تواجه المصارف المصرية صعوبات في اقتحام مجال التمويل العقاري، على رغم التحرك الحكومي ل"حلحلة"ركود السوق التمويلية في القطاع، عبر دفع"المصرف الأهلي"لتقديم هذا النوع من التمويل، بموجب مذكرة تفاهم وقعت قبل تسعة أشهر بين وزارة الاستثمار والمصرف. إلا أن المراقبين يقللون من آثار الاتفاق، ليس لتواضع رقم التسهيلات التي قرر المصرف ضخها في البداية للقطاع، وقيمتها 100 مليون جنيه نحو 17 مليون دولار، بل لاستمرار عقبة سعر الفائدة المرتفعة على قروض التمويل العقاري، فوق مستوى قدرات غالبية قوى الطلب الفعلي داخل السوق، على رغم خفضه من 14 إلى 11 في المئة. وإذا كانت الحكومة جدية بحسب تصريحات وزير الاستثمار محمود محيي الدين، في إعطاء دفعة لهذا القطاع، فلا تكفي إتاحة أرقام دفترية بقيمة الرصيد الإجمالي المسموح بتوظيفه في القطاع، ضمن محفظة قروض الجهاز المصرفي، ويبلغ 20 بليون جنيه، تمثل نسبة 5 في المئة من إجمالي القروض والتسهيلات الممنوحة من الجهاز لمختلف أوجه النشاط، ما يعني عدم قابليتها للتوظيف من دون دراسة جودة الأصول. ويؤكد نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب السابق في بنك مصر الدولي كمال سرور، أن أسعار الفائدة يمكنها أن تحكم على التجربة بالنجاح أو بالفشل متى تمتعت أو العكس بالمرونة، لأن الخلل الذي يواجهه هيكل أسعار الفائدة في السوق، يجعل عرض التمويل العقاري غير ذي جدوى، ومكلفاً في الأوساط التي ينبغي أن يكون فعالاً في حدودها، وهي الشرائح الدنيا والوسطى في المجتمع. فلو أن"البنك الأهلي"قرر منح قروض للتمويل العقاري بفائدة 11 في المئة، كما تردد، فإن هذا السعر بالنسبة الى متوسط كلفة الوحدة السكنية المناسبة، ويتراوح بين 60 و80 ألف جنيه، سيعوق الإقبال على تلك الحلول. ولهذا سيستمر الجهاز المصرفي، بحسب تقديره، متردداً أمام التوسع في أوجه التمويل، مهما كانت تصريحات المسؤولين حول رفع سقف الحدود التمويلية داخل محافظ القروض المصرفية. وفي ما يتعلق بموضوع دعم المصرف المركزي لهذا القطاع، رفض مصدر مسؤول فيه أن يكون"المركزي"مطالباً بمزيد من التساهل مع المصارف، بعد أن منحها ميزة استغلال حد السقف المسموح به في إطار نسبة ال 5 في المئة، مشيراً إلى أن من السابق لأوانه السماح بتحريك حصة من الاحتياط الإلزامي للمصارف الراغبة في دخول هذا القطاع، لأن الهدف من تحجيم نسب التمويل إلى إجمالي محتوى المحفظة هو التحوط اللازم ضد تنامي الأصول الخطرة داخلها، وتلك مهمة أساسية للمصرف المركزي. ويرى المصدر أن العامل الفعال الذي يمكن أن يترك أثراً حقيقياً على هذا الصعيد هو مساعي"المركزي"حالياً لاستهداف التضخم، والذي سيؤثر بدوره في هيكل أسعار الفائدة إيجاباً، إذ سيؤدي إلى انخفاضها، وهو التوجه الذي تستهدفه الحكومة أيضاً.