بحلول نهاية الشهر الجاري ينتهي أعضاء "المركز القومي للترجمة" التابع لوزارة الثقافة المصرية والقائمون عليه من إجراءات الانتقال المبدئي إلى المبنى الموقت داخل ساحة دار الأوبرا المصرية وهو جزء من مبنى تابع للهيئة الزراعية، وذلك تمهيداً للانتقال النهائي إلى المقر الدائم للمركز بجوار مبنى المجلس الأعلى للثقافة، ويرجح اكتمال تأسيسه بانتهاء المرحلة الأولى من خطة المركز في أعمال الترجمة والتي تستغرق ثلاثة أعوام ابتداء من العام المقبل 2008. بدأت أنشطة المركز فور إعلان تأسيسه نهاية العام الماضي، لكن أكثرها اقتصر على الأمور الفنية المتعلقة بالهيكل التنظيمي، ويتشكل من"المكتب الفني"مكوناً من ستة أعضاء من بينهم عماد أبو غازي وشهرت العالم، ويتبع مباشرة هيئة التخطيط والمتابعة، ويتولى مهماتها المترجم طلعت الشايب كمساعد مدير وفي الوقت نفسه هو المشرف على سلسلة"ميراث الترجمة"التي تعيد نشر مؤلفات كلاسيكية سبق ترجمتها. مهمة المكتب الفني تلقي طلبات الترجمة والمشروعات المقدمة من جانب الأفراد والمراكز الثقافية لعرضها على"الهيئة الاستشارية"برئاسة محمد حمدي إبراهيم وعضوية 60 شخصاً من مختلف التخصصات العلمية يعملون كلجان استشارية مهمتها إجازة العمل المقدم للترجمة. طوال الفترة الماضية - عام تقريباً - كرّس"المشروع القومي"جهوده لاستكمال اتفاقات التعاون مع عدد من المراكز الأجنبية والانتهاء منها، ومن أهمها التعاون مع المركز الثقافي الفرنسي في القاهرة الذي أثمر"سلسلة كل المعارف"حتى صدر منها هذا العام الجزء السادس والأخير، إضافة إلى إعادة طبع الكتب التي نفدت من الألف الأولى بعد مراجعتها وتنقيحها وتصديرها بمقدمات جديدة، ومن أبرز العناوين التي لاقت رواجاً مجموعة"تاريخ الجزيرة العربية"وتصنف ضمن أكثر من مجلد بعناوين مختلفة، وهي الكتب التي عُرف المشروع القومي للترجمة بإصدارها طول السنوات العشر الماضية. يعوّل على المركز في مسألة تفادي"سقطات"المشروع القومي، وأبرزها أخطاء الترجمة، وضعف التوزيع، فقد بات معروفاً أن معظم الكتب الصادرة عن المشروع تبقى حبيسة المخازن، وجرت العادة على نفاد النسخ في صورة"إهداءات". أو كما تطرق المشروع أخيراً إلى إصدار"الترجمات النوعية"وهي الكتب التي توزع لمناسبة انعقاد الاحتفالات العالمية برموز الثقافة كاحتفالية إبسن. تضيع جهود الترجمة هباءً، خصوصاً مع تكرار تذبذب نشاط مكتبة المجلس الأعلى للثقافة التي تستخدم كمنفذ بيع، وغلقها معظم الوقت، المكتبة تحوّلت تدريجاً إلى مخزن، في حين أنها المنفذ الوحيد لعرض كتب المجلس والمشروع، والنقاش لم يحسم حول صغر حجم المكتبة وتكدس أكوام الكتب لأيام بداخلها. لتفادي مشاكل التوزيع وفق ما ذكره رئيس المركز القومي جابر عصفور تأسست إدارة مستقلة يرأسها هاني طلبة ومهمتها إيجاد منافذ توزيع جديدة بالاتفاق مع مراكز توزيع داخل مصر وخارجها. وزار طلبة لهذا الغرض معرض فرانكفورت، على أن يجوب بعد ذلك المعارض الدولية كافة. يتبع المركز بعد صدور الألف الأولى خطة متعاقبة المراحل يتدرج فيها عدد الكتب المترجمة وصولاً إلى 1000 كتاب في العام الواحد، والوصول إلى هذا الهدف لن يتحقق إلاَّ في المرحلة الثالثة من مراحل التنفيذ مع الاستعانة بعمليات الترجمة الإلكترونية. أمّا المرحلة الأولى فتستمر لمدة ثلاثة أعوام ويكون معدّل الإنتاج فيها حوالى 400 كتاب في العام، والأولوية للترجمة إلى العربية، لكن لا يمنع هذا مثلما يشير عصفور من البدء في عمليات محددة من الترجمة العكسية من العربية إلى اللغات الأخرى. وعقدت على أثر ذلك اتفاقات الشراكة مع بعض دور النشر العالمية، من بينها الجامعة الأميركية في القاهرة، ودار"آمارتان"الفرنسية. أمّا المرحلة الثانية فتكتمل مع نهاية السنة الرابعة ويرتفع معدل الإنتاج فيها إلى 750 كتاباً في العام، وفيها تبدأ الخطوات العملية للترجمة من العربية. وسيتم خلال هذه المرحلة تطبيق ما سمّي"خطة إعداد المترجم"وهي برامج تدريب للمترجمين من مصر والبلاد العربية بعد اجتياز اختبار شفهي، وتمنح على أثرها شهادة للمترجم دليلاً على تأهيله، وفي إطار تحسين مستوى الترجمة وحسم مشكلات توحيد المصطلح، يجرى التفكير في أن يخصص الملتقى الدولي الرابع - يعقد كل عامين تقريباً - لمناقشة قضايا المصطلح وإشكالياته. لم يخل المشروع القومي للترجمة على مدى عشر سنوات من"عشوائية الترجمة"وما ينجم عنها من اختيار غير موفق لعناوين الكتب. يحاول المركز تفادي هذه المشكلة. ويشير طلعت الشايب إلى الاستعانة بأعضاء لجنة الترجمة في المجلس الأعلى للثقافة كخطوة أولى لضمان جدية الاقتراحات، لكن سيكون التعاون في شكل فردي. يستعد المركز لإصدار مجلة فصلية مطلع العام المقبل بعنوان"أواصر"يرأس تحريرها محمد أبو العطا، وينوي المركز الاعتماد على مصادر تمويل إضافية مقابل دعم وزارة الثقافة، ومن أبرزها إنشاء"وحدة الترجمة بالأجر"ويتم من خلالها التحويل التدريجي في المركز إلى مشروع استثماري يقوم بترجمة أبحاث ودراسات صادرة عن منظمات دولية أو تقارير اليونسكو وغيرها. بحسب كتيب بتسع لغات يستعد المركز لنشره وتوزيعه، وصلت حصة الأدب من إجمالي الكتب الصادرة عن المشروع القومي للترجمة الى 418 كتاباً وهي الحصة الأكبر، تليها كتب التاريخ والآثار وهي 177 ثم العلوم الاجتماعية وهي 161 كتاباً وأخيراً كتب الفنون وهي 42 كتاباً. عدد اللغات المترجم منها 27 لغة، الغلبة فيها للإنكليزية، إذ ترجم منها 543 كتاباً. و60 في المئة من الكتب المترجمة لم يمض على صدورها في لغتها الأصلية أكثر من 10 سنوات.