حمل الرئيس السوداني عمر البشير في شدة على المنظمات الإنسانية الأجنبية العاملة في دارفور، وتعهد "قلب الطاولة" عليها واستبدالها بمنظمات محلية، فيما اعترف القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم أمس بوجود"مشاكل سياسية"بين البلدين، ووعد بإجراء حوار من أجل رفع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها بلاده على السودان. وطالب البشير خلال لقاء مع عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني السودانية في مقر حزبه، المنظمات المحلية بالتوجه إلى مناطق عودة النازحين في دارفور لتقديم الخدمات للعائدين وتعهد دعمها، مؤكداً أن الإقليم يشهد استقراراً وأمناً وعودة كثيفة للنازحين من المخيمات إلى مناطقهم. وأطلق حملة تهدف إلى إخلاء مخيمات النزوح"لإنهاء مظاهر يستغلها الغرب مادة سياسية وإعلامية"ضد بلاده. ودعا إلى"تسجيل وتأسيس أكبر عدد ممكن من المنظمات الوطنية حتى يكون لديها زخم في الاممالمتحدة والمحافل الدولية". وأضاف:"نريد قلب الطاولة على المنظمات الأجنبية". ونفى تقصير حكومته في مواجهة آثار السيول والفيضانات التي ضربت عدداً من الولايات، وأدت إلى مقتل نحو 120 مواطنا وتشريد عشرات الآلاف. وقال: على رغم أن الارصاد الجوية توقعت خريفاً ممطراً يفوق المعدلات، إلا أن الحكومة لم تكن تعلم أن هذه المعدلات ستصل في زيادتها إلى 300 في المئة. وطالب حكام الولايات والمسؤولين بالحيطة والحذر لمواجهة فيضان سيتجاوز جميع المناسيب المسجلة، منبهاً إلى وجود جزر في النيل سكانها معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال الذين لا يمكنهم مقاومة الفيضان. ورأى أنه لابد من تخطيط مناطق إقامة آمنة تتوافر فيها شروط السكن وسبل كسب العيش. إلى ذلك، حذر وزير العدل محمد علي المرضي من"تطور أخطر"للمواجهات بين قبيلتي الرزيقات الابالة والترجم في دارفور التي سقط ضحيتها 65 شخصاً بين قتيل وجريح. وقال عقب عودته من زيارة للإقليم إن وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين وعد باتخاذ تدابير وإجراءات تأمينية أكبر بهدف الحد من أي احتكاك بين القبيلتين. وقال إنه عقد اجتماعاً موسعاً مع زعامات قبيلة الرزيقات الابالة في حضور حاكم ولاية شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر، انتهى إلى اتفاق على عودة القيادات إلى قبائلها للتعرف على أسباب المشكلة، ومن ثم التدخل لحلها. وأعرب عن تخوفه من انفجار أكبر للأوضاع، نظراً إلى عدد القتلى الذي وصل إلى 52، منهم 43 من"الابالة"و9 من الترجم، لافتاً إلى أن احتمالات الثأر قائمة ما لم يجر احتواء النزاع بأسرع ما يمكن. وفي تطور آخر، أعلن القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم البرتو فرنانديز أن سفارة بلاده ستعمل على منح السودانيين تأشيرات للمنح الدراسية والزيارات خلال العام المقبل، كما ستفتح المجال أمام الشباب للحصول على منح من الجامعات الأميركية. وأقر بصعوبات تواجه السودانيين الراغبين في زيارة الولاياتالمتحدة حالياً، لأن التأشيرات تصدر من السفارة الأميركية في القاهرة، موضحاً أن ذلك ليس أمراً طبيعياً، وسيعالج الوضع عقب فتح مباني السفارة الجديدة في الخرطوم. واعترف فرنانديز خلال زيارته أمس مقر المركز القومي للدراسات الديبلوماسية التابع للخارجية السودانية بوجود"مشاكل سياسية"بين البلدين، ووعد بإجراء حوار لرفع العقوبات الاقتصادية واستكمال تطبيع العلاقات. وأضاف أنه وقف على آثار السيول وزار إقليم كردفان. وأعلن وصول طائرتين أميركيتين الأسبوع المقبل تحملان معونات لمتضرري السيول والفيضانات. وفي القاهرة الحياة، استقبل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أمس الممثل الخاص للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور رودولف أدادا الذي تولى رئاسة البعثة المهجنة لحفظ السلام في الإقليم. وقال أبو الغيط عقب اللقاء إن المحادثات التي أجراها مع أدادا تطرقت إلى تقويمه لمستقبل اداء البعثة المختلطة المهام الموكلة إليها لحفظ السلام في الإقليم، والمشاورات الجارية في مجلس الأمن حول قرار تفويض القوة، موكداً دعم مصر الكامل له واستعدادها لتقديم كل أشكال العون لاداء مهمته بنجاح. وأضاف أنه جدد خلال اللقاء"العرض المصري السخي دعم جهود حفظ السلام في دارفور"عبر تقديم كتيبتي مشاة ميكانيكي وثلاث سرايا من قطاعات المهندسين والاشارة والاتصالات، إضافة الى استعداد مصر لنشر مستشفى ميداني آخر إضافة الى المستشفى الموجود حالياً في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، فضلاً عن تقديم عدد من المراقبين العسكريين وضباط هيئة الاركان. وأعرب أدادا عن تقديره البالغ لحجم المساهمة المصرية المقترحة، ووعد بمواصلة الاتصالات مع الاممالمتحدة لضمان الاستجابة السريعة لتلك العروض. وشدد ابو الغيط على"أهمية الحفاظ على الطابع الافريقي للقوة الجديدة، وضرورة ان تعمل رئاستها في ظل شراكة كاملة مع الحكومة السودانية لضمان تحقيق الهدف المنشود، وهو بناء السلام واعادة الامن والاستقرار إلى دارفور في اسرع وقت".