في منطقة الكويت داخل بوليفارد وورلد ضمن فعاليات موسم الرياض، لا يكتفي المكان بأن يُرى، بل يُعاش. فالمشهد هنا لا يتكون من عمارة وتراث فقط، بل من حركة وصوت وإيقاع، كأن الذاكرة قررت أن تنزل من الكتب وتتحول إلى عرض حي. في قلب المنطقة، تقف السفينة بوصفها رمزًا أوليًا للحكاية؛ ذاكرة البحر، والغوص، والأسفار التي شكلت وجدان الكويت. وحولها يتوزع المشهد بثقة، فيما يطل برج الكويت شامخًا، معلنًا توازنًا بصريًا وثقافيًا بين ماضٍ تشكل على الموج، وحاضر ارتفع نحو السماء. غير أن اكتمال الصورة لا يتحقق إلا مع العروض الشعبية التي تُقدم في المنطقة؛ حيث تتحرك الأجساد على إيقاعات خليجية معروفة، وتنبض الرقصات التراثية الكويتية بروح الجماعة، لا بوصفها أداءً فنيًا فقط، بل كتعبير ثقافي يحمل في خطواته ذاكرة الفرح والعمل والاحتفال. هنا، يصبح الرقص لغة، وتتحول الموسيقى إلى جسر يصل الزائر بجذور المكان. وبين العروض، تمتد المحلات كمساحات حياة يومية؛ البخور والعطور الكويتية بروائحها الثقيلة والعميقة تحضر كهوية حسّية راسخة، فيما تكمّل الأكلات الشعبية المشهد بوصفها جزءًا من الذاكرة الاجتماعية، حيث لا يُقدم الطعام منفصلًا عن قصته، ولا عن المكان الذي نشأ فيه. منطقة الكويت في بوليفارد وورلد ليست عرضًا للتراث بقدر ما هي مشهد ثقافي متكامل؛ ذاكرة تتحرك، وهوية تتكلم بهدوء، وتترك للزائر شعورًا بأن بعض الأماكن لا تُزار مرة واحدة.. بل تُحفظ، كما يُحفظ الإيقاع في القلب.