالكتروني والقيادة والسيطرة الجوية، ما سيعطي سلاح الجو الاماراتي قدرة قوية على السيطرة على ساحة المعركة من الجو. أما السعودية فهي أيضا تسعى الى تحديث أنظمة"باتريوت"التي تملكها، لكنها تسعى الى الحصول على صواريخ وقنابل ذكية تعزز بشكل كبير قدرتها الهجومية من الجو. ويجمع الخبراء على أن القوات الجوية لدول مجلس التعاون الخليجي متفوقة نوعيا بشكل كبير على ايران. وكالعادة لم تنس أميركا تعهدها لإسرائيل في المحافظة على تفوقها النوعي ضد جيرانها العرب. وعليه فإن ادارة الرئيس بوش تعهدت تزويد اسرائيل بتشكيلة كبيرة من الصواريخ والقنابل الذكية المتطورة خلال هذه السنة، اضافة الى تعزيز أنظمتها الدفاعية ضد الصواريخ الباليستية والأصغر حجما مثل ال"كاتيوشا". وتجدر الاشارة الى أن قيمة العقود التي وقعتها اسرائيل مع أميركا بين 1999 و2006 بلغت حوالي 11 بليون دولار. * باحث في الشؤون الاستراتيجية