تواجه المصارف المصرية صعوبات عدة في اقتحام مجال التمويل العقاري، على رغم التحرك الحكومي ل"حلحلة"ركود السوق التمويلية في هذا القطاع، من طريق الزج بالمصرف الأهلي، لتقديم هذا النوع من التمويل، بموجب مذكرة تفاهم وقعت الأحد الماضي بين وزارة الاستثمار والمصرف. إلا أن المراقبين يقللون من آثار هذا الاتفاق، ليس لتواضع رقم التسهيلات التي قرر المصرف ضخها في البداية للقطاع، وقوامها 100 مليون جنيه نحو 17 مليون دولار، وانما لاستمرار العقبة المتمثلة بارتفاع سعر الفائدة على قروض التمويل العقاري، والتي هي فوق مستوى قدرات الغالبية من قوى الطلب الفعلي داخل السوق، على رغم خفضها من 14 في المئة كحد أدنى إلى 12 في المئة. وإذا كانت الحكومة جادة في إعطاء دفعة لهذا القطاع، فلا يكفي إتاحة أرقام دفترية بقيمة الرصيد الإجمالي المسموح توظيفه في القطاع، ضمن محفظة قروض القطاع المصرفي، البالغة 20 بليون جنيه، والتي تمثل نسبة 5 في المئة من إجمالي القروض والتسهيلات الممنوحة من المصارف، لمختلف أوجه النشاط، وهذا لا يعني قابليتها المطلقة للتوظيف من دون درس جودة الأصول. ويؤكد نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك مصر الدولي كمال سرور، ان الخلل الذي يواجهه هيكل أسعار الفائدة في السوق، يجعل عرض التمويل العقاري من دون جدوى ومكلفًا في الأوساط التي ينبغي ان يكون فعالاً في حدودها، وهي الشرائح الدنيا والوسطى في المجتمع. فلو أن البنك الأهلي قرر منح قروض التمويل العقاري بفائدة 12 في المئة كما تردد، فإن السعر بالنسبة الى متوسط كلفة الوحدة السكنية المناسبة سيتراوح بين 60 و80 ألف جنيه، ما يشكل عائقاً أمام الإقبال على تلك الحلول، وبهذا سيستمر القطاع المصرفي متردداً أمام التوسع في هذا النوع من التمويل، مهما كانت تصريحات المسؤولين حول رفع سقف الحدود التمويلية داخل محافظ القروض في المصارف. وفي ما يتعلق بالمساهمة التي يمكن ان يقدمها المركزي المصري لهذا القطاع، رفض مصدر مسؤول فيه، أن يكون المصرف مطالباً بالمزيد من التساهل مع المصارف، بعد ان منحها ميزة استغلال حد السقف المسموح به في إطار نسبة ال 5 في المئة، مشيراً إلى أن من السابق لأوانه السماح بتحريك حصة نسب التمويل إلى إجمالي محتوى المحفظة، الذي هو التنبه اللازم ضد تنامي الأصول الخطرة داخلها، وتلك مهمة أساسية للمصرف المركزي. ويرى المصدر أن العامل الفعال الذي يمكن أن يترك أثراً حقيقياً على هذا الصعيد، هو مساعي المركزي لاستهداف التضخم، والذي سيؤثر بدوره في هيكل أسعار الفائدة إيجاباً، اذ سيؤدي إلى خفضها، وهو التوجه الذي تستهدفه الحكومة أيضاً.