في العرف الدبلوماسي أن تكون الدول مسالمة شيء وأن تكون الدولة صانعة للسلام أمر آخر، والمملكة قوة دافعة للسلام، لا بالشعارات فقط، بل بالأفعال والقرارات والمبادرات التي تصنع فرقًا حقيقيًا في حياة الشعوب.. فمنذ تأسيسها، اختارت المملكة طريق الاستقرار بدل الفوضى، والحوار بدل الصراع، فكان دورها واضحًا في الوساطة بين الدول، والدعم الإنساني، والحلول السياسية التي تسهم في إنهاء أزمات طال أمدها. على إثر الاستهداف العسكري الإسرائيلي الذي تعرضت له الجمهورية الإيرانية أعربت المملكة عن إدانتها واستنكارها للاستهداف الذي يعد انتهاكاً لسيادة إيران ومخالفة للقوانين والأعراف الدولية، وأكدت المملكة على موقفها الثابت في رفضها لاستمرار التصعيد في المنطقة وتوسيع رقعة الصراع الذي يهدد أمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها. بيان المملكة هو امتداد لمسيرتها ونهج سياستها الساعية لصناعة السلام العالمي، الدور السعودي الذي لا يغيب عن حل الأزمات وإنهاء الحروب، وهي تحتضن وترعى كل جهود ومبادرات السلام العربية والإقليمية والعالمية، لم تكن تعتمد فقط على ثقلها ودورها القيادي ومركزيتها ومكانتها الجغرافية والدينية وقوتها العسكرية والسياسية والاقتصادية فقط، فهي تتبنى نهجاً وخطاباً دبلوماسيًا واضحًا مع الجميع، وقد رأينا كيف دخلت السعودية على خط الأزمة الروسية الأوكرانية، ليس كطرف منحاز، بل كوسيط يبحث عن التهدئة، وساطتها أسهمت في إطلاق سراح أسرى من جنسيات متعددة، مما جعل العالم ينظر إليها كطرف محايد له ثقله واحترامه لدى الجميع. وفي اليمن، لم تكن المملكة طرفًا متفرجًا على ما يحدث من دمار، بل كانت حاضرة على كل المستويات: دعم سياسي للحل السلمي، دعم إنساني للمتضررين، وحرص دائم على حماية المدنيين. وهذا الموقف يعكس مدى التزام المملكة بمسؤوليتها تجاه جيرانها وتجاه الاستقرار في المنطقة. أما السلام من خلال العطاء؛ فالريادة سعودية، الكثير يتحدث عن السلام من خلال المؤتمرات، لكن السعودية أثبتت أن السلام يصنع أيضًا من خلال المساعدات الإنسانية، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة وصلت المساعدات السعودية إلى أكثر من 90 دولة، في آسيا وإفريقيا، وحتى أميركا اللاتينية، وهذا وحده دليل على أن سياسة المملكة ليست محصورة بجغرافيتها، بل تتجاوز الحدود لخدمة الإنسانية. السلام العالمي ليس مجرد سياسة عند السعودية، بل هو مبدأ، فالموقف السعودي ودعمها للسلام لا يأتي وفق مصالح مؤقتة أو مواقف متقلبة، بل هو جزء من نهج راسخ في سياساتها الخارجية. السعودية لا تبحث عن الأضواء، بل تعمل بهدوء، وتُقدّم الكثير دون ضجيج، إيمانًا منها أن العالم بحاجة إلى قادة يؤمنون بالسلام كقيمة وليس كورقة ضغط، حيث كرّست سياساتها الخارجية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لمبادئ الحوار، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، والسعي لإيجاد حلول سلمية للنزاعات، وقد واصلت المملكة هذا النهج حتى اليوم، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- مؤكدة دورها الريادي في نشر ثقافة التفاهم والتعاون بين الشعوب، وإيمان راسخ أن الأمن والاستقرار العالميين مسؤولية جماعية تتطلب التعاون والحوار والعدالة.. ومع استمرار الصراعات في العالم تبقى المملكة منارة للسلام، تسعى لتحقيق التوازن وحل النزاعات بطرق سلمية وإنسانية تحفظ كرامة الشعوب وتحقق التنمية الشاملة.