710 مركب صيد تستعد للمشاركة بموسم الروبيان بالشرقية    استطلاعات الرأي: تقارب بين هاريس وترمب ب3 ولايات متأرجحة    جامعة عبدالرحمن بن فيصل تستقبل 74 ألف طلب التحاق    ضبط (21103) مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    اختتام ورشة تصميم الأنمي في هيئة الصحفيين السعوديين بالمدينة    جامعة عبدالرحمن بن فيصل تختتم برنامج "موهبة" الإثرائي البحثي    «فضيحة أولمبية».. خطأ فادح يحرج كوريا الجنوبية في باريس    برامج لتعليم الحِرف والأشغال اليدوية في الحملة الصيفية للتوعية ومحو الأمية بتعليم جازان    الصين: العالم بحاجة لمزيد من السيارات الكهربائية    خفر السواحل الفلبيني يؤكد تسرب النفط بعد غرق ناقلة    مصر.. استخراج «جثث مجهولة» من عقار «المحلة» المنهار    الاتحاد يخسر من إشبيلية بمعسكر إسبانيا    حمدالله يوجه رسالة لجماهير الشباب    "ويندوز 11" يدمج هواتف أندرويد بملفاته    عطل عالمي بخدمات "أبل" السحابية    سحابة صيفية في سماء 5 مناطق    واشنطن تستعين ب "أبل" لإدارة مخاطر "الذكاء"    ارتفاع سعر الدولار واليورو وانخفاض اليوان الصيني مقابل الروبل    اكتمال أضلاع المربع الذهبي للبطولة الإقليمية للمنتخبات    متسابقو أولمبياد الكيمياء ينهون الاختبارات    السدو والخوص.. حرف يدوية بأنامل ذهبية    الأكلات الشعبية تستقطب زوار "بيت حائل"    رفض طرح دواء شهير لعلاج الزهايمر بأوروبا    4 وفيات بفيروس "هانتا" في أمريكا    شقيق الإعلامي عبدالله الفارسي في ذمة الله    الحارس السلوفاكي روداك ينتظم في معسكر الاتفاق    الهلال يحدد موعد رحيل ميشيل بعد السوبر لهذا السبب!!    بشكتاش التركي يضغط للحصول على خدمات تاليسكا على سبيل الاعارة        ترامب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه    الزي السعودي .. ثقافة عريقة وحضور لافت في أولمبياد 2024    رئيس جامعة الملك فيصل يوجه بزيادة أعداد القبول 30%    السفياني والطويرقي يوحدان الشعبي والفصيح بالفيروز    أمطار غزيرة تتسبب في انهيار جزئي لسد بوسط روسيا    القبض على (3) مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهم (26.9) كيلوغرام من الحشيش المخدر    «أمن الطرق»: (4) وفيات وإصابات جراء حادث مروري بين (13) مركبة على طريق الرين إثر موجة غبار    السديس: تجنبوا التباهي بالأعراس بمواقع التواصل    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والنبوي    ارتفاع أسعار الذهب إلى 2374.14 دولارا للأوقية    «بودي جارد» مشاهير «السوشال ميديا»    400 حقيبة إيوائية لنازحي الدمازين    TCL تكشف النقاب عن «مهرجان نمط الحياة العصري»: أول حدث ترفيهي خاص وأفضل مكان للاسترخاء مع العائلة خلال موسم الصيف    الذهاب للعمل بالدراجة يقلل احتمالات الوفاة %50    5 أساليب لتهدئة الغضب    الصحة: قرارات التجمعات الصحية تحت إشراف المجالس التأسيسية    ما أحد طلب رأيك    «صح» هو الصح!    قررت أن أصبح طبيبة !    رئيس لجنة الأديان بمقدونيا: السعودية بلاد حضارية تصدر ثقافة التسامح والسلام    الله الله يا بلادي    نائب أمير المدينة يدشن فعاليات اليوم العالمي للكبد الوبائي    "الأمر بالمعروف" في الباحة تفعِّل المنصة التوعوية بمتنزه غابة رغدان    نائب أمير الشرقية يستقبل أمين المنطقة    فيصل بن مشعل يستقبل امين مجلس القصيم والقائم بأعمال محافظ محافظة عنيزة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ جابر دعيج الصباح    أمير الشرقية يستقبل القاضي القريشي    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    ولادة 4 أشبال للفهد الصياد المنقرض منذ 40 عاماً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرق الأوسط بين "الجديد" و "الكبير"
نشر في الحياة يوم 16 - 06 - 2013

شمعون بيريز وزير خارجية اسرائيل السابق أول من تحدث عن"الشرق الأوسط الجديد"في عام 1993 بعد توقيع اتفاقية اوسلو في حدائق البيت الابيض بين اسحق رابين وياسر عرفات، وكان تصور بيريز قائماً على ان وحدة اقتصادية ستتحقق بين المنطقة العربية واسرائيل، وستجمع هذه الوحدة الاقتصادية بين العبقرية الصهيونية في القيادة، والأيدي العربية الرخيصة المستخدمة في التصنيع، والثروة العربية المتكدسة من بيع البترول الخ... وكان التفاؤل سيد الموقف آنذاك، والسبب في ذلك هو الاعتقاد بأن اللقاء الفلسطيني - الاسرائيلي كسر آخر الحواجز في الممانعة بين العرب واسرائيل، ولم يبق إلا التداخل والتواصل والتلاحم... الخ، ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق، وتعثر اتفاق اوسلو الذي كان الشرارة في كل تلك الاحلام، والسبب في ذلك ان اسرائيل تريد ان يكون لها كل شيء ولا تريد ان تعطي شيئاً للآخرين، وكانت نهاية الحلم كابوساً مزعجاً. فصانعا الحلم نُحرا: اسحق رابين وياسر عرفات، الأول، نحره أهله، والثاني، نحره حلفاؤه.
ثم صار الحديث عن"مشروع الشرق الأوسط الكبير"، وطرح بوش هذا المشروع بعد احتلال العراق، ونوقشت بنود المشروع في اجتماع الدول الثماني الصناعية الكبرى في تموز يوليو 2004 في جزيرة ايلاند، وأبرز ما جاء في المشروع آنذاك هو الدعوة الى الديموقراطية، والتغيير الثقافي، وحقوق الانسان، والتأكيد على حقوق المرأة، وانتهاء الأمية... الخ. ووضعت برامج تفصيلية تحقق تلك الأهداف، كما رصدت موازنات مالية من أجل الانفاق على تلك البرامج بين الدول الثماني. لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق، بل تحققت الفوضى التي سموها"الفوضى الخلاقة"، وتجلت هذه الفوضى في أبهى صورة في العراق. فالدمار يعم كل شيء: البناء والطرق والجسور، والكل يقتل الكل: السنة والشيعة والأكراد والصابئة... الخ، والجميع يتآمر على تقسيم العراق، ولم تتحقق ديموقراطية ولا حقوق انسان ولا ارتقاء ثقافي ولا محو أمية.
ثم طلعت كوندوليزا رايس علينا بمقولة"الشرق الأوسط الجديد"أثناء التدمير غير المسبوق للبنان، ورافق مقولتها مقال للضابط الأميركي السابق رالف بيترز، نشر في عدد تموز يوليو من مجلة القوات الاميركية تحت عنوان"حدود الدم"وهو جزء من كتاب"لا تترك القتال أبداً"يرسم ملامح الشرق الأوسط الجديد الذي اشارت اليه كوندوليزا رايس، وجاء في ذلك المقال ان السبب في اضطراب الشرق الأوسط هو عدم تطابق الحدود الجغرافية مع الحدود الاثنية والطائفية والعرقية في المنطقة، والسبب في ذلك أن أوروبا التي قسمت الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى لم تراع ذلك بل راعت أهواءها وبعض المصالح الخاصة، وأشار المقال ايضاً الى ضرورة تصحيح الجوانب الحدودية من أجل التوصل الى شرق أوسط مستقر، واقترح المقال صورة جديدة للشرق الاوسط تقوم على تفصيلات متعددة منها اقامة ثلاث دول في العراق: كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب، واقترح ان تلتحق الدولة السنية المقتطعة من العراق في وقت تال بسورية، كما استهدف المشروع تغييراً في حدود كل دول الشرق الأوسط كسورية وايران ومصر وباكستان ولبنان...الخ.
والسؤال الذي يمكن ان نطرحه هو: ما الهدف النهائي من هذه المشاريع المطروحة بين وقت وآخر بدءاً من"مشروع الشرق الأوسط الكبير"وانتهاء ب"مشروع الشرق الأوسط الجديد"وما الملامح التي تجمع بينها؟
أولاً: تلتقي هذه المشاريع على أهداف دعائية كبيرة مثل تحقيق الأمن والسلامة والتنمية والديموقراطية وحقوق الانسان وإزالة الأمية وإقامة العدل... الخ، لكن هذه الأهداف تبقى في حدود الدعاية، ولا يتحقق شيء منها على أرض الواقع، وينطبق عليها المثال الذي راج عن الشيوعية ابان انتشارها"اقرأ عن الشيوعية تفرح، جرّب تحزن".
ثانياً: تحرك هذه المشاريع النزعة الطائفية والتفتيت الطائفي، وتستهدف وحدة الأمة العربية والإسلامية بحجة الظلم الذي لحق بهذه الطوائف والأعراق خلال التاريخ الماضي، وهذا الاستهداف للإحياء الطائفي يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى، ويمكن أن نتأكد من ذلك باستعراض السياسة الأميركية في مناطق أخرى مثل أميركا اللاتينية وشرق آسيا، فهي لا تمارس هذا الدور من التفتيت الطائفي مع أن تعدد الطوائف والأعراق والأجناس موجود في تلك المناطق وبصورة أكبر مما هو موجود في المنطقة العربية.
ثالثا: مما زاد في الحرص على تنفيذ مخططات التفتيت الطائفي في المنطقة وجود المحافظين الجدد في قيادة أميركا، ومن الواضح أنهم صهاينة مثل صهاينة إسرائيل، إن لم يكونوا أكثر صهيونية، إذ يشاركون الإسرائيليين آلامهم وآمالهم وأحلامهم، ويلتقون مع صهاينة إسرائيل في بعض الرؤى الدينية التي يستقونها من المسيحية والصهيونية التي تستمد مادتها من التوراة التي هي جزء من الكتاب المقدس عند المذهب البروتستانتي الذي يعتنقه المحافظون الجدد.
رابعاً: مما يؤسف له أن إيران هي الوجه المقابل لأميركا في استغلال التفتيت الطائفي واشاعته وممارسته وتعميق جذوره، ويتضح ذلك في العراق حيث تقسيم العراق وحل الجيش العراقي فعلان يتعديان هدف ازالة نظام صدام حسين، وهو الهدف الذي بررت إيران وأعوانها به التعاون مع أميركا في احتلالها للعراق عام 2003، ويصب هذان الفعلان المشار إليهما في خانة التفتيت الطائفي بالدرجة الأولى، والأمر لا يتوقف على ساحة العراق، بل يتعداها الى ساحات أخرى في العالم العربي والإسلامي.
خامساً: يبقى الحصول على البترول هدفاً رئيسياً ومهماً في كل هذه المشاريع، وذلك لأن الصين والولايات المتحدة ستحتاجان الى 70 في المئة من بترول الشرق الاوسط خلال السنوات العشر المقبلة.
سادساً: تهدف هذه المشاريع الى دمج إسرائيل في المنطقة من جهة، وجعلها تلعب دوراً مركزياً من جهة ثانية. وستكون بمثابة القلب له، لذلك تستهدف هذه المشاريع ايجاد إسرائيل العظمى ذات الاقتصاد وذات الجيش المبني على أحدث التطورات التكنولوجية، والتي ستقود الشرق الأوسط الجديد وستشيع الديموقراطية فيه حسب أوهام المشاريع الأميركية.
سابعاً: ان حلم التفتيت الطائفي للمنطقة العربية حلم إسرائيلي قديم، وقد اتضح ذلك في مذكرات بن غوريون منذ قيام إسرائيل وكلامه عن استدراج الطوائف في لبنان الى التعاون مع إسرائيل. ويمكن أن يعتبر الدارس لأوضاع المنطقة أن هدف اسرائيل في التفتيت الطائفي للمنطقة هدف طبيعي ويتسق مع طبيعتها الديموغرافية، ولكن من غير الطبيعي أن ترسم دولة عظمى كالولايات المتحدة استراتيجيتها انطلاقاً من هذا الأمر.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.