سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سيطلب من منافسيه الرئيسيين دعم توليه منصب وزير المال لاستئناف أجندته الاجتماعية - الاقتصادية . بيرتس المهزوم يتحول حكماً يقرر من سيرأس "العمل": باراك ام أيالون ؟
يفتح عدم حسم الانتخابات لزعامة حزب "العمل" الإسرائيلي في جولتها الأولى، أول من أمس، الأبواب على مصاريعها أمام صفقات انتخابية بدت حتى الأمس القريب غير ممكنة. وتحول القراءات المتباينة لمثل هذه الصفقات في دولة لا تعرف أي معنى للثبات السياسي دون توقع من سيفوز في الجولة الثانية التي ستجري في الثاني عشر من الشهر المقبل: زعيم الحزب رئيس الحكومة السابق ايهود باراك أم النائب عامي أيالون اللذان حصدا أكبر نسبة من الأصوات لكن أياً منهما لم ينجح في الحصول على 40 في المئة منها وهي النسبة المطلوبة، دستورياً للفوز في الانتخابات. وخلافاً لجميع استطلاعات الرأي، حصل باراك على النسبة الأكبر من الأصوات 35.6 في المئة مقابل 30.6 في المئة لأيالون. وجاء زعيم الحزب وزير الدفاع عمير بيرتس ثالثاً 22.4 في المئة ثم النائبان اوفير بينيس 8 في المئة وداني ياتوم 2.7 في المئة وخرج الثلاثة الأخيرون من السباق. ويعتبر عدم حسم النتائج من الجولة الأولى - للمرة الاولى في تاريخ الأحزاب الإسرائيلية - مكسباً لبيرتس رغم هزيمته. فبينما كان من شأن حسم المعركة لمصلحة باراك أو أيالون في جولة واحدة إسدال الستار على حياة بيرتس السياسية القصيرة، فإن إرجاء الحسم يجعل من بيرتس المهزوم"بيضة القبان"ما يخفف من وطأة هزيمته ويجعلها"خسارة مشرّفة"، على خلفية أن أياً من المتنافسين المتبقيين لن لن يفوز بزعامة الحزب من دون دعم بيرتس. وأشار مقربو وزير الدفاع إلى هذه الحقائق متباهين بأن تجاوز بيرتس ال20 في المئة من الأصوات"في ظل ما تعرض له من حملات عنيفة لم يعرفها سياسي من قبل"يبقيه على قيد الحياة ويتيح له العودة إلى أجندته الأولى: الاجتماعية - الاقتصادية. ومع الإعلان الرسمي عن النتائج انشغل الجميع في محاولات استشراف ما في جعبة بيرتس وما إذا كان سيعلن دعمه لأيالون. لكن أوساطاً قريبة من وزير الدفاع الذي سيخلي كرسيه قريباً نصحت بعدم التسرع من دون أن تلغي احتمال شراكة مع باراك، كانت في إطار المستحيل حتى قبل يومين، لكن شرط أن يدفع الأخير ثمنها وقد يكون غالياً، لكنه يحفظ لبيرتس بعض ماء وجهه. ويعي القريبون من باراك انه"سيتصبب عرقاً"من أجل اقناع بيرتس بدعمه خصوصاً وسط توقعات بأن أصوات النائب بينيس 8 في المئة ستصب بغالبيتها في مصلحة أيالون. ويرجح معلقون أن تكون حقيبة المال هي الثمن المطلوب من باراك أو أيالون دفعه لبيرتس، الذي سبق أن أعلن انه حتى في حال فاز في الانتخابات فإنه سيغادر وزارة الدفاع لمصلحة وزارة المال. لكن هذه الحقيبة ليست لحزب"العمل"وفقاً لتقسيم كعكة الائتلاف الحكومي إنما للحزب الحاكم"كديما"وليس أكيداً البتة أن يتنازل عنها زعيم الحزب رئيس الحكومة ايهود اولمرت. وكانت الجولة الأولى من الانتخابات شهدت مفاجآت كثيرة، منها حصول باراك على المرتبة الأولى في"القطاعين العربي والدرزي"رغم ماضيه الدموي وإصداره التعليمات للشرطة الإسرائيلية بقمع الهبة الجماهيرية التضامنية للعرب في إسرائيل مع الانتفاضة الثانية في تشرين الأول أكتوبر 2000 ما أسفر عن استشهاد 13 شاباً. ورغم الأزمة العقائدية والتنظيمية والمالية التي يعيشها حزب"العمل"منذ سنوات فإن الانتخابات تكتسب أهمية خاصة على ضوء الموقف الذي سيتخذه الزعيم الجديد للحزب من مستقبل الشراكة في الائتلاف الحكومي. ووفقاً لتقارير صحافية فإن رئيس الحكومة اولمرت يبني حساباته على فوز باراك لتسليمه وزارة الدفاع معوّلا على أن يساهم ذلك في تحسين سمعة الحكومة لدى الرأي العام بعد فشل الحرب على لبنان، من خلال القول للإسرائيليين بأن"سيد الأمن"باراك هو من سيسهر الليالي منذ الآن على تأمين سلامتهم. وكان باراك أعلن انه سيبقى في الحكومة لفترة انتقالية يتم خلالها الاتفاق على موعد لانتخابات برلمانية جديدة يدرك أن غالبية الأحزاب في الكنيست تعارض إجراءها فيما جميع وزراء"العمل"يتمسكون بمقاعدهم الأثيرة. في المقابل يبدو أيالون متحمساً أكثر لفك الشراكة مع اولمرت، لكن ليس مع"كديما"بداعي ان اولمرت ليس قادراً على"إعادة تأهيل الدولة في أعقاب الحرب الفاشلة". ويشترط أيالون مواصلة الشراكة باستبدال قطب آخر من"كديما"باولمرت لكن معلقين لا يستبعدون ان يتم ايجاد صيغة أو مخرج لأيالون ليعدل عن قراره، مثل العودة إلى مؤسسات الحزب حيث سيتبين له انها معنية بمواصلة البقاء الحزب في الحكومة، ما يعني ان"العمل"باق في الحكومة في كل الأحوال بغض النظر عن هوية الفائز بزعامته بعد أسبوعين. عمير بيرتس انتهى"الصعود الفلكي"لمن اعتبره الإسرائيليون"حمامة سلام"و"سياسياً واعداً"و"منقذاً اجتماعياً"بسقوط مدوِّ لزعيم"العمل"وزير الدفاع عمير بيرتس قد تخفف مرارته صفقة مع أحد المتنافسين على زعامة الحزب تقضي بتسليمه منصباً وزارياً يحفظ له بعض ماء وجهه. ويتفق المعلقون في إسرائيل على ان بيرتس دفع بكرسييه، الوزاري والقيادي في الحزب، ثمناً لغروره الذي دهمه بعد فوزه بزعامة الحزب قبل 19 شهراً وعقاباً لخطيئة قبوله منصب وزير الدفاع في الحكومة الحالية رغم افتقاره إلى أدنى الخبرة في الشؤون العسكرية. وليس من شك في أن الفشل في الحرب على لبنان وظهور بيرتس أمام الإسرائيليين في صورة مجرد تابع للجنرالات و"ختماً مطاطياً"سرّعا في انصراف الرجل من واجهة الحلبة السياسية،. ولم تشفع لبيرتس حقيقة انه قياساً بولايته القصيرة في وزارة الدفاع فإن عدد القتلى الفلسطينيين بنيران الاحتلال بلغ رقماً قياسياً إذ سيذكره الإسرائيليون كموضع تندر وتهكم خلال عام كامل وسيتذكرونه وهو يحمل المنظار مغلق العدستين. وسيذكرون ان الزعيم السابق للعمال في إسرائيل أثبت لهم انه لا يمكن للدولة العبرية التي تعتمد القوة العسكرية أساساً لسياستها أن تسمح لنفسها بعد بجلوس مدني على كرسي وزير الدفاع،. ايهود باراك ولد عام 1942 في"مشمار هشارون". يحمل اللقب الجامعي الأول في موضوعي الفيزياء والرياضيات. تابع دراسته في جامعة ستانفورد في الولاياتالمتحدة. وذاع صيته عسكرياً لامعاً خصوصاً في"وحدة النخبة التابعة لهيئة الأركان العامة"فحصد أكبر عدد من الأوسمة البطولية في تاريخ الدولة العبرية"تقديراً"على عمليات قتل نفذها خصوصاً خارج حدود إسرائيل كان ضحاياها الأساسيون قياديين فلسطينيين منهم خليل الوزيرأبو جهاد وعلي سلامة. تبوأ مناصب عديدة خلال خدمته العسكرية التي امتدت على أكثر من 30 عاماً توّجها برئاسة هيئة أركان الجيش فمهدت له الطريق لدخول المعترك السياسي عام 1995 بتشجيع ورعاية من رئيس الحكومة في حينه إسحق رابين وبلغ سدة الحكم في فترة قياسية فهزم رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو وشكل حكومة اسرائيلية برئاسته في صيف العام 1999 وأبقى وزارة الدفاع لنفسه لكنه فشل في منصبه واضطر إلى مغادرته، فأعلن اعتزاله السياسة وجال العالم كرجل أعمال نجح وفقاً للتقارير في جمع ثروة كبيرة تجعله واحداً من أثرياء إسرائيل. يعتبره الإسرائيليون"ألمع ذهن عسكري"في تاريخ دولتهم لكنهم يتفقون على فشله السياسي المدوي خلال ترؤسه الحكومة تمثل، ضمن أشياء أخرى، في عدم استقرار رأيه في القضايا السياسية الداخلية والخارجية وتفرده في اتخاذ القرار. حتى الانسحاب من لبنان اعتبره الإسرائيليون هروباً مذلاً. عامي أيالون من مواليد العام 1945 في كيبوتس"معغان". كان اسمه السابق عميحاي هيرش. عرف أساساً بسجله العسكري الذي امتد على ثلاثة عقود، وهو من نوع السجلات التي يوليها الإسرائيليون الأهمية القصوى. خدم في سلاح البحرية الإسرائيلية ونال أوسمة بطولة وتدرج في مناصب رفيعة حتى بلغ قيادة البحرية عام 1992 وبقي في هذا المنصب أربعة أعوام حتى تعيينه رئيساً لجهاز الأمن العام"شاباك"خلفاً لكرمي غيلون الذي اضطر للاستقالة في أعقاب اغتيال رئيس الحكومة السابق اسحاق رابين، وبقي في هذا المنصب حتى العام 2000. ذاع اسمه قبل أربعة أعوام حين وضع في آب أغسطس عام 2003 بالاشتراك مع رئيس جامعة القدس الدكتور سري نسيبة"وثيقة حملت اسميهما وتضمنت تصوراً لحلّ القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي واعتمدت مبدأ"دولتين ذات سيادتين قابلتين للعيش تعيشان جنباً إلى جنب"لكنها في مجملها لم تتعد حدود"التنازلات"التي وضعها اليسار الصهيوني الرافض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والانسحاب من القدسالمحتلة. دخل أيالون المعترك السياسي قبل عام وانتخب على لائحة حزب"العمل"نائباً في الكنيست. يعتبره الإسرائيليون عنوان الاستقامة الشخصية ونظافة اليدين ما يمنحه نقاطاً على سائر السياسيين الضالعين بمعظمهم في قضايا فساد. يحمل أيالون لقباً جامعياً أول في علم الاجتماع وثانياً في موضوع الإدارة العامة من جامعة هارفارد الأميركية.