تتصاعد حدة السجال بين حركتي"حماس"و"فتح"يوما بعد يوم في مشهد قد يعيد الساحة الفلسطينية الى المواجهة المسلحة بين الحركتين الكبيرتين اللتين تستقطبان الشارع الفلسطيني في شكل حاد، ما يهدد بتفسخ الوحدة الوطنية التي تعززت بتوقيع"وثيقة الوفاق الوطني"والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها"فتح"للمرة الاولى منذ فوز"حماس"التاريخي في الانتخابات التشريعية مطلع العام. ويمثل توجه"فتح"لحجب الثقة عن وزير الداخلية سعيد صيام ذروة المواجهة السياسية والبرلمانية بين"فتح"التي قادت السلطة الفلسطينية مدة 12 عاما واصبحت في ليلة وضحاها في صفوف المعارضة، وبين"حماس"التي قفزت من صفوف المعارضة لتتبوأ قيادة السلطة التنفيذية وتتقاسم السلطات مع الرئيس"الفتحاوي"محمود عباس. وقالت مصادر"فتحاوية"امس ان عددا من نواب"فتح"، في مقدمهم رئيس كتلتها البرلمانية عزام الاحمد، تقدم بطلب الى هيئة مكتب رئاسة المجلس التشريعي لعقد جلسة خاصة لاستجواب صيام وطرح الثقة به، على خلفية استشراء حال الانفلات الامني والفوضى في الاراضي الفلسطينية واستمرار عمليات الاغتيال التي كان آخرها اغتيال مسؤول العلاقات الدولية في جهاز المخابرات العامة العقيد جاد التايه. واضافت ان من بين الاسباب الداعية الى مساءلة الوزير لجوء حراس رئيس الوزراء اسماعيل هنية الى العنف ضد الموظفين العموميين الذين اعتصموا في باحة المجلس التشريعي وعرقلوا دخول هنية مدة نصف ساعة. وفي حال عقدت الجلسة، فانها المرة الاولى التي تتم فيها مساءلة وزير في الحكومة الحالية التي شكلتها"حماس"ونالت الثقة من المجلس التشريعي اواخر آذار مارس الماضي في اعقاب الفوز الكاسح للانتخابات التشريعية حيث حصلت على 74 مقعداً، فيما حصلت منافستها"فتح"على 45 مقعداً. وينص القانون الاساسي على انه يجب على رئاسة المجلس التشريعي تحديد موعد عقد الجلسة خلال ثلاثة ايام من تاريخ تقديم الطلب. ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل هددت"فتح"بحجب الثقة عن الحكومة كلها مستفيدة من تناقص عدد نواب"حماس"بسبب اعتقالهم في سجون الاحتلال الاسرائيلي، ولوّحت بسحب شبكة الامان التي منحتها للحكومة في اعقاب اعتقال اكثر من 25 نائبا من نواب"حماس"في اعقاب اسر مقاتلين من الحركة ولجان المقاومة الشعبية وجيش الاسلام الجندي غلعاد شاليت في غزة في 25 حزيران يونيو الماضي. وقال الناطق باسم كتلة"فتح"البرلمانية جمال الطيراوي في تصريح:"اعطينا الحكومة في اعقاب اعتقال النواب والوزراء من قبل قوات الاحتلال شبكة امان سنسحبها وسنحجب الثقة عن الحكومة ونسقطها ولدينا العدد الكافي"، في اشارة الى ان"فتح"تتمتع بغالبية الآن في المجلس التشريعي تفوق 40 مقعدا، فيما"حماس"اصبحت اقلية بعدد اقل من 40 نائباً. ولوح باتخاذ هذا الاجراء"في حال لم يستخدم الرئيس عباس صلاحياته الدستورية باقالة الحكومة او لم تتخذ الحكومة القرار الجريء وتستقيل وتتيح المجال لتشكيل حكومة وحدة وطنية". وفي حال اصرت"فتح"على حجب الثقة عن الحكومة كلها او عن وزير فيها، فان ذلك ينذر بمواجهة من نوع آخر بين الحركتين، مواجهة مسلحة على غرار ما حصل قبل أشهر عندما كانت الحركتان على شفير اقتتال داخلي بعد سلسلة من عمليات الاغتيال والتصفية المتبادلة. دحلان وجاء في سياق التصعيد الاعلامي والسياسي بين الحركتين، تصريحات النائب عن"فتح"محمد دحلان ورد الناطق باسم"حماس"سامي ابو زهري عليه، اذ قال دحلان ان"حماس"تراجعت عن اتفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتمارس الاغتيالات السياسية، كما اتهمها اول من امس"بتشريع الاغتيالات"، معرباً عن امله في"الا تقود هذه الاغتيالات الى حرب اهلية". ورد ابو زهري امس متسائلاً:"لمصلحة من يبشر دحلان بالحرب الاهلية؟"، ووجه اتهامات قاسية لدحلان ردا على اتهاماته للحركة باغتيال التايه، وقال ان"تاريخه دحلان حافل بارهاب ابناء شعبنا وتكسير عظامهم في السجون التي بنيت بأموال خارجية لكسر شوكة المقاومة وتعذيب المقاومين". كما اتهم ابو زهري دحلان بأنه"لم يتورع عن القيام بمحاولة انقلاب مسلح لم يكتب له النجاح ضد الاخ الرئيس الراحل ياسر عرفات ابو عمار".