الأهلي يُعلن عن قميصه الثالث    حقيقة انتقال روبن نيفيز إلى ريال مدريد    هدف النصر والهلال.. الخليج يفرض شروطه لرحيل مراد هوساوي    رحل إنسان التسامح .. ورجل الإصلاح ..    محافظ الدرب يستقبل رئيس جمعية زاد الخير ويستعرضان مبادرات حفظ النعمة    السماء أكثر زرقة وصفاء في الشتاء لهذا السبب    علامة HONOR تعلن الإطلاق الرسمي لهاتف HONOR MAGIC8 PRO بعد النجاح اللافت للطلبات المسبقة في السعودية    ديوان المظالم يطلق أول هاكاثون قضائي دعما للابتكار    شؤون الحرمين تبدأ استقبال وثائق الشركات لتقديم خدمات إفطار الصائمين في رمضان 1447ه    شاطئ نصف القمر بالظهران وجهة سياحية بحرية مثالية بخدمات متكاملة    سلطنةُ عُمان تؤكد دعمها لوحدة الصومال وسيادته    أمانة القصيم تعزز الأجواء الشعبية بفعالية الطبخ الحي في حديقة الاسكان ببريدة    ختام رائع لمهرجان كؤوس الملوك والامراء 2025    اختتام الدراسة المتقدمة للشارة الخشبية في نجران بمشاركة 40 دارساً ودارسة    الجزائر تعرب عن قلقها إزاء التطورات في المهرة وحضرموت وتدعو إلى الحوار    ناويا إينوي يحافظ على لقبه العالمي في ليلة الساموراي بمحمد عبده أرينا    افراح العريفي    إصابة خالد ناري بكسور في القفص الصدري بسبب حارس النصر    الاتحاد يحسم مواجهة الشباب بثنائية    10 أيام على انطلاق كأس آسيا تحت 23 عامًا "2026 السعودية"    في كأس أمم أفريقيا بالمغرب.. الجزائر والسودان يواجهان غينيا وبوركينا فاسو    دعا لتغليب صوت العقل والحكمة لإنهاء التصعيد باليمن.. وزير الدفاع: لا حل ل«القضية الجنوبية» إلا بالتوافق والحوار    استهداف لموطئ قدم إستراتيجي في القرن الأفريقي.. «صوماليا لاند».. مخطط لتهجير الفلسطينيين    السعودية تعزز المنافسة العالمية.. تمكين ابتكارات ورواد مستقبل المعادن    أفراح التكروني والهوساوي بزواج محمد    ضمن جهودها لتعزيز الرقابة الصحية.. جولات رقابية لمراكز فحص العمالة الوافدة    الداخلية: ضبط 19 ألف مخالف    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    315 صقرًا للمُلاك المحليين تتنافس بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2025 في يومه الثالث    رواية تاريخية تبرز عناية الملك عبدالعزيز بالإبل    لطيفة تنتهي من تصوير «تسلملي»    موجز    53 مليار ريال حجم الامتياز التجاري    الخارجية اليمنية: جهود السعودية مستمرة لحفظ الأمن    عصير يمزق معدة موظف روسي    مختص: لا ينصح بأسبرين الأطفال للوقاية من الجلطات    51% إشغال مرافق الضيافة السياحية    حضور لافت للصقارات بمهرجان الملك عبدالعزيز    الذهب والفضة أبرز الملاذات الآمنة في 2026    «أحمر القصيم» يُكرم روّاد العطاء    السديس يدشن أعمال اللجنة الاستشارية للغات والترجمة    خطيب المسجد الحرام: ظُلم العباد يقود إلى الهاوية والضياع    إطلاق 61 كائنًا بمحمية الملك خالد    أمير المدينة يتفقد العلا    وزير الداخلية: يطمئن على صحة رجل الأمن الجندي ريان آل أحمد    محافظات جازان تبرز هويتها الثقافية والشعبية    الزيّ التراثي يجذب الأنظار في مهرجان جازان 2026    متى يكون فقدان الصوت خطيرا    تصعيد حضرموت: تحذير للتحالف وتحركات لاحتواء الانفلات الأمني    القبض على إثيوبيين في جازان لتهريبهم (108) كجم "قات"    رفض إفريقي وعربي لاعتراف إسرائيل بأرض الصومال    «صدى الوادي» يتجلى مع الطلاسي والتركي و«حقروص»    (117) دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الآخرة    «أرفى» تكرّم الجهات الداعمة لمرضى التصلب المتعدد في حفل "خيركم سابق"    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراع في دارفور.. القصة الكاملة (2 - 6)


الخرطوم – فتحي العرضي
الإقليم يملك احتياطيا نفطياً يقدَّر بسبعة مليارات برميل
دارفور فيها ثالث أكبر مخزون يورانيوم بواقع ستة ملايين طن
القوات الدولية المنتشرة في الإقليم تطلب من الحكومة حمايتها
يُعرف إقليم دارفور في السودان ب «موطن الرجال»، فمنه خرج أبطال سطروا بدمائهم أروع ملاحم التاريخ السوداني وحرروا بلدهم من حكم المستعمر التركي.
ودارفور تعنى «موطن الفور»، وترجع تسمية الإقليم بهذا الاسم إلى قبيلة الفور، وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم، وكانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عدد من السلاطين كان آخرهم وأشهرهم السلطان على دينار الذي يعتبره الدارفوريون أب الثورة، حيث استُشهِد وهو في أرض القتال ضد المستعمر الإنجليزي، وكان الإقليم يُحكَم في ظل حكومة فيدرالية يدير فيها زعماء القبائل مناطقهم حتى سقوط هذا النظام خلال الحكم العثمانى.
وفي هذا الملف الخاص، الذي تقدمه «الشرق» لقرائها على مدار أسبوع، ترصد الصحيفة القصة الكاملة للصراع في دارفور خلال السنوات الماضية، وتفاصيله الدقيقة من أفواه من صنعوه، كما تناقش معهم ملامح مستقبل الإقليم وعلاقة أبنائه وسياسييه بالخرطوم.
ويقدم الملف معلومات تكشف لأول مرة عن دور جهات خارجية في صراع دارفور وعلاقة الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تحكم دول الجنوب الآن، بما كان يجري في الإقليم.
تسببت الأطماع الدولية في ثروات دارفور الغنية بالمعادن والأرض الخصبة في إشعال جذوة الصراع في الإقليم، واعتبر بعض المحللين السياسيين الصراع في دارفور صراعا أمريكيا صينياً باعتبار أن الصين تسعى لخلق النموذج الصيني للتنمية، وأن السودان عموماً، ودارفور خصوصاً أرضية مناسبة لخلق هذا النموذج.
بدورها، أرادت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الكبرى في المنطقة إسرائيل» فرملة» النفوذ الصيني من التمدد في منطقة غرب إفريقيا، لذلك أشعلت الصراع في الإقليم، هذا من جانب،و من جانب آخر أرادات الولايات المتحدة إلهاء الحكومة السودانية بجبهة دارفور بهدف الضغط عليها لتقديم المزيد من التنازلات في المفاوضات التي كانت تجري في دولة كينيا مع ثوار جنوب السودان «الحركة الشعبية لتحرير السودان». وبالفعل نجحت أمريكا في الضغط على الحكومة السودانية لتوقيع اتفاق نيفاشا بصوَر حققت الكثير من المكاسب للجنوب من بينها منحه حق تقرير المصير الذي أفضى لانفصال جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة.
ودارفور تعنى موطن الفور، وترجع تسمية الإقليم بهذا الاسم إلى قبيلة الفور، وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم، وكانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عددٌ من السلاطين كان آخرهم وأشهرهم السلطان علي دينار الذي يعتبره الدارفوريون أبا للثورة حيث استشهد وهو في أرض القتال ضد المستعمر الإنجليزي.
دارفور.. تاريخ مليء بالصراع
وكان الإقليم يُحكَم في ظل حكومة فيدرالية يحكم فيها زعماء القبائل مناطقهم حتى سقوط هذا النظام خلال الحكم العثماني، وقد قاوم أهل درافور الحكم التركي الذي دام عشر سنوات، وقامت خلال هذه الفترة عدة ثورات من أشهرها ثورة هارون التي قضى عليها غردون باشا عام 1877م، وعند قيام الثورة المهدية سارع الأمراء لمبايعة المهدي ومناصرته حتى نالت دارفور استقلالها بعد نجاح الثورة المهدية.
ولم يدم استقلال الإقليم طويلا حيث سقط مجدداً تحت حكم المهدية عام 1884م الذي وجد مقاومة عنيفة حتى سقطت المهدية عام 1898م، فعاد السلطان علي دينار ليحكم دارفور.
وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى أيد سلطان دارفور الدولة العثمانية التي كانت تمثل مركز الخلافة الإسلامية؛ الأمر الذي أغضب حاكم عام السودان الإنجليزي، وأشعل العداء بين السلطنة والسلطة المركزية، والذي كانت نتيجته الإطاحة بسلطنة دارفور وضمها للسودان عام 1917م. ويصل عدد سكان دارفور إلى ما يقرب من ستة ملايين نسمة، يستخدمون لغات محلية إلي جانب اللغة العربية.
ويسكن دارفور عددٌ كبير من القبائل التي تنقسم إلى مجموعتين، مجموعات القبائل المستقرة في المناطق الريفية مثل «الفور»، «المساليت»، «الزغاوة»، «الداجو»، «التنجر» و»التاما»، إضافة إلى مجموعات القبائل الرحّل التي تتنقل من مكان لآخر مثل «الأبالة»، «المحاميد»، «مهرية»، «بني حسين»، «الرزيقات»، «المعالية» و»السلامات» و»البني هلبة» و»الحيمات» و»الترجم» و»القمر» و»الميدوب».
وغالبية القبائل المستقرة من الأفارقة تتكلم لغات محلية بالإضافة للعربية، وبعضهم من العرب، أما غالبية قبائل الرحل فهم عرب ويتحدثون اللغة العربية ويمتهنون الرعي، والجزء الآخر من سكان دارفور أفارقة، ويكثر في دارفور غابات الهشاب الذي تثمر الصمغ العربي فضلا عن حقول القطن والتبغ في الجنوب الغربي من الإقليم.كما تنمو أشجار الفاكهة المختلفة وتزرع الخضر في جبل مرة الذي يتميز بمناخ البحر الأبيض المتوسط، وتتم في بعض مناطق دارفور زراعة القمح والذرة، وسجلت أراضي دارفور أعلى معدلات إنتاجية في العالم، وتمتاز دارفور بثروة حيوانية كبيرة قوامها الإبل والغنم والبقر، وتضررت هذه الثروة عندما ضرب الجفاف الإقليم في بداية السبعينات، وفضلا عن الحيوان والزراعة فإن في الإقليم معادنَ ونفطا.
ويمتد إقليم دارفور من الصحراء الكبرى، ويتميز مناخ الإقليم بالسافانا الفقيرة في وسطه إلي السافانا الغنية في جنوبه، وبه بعض المرتفعات الجبلية وأهمها جبل مرة الذي يبلغ ارتفاعه 3088 مترا حيث توجد أكثر الأراضي الدارفورية خصوبة، كما ينقسم الإقليم إداريا إلى خمس ولايات، وهي: شمال دارفور وعاصمتها مدينة الفاشر، وجنوب دارفور وعاصمتها مدينة نيالا، وغرب دارفور وعاصمتها الجنينة، وشرق دارفور وعاصمتها الضعين ووسط دارفور وعاصمتها كاس.
وتقدر مساحة الإقليم بخمس مساحة السودان، وتبلغ 510 ألف كيلومتر، وتحد الإقليم ثلاث دول، من الشمال الغربي ليبيا، ومن الغرب تشاد ومن الجنوب الغربي أفريقيا الوسطى، فضلا عن متاخمته لبعض الولايات السودانية مثل ، كردفان والولاية الشمالية.
وتضم ولاية غرب دارفور حوالي 58 قبيلة، أما جنوب دارفور فيضم حوالي 83 قبيلة، وبدارفور أكثر من 25 لغة محلية بجانب اللغة العربية. وقبل الحرب الأهلية كان سكان دارفور مسلمين 100 %، إلا أنه بعد الحرب تنصَّر بعض الدارفوريين فيما أصبح البعض لادينيين . وتعتبر اللغة العربية لغة التخاطب الرسمي في الإقليم بجانب لغات محلية أخرى مثل لغة الفور والزغاوة والميدوب (لغة نوبية قادمة من شمال السودان) والتنجر والداجو.
ورغم اعتناق أهل دارفور للإسلام إلا أنهم متمسكون كثيرا بإرثهم الثقافي ولغاتهم المحلية، وتنقسم دارفور عرقيا الى مجموعتين، «الزرقة» وهم مجموعة القبائل ذات الأصول الإفريقية، و»البدو» وهم القبائل ذات الأصول العربية، ويسكن منطقة شمال دارفور رعاة الإبل، ويُطلَق عليهم محليا «الأبالة«.
أما جنوب دارفور فتسكنه أقلية من العرب الرحل رعاة البقر ويُطلَق عليهم اسم «البقارة»، وتخلو أغلب الأراضي في الجزء الشمالي من دارفور من السكان، والجزء الشمالي من دارفور أراضيه صحراوية وشبه صحرواية مناخها جاف وقليلة الأمطار وتربتها رملية وتضاريسها وعرة للغاية، ماعدا الجنوب الغربي فأراضيها طينية تصلح للزراعة، وتوجد واحات في أقصى الشمال «واحة المالحة والعطرون».ويسكن غالبية السكان في الريف في الأجزاء الجنوبية والغربية ويمتهنون الزراعة ونسبة قليلة منهم تسكن المناطق الحضرية ومجموعة أخرى متجولة كرعاة إبل، وجزء قليل من السكان يقطنون الواحات في أقاصي الشمال، وتخلوا أغلب أراضي الجزء الشمالي من السكان.
وسكان هذا الجزء يتوزعون في شكل مجموعات قبلية أهمها البرتي، والفور، وزغاوة، الرزيقات، التنجر، الميدوب، والزيادية وهذه القبائل تضم عدة بطون، ولكن الخارطة السكانية لدارفور تغيرت لعدة أسباب، أهمها الجفاف والتصحر والحرب.وتعتبر أجزاء دارفور الشمالية والشمالية الغربية والشرقية جزءاً من مناطق العطش في السودان التي تقع بين خطي عرض (10ْ و16ْ) شمالاً، وترك العطش بصماته واضحة على الإنسان والحيوان والنبات، وأجبرت قلة الأمطار في هذه الأجزاء الإنسان والحيوان على الهروب والهجرة إلى الأجزاء الجنوبية ومدن السودان الكبرى.
أما الأجزاء الجنوبية فيقطنها أكثر من (72%) من سكان الريف لاسيما جبل مرة والأجزاء الجنوبية والجنوبية الغربية لدارفور، فيما يسكن 27% المدن، ويتمركز الحضر بصورة أساسية في محافظة نيالا وبعض مدن المراكز الإدارية مثل رهيد البردي، والضعين، وعد الفرسان وتلس.
وينتشر سكان هذه الأجزاء في شكل مجموعات قبلية بلغت حوالى 84 قبيلة رئيسة وفرعية أهمها الرزيقات، المسيرية، الهبانية، السلامات، الصعدة، المعاليا، التعايشة، البقو، بني هلبة، البرنو، وهناك عرب رُحَل لا يعرفون الحدود السياسية وهم معروفون بحركتهم الدائبة طلباً للرعي والماء مثل الأمبررو.وكذلك ارتبطت الخارطة السكانية في الأجزاء الغربية لدارفور بصفات التربة والمناخ حيث يتدرج المناخ من سافانا فقيرة في الشمال إلى مناخ شبه صحراوي في الوسط إلى سافانا غنية، وفي الجنوب إلى الشرق يسود مناخ البحر الأبيض المتوسط، وكذلك تتدرج الأمطار من (180) ملم في أقصى الشمال إلى (800) ملم في أقصى الجنوب، وتبعاً لهذا التوزيع تتدرج الكثافة السكانية من أقصى الشمال وتزداد كلما اتجهنا جنوباً، ولا يزيد عدد الذين يقطنون المناطق الحضرية عن (10%) في الجنينة وزالنج.
بداية المشكلات في دارفور
بدأت المشكلات في دارفور منتصف حقبة ثمانينات القرن الماضي بسبب الجفاف وشح الأمطار الذي أدى إلى نزوح معظم السكان الرعاة من الجزء الشمالي إلى الجزء الجنوبي طلباً للماء والكلأ، وترتب على ذلك ظهور النزاعات بين أصحاب المواشي وأصحاب المزارع، وحدثت بعض حالات القتل، والتي تصاعدت لتأخذ طابع العمليات الثأرية القبلية.
كذلك أدت السياسات وتداعيات الأحداث والوقائع في دول الجوار إلى انتشار السلاح بقدر كبير في الإقليم، حيث قامت الحكومة الليبية بتجنيد حوالي ثلاثة فرق عسكرية من سكان جنوب ليبيا وشمال تشاد وشمال دارفور وبعض دول غرب إفريقيا، أطلقت عليها تسمية الفيلق العربي، وبعد فترة من الصراع المسلح داخل تشاد انسحب أفراد هذا الفيلق بكامل أسلحتهم إلى دارفور، كذلك بعد انهيار نظام الرئيس باتاسييه في إفريقيا الوسطى، انسحب كل جيش إفريقيا الوسطى (حوالي 4 فرق عسكرية) بكامل أسلحته ومعداته إلى داخل دارفور، وأيضاً بعد انتهاء الحرب الأهلية التشادية، انسحبت كل الفصائل والميليشات المسلحة التشادية (حوالي 11 فصيلاً) بكامل أسلحتها إلى دارفور أيضاً.ولعب العامل الخارجي دوراً في تصعيد نزاعات دارفور ذات الطابع المحلي والقبلي، وبالذات أمريكا، والتي اتفقت مع فرنسا من أجل السيطرة على دارفور، واقتسام مواردها، والتي تتضمن ستة ملايين طن من خام اليورانيوم العالي النقاء (ثالث أكبر مخزون يورانيوم في العالم)، كذلك توجد في إقليم دارفور مخزونات نفطية كبيرة تخطط فرنسا وبريطانيا وأمريكا من أجل استخراجها في المستقبل وربط إمداداتها بمشروع خط أنابيب غرب إفريقيا الذي سوف تشرف عليه الشركات الأمريكية والفرنسية والبريطانية.
وكثيرا ما عرف إقليم دارفور صراعات بين الرعاة والمزارعين تغذيها الانتماءات القبلية لكل طرف، فالتركيبة القبلية والنزاع على الموارد الطبيعية الشحيحة كانت وراء أغلب النزاعات، وغالبا ما يتم احتواؤها وتسويتُها من خلال النظم والأعراف القبلية السائدة، ويمثل إقليم دارفور نظرا لحدوده المفتوحة ومساحته الشاسعة ولوجود قبائل عديدة لها امتدادات داخل دول أفريقية أخرى، منطقة صراع مستمر تأثرت أيضا بالصراع التشادي – التشادي والصراع التشادي – الليبي حول شريط أوزو الحدودي، وأيضاً بالصراعات الداخلية لأفريقيا الوسطى فراجت في إقليم دارفور تجارة السلاح، كما تفاعلت قبائل الإقليم مع تلك الأزمات.
وتعتبر دارفور قاعدة تشاد الخلفية فجميع الانقلابات التي حدثت في دولة تشاد تم تدبيرها من دارفور، ما عدا أول انقلاب أطاح بفرانسوا تمبلباي الذي كان أول رئيس لتشاد بعد استقلالها عن فرنسا، فالإطاحة بالرئيس فيليكس مالوم أو جوكوني عويدي ونزاع حسن هبري مع الرئيس الحالي إدريس ديبي ارتبط بإقليم دارفور الذي كان القاعدة الخلفية للصراعات التشادية الداخلية. ويشكل الإقليم نقطة تماس مع ما يعرف بالحزام الفرانكفوني»مناطق النفوذ الفرنسية» (تشاد، النيجر، أفريقيا الوسطى، الكاميرون)، وهي الدول التي كانت تحكمها فرنسا أثناء عهد الاستعمار، لذلك يسهل – حسب المراقبين- فهم الاهتمام الفرنسي بما يجري في الإقليم في الوقت الراهن، وتُعرَف دارفور بأنها غنية بالمواد الخام مثل البترول ويعتقد أن هناك احتياطي نفط فيها يبلغ سبعة مليارات برميل.
الأمن والاقتصاد في الإقليم
كانت الحكومة السودانية قد اتفقت مع الأمم المتحدة على نشر قوات دولية في دارفور، إلا أن انتشار هذه القوات لم يوفر الأمن للدارفوريين لأن هذه القوات نفسها أصبحت في حاجة للحماية من قطّاع الطرق، حيث أصحبت هدفا للحركات الدارفورية المسلحة التي نشطت في اختطاف جنودها، حتى أن القوات الدولية طلبت الحماية من الجيش السوداني، لكن أكثر الأسباب التي عرقلت في السابق دخول القوات الدولية لدارفور هو اعتراض الحكومة السودانية على بعض الدول التي سيشكل جنودها جزءاً من تلك القوات كالولايات المتحدة الأمريكية.
وتشير التقديرات الدولية لضحايا نزاع دارفور المسلح منذ عام 2003 إلى 300 ألف قتيل، وما لا يقل عن 2.7 مليون مشرد، إلا أن الحكومة السودانية نفت صحة هذه الأرقام، وقالت إن عدد الضحايا لم يتجاوز ال 14 ألف قتيل. وغيَّر الصراع المسلح في دارفور منذ اندلاعه خارطة الإقليم على كافة الأوجه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بل تغير شكل المجتمع الدارفوري الذي يعُرِفَ على امتداد التاريخ بالتسامح والتعافي.
وتفاقمت أزمة الإقليم التي فجرتها الحركات المسلحة بدواعي التهميش وغياب التنمية، بل إن الحركات التي قادت الصراع منذ 2003 ضد المركز باسم حقوق الإقليم عصفت بها الكثير من المطبات ووضعتها بشكل حقيقي فى محك وحدتها أولاً، فانشطرت إلى حركات أميبية وصلت إلى 42 حركة مسلحة.
من جهتها، سعت الحكومة السودانية لحل الأزمة الدارفورية من خلال إيجاد تسوية سلمية سياسية للازمة، وانخرطت الحكومة في مفاوضات ماراثونية شاقة مع الحركات الدارفورية المسلحة في عددٍ من العواصم الإفريقية، كانت آخرها العاصمة النيجيرية أبوجا، حيث أفلحت جهود الوساطة الإفريقية والدولية في توقيع اتفاق سلام أبوجا مع جزء من الحركات الدارفورية.
إلا أن معظم الحركات انسحبت من عملية التوقيع على الاتفاق، فيما وقع القائد مني أركو مناوي قائد حركة تحرير السودان على الاتفاق، وعُيِّنَ بموجبه رئيسا لسلطة دارفور وكبيرا لمساعدي الرئيس البشير، إلا أن الاتفاق لم يفلح في إيقاف الحرب وتحقيق السلام على الأرض، مما أفشل أبوجا.وبدأت الحكومة السودانية مجددا رحلة البحث عن السلام، وكانت وجهتها هذه المرة نحو العاصمة القطرية الدوحة التي احتضنت المبادرة العربية الإفريقية الدولية، وبالفعل بدأت سلسلة من المحادثات مع الحركات المسلحة تُوِّجَت بتوقيع اتفاق إطاري مع حركة العدل والمساواة الدارفورية بزعامة رئيسها الراحل الدكتور خليل إبراهيم، إلا أنه سرعان ما انهار الاتفاق، لتبدأ الحكومة جولة جديدة مع حركة التحرير والعدالة، وهي تجمع لعدد من الحركات الدارفورية المسلحة، لتتوصل معها الحكومة لاتفاق سلام عُرِفَ ب «وثيقة الدوحة لسلام دارفور».
وتزامن توقيع سلام دارفور في الدوحة مع تمرد مني أركو مناوي رئيس سلطة دارفور بصحبة والي ولاية غرب دارفور السابق أبوالقاسم إمام ليشكلا تنظيما مسلحا ضد الحكومة بالتحالف مع الحركة الشعبية لتحرير السودان القطاع الشمالي باسم الجبهة الثورية للإطاحة بالحكومة.
الصراع في دارفور.. القصة الكاملة:
1. مفجر التمرد الدارفوري شوقار ل الشرق: استئثار الشمال بالسلطة والثروة دفعنا للخروج عليه..ونستطيع فرض الأمن دون قوات دولية
2. أرض النفط واليورانيوم تتحول إلى مخزن عالمي للأسلحة
آليات الحرب تنتشر (الشرق)

دارفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.